قال ابن كثير : الصحيح المشهور عن الجمهور أنه- صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين ودفن يوم الأربعاء .
وروى يعقوب بن سفيان عن أبي جعفر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين فلبث ذلك اليوم وتلك الليلة ويوم الثلاثاء إلى آخر النهار .
قال ابن كثير : وهو قول غريب .
وروى يعقوب أيضا عن مكحول قال : مكث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث أيام لا يدفن قال ابن كثير : غريب ، والصحيح أنه مكث بقية يوم الاثنين ، ويوم الثلاثاء بكامله ، ودفن ليلة الأربعاء ، وأغرب من ذلك ما رواه سيف من هشام أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دفن يوم الثلاثاء ، والسبب في تأخير دفنه مع أن السنة الإعجال به عدم اتفاقهم على موته .
وروى ابن سعد عن ابن شهاب قال : توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين حين زاغت الشمس .
وروي أيضا عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال : اشتكى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر ، وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول ، ودفن يوم الثلاثاء أيضا .
وروي أيضا عن عكرمة قال : توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين ، فجلس بقية يومه وليلته ومن الغد حتى دفن من الليل ، وروي أيضا عن أبي بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال : توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين ، فمكث يوم الاثنين والثلاثاء حتى دفن يوم الأربعاء .
وروى ابن سعد وابن ماجه ، وأبو يعلى عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : لما فرغ من جهاز رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه مع أصحابه بالبقيع ، وقال قائل : ادفنوه في مسجده .
فقال أبو [ ص: 334 ] بكر : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : «ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض» فرفع فراش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي توفي عليه ، فحفروا له تحته .
وروى الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عن عبد العزيز بن جريج أن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يدروا أين يقبروا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى قال أبو بكر : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : لم يقبر نبي قط إلا حيث يموت ، فأخذوا فراشه وحفروا تحته .
وهو منقطع؛ لأن ابن جريج لم يدرك الصديق .
وروى الترمذي وأبو يعلى عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : لما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اختلفوا في دفنه ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : «ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه ادفنوه في موضع فراشه» .
وروى أبو يعلى وابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- دعا العباس رجلين ، فقال لأحدهما : اذهب إلى أبي عبيدة بن الجراح ، وكان يضرح لأهل مكة ، وقال لآخر : اذهب إلى أبي طلحة ، وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة ، وكان يلحد ، فقالوا : اللهم ، خر لرسولك ، فوجدوا أبا طلحة ، فجيء به ولم يوجد أبو عبيدة فلحد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم دفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسط الليل من ليلة الأربعاء ، ونزل في حفرته علي بن أبي طالب ، والفضل وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
وقال أوس ابن خولي ، وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب : أنشدك الله ، وحظنا من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال له علي : انزل ، وكان شقران مولاه أخذ قطيفة حمراء كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يلبسها فدفنها في القبر وقال : والله ، لا يلبسها أحد بعدك أبدا ، فدفنت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروى ابن سعد عن أبي طلحة - رضي الله تعالى عنه- نحوه .
وروى الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه- قال : سل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من قبل رأسه .
وروى الإمام أحمد ومسلم والترمذي وحسنه والنسائي وابن سعد عن ابن عباس - رضي [ ص: 335 ] الله تعالى عنه- قال : وضع تحت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قبره قطيفة حمراء .
وروى ابن سعد قال وكيع : هذا للنبي- صلى الله عليه وسلم- خاصة .
وروى ابن سعد - برجال ثقات- عن الحسن قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « افرشوا لي قطيفتي في لحدي فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء » .
وروى الترمذي وحسنه عن جعفر بن محمد عن أبيه- رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- قال : الذي ألحد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبو طلحة ، والذي ألقى القطيفة تحته شقران .
قال جعفر بن محمد : أخبرني ابن أبي رافع قال : سمعت شقران يقول : أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في القبر .
وروى ابن سعد عن الحسن أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بسط تحته سمل قطيفة حمراء كان يلبسها قال : وكانت أرضا ندية .
وروى مسلم وابن سعد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه- قال في مرضه الذي توفي فيه : «ألحدوا لي لحدا ، وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروى البيهقي عن بعضهم والواقدي عن علي بن الحسين أنه- صلى الله عليه وسلم- نصب عليه في اللحد تسع لبنات .
وروى ابن سعد والبيهقي عن جابر - رضي الله تعالى عنه- قال : رش على قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الماء رشا قال : وكان الذي رش على قبره الماء بلال بن رباح بقربة ، بدءا من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه ، ثم ضرب الماء إلى الجدار ، ولم يقدر على أن يدور من الجدار .
وروى البيهقي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- موضوعا على سريره من حين زاغت الشمس من يوم الاثنين إلى أن زاغت الشمس يوم الثلاثاء ، [ ص: 336 ] يصلي الناس عليه وسريره على شفير قبره ، فلما أرادوا أن يقبروه- عليه الصلاة والسلام- نحوا السرير قبل رجليه فأدخل من هناك .
وروى الإمام مالك بلاغا وصله محمد بن عمر الأسلمي عن أم سلمة - رضي الله تعالى عنها- قالت : ما صدقت بموت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى سمعت وقع الكرازين .
وروى ابن سعد والبيهقي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : ما علمنا بدفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر .
وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان بالمدينة رجل يلحد والآخر يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه ، فأرسلوا إليهما ، فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروى محمد بن سعد ، أنبأنا حماد بن خالد الخياط ، عن عقبة بن أبي الصهباء ، سمعت الحسن يقول : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « افرشوا لي قطيفة في لحدي ، فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء » .
وروى مسدد بسند صحيح عن علي - رضي الله تعالى عنه- وأجنانه دون الناس أربعة :
علي بن أبي طالب والعباس والفضل بن العباس وصالح مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-[وألحد له لحدا ونصب عليه اللبن نصبا] .
وروى الحاكم والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن الذين نزلوا قبره- صلى الله عليه وسلم- علي والفضل وقثم بن عباس وشقران وأوس بن خولي وكانوا خمسة .
وروى ابن سعد عن الشعبي قال : دخل [قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- علي والفضل وأسامة بن زيد .
قال الشعبي : وأخبرني مرحب أو ابن أبي مرحب أنهم أدخلوا معهم في القبر عبد الرحمن بن عوف . [ ص: 337 ]
وروى ابن سعد عن ابن] شهاب ، قال : ولي وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قبره هؤلاء الرهط الذين غسلوه : العباس وعلي والفضل وصالح مولاه ، وخلى أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأهله ، فولوا إجنانه .
وروى البخاري وابن سعد عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : لما دفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالت فاطمة- عليها السلام- : يا أنس ، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- التراب .
وروى طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي وابن الجوزي في «الوفاء» عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه- قال : لما رمس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جاءت فاطمة- رضي الله تعالى عنها- فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر فوضعته على عينيها وبكت ، وأنشأت تقول :
ماذا على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا     صبت علي مصائب لو أنها 
صبت على الأيام عدن لياليا 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					