الباب السابع والعشرون في
nindex.php?page=treesubj&link=29394عظم المصيبة وما نزل بالمسلمين بموته- صلى الله عليه وسلم- والظلمة التي غشيت
المدينة وتغير قلوب الناس وأحوالهم وبعض ما رثي به من الشعر
روى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678101فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بابا بينه وبين الناس أو كشف سترا فإذا الناس يصلون وراء nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم فقال : يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي .
وروى
ابن سعد nindex.php?page=showalam&ids=11890وابن الجوزي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء مرسلا قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708887«إذا أصابت أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي ، فإنها من أعظم المصائب» .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة - رضي الله تعالى عنها- قالت : يا لها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت ، إذا ذكرنا مصيبتنا به- صلى الله عليه وسلم- .
وروى
ابن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
«سيعزي الناس بعضهم بعضا من بعدي التعزية بي» فكان الناس يقولون : ما هذا ؟ فلما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لقي الناس بعضهم بعضا يعزي بعضهم برسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
ورحم الله تعالى القائل :
اصبر لكل مصيبة وتجلد واعلم بأن المرء غير مخلد واصبر كما صبر الكرام فإنها
نوب تنوب اليوم تكشف في غد وإذا أتتك مصيبة تسجى بها
فاذكر مصابك بالنبي محمد
وقال القائل :
تذكرت لما فرق الدهر بيننا فعزيت نفسي بالنبي محمد
وقلت لها إن المنايا سبيلنا فمن لم يمت في يومه مات في غد
[ ص: 274 ] قال
ابن المنير : لما توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسجته الملائكة ودهش الناس واختلف أحوالهم في ذلك وأقحموا واختلطوا فمنهم من خبل ومنهم من أقعد ومنهم من أصمت فلم يطق الناس الكلام ، ومنهم من أخبل فكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فجعل يجلب ويصيح ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب
موسى بن عمران حين غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم ، وكان ممن أقعد وفي لفظ عقر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فلم يستطع حراكا ، وكان من أخرس
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان حتى جعل يذهب به ويجاء ولا يستطيع كلاما ، وأما
عبد الله بن أنيس فأضني حتى مات كمدا .
وروى
ابن سعد عن
عكرمة قال : لما توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالوا : عرج بروحه كما عرج بروح
عيسى الحديث وقال
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس- رضي الله تعالى عنه- : إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأسن كما يأسن البشر وإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد مات . . . . . إلى آخره ، فهذا مرسل كما ترى ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه بسند رجاله رجال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلا أن
عكرمة لم يسمع من
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فإن كان الواسطة بينهما
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس فهو صحيح ، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
أيوب عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بنحوه وهو على شرط
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
قال
الحافظ ابن حجر فما وجد بخطه : وهذا الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس لم ينقله عن توقيف بل اجتهادا على العادة ولا يستلزم أن يقع ذلك ، ولما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تزينت الجنان لقدوم روحه الكريمة كزينة
المدينة يوم قدومه إذا كان عرش الرحمن قد اهتز بموت بعض أتباعه فرحا واستبشارا فكيف بقدوم روح الأرواح ، وكادت الجمادات تتصدع من ألم مفارقته- صلى الله عليه وسلم- فكيف بقلوب المؤمنين لما فقد الجذع الذي كان يخطب إليه قبل اتخاذ المنبر حن إليه وصاح ، كان
الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى وقال : هذه خشبة تحن إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه .
فلو ذاق من طعم الفراق رضوى لكان من وجده يميد
فقد حملوني عذاب شوق يعجز عن حمله الحديد
وقال غيره :
وقد كان يدعى لابس الصبر حازما فأصبح يدعى حازما حين يجزع
وروى
أبو علي بن شاذان عن
سالم بن عبيد الأشجعي قال : لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان أجزع الناس عليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب .
وروى
أبو الحسن البلاذري بسند جيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة قال : لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فأصابه خبل فأقبل يقول ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
[ ص: 275 ] وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : بكى الناس يوم مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى النساء في الخدور ، وكادت البيوت تسقط من الصراخ .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
أبي ذؤيب الهذلي : أنه لما قدم
المدينة يوم مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإذا لها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلوا بالإحرام .
وروى
ابن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد أن رجلا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذهب بصره فدخل عليه أصحابه يعودونه ، فقال : إنما كنت أريدهما لأنظر بهما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأما إذ قبض الله نبيه فما يسرني أن ما بهما بظبي من ظباء تبالة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى بسند صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : أخبرني رجل من الأنصار من أهل الثقة ،
وأبو عبد الله بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعنا
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان يقول : لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسوس رجال فإني كنت فيمن وسوس فمر علي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فسلم فلم أرد عليه ما علمت بتسليمه . . الحديث .
وروى
ابن سعد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في «الإفراد»
والعقيلي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في «شعب الإيمان»
nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء nindex.php?page=hadith&LINKID=680865عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان- رضي الله تعالى عنه- أن رجالا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس وكنت منهم فقلت nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر : توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل أن أسأله عن نجاة هذه الأمة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : قد سألته عن ذلك ، فقال : من قبل مني الكلمة التي عرضتها على عمي فردها علي فهي له نجاة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بسند قال
ابن كثير : على شرط الشيخين عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : لما كان اليوم الذي [دخل فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
المدينة أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي] مات فيه أظلم من
المدينة كل شيء .
وفي رواية : أظلمت
المدينة حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض ، وكان أحدنا يبسط يده فلا يبصرها ، وفي رواية : فلم أر يوما أقبح منه فما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا انتهى .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عنه قال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11406أم أيمن بكت لما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقيل لها : ما يبكيك يا
nindex.php?page=showalam&ids=11406أم أيمن ما عند الله خير لرسوله- صلى الله عليه وسلم- قد أكرم الله نبيه- صلى الله عليه وسلم- وأدخله جنته ، وأراحه من نصب الدنيا فقالت : والله ما أبكي ، أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي انقطع من السماء كان يأتينا غضا جديدا كل يوم وليلة ، فعجب الناس من قولها» .
[ ص: 276 ]
وروى
أبو الربيع بهذا اليوم- يعني يوم الاثنين- كم خير لست فيه إلى أهل الأرض وأي مصيبة نزلت فيه عشية ضاق عنها منفسح الطول والعرض :
وهل عدلت يوما رزيئة هالك رزيئة يوم مات فيه محمد
فيا لها والله مصيبة أحرقت الأكباد وغمرت بالأسف والحزن الأبناء والآباء
وزرا ثقيلا إلى كاهل الإيمان منه ما أباد وخطبا جليلا أودى بكل جميل أو كاد
وأنشد بعض الأنصار عند موته- صلى الله عليه وسلم- :
فالصبر يحمد في المصائب كلها إلا عليك فإنه مذموم
ولولا أن الله سبحانه وتعالى ربط على القلوب من بعده بأمر من عنده لأورث مكانها كمدا ، ولما وجدت إلى البقاء مستلفا ولا عن وحي الغناء ملتحدا .
وقال
أبو الفتح : فيا له من خطب جل على الخطوب ومصاب دمع العين كيف يصوب ؟
ورزء عزيت له النيران ولا تعلل شروقها والغروب
وجادت هجمة الموت فلا نجا منها هارب ولا فرار منه لمطلوب
ولا صباح له فتجلو غياهبه الملمة ودياجيه المدلهمة ، ولكل ليل إذا رجىي صباح يؤوب ، ومن شر أهل الأرض ثم بكى أنس ، بكى بعيون سرفها وقلوب فإنا لله وإنا إليه راجعون .
من نار حنت عليه الأضالع ولا تخبو ولا تخمد
ومصيبة تستك منها المسامع فلا يبكي على مر الجديد من حزنها المجدد
وهل عدلت يوما رزيئة هالك رزيئة يوم مات فيه محمد
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره
ابن سعد يرثيه- صلى الله عليه وسلم- :
أجدك ما لعينك لا تنام كأن جفونها فيها كلام
بوقع مصيبة عظمت وجلت فدمع العين أهونه انسجام
فجعنا بالنبي ، وكان فينا مقدمنا ، وسيدنا الإمام
وكان قوامنا ، والرأس فينا فنحن اليوم ليس لنا قوام
ننوح ونشتكي ما قد لقينا ويشكو فقده البلد الحرام
كأن أنوفنا لاقين جدعا لفقد محمد ، فيها اصطلام
[ ص: 277 ] لفقد أغر أبيض هاشمي إمام نبوة ، ربه الختام
أمين ، مصطفى ، للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام
سأتبع هديه ما دمت حيا طوال الدهر ما سجع الحمام
كأن الأرض بعدك طار فيها فأشعلها لساكنها ضرام
وفقد الوحي إذ وليت عنا وودعنا من الله الكلام
سوى أن قد تركت لنا سراجا تواريه القراطيس الكرام
لقد ورثتنا مرآة صدق عليك به التحية والسلام
من الرحمن في أعلى جنان من الفردوس طاب بها المقام
رفيق أبيك إبراهيم فيه وما في مثل صحبته ندام
وإسحاق وإسماعيل فيه بما صلوا لربهم وصاموا
وقال أيضا- رضي الله تعالى عنه- ورحمه :
يا عين فابكي ولا تسأمي ، وحق البكاء على السيد !
على خير خندف عند البلا ء أمسى يغيب في الملحد
فصلى المليك ولي العباد ورب البلاد على أحمد
فكيف الحياة لفقد الحبيب وزين المعاشر في المشهد ؟
فليت الممات لنا كلنا وكنا جميعا مع المهتدي !
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره
ابن سعد :
لما رأيت نبينا متجدلا ضاقت علي بعرضهن الدور
وارتعت روعة مستهام واله ، والعظم مني واهن مكسور
أعتيق ويحك ! إن حبك قد ثوى وبقيت منفردا وأنت حسير
يا ليتني من قبل مهلك صاحبي غيبت في جدث علي صخور !
فلتحدثن بدائع من بعده ، تعيا بهن جوانح وصدور
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أيضا : فيما ذكره
ابن سعد :
باتت تأوبني هموم . . . . . حشد مثل الصخور فأمست هدت الجسدا
يا ليتني حيث نبئت الغداة به قالوا الرسول قد أمسى ميتا فقدا
[ ص: 278 ] ليت القيامة قامت بعد مهلكه ، ولا نرى بعده مالا ولا ولدا !
والله أثني على شيء فجعت به من البرية حتى أدخل اللحدا
كم لي بعدك من هم ينصبني إذا تذكرت أني لا أراك أبدا !
كان المصفاء في الأخلاق قد علموا ، وفي العفاف فلم نعدل به أحدا
نفسي فداؤك من ميت ومن بدن ! ما أطيب الذكر والأخلاق والجسدا !
وقال
عبد الله بن أنيس- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره
ابن سعد :
تطاول ليلي واعترتني القوارع وخطب جليل للبلية جامع !
