وفي الحديث الصحيح { أن الآذان كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم واحدا ، فلما كان زمن عثمان زاد النداء الثالث على الزوراء } ، وسماه في الحديث ثالثا ; لأنه أضافه إلى الإقامة [ ص: 212 ] فجعله ثالث الإقامة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { : بين كل أذانين صلاة لمن شاء } يعني الأذان والإقامة ; فتوهم الناس أنه أذان أصلي ، فجعلوا المؤذنين ثلاثة ، فكان وهما ، ثم جمعوهم في وقت واحد ، فكان وهما على وهم ، ورأيتهم بمدينة السلام يؤذنون بعد أذان المنار بين يدي الإمام تحت المنبر في جماعة ، كما كانوا يفعلون عندنا في الدول الماضية ; وكل ذلك محدث .
المسألة الخامسة قوله : { للصلاة } ; يعني بذلك الجمعة دون غيرها ، وقال بعض العلماء : كون الصلاة الجمعة هاهنا معلوم بالإجماع لا من نفس اللفظ . وعندي أنه معلوم من نفس اللفظ بنكتة ، وهي قوله : { من يوم الجمعة } ، وذلك يفيده ; لأن النداء الذي يختص بذلك اليوم هو نداء تلك الصلاة ; فأما غيرها فهو عام في سائر الأيام ، ولو لم يكن المراد به نداء الجمعة لما كان لتخصيصه بها وإضافته إليها معنى ولا فائدة .
المسألة السادسة قال بعض علمائنا : كان اسم الجمعة في العرب الأول عروبة ، فسماها الجمعة كعب بن لؤي ; لاجتماع الناس فيها إلى كعب قال الشاعر :
لا يبعد الله أقواما هم خلطوا يوم العروبة أصراما بأصرام


