الباب الرابع في ذكر من توسل به- صلى الله عليه وسلم- في حياته من الحيوانات 
روى  ابن شاهين  في «دلائله» عن عبد الله بن جعفر   - رضي الله تعالى عنه- قال : 
« أردفني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم خلفه ، فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس ، وقال : كان أحب ما استتر به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لحاجته هدف أو حائش نخل ، فدخل حائط رجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- حن وذرفت عيناه ،  فأتاه النبي- صلى الله عليه وسلم- فمسح سراته وذفراه فسكت » . 
وفي رواية : « فسكن ، ثم قال : من رب هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟ فجاء فتى من الأنصار ، فقال : هذا لي يا رسول الله ، فقال : أفلا تتقي الله في هذا الجمل ، الذي ملكك الله إياه ، فإنه يشتكي إلي أنك تجيعه وتدئبه » . 
وروى  مسلم   : «إلى حائش نخل» عن محمد بن عبد الله بن أسماء ،  ورواه  أبو داود  بطوله عن موسى بن إسماعيل ،  عن مهدي بن ميمون   . 
وروى  ابن ماجه  «أوله» عن مهدي ، وذكر ابن النعمان  في كتابه «مصباح الظلام» بسنده عن  تميم الداري   - رضي الله تعالى عنه- قال : كنا جلوسا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل بعير يغدو ، حتى وقف على هامة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فزعا ،  فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «أيها البعير اسكن ، فإن تك صادقا فلك صدقك ، وإن تك كاذبا فعليك كذبك ، مع أن الله قد أمن عائذنا ، وليس بخائب لائذنا» . 
قلنا : يا رسول الله ما يقول البعير ؟ قال : هم أصحابه بنحره وأكله ، فهرب منهم ، فاستغاث بنبيكم ، فبينما نحن كذلك ، إذ أقبل أصحابه يتعادون ، فلما رآهم البعير عاد إلى هامة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلاذ بها ، فقالوا : يا رسول الله ، بعيرنا هرب منا منذ ثلاثة أيام ، فلم نلقه إلا بين يديك ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «أما إنه شكا ، فيئست الشكاية» ، فقالوا : يا رسول الله ما يقول ؟ قال : «يقول إنه ربي في بيتكم ، وكنتم تحملون عليه في الصيف إلى موضع الكلأ ، وفي الشتاء إذا رحلتم إلى موضع الدفء ، فلما كبر استفحلتموه ، فرزقكم الله به إبلا سائمة ، فلما أدركته هذه السنة الخصبة هممتم بنحره وأكل لحمه ، فقالوا : قدر الله كان ذلك يا رسول الله ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «ما هذا جزاء المملوك الصالح من مواليه ، فقالوا : يا رسول الله إنا لا نبيعه ولا ننحره ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «كذبتم ، قد استغاث بكم فلم تغيثوه ، فأنا أولى بالرحمة منكم ، فاشتراه وأعتقه»  . 
وروى  البيهقي  في «دلائله عن عطية بن أبي سعيد  قال : « مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بظبي .  [ ص: 406 ] 
مربوطة إلى خباء ،  فقالت : يا رسول الله حلني حتى أذهب فأرضع خشفي ، ثم أرجع فتربطني ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : صيد قوم ، وربيطة قوم ، قال : فأخذ عليها فحلفت له ، فحلها ، فما مكثت إلا قليلا حتى جاءت ، وقد نفضت ما في ضرعها ، فربطها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، ثم أتى خباء أصحابها ، فاستوهبها منهم ، فوهبوها له ، فحلها ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «لو علمت البهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم سمينا أبدا » . 
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وقد تقدم بعضها في أبواب معجزاته- صلى الله عليه وسلم- . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					