عذاة نعى الناعي إلينا محمدا ، وتلك التي تستك منها المسامع
فلو رد ميتا قتل نفسي قتلتها ! ولكنه لا يدفع الموت دافع
فآليت لا أثني على هلك هالك من الناس ، ما أوفى ثبير وفارع
ولكنني باك عليه ومتبع مصيبته . إني إلى الله راجع !
وقد قبض الله النبيين قبله ، وعاد أصبيت بالرزى والتبابع
فيا ليت شعري ! من يقوم بأمرنا ؟ وهل في قريش من إمام ينازع ؟
ثلاثة رهط من قريش هم هم أزمة هذا الأمر ، والله صانع
علي أو الصديق أو عمر لها ، وليس لها بعد الثلاثة رابع !
فإن قال منا قائل غير هذه أبينا ، وقلن : الله راء وسامع
فيا لقريش ! قلدوا الأمر بعضهم ، فإن صحيح القول للناس نافع
ولا تبطئوا عنها فواقا فإنها إذا قطعت لم يمن فيها المطامع
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره
ابن سعد :
يا عين جودي بدمع منك إسبال ! ولا تملن من سح وإعوال !
لا ينفدن لي بعد اليوم دمعكما ، إني مصاب وإني لست بالسالي
فإن منعكما من بعد بذلكما إياي مثل الذي قد غر بالآل !
لكن أفيضي على صدري بأربعة ، إن الجوانح فيها هاجس صالي
سح الشعيب وماء الغرب يمنحه ساق يحمله ساق بإزلال
حامي الحقيقة نسال الوديقة فك اك العناة ، كريم ماجد عال
[ ص: 279 ] على رسول لنا محض ضريبته ، سمح الخليقة ، عف غير مجهال !
كشاف مكرمة ، مطعام مسغبة ، وهاب عانية وجناء شملال !
عف مكاسبه ، جزل مواهبه ، خير البرية سمح غير نكال !
واري الزناد وقواد الجياد إلى يوم الطراد ، إذا شبت بأجذال
ولا أزكي على الرحمن ذا بشر لكن علمك عند الواحد العالي !
إني أرى الدهر والأيام يفجعني بالصالحين ، وأبقى ناعم البال !
يا عين فابكي رسول الله إذ ذكرت ذات الإله ، فنعم القائد الوالي !
وقال فيما ذكره
ابن سعد - رضي الله تعالى عنه- :
يا عين فابكي بدمع ذرى لخير البرية والمصطفى !
وبكي الرسول ! وحق البكاء عليه ، لدى الحرب عند اللقا !
على خير من حملت ناقة ، وأتقى البرية عند التقى
على سيد ماجد جحفل ، وخير الأنام وخير اللها !
له حسب فوق كل الأنا م من هاشم ذلك المرتجى
نخص بما كان من فضله ، وكان سراجا لنا في الدجى !
وكان بشيرا لنا منذرا ، ونورا لنا ضوءه قد أضا
فأنقذنا الله في نوره ، ونجى برحمته من لظى !
وقالت
عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما :
عيني ، جودا طوال الدهر وانهمرا سكبا وسحا بدمع غير تعذير !
يا عين ، فاسحنفري بالدمع واحتفلي حتى الممات بسجل غير منزور
يا عين فانهملي بالدمع واجتهدي للمصطفى ، دون خلق الله ، بالنور
بمستهل من الشؤبوب ذي سيل ، فقد رزئت نبي العدل والخير !
وكنت من حذر للموت مشفقة ، والذي خط من تلك المقادير !
من فقد أزهر ضافي الخلق ذي فخر صاف من العيب والعاهات والزور !
فاذهب حميدا ! جزاك الله مغفرة ، يوم القيامة ، عند النفخ في الصور
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه فيما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
[ ص: 280 ] ولا تمتحي الآيات من دار حرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثار وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبرا بها واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت عيون ومثلاها من الجفن تسعد
يذكرن آلاء الرسول وما أرى لها محصيا نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد فظلت لآلاء الرسول تعدد
وما بلغت من كل أمر عشيره ولكن لنفسي بعد ما قد توجد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها على طلل القبر الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نييم وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك رزية يوم مات فيه محمد
تقطع فيه منزل الوحي عنهم وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدى به وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفو عن الزلات يقبل عذرهم وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا هم في نعمة الله بينهم دليل به نهج الطريقة يقصد
عزيز عليه أن يجورا عن الهدى حريص على أن يستقيموا ويهدوا
عطوف عليهم لا يثني جناحه إلى كنف يحنو عليهم ويمهد
[ ص: 281 ] فبينا هم في ذلك النور إذ غدا إلى نورهم سهم من الموت مقصد
فأصبح محمودا إلى الله راجعا يبكيه حق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها فقيد يبكيه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده خلاء له فيه مقام ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت ديار وعرصات وربع ومولد
فبكي رسول الله يا عين عبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التي على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
أعف وأوفى ذمة بعد ذمة وأقرب منه نائلا لا ينكد
وأبذل منه للطريف وتالد إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرم صيتا في البيوت إذا انتمى وأكرم جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا دعائم عز شاهقات تشيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا وعودا غذاه المزن فالعود أغيد
رباه وليدا فاستتم تمامه على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفه فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقى لقولي عائب من الناس إلا عازب العقل مبعد
وليس هواي نازعا عن ثنائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجوا بذاك جواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت أيضا [يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم] :
ما بال عينك لا تنام كأنما كحلت مآقيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
وجهي يقيك الترب لهفي ليتني غيبت قبلك في بقيع الغرقد
بأبي وأمي من شهدت وفاته في يوم الاثنين النبي المهتدي .
[ ص: 282 ] فظللت بعد وفاته متبلدا متلددا يا ليتني لم أولد
أأقيم بعدك ب المدينة بينهم يا ليتني صبحت سم الأسود
أو حل أمر الله فينا عاجلا في روحة من يومنا أو من غد
فتقوم ساعتنا فنلقى طيبا محضا ضرائبه كريم المحتد
يا بكر آمنة المبارك بكرها ولدته محصنة بسعد الأسعد
نورا أضاء على البرية كلها من يهد للنور المبارك يهتدي
يا رب فاجمعنا معا ونبينا في جنة تثني عيون الحسد
في جنة الفردوس فاكتبها لنا يا ذا الجلال وذا العلا والسؤدد
والله أسمع ما بقيت بهالك إلا بكيت على النبي محمد
يا ويح أنصار النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا سودا وجوههم كلون الإثمد
ولقد ولدناه وفينا قبره وفضول نعمته بنا لا تجحد
والله أهداه لنا وهدى به أنصاره في كل ساعة مشهد
صلى الإله ومن يحف بعرشه والطيبون على المبارك أحمد
وقال رضي الله عنه :
نب المساكين أن الخير فارقهم مع النبي تولى عنهم سحرا
من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا
أم من نعاتب لا نخشى جنادعه إذا اللسان عتا في القول أو عثرا
كان الضياء وكان النور نتبعه بعد الإله وكان السمع والبصرا
فليتنا يوم واروه بملحدة وغيبوه وألقوا فوقه المدرا
لم يترك الله منا بعده أحدا ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا
ذلت رقاب بني النجار كلهم وكان أمرا من أمر الله قد قدرا
واقتسم الفيء دون الناس كلهم وبددوه جهارا بينهم هدرا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت يبكي رسول الله- صلى الله عليه وسلم أيضا :
آليت ما في جميع الناس مجتهدا مني ألية بر غير إفناد .
[ ص: 283 ] تالله ، ما حملت أنثى ولا وضعت مثل الرسول نبي الأمة الهادي
ولا برا الله خلقا من بريته أوفى بذمة جار أو بميعاد
من الذي كان فينا يستضاء به مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما يضربن فوق قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المباذل قد أيقن بالبؤس بعد النعمة البادي
يا أفضل الناس إني كنت في نهر أصبحت منه كمثل المفرد الصادي
وقال أيضا- رضي الله تعالى عنه- :
إن الرزية لا رزية مثلها ميت بطيبة مثله لم يفقد
ولقد أصيب جميع أمته به من كان مولودا ، ومن لم يولد
والناس كلهم بما قد عالهم يرجو شفاعته بذاك المشهد
حتى الخليل أبوه في أشياعه ونجيه موسى النبي المهتدي
متواضعين لربهم برقابهم تلك الفضيلة ، واجتماع السؤدد
يا خير من شد المطية نحوه وفد لحاجته يروح ويغتدي
أنت الذي استنقذتنا من حفرة من يهو فيها من هواه يبعد
فهديتنا بعد الضلالة والردى بهدى الإله إلى السبيل الأرشد
فجزاك عنا الله خير جزائه بمقام محمود المقام مسدد
وقالت
عاتكة بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها- :
يا عين ، جودي- ما بقيت- بعبرة سحا على خير البرية أحمد
يا عين ، فاحتفلي وسحي واسجمي وابكي على نور البلاد محمد !
أنى ، لك الويلات ! مثل محمد في كل نائبة تنوب ومشهد ؟
فابكي المبارك والموفق ذا التقى ، حامي الحقيقة ذا الرشاد المرشد
من ذا يفك عن المغلل غله بعد المغيب في الضريح الملحد ؟
أم من لكل مدفع ذي حاجة ، ومسلسل يشكو الحديد مقيد ؟
أم من لوحي الله يترك بيننا في كل ممسى ليلة أو في غد ؟
فعليك رحمة ربنا وسلامه ، يا ذا الفواضل والندى والسودد .
[ ص: 284 ] هلا فداك الموت كل ملعن شكس خلائقه لئيم المحتد ؟
وقالت أيضا- رضي الله تعالى عنها- :
أعيني ، جودا بالدموع السواجم على المصطفى بالنور من آل هاشم
على المصطفى بالحق والنور والهدى وبالرشد بعد المندبات العظائم
وسحا عليه وابكيا ، ما بكيتما ، على المرتضى للمحكمات العزائم
على المرتضى للبر والعدل والتقى ، وللدين والإسلام بعد المظالم
على الطاهر الميمون ذي الحلم والندى وذي الفضل والداعي لخير التراحم
أعيني ، ماذا ، بعد ما قد فجعتما به ، تبكيان الدهر من ولد آدم ؟
فجودا بسجل واندبا كل شارق ربيع اليتامى في السنين البوازم !
وقالت
أروى بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها- :
ألا يا عين ! ويحك أسعديني بدمعك ، ما بقيت ، وطاوعيني
ألا يا عين ويحك ! واستهلي على نور البلاد وأسعديني !
فإن عذلتك عاذلة فقولي علام وفيم ، ويحك ! تعذليني ؟
على نور البلاد معا جميعا رسول الله أحمد فاتركيني
فإلا تقصري بالعذل عني ، فلومي ما بدا لك أو دعيني !
لأمر هدني وأذل ركني ، وشيب بعد جدتها قروني !
وقالت أيضا- رضي الله تعالى عنها- :
ألا يا رسول الله ، كنت رجاءنا ، وكنت بنا برا ولم تك جافيا !
وكنت بنا روفا رحيما نبينا ، ليبك عليك اليوم من كان باكيا !
