الآية الحادية عشرة قوله تعالى : { ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون    } . 
فيها ثلاث مسائل :  [ ص: 61 ] المسألة الأولى : في سبب نزولها    : وذلك أن { قريشا  قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : سألني ربي عز وجل فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات والدرجات . قال : وما الكفارات ؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، وإسباغ الوضوء في السبرات ، والتعقيب في المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة قال : وما الدرجات ؟ قلت : إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام وقيل : خصومتهم قولهم : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون    }   } هذا حديث الحسن    ; وهو حسن . 
ومن طريق عبد الرحمن  عن  عائشة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رأيت ربي في أحسن صورة فوضع يده بين كتفي ، فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما في السموات وما في الأرض ، ثم تلا هذه الآية : { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض    } . فقال : يا محمد  ، فقلت : لبيك وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : أي رب في الكفارات . قال : وما الكفارات ؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، وإسباغ الوضوء على المكروهات ، وانتظار الصلاة إلى الصلاة ، فمن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه   } . 
وقد روى الترمذي  صحيحا عن عبد الرحمن بن عابس الحضرمي  عن مالك بن يخامر السكسكي  عن  معاذ بن جبل  ، قال : { احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس ، فخرج سريعا فثوب بالصلاة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجوز في صلاته ، فلما سلم قال لنا : على مصافكم كما أنتم ، ثم انتقل إلينا ثم قال : أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة : إني قمت في الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي ، فنعست في صلاتي حتى استثقلت ، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة  [ ص: 62 ] فقال : يا محمد    . قلت : لبيك . قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : ما أدري ثلاثا . قال : فرأيته وضع كفه بين كتفي ، فوجدت برد أنامله بين ثديي ، فتجلى لي كل شيء ، وعرفت . ثم قال : يا محمد    . قلت : لبيك ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات . قال : ما هن ؟ قلت مشي الأقدام إلى الحسنات ، والجلوس في المساجد بعد الصلوات ، وإسباغ الوضوء عند الكريهات . قال : وما الحسنات ؟ قلت : إطعام الطعام ، ولين الكلام ، والصلاة والناس نيام . قال : سل . قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين . وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون ، أسألك حبك وحب من يحبك ، وحب عمل يقرب إلى حبك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها حق فادرسوها ثم تعلموها   } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					