[ ص: 68 ] سورة فصلت فيها ست آيات 
الآية الأولى قوله تعالى : { فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا  ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون    } . 
فيها مسألتان : المسألة الأولى : قال  ابن وهب  عن  مالك    : يعني شدائد لا خير فيها ، وكذلك روى عنه ابن القاسم    . 
وقال  زيد بن أسلم    " وإنما ذكر ذلك  مالك  ردا على من يقول : إن النحس الغبار ، ولو كان الغبار نحسا لكان أقل ما أصابهم من نحس ، وكذلك من قال : إنها متتابعات لا يخرج من لفظ قوله تعالى : { نحسات    } . وإنما عرف التتابع من قوله تعالى : { سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما    } 
المسألة الثانية قيل : إنها كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء ، والناس يكرهون السفر يوم الأربعاء لأجل هذه الرواية ; لقيت يوما مع خالي الحسين بن حفص  رجلا من الكتاب فودعناه بنية السفر ، فلما فارقنا قال لي خالي : إنك لا تراه أبدا لأنه سافر يوم أربعاء لا يتكرر ، وكذلك كان : مات في سفره ، وهذا ما لا أراه ، فإن يوم الأربعاء يوم عجيب بما جاء في الحديث من الخلق فيه ، والترتيب ; فإن الحديث ثابت { بأن الله خلق يوم السبت التربة ، ويوم الأحد الجبال ، ويوم الاثنين الشجر ، ويوم الثلاثاء المكروه ، ويوم الأربعاء النور   } ، وروي : النون وفي الحديث : { إنه خلق يوم الأربعاء غرة التقن   } ، وهو كل شيء أتقن به الأشياء يعني المعادن من الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص  [ ص: 69 ] فاليوم الذي خلق فيه المكروه لا يعافه الناس ، واليوم الذي خلق فيه النور أو التقن يعافونه ، إن هذا لهو الجهل المبين . 
وفي المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم { دعا على الأحزاب من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء بين الظهر والعصر ، فاستجيب له   } ، وهي ساعة فاضلة ; فالآثار الصحاح دليل على فضل هذا اليوم ، وكيف يدعى فيه تغرير النحس بأحاديث لا أصل لها ، وقد صور قوم أياما من الأشهر الشمسية ادعوا فيها الكرامة ; لا يحل لمسلم أن ينظر إليها ، ولا يشتغل بآلاتها ، والله حسيبهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					