لعمرك ، ما أبكي النبي لموته ! ولكن لهرج كان بعدك آتيا
كأن على قلبي لذكر محمد ، وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم ، صلى الله ، رب محمد ، على جدث أمسى بيثرب ثاويا !
أبا حسن ، فارقته وتركته ، فبك بحزن آخر الدهر شاجيا !
فدا لرسول الله أمي وخالتي وعمي ونفسي قصرة ثم خاليا
صبرت وبلغت الرسالة صادقا ، وقمت صليب الدين أبلج صافيا .
[ ص: 285 ] فلو أن رب الناس أبقاك بيننا سعدنا ، ولكن أمرنا كان ماضيا !
عليك من الله السلام تحية ، وأدخلت جنات من العدن راضيا !
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك- رضي الله تعالى عنه- :
وباكية حراء تحزن بالبكا وتلطم منها خدها والمقلدا
على هالك بعد النبي محمد ولو علمت لم تبك إلا محمدا
فجعنا بخير الناس حيا وميتا وأدناه من رب البرية مقعدا
وأفظعهم فقدا على كل مسلم وأعظمهم في الناس كلهم يدا
لقد ورثت أخلاقه المجد والثقى فلم تلقه إلا رشيدا ومرشدا
وقالت
nindex.php?page=showalam&ids=252صفية بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها- :
لهف نفسي ! وبت كالمسلوب آرق الليل فعلة المحروب !
من هموم وحسرة ردفتني ، ليت أني سقيتها بشعوب !
حين قالوا : إن الرسول قد أمسى وافقته منية المكتوب !
إذ رأينا أن النبي صريع ، فأشاب القذال أي مشيب
إذ رأينا بيوته موحشات ، ليس فيهن بعد عيش حبيبي
أورث القلب ذاك حزنا طويلا ، خالط القلب ، فهو كالمرعوب
ليت شعري ! وكيف أمسي صحيحا بعد أن بين بالرسول القريب ؟
أعظم الناس في البرية حقا ، سيد الناس حبه في القلوب
فإلى الله ذاك أشكو وحسبي ، يعلم الله حوبتي ونحيبي !
وقالت أيضا- رضي الله تعالى عنها- :
أفاطم ، بكي ولا تسأمي بصبحك ، ما طلع الكوكب !
هو المرء يبكى ، وحق البكاء ! هو الماجد السيد الطيب !
فأوحشت الأرض من فقده ، وأي البرية لا ينكب ؟
فما لي بعدك حتى المما ت إلا الجوى الداخل المنصب
فبكي الرسول ! وحقت له شهود المدينة والغيب !
لتبكيك شمطاء مضرورة ، إذا حجب الناس لا تحجب .
[ ص: 286 ] ليبكيك شيخ أبو ولدة يطوف بعقوته أشهب
ويبكيك ركب إذا أرملوا ، فلم يلف ما طلب الطلب
وتبكي الأباطح من فقده ، وتبكيه مكة والأخشب
وتبكي وعيرة من فقده بحزن ويسعدها الميثب !
فعيني ما لك لا تدمعين ؟ وحق لدمعك يستكب !
وقالت صفية بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها- :
ما لعيني لا تجودان ريا إذ فقدنا خير البرية حيا
يوم نادى إلى الصلاة بلال فبكينا عند النداء مليا
لم أجد قبلها ، ولست بلاق بعدها غصة أمر عليا
جل يوم أصبحت فيه عليلا لا يرد الجواب منك إليا
ليت يومي يكون قبلك يوما أنضج القلب للحرارة كيا
خلقا عاليا ، ودينا كريما وصراطا يهدى إليه سويا
وسراجا يجلو الظلام منيرا ونبيا مسددا عربيا
حازما ، عازما ، حليما ، كريما عائدا بالنوال ، برا تقيا
إن يوما أتى عليك ليوم كورت شمسه وكانت جليا
فعليك السلام منا ومن ربك بالروح بكرة وعشيا
وقالت
هند بنت أثاثة بن عباد بن عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها- :
[أشاب ذؤابتي وأذل ركني بكاؤك ، فاطم ، الميت الفقيدا
فأعطيت العطاء فلم تكدر ، وأخدمت الولائد والعبيدا
وكنت ملاذنا في كل لزب ، إذا هبت شامية برودا]
وإنك خير من ركب المطايا ، وأكرمهم إذا نسبوا جدودا !
[رسول الله فارقنا ، وكنا نرجي أن يكون لنا خلودا]
أفاطم ! فاصبري فلقد أصابت رزيئتك التهائم والنجودا
وأهل البر والأبحار طرا ، فلم تخطئ مصيبته وحيدا
وكان الخير يصبح في ذراه ، سعيد الجد قد ولد السعودا !
فموتي إن قدرتي أن تموتي فقدت الطيب الرجل الحميدا .
[ ص: 287 ] رسول الله خير الناس حقا فلست أرى له أبدا مديدا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه- :
ما زالت مذ وضع الفراش لجنبه وثوى مريضا خائفا أتوقع
شفقا عليه أن يزول مكانه عنا ، فنبقى بعده نتوجع
نفسي فداؤك من لنا في أمرنا أو من نشاوره إذا فترجع
وإذا تحدثنا الحوادث : من لنا بالوحي من رب رحيم يسمع
ليت السماء تفطرت أكنافها وتناثرت فيها النجوم الطلع
لما رأيت الناس هد جميعهم صوت ينادي بالنعي فيسمع
وسمعت صوتا قبل ذلك هدني عباس ينعاه بصوت يقطع
فليبكه أهل المدائن كلها والمسلمون بكل أرض تجدع
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه- :
ألا طرق الناعي بليل فراعني وأرقني لما استهل مناديا
فقلت له لما رأيت الذي أتى أغير رسول الله أصبحت ناعيا
فحقق ما أشفيت منه ولم يبل وكان خليلي عدتي وجماليا
فوالله ، لا أنساك أحمد ما مشت بي العيس في أرض وجاوزت واديا
وكنت متى أهبط من الأرض تلعة أجد أثرا منه جديدا وعافيا
جواد تشظى الخيل عنه كأنما يرين به ليثا عليهن ضاريا
من الأسد قد أحمي العرين مهابة تفادى سباع الأرض منه تفاديا
شديد جري النفس نهد مصدر هو الموت مغدو عليه وغاديا
[ ص: 288 ] [ ص: 289 ] [ ص: 290 ] [ ص: 291 ] [ ص: 292 ] [ ص: 293 ] [ ص: 294 ]
الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29394عِظَمِ الْمُصِيبَةِ وَمَا نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ بِمَوْتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالظُّلْمَةِ الَّتِي غَشِيَتِ
الْمَدِينَةَ وَتَغَيَّرِ قُلُوبِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَبَعْضِ مَا رُثِيَ بِهِ مِنَ الشِّعْرِ
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678101فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ أَوْ كَشَفَ سِتْرًا فَإِذَا النَّاسُ يُصَلُّونَ وَرَاءَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَى مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ وَرَجَاءَ أَنْ يُخْلِفَهُ اللَّهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي .
وَرَوَى
ابْنُ سَعْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=11890وَابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ مُرْسَلًا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708887«إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي ، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ» .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- قَالَتْ : يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أَصَبْنَا بَعْدَهَا بِمُصِيبَةٍ إِلَّا هَانَتْ ، إِذَا ذَكَرْنَا مُصِيبَتَنَا بِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
وَرَوَى
ابْنُ سَعْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=31سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
«سَيُعَزِّي النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا مِنْ بَعْدِي التَّعْزِيَةَ بِي» فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ : مَا هَذَا ؟ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يُعَزِّي بَعْضَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
وَرَحِمَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَائِلَ :
اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ وَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ الْكِرَامُ فَإِنَّهَا
نُوَبٌ تَنُوبُ الْيَوْمَ تُكْشَفُ فِي غَدِ وَإِذَا أَتَتْكَ مُصِيبَةٌ تُسْجَى بِهَا
فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَقَالَ الْقَائِلُ :
تَذَكَّرْتُ لَمَّا فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا فَعَزَّيْتُ نَفْسِي بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الْمَنَايَا سَبِيلُنَا فَمَنْ لَمْ يَمُتْ فِي يَوْمِهِ مَاتَ فِي غَدِ
[ ص: 274 ] قَالَ
ابْنُ الْمُنِيرِ : لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَجَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَدَهِشَ النَّاسُ وَاخْتَلَفَ أَحْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ وَأُقْحِمُوا وَاخْتَلَطُوا فَمِنْهُمْ مَنْ خُبِلَ وَمِنْهُمْ مَنْ أُقْعِدَ وَمِنْهُمْ مَنْ أُصْمِتَ فَلَمْ يُطِقِ النَّاسُ الْكَلَامَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُخْبِلَ فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَجَعَلَ يَجْلِبُ وَيَصِيحُ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ
مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ حِينَ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ ، وَكَانَ مِمَّنْ أُقْعِدَ وَفِي لَفْظِ عُقِرَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَرَاكًا ، وَكَانَ مَنْ أُخْرِسَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ حَتَّى جَعَلَ يُذْهَبُ بِهِ وَيُجَاءُ وَلَا يَسْتَطِيعُ كَلَامًا ، وَأَمَّا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فَأُضْنِيَ حَتَّى مَاتَ كَمَدًا .
وَرَوَى
ابْنُ سَعْدٍ عَنْ
عِكْرِمَةَ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا : عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ
عِيسَى الْحَدِيثَ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْسِنُ كَمَا يَأْسِنُ الْبَشَرُ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ . . . . . إِلَى آخِرِهِ ، فَهَذَا مُرْسَلٌ كَمَا تَرَى ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ إِلَّا أَنَّ
عِكْرِمَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسِ فَإِنْ كَانَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَهُوَ صَحِيحٌ ، وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ
أَيُّوبَ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسِ بِنَحْوِهِ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ .
قَالَ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ تَوْقِيفٍ بَلِ اجْتِهَادًا عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ ، وَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَيَّنَتِ الْجِنَانُ لِقُدُومِ رُوحِهِ الْكَرِيمَةِ كَزِينَةِ
الْمَدِينَةِ يَوْمَ قُدُومِهِ إِذَا كَانَ عَرْشُ الرَّحْمَنِ قَدِ اهْتَزَّ بِمَوْتِ بَعْضِ أَتْبَاعِهِ فَرَحًا وَاسْتِبْشَارًا فَكَيْفَ بِقُدُومِ رُوحِ الْأَرْوَاحِ ، وَكَادَتِ الْجَمَادَاتُ تَتَصَدَّعُ مِنْ أَلَمِ مُفَارَقَتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَيْفَ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا فُقِدَ الْجِذْعُ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَيْهِ قَبْلَ اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ حَنَّ إِلَيْهِ وَصَاحَ ، كَانَ
الْحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى وَقَالَ : هَذِهِ خَشَبَةٌ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَيْهِ .
فَلَوْ ذَاقَ مِنْ طَعْمِ الْفِرَاقِ رَضْوَى لَكَانَ مِنْ وَجْدِهِ يَمِيدُ
فَقَدْ حَمَّلُونِي عَذَابَ شَوْقٍ يَعْجَزُ عَنْ حَمْلِهِ الْحَدِيدُ
وَقَالَ غَيْرُهُ :
وَقَدْ كَانَ يُدْعَى لَابِسُ الصَّبْرِ حَازِمًا فَأَصْبَحَ يُدْعَى حَازِمًا حِينَ يَجْزَعُ
وَرَوَى
أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ عَنْ
سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَجْزَعَ النَّاسِ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ .
وَرَوَى
أَبُو الْحَسَنِ الْبَلَاذُرِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةٍ قَالَ : لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَأَصَابَهُ خَبَلٌ فَأَقْبَلَ يَقُولُ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
[ ص: 275 ] وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا- قَالَ : بَكَى النَّاسُ يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى النِّسَاءُ فِي الْخُدُورِ ، وَكَادَتِ الْبُيُوتُ تَسْقُطُ مِنَ الصُّرَاخِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ
أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ : أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ
الْمَدِينَةَ يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا لَهَا ضَجِيجٌ بِالْبُكَاءِ كَضَجِيجِ الْحَجِيجِ إِذَا أَهَلُّوا بِالْإِحْرَامِ .
وَرَوَى
ابْنُ سَعْدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَهَبَ بَصَرُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ ، فَقَالَ : إِنَّمَا كُنْتُ أُرِيدُهُمَا لِأَنْظُرَ بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَّا إِذْ قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ فَمَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا بِهِمَا بِظَبْيٍ مِنْ ظِبَاءِ تَبَالَةَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=12201وَأَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13863وَالْبَزَّارُ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ ،
وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : سَمِعْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ : لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسْوَسَ رِجَالٌ فَإِنِّي كُنْتُ فِيمَنْ وَسْوَسَ فَمَرَّ عَلَيَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَسَلَّمَ فَلَمْ أَرُدَّ عَلَيْهِ مَا عَلِمْتُ بِتَسْلِيمِهِ . . الْحَدِيثَ .
وَرَوَى
ابْنُ سَعْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13357وَابْنُ عَدِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي «الْإِفْرَادِ»
وَالْعُقَيْلِيًّ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي «شُعَبِ الْإِيمَانِ»
nindex.php?page=showalam&ids=14679وَالضِّيَاءُ nindex.php?page=hadith&LINKID=680865عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَزِنُوا عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوِسُ وَكُنْتُ مِنْهُمْ فَقُلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ نَجَاةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ : قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : مَنْ قَبِلَ مِنِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُهَا عَلَى عَمِّي فَرَدَّهَا عَلَيَّ فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ : لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي [دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي] مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنَ
الْمَدِينَةِ كُلُّ شَيْءٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ : أَظْلَمَتِ
الْمَدِينَةُ حَتَّى لَمْ يَنْظُرْ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ ، وَكَانَ أَحَدُنَا يَبْسُطُ يَدَهُ فَلَا يُبْصِرُهَا ، وَفِي رِوَايَةٍ : فَلَمْ أَرَ يَوْمًا أَقْبَحَ مِنْهُ فَمَا فَرَغْنَا مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا انْتَهَى .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11406أَمَّ أَيْمَنَ بَكَتْ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيلَ لَهَا : مَا يُبْكِيكِ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=11406أُمَّ أَيْمَنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ ، وَأَرَاحَهُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَبْكِي ، أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ كَانَ يَأْتِينَا غَضًّا جَدِيدًا كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهَا» .
[ ص: 276 ]
وَرَوَى
أَبُو الرَّبِيعِ بِهَذَا الْيَوْمِ- يَعْنِي يَوْمَ الِاثْنَيْنِ- كَمْ خَيْرٍ لَسْتَ فِيهِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَيُّ مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ فِيهِ عَشِيَّةَ ضَاقَ عَنْهَا مُنْفَسِحُ الطُّولِ وَالْعَرْضِ :
وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْمًا رَزِيئَةُ هَالِكٍ رَزِيئَةَ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ
فَيَا لَهَا وَاللَّهِ مُصِيبَةً أَحْرَقَتِ الْأَكْبَادَ وَغَمَرَتْ بِالْأَسَفِ وَالْحُزْنِ الْأَبْنَاءَ وَالْآبَاءَ
وِزْرًا ثَقِيلًا إِلَى كَاهِلِ الْإِيمَانِ مِنْهُ مَا أَبَادَ وَخَطْبًا جَلِيلًا أَوْدَى بِكُلِّ جَمِيلٍ أَوْ كَادَ
وَأَنْشَدَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ عِنْدَ مَوْتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
فَالصَّبْرُ يُحْمَدُ فِي الْمَصَائِبِ كُلِّهَا إِلَّا عَلَيْكَ فَإِنَّهُ مَذْمُومُ
وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَبَطَ عَلَى الْقُلُوبِ مِنْ بَعْدِهِ بِأَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ لَأَوْرَثَ مَكَانَهَا كَمَدًا ، وَلَمَّا وَجَدْتُ إِلَى الْبَقَاءِ مُسْتَلِفًا وَلَا عَنْ وَحْيِ الْغِنَاءِ مُلْتَحَدًا .
وَقَالَ
أَبُو الْفَتْحِ : فَيَا لَهُ مِنْ خَطْبٍ جُلٍّ عَلَى الْخُطُوبِ وَمُصَابُ دَمْعِ الْعَيْنِ كَيْفَ يَصُوبُ ؟
وَرُزَّءٌ عَزَيْتُ لَهُ النِّيرَانَ وَلَا تُعَلَّلُ شُرُوقُهَا وَالْغُرُوبُ
وَجَادَتْ هَجْمَةُ الْمَوْتِ فَلَا نَجَا مِنْهَا هَارِبٌ وَلَا فِرَارٌ مِنْهُ لِمَطْلُوبِ
وَلَا صَبَاحَ لَهُ فَتَجْلُو غَيَاهِبَهُ الْمُلِمَّةَ وَدَيَاجِيَّهُ الْمُدْلَهِمَّةَ ، وَلِكُلِّ لَيْلٍ إِذَا رُجِىيَ صَبَاحٌ يَؤُوبُ ، وَمِنْ شَرِّ أَهْلِ الْأَرْضِ ثُمَّ بَكَى أَنَسٌ ، بَكَى بِعُيُونٍ سَرَفَهَا وَقُلُوبٍ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
مِنْ نَارٍ حَنَتْ عَلَيْهِ الْأَضَالِعُ وَلَا تَخْبُو وَلَا تَخْمُدُ
وَمُصِيبَةٌ تَسْتَكُّ مِنْهَا الْمَسَامِعُ فَلَا يُبَكِّي عَلَى مَرِّ الْجَدِيدِ مِنْ حُزْنِهَا الْمُجَدَّدُ
وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْمًا رَزِيئَةُ هَالِكٍ رَزِيئَةَ يَوْمِ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ
وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ وَلَا مِثْلَهُ حَتَّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ سَعْدٍ يُرْثِيهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
أَجَدِّكَ مَا لِعَيْنِكَ لَا تَنَامُ كَأَنَّ جُفُونَهَا فِيهَا كَلَامٌ
بِوَقْعِ مُصِيبَةٍ عَظُمَتْ وَجَلَّتْ فَدَمْعُ الْعَيْنِ أَهْوَنُهُ انْسِجَامُ
فُجِعْنَا بِالنَّبِيِّ ، وَكَانَ فِينَا مُقَدَّمِنَا ، وَسَيِّدُنَا الْإِمَامُ
وَكَانَ قِوَامِنَا ، وَالرَّأْسُ فِينَا فَنَحْنُ الْيَوْمَ لَيْسَ لَنَا قِوَامُ
نَنُوحُ وَنَشْتَكِي مَا قَدْ لَقِينَا وَيَشْكُو فَقْدَهُ الْبَلَدُ الْحَرَامُ
كَأَنَّ أُنُوفَنَا لَاقَيْنَ جَدْعًا لِفَقْدِ مُحَمَّدٍ ، فِيهَا اصْطِلَامُ
[ ص: 277 ] لِفَقْدِ أَغَرَّ أَبْيَضَ هَاشِمِيٍّ إِمَامِ نُبُوَّةٍ ، رَبِهِ الْخِتَامُ
أَمِينٌ ، مُصْطَفَى ، لِلْخَيْرِ يَدْعُو كَضَوْءِ الْبَدْرِ زَايَلَهُ الظَّلَامُ
سَأَتْبَعُ هَدْيَهُ مَا دُمْتَ حَيًّا طَوَالَ الدَّهْرِ مَا سَجَعَ الْحَمَامُ
كَأَنَّ الْأَرْضَ بَعْدَكَ طَارَ فِيهَا فَأَشْعَلَهَا لِسَاكِنِهَا ضِرَامُ
وَفَقْدُ الْوَحْيِ إِذْ وَلَّيْتَ عَنَّا وَوَدَّعْنَا مِنَ اللَّهِ الْكَلَامُ
سِوَى أَنْ قَدْ تَرَكْتَ لَنَا سِرَاجَا تُوَارِيهِ الْقَرَاطِيسُ الْكِرَامُ
لَقَدْ وَرَّثْتَنَا مِرْآةَ صِدْقٍ عَلَيْكَ بِهِ التَّحِيَّةُ وَالسَّلَامُ
مِنَ الرَّحْمَنِ فِي أَعْلَى جَنَانٍ مِنَ الْفِرْدَوْسِ طَابَ بِهَا الْمَقَامُ
رَفِيقُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ فِيهِ وَمَا فِي مِثْلِ صُحْبَتِهِ نِدَامُ
وَإِسْحَاقٍ وَإِسْمَاعِيلَ فِيهِ بِمَا صَلَّوْا لِرَبِّهِمُ وَصَامُوا
وَقَالَ أَيْضًا- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- وَرَحِمَهُ :
يَا عَيْنُ فَابْكِي وَلَا تَسْأَمِي ، وَحُقَّ الْبُكَاءُ عَلَى السَّيِّدِ !
عَلَى خَيْرِ خِنْدِفَ عِنْدَ الْبَلَا ءِ أَمْسَى يُغَيَّبُ فِي الْمُلْحَدِ
فَصَلَّى الْمَلِيكُ وَلِيُّ الْعِبَادِ وَرَبُّ الْبِلَادِ عَلَى أَحْمَدِ
فَكَيْفَ الْحَيَاةُ لِفَقْدِ الْحَبِيبِ وَزَيْنِ الْمُعَاشِرِ فِي الْمَشْهَدِ ؟
فَلَيْتَ الْمَمَاتِ لَنَا كُلِّنَا وَكُنَّا جَمِيعًا مَعَ الْمُهْتَدِي !
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ سَعْدٍ :
لَمَّا رَأَيْتُ نَبِيَّنَا مُتَجَدِّلًا ضَاقَتْ عَلَيَّ بِعَرْضِهِنَّ الدُّورُ
وَارْتَعْتُ رَوْعَةَ مُسْتَهَامٍ وَالِهٍ ، وَالْعَظْمُ مِنِّي وَاهِنٌ مَكْسُورُ
أَعْتِيقُ وَيْحَكَ ! إِنَّ حُبَّكَ قَدْ ثَوَى وَبَقِيتَ مُنْفَرِدًا وَأَنْتَ حَسِيرُ
يَا لَيْتَنِي مِنْ قَبْلُ مَهْلَكِ صَاحِبِي غُيِّبْتُ فِي جَدَثٍ عَلَيَّ صُخُورُ !
فَلَتَحْدُثَنَّ بَدَائِعَ مِنْ بَعْدِهِ ، تَعِيَا بِهِنَّ جَوَانِحٌ وَصُدُورُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا : فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ سَعْدٍ :
بَاتَتْ تُأَوِّبُنِي هُمُومٌ . . . . . حُشَّدٌ مِثْلُ الصُّخُورِ فَأَمْسَتْ هَدَّتِ الْجَسَدَا
يَا لَيْتَنِي حَيْثُ نُبِّئْتُ الْغَدَاةَ بِهِ قَالُوا الرَّسُولُ قَدِ أَمْسَى مَيِّتًا فُقِدَا
[ ص: 278 ] لَيْتَ الْقِيَامَةَ قَامَتْ بَعْدَ مَهْلَكِهِ ، وَلَا نَرَى بَعْدَهُ مَالًا وَلَا وَلَدَا !
وَاللَّهِ أُثْنِي عَلَى شَيْءٍ فَجُعْتُ بِهِ مِنَ الْبَرِيَّةِ حَتَّى أَدْخُلَ اللَّحَدَا
كَمْ لِي بَعْدَكَ مِنْ هَمٍّ يُنَصِّبُنِي إِذَا تَذَكَّرْتُ أَنِّي لَا أَرَاكَ أَبَدًا !
كَانَ الْمُصَفَّاءَ فِي الْأَخْلَاقِ قَدْ عَلِمُوا ، وَفِي الْعَفَافِ فَلَمْ نَعْدِلْ بِهِ أَحَدَا
نَفْسِي فَدَاؤُكَ مِنْ مَيِّتٍ وَمِنْ بَدَنٍ ! مَا أَطِيبَ الذِّكْرَ وَالْأَخْلَاقَ وَالْجَسَدَا !
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ سَعْدٍ :
تَطَاوَلَ لَيْلِي وَاعْتَرَتْنِي الْقَوَارِعُ وَخَطْبٌ جَلِيلٌ لِلْبَلِيَّةِ جَامِعُ !
عَذَاةَ نَعَى النَّاعِي إِلَيْنَا مُحَمَّدًا ، وَتِلْكَ الَّتِي تَسْتَكُّ مِنْهَا الْمَسَامِعُ
فَلَوْ رَدَّ مَيِّتًا قَتْلُ نَفْسِي قَتَلْتُهَا ! وَلَكِنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْمَوْتَ دَافِعُ
فَآلَيْتُ لَا أُثْنِي عَلَى هُلْكِ هَالِكٍ مِنَ النَّاسِ ، مَا أَوْفَى ثَبِيرٌ وَفَارِعُ
وَلَكِنَّنِي بَاكٍ عَلَيْهِ وَمُتْبِعٌ مُصِيبَتَهُ . إِنِّي إِلَى اللَّهِ رَاجِعُ !
وَقَدْ قَبَضَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ قَبْلَهُ ، وَعَادٌ أَصُبِيَتْ بِالرَّزَى وَالتَّبَابِعُ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي ! مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِنَا ؟ وَهَلْ فِي قُرَيْشٍ مِنْ إِمَامٍ يُنَازِعُ ؟
ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِنْ قُرَيْشٍ هُمُ هُمُ أَزِمَّةُ هَذَا الْأَمْرِ ، وَاللَّهُ صَانِعُ
عَلِيٌّ أَوِ الصِّدِّيقُ أَوْ عُمَرُ لَهَا ، وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ رَابِعُ !
فَإِنْ قَالَ مِنَّا قَائِلٌ غَيْرَ هَذِهِ أَبَيْنَا ، وَقُلْنَ : اللَّهُ رَاءٍ وَسَامِعُ
فَيَا لَقُرَيْشٍ ! قَلَّدُوا الْأَمْرَ بَعْضَهُمْ ، فَإِنَّ صَحِيحَ الْقَوْلِ لِلنَّاسِ نَافِعُ
وَلَا تُبْطِئُوا عَنْهَا فُوَاقًا فَإِنَّهَا إِذَا قُطِعَتْ لَمْ يُمْنَ فِيهَا الْمَطَامِعُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ سَعْدٍ :
يَا عَيْنِ جُودِي بِدَمْعٍ مِنْكِ إِسْبَالِ ! وَلَا تَمَلِّنَّ مِنْ سَحٍّ وَإِعْوَالِ !
لَا يَنْفَدَنْ لِيَ بَعْدَ الْيَوْمِ دَمْعُكُمَا ، إِنِّي مُصَابٌ وَإِنِّي لَسْتُ بِالسَّالِي
فَإِنَّ مَنْعَكُمَا مِنْ بَعْدِ بَذْلِكُمَا إِيَّايَ مِثْلُ الَّذِي قَدْ غُرَّ بِالْآلِ !
لَكِنْ أَفِيضِي عَلَى صَدْرِي بِأَرْبَعَةٍ ، إِنَّ الْجَوَانِحَ فِيهَا هَاجِسٌ صَالِي
سَحَّ الشُّعَيْبِ وَمَاءِ الْغَرْبِ يَمْنَحُهُ سَاقٍ يُحَمِّلُهُ سَاقٍ بِإِزْلَالِ
حَامِي الْحَقِيقَةِ نَسَّالُ الْوَدِيقَةِ فَكَّ اكُ الْعُنَاةِ ، كَرِيمٌ مَاجِدٌ عَالِ
[ ص: 279 ] عَلَى رَسُولٍ لَنَا مَحْضٍ ضَرِيبَتُهُ ، سَمْحِ الْخَلِيقَةِ ، عَفٍّ غَيْرِ مِجْهَالِ !
كَشَّافِ مَكْرُمَةٍ ، مِطْعَامِ مَسْغَبَةٍ ، وَهَّابِ عَانِيَةٍ وَجْنَاءَ شِمْلَالِ !
عَفٍّ مَكَاسِبُهُ ، جَزْلٍ مَوَاهِبُهُ ، خَيْرِ الْبَرِيَّةِ سَمْحٍ غَيْرِ نَكَّالِ !
وَارِي الزِّنَادِ وَقَوَّادِ الْجِيَادِ إِلَى يَوْمِ الطِّرَادِ ، إِذَا شَبَّتْ بِأَجْذَالِ
وَلَا أُزَكِّي عَلَى الرَّحْمَنِ ذَا بَشَرٍ لَكِنَّ عِلْمَكَ عِنْدَ الْوَاحِدِ الْعَالِي !
إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ وَالْأَيَّامَ يُفْجِعُنِي بِالصَّالِحِينَ ، وَأَبْقَى نَاعِمَ الْبَالِ !
يَا عَيْنِ فَابْكِي رَسُولَ اللَّهِ إِذْ ذُكِرَتْ ذَاتُ الْإِلَهِ ، فَنَعِمَ الْقَائِدُ الْوَالِي !
وَقَالَ فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- :
يَا عَيْنِ فَابْكِي بِدَمْعٍ ذَرَى لِخَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَالْمُصْطَفَى !
وَبَكِّي الرَّسُولَ ! وَحُقَّ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ ، لَدَى الْحَرْبِ عِنْدَ اللِّقَا !
عَلَى خَيْرِ مَنْ حَمَلَتْ نَاقَةٌ ، وَأَتْقَى الْبَرِّيَّةِ عِنْدَ التُّقَى
عَلَى سَيِّدٍ مَاجِدٍ جَحْفَلٍ ، وَخَيْرِ الْأَنَامِ وَخَيْرِ اللُّهَا !
لَهُ حَسَبٌ فَوْقَ كُلِّ الْأَنَا مِ مِنْ هَاشِمٍ ذَلِكَ الْمُرْتَجَى
نُخَصُّ بِمَا كَانَ مِنْ فَضْلِهِ ، وَكَانَ سِرَاجًا لَنَا فِي الدُّجَى !
وَكَانَ بَشِيرًا لَنَا مُنْذِرًا ، وَنُورًا لَنَا ضَوْءُهُ قَدْ أَضَا
فَأَنْقَذَنَا اللَّهُ فِي نُورِهِ ، وَنَجَّى بِرَحْمَتِهِ مِنْ لَظَى !
وَقَالَتْ
عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا :
عَيْنَيَّ ، جُودَا طَوَالَ الدَّهْرِ وَانْهَمِرَا سَكْبًا وَسَحًّا بِدَمْعٍ غَيْرِ تَعْذِيرِ !
يَا عَيْنِ ، فَاسْحَنْفِرِي بِالدَّمْعِ وَاحْتَفِلِي حَتَّى الْمَمَاتِ بِسَجْلٍ غَيْرِ مَنْزُورِ
يَا عَيْنِ فَانْهَمِلِي بِالدَّمْعِ وَاجْتَهِدِي لِلْمُصْطَفَى ، دُونَ خَلْقِ اللَّهِ ، بِالنُّورِ
بِمُسْتَهَلٍّ مِنَ الشُّؤْبُوبِ ذِي سَيَلٍ ، فَقَدْ رُزِئْتُ نَبِيَّ الْعَدْلِ وَالْخَيْرِ !
وَكُنْتُ مِنْ حَذَرٍ لِلْمَوْتِ مُشْفِقَةً ، وَالَّذِي خُطَّ مِنْ تِلْكَ الْمَقَادِيرِ !
مِنْ فَقْدِ أَزْهَرَ ضَافِي الْخُلُقِ ذِي فَخَرٍ صَافٍ مِنَ الْعَيْبِ وَالْعَاهَاتِ وَالزُّورِ !
فَاذْهَبْ حَمِيدًا ! جَزَاكَ اللَّهُ مَغْفِرَةً ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، عِنْدَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : بِطِيبَةَ رَسْمٌ لِلرَّسُولِ وَمَعْهَدُ مُنِيرٌ وَقَدْ تَعْفُو الرُّسُومُ وَتَهْمَدُ
[ ص: 280 ] وَلَا تَمْتَحِي الْآيَاتُ مِنْ دَارِ حُرْمَةٍ بِهَا مِنْبَرُ الْهَادِي الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ
وَوَاضِحُ آثَارٍ وَبَاقِي مَعَالِمٍ وَرَبْعٌ لَهُ فِيهِ مُصَلًّى وَمَسْجِدُ
بِهَا حُجُرَاتٌ كَانَ يَنْزِلُ وَسْطَهَا مِنَ اللَّهِ نُورٌ يُسْتَضَاءُ وَيُوقَدُ
مَعَارِفُ لَمْ تُطْمَسْ عَلَى الْعَهْدِ آيُهَا أَتَاهَا الْبِلَى فَالْآيُ مِنْهَا تَجَدَّدُ
عَرَفْتُ بِهَا رَسْمَ الرَّسُولِ وَعَهْدَهُ وَقَبْرًا بِهَا وَارَاهُ فِي التُّرْبِ مَلْحَدُ
ظَلَلْتُ بِهَا أَبْكِي الرَّسُولَ فَأَسْعَدَتْ عُيُونٌ وَمِثْلَاهَا مِنَ الْجَفْنِ تَسْعَدُ
يُذَكِّرْنَ آلَاءَ الرَّسُولِ وَمَا أَرَى لَهَا مُحْصِيًا نَفْسِي فَنَفْسِي تَبَلَّدُ
مُفَجَّعَةً قَدْ شَفَّهَا فَقْدُ أَحْمَدٍ فَظَلَّتْ لِآلَاءِ الرَّسُولِ تَعَدَّدُ
وَمَا بَلَغَتْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ عَشِيرَهُ وَلَكِنْ لِنَفْسِي بَعْدَ مَا قَدْ تَوَجَّدُ
أَطَالَتْ وُقُوفًا تَذْرِفُ الْعَيْنُ جُهْدَهَا عَلَى طَلَلِ الْقَبْرِ الَّذِي فِيهِ أَحْمَدُ
فَبُورِكْتَ يَا قَبْرَ الرَّسُولِ وَبُورِكَتْ بِلَادٌ ثَوَى فِيهَا الرَّشِيدُ الْمُسَدَّدُ
وَبُورِكَ لَحْدٌ مِنْكَ ضُمِّنَ طَيِّبًا عَلَيْهِ بِنَاءٌ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدُ
تُهِيلُ عَلَيْهِ التِّرْبَ أَيْدٍ وَأَعْيُنٌ عَلَيْهِ وَقَدْ غَارَتْ بِذَلِكَ أَسْعَدُ
لَقَدْ غَيَّبُوا حِلْمًا وَعِلْمًا وَرَحْمَةً عَشِيَّةَ عَلَّوْهُ الثَّرَى لَا يُوَسَّدُ
وَرَاحُوا بِحُزْنٍ لَيْسَ فِيهِمْ نُيَيِّمٌ وَقَدْ وَهَنَتْ مِنْهُمْ ظُهُورٌ وَأَعْضُدُ
يَبْكُونَ مَنْ تَبْكِي السَّمَاوَاتُ يَوْمَهُ وَمَنْ قَدْ بَكَتْهُ الْأَرْضُ فَالنَّاسُ أَكْمَدُ
وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْمًا رَزِيَّةُ هَالِكٍ رَزِيَّةَ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ
تَقَطَّعَ فِيهِ مَنْزِلُ الْوَحْيِ عَنْهُمُ وَقَدْ كَانَ ذَا نُورٍ يَغُورُ وَيُنْجِدُ
يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَنِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الْخَزَايَا وَيُرْشِدُ
إِمَامٌ لَهُمْ يَهْدِيهِمُ الْحَقَّ جَاهِدًا مُعَلِّمُ صِدْقٍ إِنْ يُطِيعُوهُ يَسْعَدُوا
عَفُوٌّ عَنِ الزَّلَّاتِ يَقْبَلُ عُذْرَهُمْ وَإِنْ يُحْسِنُوا فَاللَّهُ بِالْخَيْرِ أَجْوَدُ
وَإِنْ نَابَ أَمْرٌ لَمْ يَقُومُوا بِحَمْلِهِ فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدَّدُ
فَبَيْنَا هُمُ فِي نِعْمَةِ اللَّهِ بَيْنَهُمْ دَلِيلٌ بِهِ نَهْجُ الطَّرِيقَةِ يُقْصَدُ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجُورَا عَنِ الْهُدَى حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَسْتَقِيمُوا وَيَهْدُوا
عَطُوفٌ عَلَيْهِمْ لَا يُثَنِّي جَنَاحَهُ إِلَى كَنَفٍ يَحْنُو عَلَيْهِمْ وَيَمْهَدُ
[ ص: 281 ] فَبَيْنَا هُمُ فِي ذَلِكَ النُّورِ إِذْ غَدَا إِلَى نُورِهِمْ سَهْمٌ مِنَ الْمَوْتِ مَقْصِدُ
فَأَصْبَحَ مَحْمُودًا إِلَى اللَّهِ رَاجِعًا يُبْكِيهِ حَقُّ الْمُرْسِلَاتِ وَيَحْمَدُ
وَأَمْسَتْ بِلَادُ الْحَرْمِ وَحْشًا بِقَاعِهَا لِغَيْبَةِ مَا كَانَتْ مِنَ الْوَحْيِ تَعْهَدُ
قِفَارًا سِوَى مَعْمُورَةِ اللَّحْدِ ضَافَهَا فَقَيْدٌ يُبَكِّيهِ بَلَاطٌ وَغَرْقَدُ
وَمَسْجِدُهُ فَالْمُوحِشَاتُ لِفَقْدِهِ خَلَاءٌ لَهُ فِيهِ مَقَامٌ وَمَقْعَدُ
وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى لَهُ ثُمَّ أُوحِشَتْ دِيَارٌ وَعَرْصَاتٌ وَرَبْعٌ وَمُولِدُ
فَبَكِّي رَسُولَ اللَّهِ يَا عَيْنُ عِبْرَةً وَلَا أَعْرِفَنَّكِ الدَّهْرَ دَمْعُكِ يَجْمُدُ
وَمَا لَكِ لَا تَبْكِينَ ذَا النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى النَّاسِ مِنْهَا سَابِغٌ يَتَغَمَّدُ
فَجُودِي عَلَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَأَعْوِلِي لِفَقْدِ الَّذِي لَا مِثْلَهُ الدَّهْرُ يُوجَدُ
وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ وَلَا مِثْلَهُ حَتَّى الْقِيَامَةِ يَفْقِدُ
أَعَفَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً بَعْدَ ذِمَّةٍ وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلًا لَا يُنَكَّدُ
وَأَبْذَلَ مِنْهُ لِلطَّرِيفِ وَتَالِدٍ إِذَا ضَنَّ مِعْطَاءٌ بِمَا كَانَ يُتْلَدُ
وَأَكْرَمَ صِيتًا فِي الْبُيُوتِ إِذَا انْتَمَى وَأَكْرَمَ جَدًّا أَبْطَحِيًّا يُسَوَّدُ
وَأَمْنَعُ ذِرْوَاتٍ وَأَثْبَتَ فِي الْعُلَا دَعَائِمَ عِزٍّ شَاهِقَاتٍ تُشَيَّدُ
وَأَثْبَتَ فَرْعًا فِي الْفُرُوعِ وَمَنْبِتًا وَعُودًا غَذَاهُ الْمُزْنُ فَالْعُودُ أَغْيَدُ
رَبَّاهُ وَلِيدًا فَاسْتَتَمَّ تَمَامُهُ عَلَى أَكْرَمِ الْخَيْرَاتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ
تَنَاهَتْ وَصَاةُ الْمُسْلِمِينَ بِكَفِّهِ فَلَا الْعِلْمُ مَحْبُوسٌ وَلَا الرَّأْيُ يُفْنَدُ
أَقُولُ وَلَا يُلْقَى لِقَوْلِيَ عَائِبٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا عَازِبُ الْعَقْلِ مُبْعِدُ
وَلَيْسَ هَوَايَ نَازِعًا عَنْ ثَنَائِهِ لَعَلِّي بِهِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ أَخْلُدُ
مَعَ الْمُصْطَفَى أَرْجُوا بِذَاكَ جِوَارَهُ وَفِي نَيْلِ ذَاكَ الْيَوْمِ أَسْعَى وَأَجْهَدُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا [يَبْكِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] :
مَا بَالُ عَيْنِكَ لَا تَنَامُ كَأَنَّمَا كُحِلَتْ مَآقِيهَا بِكُحْلِ الْأَرْمَدِ
جَزَعًا عَلَى الْمَهْدِيِّ أَصْبَحَ ثَاوِيًا يَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى لَا تَبْعُدِ
وَجْهِي يَقِيكَ التُّرْبَ لَهْفِي لَيْتَنِي غُيِّبْتُ قَبْلَكَ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ
بِأَبِي وَأُمِّي مَنْ شَهِدْتُ وَفَاتَهُ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ النَّبِيِّ الْمُهْتَدِي .
[ ص: 282 ] فَظَلَلْتُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُتَبَلِّدًا مُتَلَدِّدًا يَا لَيْتَنِي لَمْ أُولَدِ
أَأُقِيمَ بَعْدَكَ بِ الْمَدِينَةِ بَيْنَهُمْ يَا لَيْتَنِي صُبِّحْتُ سُمَّ الْأَسْوَدِ
أَوْ حَلَّ أَمْرُ اللَّهِ فِينَا عَاجِلًا فِي رَوْحَةٍ مِنْ يَوْمِنَا أَوْ مِنْ غَدِ
فَتَقُومَ سَاعَتُنَا فَنَلْقَى طَيِّبًا مَحْضًا ضَرَائِبُهُ كَرِيمُ الْمَحْتِدِ
يَا بَكْرَ آمِنَةَ الْمُبَارَكَ بِكْرُهَا وَلَدَتْهُ مُحْصَنَةً بِسَعْدِ الْأَسْعَدِ
نُورًا أَضَاءَ عَلَى الْبَرِّيَّةِ كُلِّهَا مَنْ يُهْدَ لِلنُّورِ الْمُبَارَكِ يَهْتَدِي
يَا رَبِّ فَاجْمَعْنَا مَعًا وَنَبِيَّنَا فِي جَنَّةٍ تُثْنِي عُيُونَ الْحُسَّدِ
فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ فَاكْتُبْهَا لَنَا يَا ذَا الْجَلَالِ وَذَا الْعُلَا وَالسُّؤْدُدِ
وَاللَّهُ أَسْمَعُ مَا بَقِيتُ بِهَالِكٍ إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
يَا وَيْحَ أَنْصَارِ النَّبِيِّ وَرَهْطِهِ بَعْدَ الْمَغِيبِ فِي سَوَاءِ الْمَلْحَدِ
ضَاقَتْ بِالْأَنْصَارِ الْبِلَادُ فَأَصْبَحُوا سُودًا وُجُوهُهُمُ كَلَوْنِ الْإِثْمِدِ
وَلَقَدْ وَلَدْنَاهُ وَفِينَا قَبْرُهُ وَفُضُولُ نِعْمَتِهِ بِنَا لَا تُجْحَدِ
وَاللَّهُ أَهْدَاهُ لَنَا وَهَدَى بِهِ أَنْصَارَهُ فِي كُلِّ سَاعَةِ مَشْهَدِ
صَلَّى الْإِلَهُ وَمَنْ يَحُفُّ بِعَرْشِهِ وَالطَّيِّبُونَ عَلَى الْمُبَارَكِ أَحَمَدِ
وَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
نَبَّ الْمَسَاكِينُ أَنَّ الْخَيْرَ فَارَقَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ تَوَلَّى عَنْهُمْ سَحَرَا
مَنْ ذَا الَّذِي عِنْدَهُ رَحْلِي وَرَاحِلَتِي وَرِزْقُ أَهْلِي إِذَا لَمْ يُؤْنِسُوا الْمَطَرَا
أَمْ مَنْ نُعَاتِبُ لَا نَخْشَى جَنَادِعَهُ إِذَا اللِّسَانُ عَتَا فِي الْقَوْلِ أَوْ عَثَرَا
كَانَ الضِّيَاءَ وَكَانَ النُّورَ نَتْبَعُهُ بَعْدَ الْإِلَهِ وَكَانَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَا
فَلَيْتَنَا يَوْمَ وَارَوْهُ بِمَلْحَدَةٍ وَغَيَّبُوهُ وَأَلْقُوا فَوْقَهُ الْمَدَرَا
لَمْ يَتْرُكِ اللَّهُ مِنَّا بَعْدَهُ أَحَدًا وَلَمْ يَعِشْ بَعْدَهُ أُنْثَى وَلَا ذَكَرَا
ذَلَّتْ رِقَابُ بَنِي النَّجَّارِ كُلِّهِمُ وَكَانَ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ قَدْ قُدِرَا
وَاقْتَسَمَ الْفَيْءُ دُونَ النَّاسِ كُلِّهِمُ وَبَدَّدُوهُ جِهَارًا بَيْنَهُمْ هَدَرَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا :
آلَيْتُ مَا فِي جَمِيعِ النَّاسِ مُجْتَهِدًا مِنِّي أَلِيَّةَ بِرٍّ غَيْرَ إِفْنَادِ .
[ ص: 283 ] تَاللَّهِ ، مَا حَمَلَتْ أُنْثَى وَلَا وَضَعَتْ مَثَلَ الرَّسُولِ نَبِيَّ الْأُمَّةِ الْهَادِي
وَلَا بَرَا اللَّهُ خَلْقًا مِنْ بَرِيَّتِهِ أَوْفَى بِذِمَّةِ جَارٍ أَوْ بِمِيعَادِ
مَنِ الَّذِي كَانَ فِينَا يُسْتَضَاءُ بِهِ مُبَارَكُ الْأَمْرِ ذَا عَدْلٍ وَإِرْشَادِ
أَمْسَى نِسَاؤُكَ عَطَّلْنَ الْبُيُوتَ فَمَا يَضْرِبْنَ فَوْقَ قَفَا سَتْرٍ بِأَوْتَادِ
مَثَلَ الرَّوَاهِبِ يَلْبَسْنَ الْمَبَاذِلَ قَدْ أَيْقَنَّ بِالْبُؤْسِ بَعْدَ النِّعْمَةِ الْبَادِي
يَا أَفْضَلَ النَّاسِ إِنِّي كُنْتُ فِي نَهَرٍ أَصْبَحْتُ مِنْهُ كَمِثْلِ الْمُفْرَدِ الصَّادِي
وَقَالَ أَيْضًا- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- :
إِنَّ الرَّزِيَّةَ لَا رَزِيَّةَ مِثْلُهَا مَيْتٌ بِطِيبَةَ مِثْلُهُ لَمْ يُفْقَدِ
وَلِقَدْ أُصِيبَ جَمِيعُ أُمَّتِهِ بِهِ مَنْ كَانَ مَوْلُودًا ، وَمَنْ لَمْ يُولَدِ
وَالنَّاسُ كُلُّهُمُ بِمَا قَدْ عَالَهُمْ يَرْجُو شَفَاعَتَهُ بِذَاكَ الْمَشْهَدِ
حَتَّى الْخَلِيلُ أَبُوهُ فِي أَشْيَاعِهِ وَنَجِيُّهُ مُوسَى النَّبِيُّ الْمُهْتَدِي
مُتَوَاضِعِينَ لِرَبِّهِمْ بِرِقَابِهِمْ تِلْكَ الْفَضِيلَةُ ، وَاجْتِمَاعُ السُّؤْدُدِ
يَا خَيْرَ مَنْ شَدَّ الْمَطِيَّةَ نَحْوَهُ وَفْدٌ لِحَاجَتِهِ يَرُوحُ وَيَغْتَدِي
أَنْتَ الَّذِي اسْتَنْقَذْتَنَا مِنْ حُفْرَةٍ مِنْ يَهْوَ فِيهَا مِنْ هَوَاهُ يَبْعُدِ
فَهَدَيْتَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ وَالرَّدَى بِهُدَى الْإِلَهِ إِلَى السَّبِيلِ الْأَرْشَدِ
فَجَزَاكَ عَنَّا اللَّهُ خَيْرَ جَزَائِهِ بِمُقَامِ مَحْمُودِ الْمُقَامِ مُسَدَّدِ
وَقَالَتْ
عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
يَا عَيْنُ ، جُودِي- مَا بَقِيتِ- بِعِبْرَةٍ سَحًّا عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ أَحْمَدِ
يَا عَيْنُ ، فَاحْتَفِلِي وَسُحِّي وَاسْجُمِي وَابْكِي عَلَى نُورِ الْبِلَادِ مُحَمَّدِ !
أَنَّى ، لَكَ الْوَيْلَاتُ ! مِثْلُ مُحَمَّدٍ فِي كُلِّ نَائِبَةٍ تَنُوبُ وَمَشْهَدِ ؟
فَابْكِي الْمُبَارَكَ وَالْمُوَفَّقَ ذَا التُّقَى ، حَامِيَ الْحَقِيقَةَ ذَا الرَّشَادِ الْمُرْشِدِ
مَنْ ذَا يَفُكُّ عَنِ الْمُغَلَّلِ غِلُّهُ بَعْدَ الْمَغِيبِ فِي الضَّرِيحِ الْمُلْحَدِ ؟
أَمْ مَنْ لِكُلِّ مُدَفَّعٍ ذِي حَاجَةٍ ، وَمُسَلْسَلٍ يَشْكُو الْحَدِيدَ مُقَيَّدِ ؟
أُمْ مَنْ لِوَحْيِ اللَّهِ يُتْرَكُ بَيْنَنَا فِي كُلِّ مُمْسَى لَيْلَةٍ أَوْ فِي غَدِ ؟
فِعْلَيْكَ رَحْمَةُ رَبِّنَا وَسَلَامُهُ ، يَا ذَا الْفَوَاضِلِ وَالنَّدَى وَالسُّوْدُدِ .
[ ص: 284 ] هَلَّا فَدَاكَ الْمَوْتَ كُلُّ مُلَعَّنٍ شَكْسٍ خَلَائِقُهُ لَئِيمِ الْمَحْتِدِ ؟
وَقَالَتْ أَيْضًا- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
أَعَيْنَيَّ ، جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ عَلَى الْمُصْطَفَى بِالنُّورِ مِنْ آلِ هَاشِمِ
عَلَى الْمُصْطَفَى بِالْحَقِّ وَالنُّورِ وَالْهُدَى وَبِالرُّشْدِ بَعْدَ الْمُنْدَبَاتِ الْعَظَائِمِ
وَسُحَّا عَلَيْهِ وَابْكِيَا ، مَا بَكَيْتُمَا ، عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْمُحْكَمَاتِ الْعَزَائِمِ
عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى ، وَلِلدِّينِ وَالْإِسْلَامِ بَعْدَ الْمَظَالِمِ
عَلَى الطَّاهِرِ الْمَيْمُونِ ذِي الْحِلْمِ وَالنَّدَى وَذِي الْفَضْلِ وَالدَّاعِي لِخَيْرِ التَّرَاحُمِ
أَعَيْنَيَّ ، مَاذَا ، بَعْدَ مَا قَدْ فُجِعْتُمَا بِهِ ، تَبْكِيَانِ الدَّهْرَ مِنْ وَلَدِ آدَمِ ؟
فَجُودَا بِسِجْلٍ وَانْدُبَا كُلَّ شَارِقٍ رَبِيعَ الْيَتَامَى فِي السِّنِينَ الْبَوَازِمِ !
وَقَالَتْ
أَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
أَلَا يَا عَيْنِ ! وَيْحَكِ أَسْعِدِينِي بِدَمْعِكِ ، مَا بَقِيتِ ، وَطَاوِعِينِي
أَلَا يَا عَيْنِ وَيْحَكِ ! وَاسْتَهِلِّي عَلَى نُورِ الْبِلَادِ وَأَسْعِدِينِي !
فَإِنْ عَذَلَتْكِ عَاذِلَةٌ فَقُولِي عَلَامَ وَفِيمَ ، وَيْحَكِ ! تَعْذِلِينِي ؟
عَلَى نُورِ الْبِلَادِ مَعًا جَمِيعًا رَسُولِ اللَّهِ أَحْمَدَ فَاتْرُكِينِي
فَإِلَّا تُقْصِرِي بِالْعَذَلِ عَنِّي ، فَلَوْمِي مَا بَدَا لَكِ أَوْ دَعِينِي !
لِأَمْرٍ هَدَّنِي وَأَذَلَّ رُكْنِي ، وَشَيَّبَ بَعْدَ جِدَّتِهَا قُرُونِي !
وَقَالَتْ أَيْضًا- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
أَلَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُنْتَ رَجَاءَنَا ، وَكُنْتَ بِنَا بَرًّا وَلَمْ تَكُ جَافِيًا !
وَكُنْتَ بِنَا رَوْفًا رَحِيمًا نَبِيَّنَا ، لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ بَاكِيًا !
لَعَمْرُكَ ، مَا أَبْكِي النَّبِيَّ لِمَوْتِهِ ! وَلَكِنْ لِهَرْجٍ كَانَ بَعْدَكَ آتِيَا
كَأَنَّ عَلَى قَلْبِي لِذِكْرِ مُحَمَّدٍ ، وَمَا خِفْتُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ الْمَكَاوِيَا
أَفَاطِمَ ، صَلَّى اللَّهُ ، رَبُّ مُحَمَّدٍ ، عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيًا !
أَبَا حَسَنٍ ، فَارَقَتْهُ وَتَرَكْتَهُ ، فَبَكِّ بِحُزْنٍ آخِرَ الدَّهْرِ شَاجِيَا !
فِدَا لِرَسُولِ اللَّهِ أُمِّي وَخَالَتِي وَعَمِّي وَنَفْسِي قُصْرَةً ثُمَّ خَالِيَا
صَبَرْتَ وَبَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ صَادِقًا ، وَقُمْتَ صَلِيبَ الدِّينِ أَبْلَجَ صَافِيَا .
[ ص: 285 ] فَلَوْ أَنَّ رَبَّ النَّاسِ أَبْقَاكَ بَيْنَنَا سَعِدْنَا ، وَلَكِنْ أَمْرُنَا كَانَ مَاضِيَا !
عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ السَّلَامُ تَحِيَّةً ، وَأُدْخِلْتَ جَنَّاتٍ مِنَ الْعَدْنِ رَاضِيَا !
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- :
وَبَاكِيَةٍ حَرَّاءَ تَحْزَنُ بِالْبُكَا وَتَلْطِمُ مِنْهَا خَدَّهَا وَالْمُقَلَّدَا
عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَلَوْ عَلِمَتْ لَمْ تَبْكِ إِلَّا مُحَمَّدَا
فُجِعْنَا بِخَيْرِ النَّاسِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَأَدْنَاهُ مِنْ رَبِّ الْبَرِيَّةِ مَقْعَدَا
وَأَفْظَعَهُمْ فَقْدًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَأَعْظَمَهُمْ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ يَدَا
لَقَدْ وَرِثَتْ أَخْلَاقُهُ الْمَجْدَ وَالثُّقَى فَلَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَشِيدًا وَمُرْشِدًا
وَقَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=252صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
لَهَفَ نَفْسِي ! وَبِتُّ كَالْمَسْلُوبِ آرَقُ اللَّيْلَ فِعْلَةَ الْمَحْرُوبِ !
مِنْ هُمُومٍ وَحَسْرَةٍ رَدَفَتْنِي ، لَيْتَ أَنِّي سَقَيْتُهَا بِشُعُوبِ !
حِينَ قَالُوا : إِنَّ الرَّسُولَ قَدْ أَمْسَى وَافَقَتْهُ مَنِيَّةُ الْمَكْتُوبِ !
إِذْ رَأَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَرِيعٌ ، فَأَشَابَ الْقَذَالُ أَيَّ مَشِيبِ
إِذْ رَأَيْنَا بُيُوتَهُ مُوحِشَاتٍ ، لَيْسَ فِيهِنَّ بَعْدَ عَيْشٍ حَبِيبِي
أَوْرَثَ الْقَلْبَ ذَاكَ حُزْنًا طَوِيلًا ، خَالَطَ الْقَلْبَ ، فَهُوَ كَالْمَرْعُوبِ
لَيْتَ شِعْرِي ! وَكَيْفَ أُمْسِي صَحِيحًا بَعْدَ أَنْ بِينَ بِالرَّسُولِ الْقَرِيبِ ؟
أَعْظَمِ النَّاسِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَقًّا ، سَيِّدِ النَّاسِ حُبُّهُ فِي الْقُلُوبِ
فَإِلَى اللَّهِ ذَاكَ أَشْكُو وَحَسْبِي ، يَعْلَمُ اللَّهُ حَوْبَتِي وَنَحِيبِي !
وَقَالَتْ أَيْضًا- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
أَفَاطِمَ ، بَكِّي وَلَا تَسْأَمِي بِصُبْحِكِ ، مَا طَلَعَ الْكَوْكَبُ !
هُوَ الْمَرْءُ يُبْكَى ، وَحُقَّ الْبُكَاءُ ! هُوَ الْمَاجِدُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ !
فَأَوْحَشَتِ الْأَرْضُ مِنْ فَقْدِهِ ، وَأَيُّ الْبَرِّيَّةِ لَا يُنْكَبُ ؟
فَمَا لِي بَعْدَكَ حَتَّى الْمَمَا تِ إِلَّا الْجَوَى الدَّاخِلُ الْمُنْصِبُ
فَبَكِّي الرَّسُولَ ! وَحُقَّتْ لَهُ شُهُودُ الْمَدِينَةِ وَالْغُيَّبُ !
لِتُبْكِيَكَ شَمْطَاءُ مَضْرُورَةٌ ، إِذَا حُجِبَ النَّاسُ لَا تُحْجَبُ .
[ ص: 286 ] لِيُبْكِيَكَ شَيْخٌ أَبُو وِلْدَةٍ يَطُوفُ بِعَقْوَتِهِ أَشْهَبُ
وَيَبْكِيَكَ رَكْبٌ إِذَا أَرْمَلُوا ، فَلَمْ يُلْفَ مَا طَلَبَ الطُّلَّبُ
وَتَبْكِي الْأَبَاطِحُ مِنْ فَقْدِهِ ، وَتَبْكِيهِ مَكَّةُ وَالْأَخْشَبُ
وَتَبْكِي وَعِيرَةُ مِنْ فَقْدِهِ بِحُزْنٍ وَيُسْعِدُهَا الْمِيثَبُ !
فَعَيْنِيَ مَا لَكِ لَا تَدْمَعِينَ ؟ وَحُقَّ لِدَمْعِكِ يُسْتَكَبُ !
وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
مَا لِعَيْنَيَّ لَا تَجُودَانِ رَيًّا إِذْ فَقَدْنَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ حَيَّا
يَوْمَ نَادَى إِلَى الصَّلَاةِ بِلَالٌ فَبَكَيْنَا عِنْدَ النِّدَاءِ مَلِيَّا
لَمْ أَجِدْ قَبْلَهَا ، وَلَسْتُ بِلَاقٍ بَعْدَهَا غُصَّةً أَمَرَّ عَلَيَّا
جَلَّ يَوْمَ أَصْبَحْتُ فِيهِ عَلِيلًا لَا يُرَدُّ الْجَوَابُ مِنْكَ إِلَيَّا
لَيْتَ يَوْمِي يَكُونُ قَبْلَكَ يَوْمًا أَنْضَجَ الْقَلْبَ لِلْحَرَارَةِ كَيَّا
خُلُقًا عَالِيًا ، وَدِينًا كَرِيمًا وَصِرَاطًا يُهْدَى إِلَيْهِ سَوِيَّا
وَسِرَاجًا يَجْلُو الظَّلَامَ مُنِيرًا وَنَبِيًّا مُسَدَّدًا عَرَبِيَّا
حَازِمًا ، عَازِمًا ، حَلِيمًا ، كَرِيمًا عَائِدًا بِالنَّوَالِ ، بَرًّا تَقِيَّا
إِنَّ يَوْمًا أَتَى عَلَيْكَ لَيَوْمٌ كُوِّرَتْ شَمْسُهُ وَكَانَتْ جَلِيَّا
فَعَلَيْكَ السَّلَامُ مِنَّا وَمِنْ رَبِّكَ بِالرُّوحِ بُكْرَةً وَعَشِيَّا
وَقَالَتْ
هِنْدُ بِنْتُ أَثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا- :
[أَشَابَ ذُؤَابَتِي وَأَذَلَّ رُكْنِي بُكَاؤُكِ ، فَاطِمَ ، الْمَيْتُ الْفَقِيدَا
فَأَعْطَيْتَ الْعَطَاءَ فَلَمْ تُكَدِّرْ ، وَأَخْدَمْتَ الْوَلَائِدَ وَالْعَبِيدَا
وَكُنْتَ مَلَاذَنَا فِي كُلِّ لِزْبٍ ، إِذَا هَبَّتْ شَامِيَةٌ بَرُودَا]
وَإِنَّكَ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ، وَأَكْرَمُهُمْ إِذَا نَسَبُوا جُدُودَا !
[رَسُولُ اللَّهِ فَارَقَنَا ، وَكُنَّا نُرَجِّي أَنْ يَكُونَ لَنَا خُلُودَا]
أَفَاطِمَ ! فَاصْبِرِي فَلَقَدْ أَصَابَتْ رَزِيئَتُكِ التَّهَائِمَ وَالنَّجُودَا
وَأَهْلَ الْبِرِّ وَالْأَبْحَارِ طُرًّا ، فَلَمْ تُخْطِئْ مُصِيبَتُهُ وَحِيدَا
وَكَانَ الْخَيْرُ يُصْبِحُ فِي ذُرَاهُ ، سَعِيدُ الْجَدِّ قَدْ وَلَدَ السُّعُودَا !
فَمُوتِي إِنْ قَدَرْتِي أَنْ تَمُوتِي فَقَدْتُّ الطَّيِّبَ الرَّجُلَ الْحَمِيدَا .
[ ص: 287 ] رَسُولُ اللَّهِ خَيْرُ النَّاسِ حَقًّا فَلَسْتُ أَرَى لَهُ أَبَدًا مَدِيدَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- :
مَا زَالَتْ مُذْ وَضَعَ الْفِرَاشَ لِجَنْبِهِ وَثَوَى مَرِيضًا خَائِفًا أَتَوَقَّعُ
شَفَقًا عَلَيْهِ أَنْ يَزُولَ مَكَانُهُ عَنَّا ، فَنَبْقَى بَعْدَهُ نَتَوَجَّعُ
نَفْسِي فِدَاؤُكَ مَنْ لَنَا فِي أَمْرِنَا أَوْ مَنْ نُشَاوِرُهُ إِذًا فَتَرَجَّعُ
وَإِذَا تَحَدَّثْنَا الْحَوَادِثَ : مَنْ لَنَا بِالْوَحْيِ مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ يَسْمَعُ
لَيْتَ السَّمَاءَ تَفَطَّرَتْ أَكْنَافُهَا وَتَنَاثَرَتْ فِيهَا النُّجُومُ الطُّلَّعُ
لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ هَدَّ جَمِيعُهُمْ صَوْتٌ يُنَادِي بِالنَّعِيِّ فَيُسْمَعُ
وَسَمِعْتُ صَوْتًا قَبْلَ ذَلِكَ هَدَّنِي عَبَّاسُ يَنْعَاهُ بِصَوْتٍ يُقْطَعُ
فَلْيَبْكِهِ أَهْلُ الْمَدَائِنِ كُلِّهَا وَالْمُسْلِمُونَ بِكُلِّ أَرْضٍ تُجْدَعُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- :
أَلَا طَرَقَ النَّاعِي بِلَيْلٍ فَرَاعَنِي وَأَرَّقَنِي لَمَّا اسْتَهَلَّ مُنَادِيَا
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا رَأَيْتُ الَّذِي أَتَى أَغَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ أَصْبَحْتَ نَاعِيَا
فَحُقِّقَ مَا أَشْفَيْتُ مِنْهُ وَلَمْ يُبَلْ وَكَانَ خَلِيلِي عُدَّتِي وَجَمَالِيَا
فَوَاللَّهِ ، لَا أَنْسَاكَ أَحْمَدُ مَا مَشَتْ بِيَ الْعِيسُ فِي أَرْضٍ وَجَاوَزْتَ وَادِيَا
وَكُنْتَ مَتَى أَهْبِطُ مِنَ الْأَرْضِ تَلْعَةً أَجِدْ أَثَرًا مِنْهُ جَدِيدًا وَعَافِيَا
جَوَادٌ تَشَظَّى الْخَيْلُ عَنْهُ كَأَنَّمَا يَرَيْنَ بِهِ لَيْثًا عَلَيْهِنَّ ضَارِيَا
مِنَ الْأُسْدِ قَدْ أَحْمِي الْعَرِينَ مَهَابَةً تَفَادَى سِبَاعُ الْأَرْضِ مِنْهُ تَفَادِيَا
شَدِيدٌ جَرِيُّ النَّفْسِ نَهْدٌ مُصَدَّرٌ هُوَ الْمَوْتُ مَغْدُوٌّ عَلَيْهِ وَغَادِيَا
[ ص: 288 ] [ ص: 289 ] [ ص: 290 ] [ ص: 291 ] [ ص: 292 ] [ ص: 293 ] [ ص: 294 ]