الآية الثانية قوله تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله  إنهم ساء ما كانوا يعملون    } . 
فيها مسألتان : المسألة الأولى قوله تعالى :   { اتخذوا أيمانهم جنة    }  ليس يرجع إلى قوله : { نشهد إنك لرسول الله    } وإنما يرجع إلى سبب الآية الذي نزلت عليه ، وهو ما روي في الصحيح بألفاظ مختلفة ، منها عن  أبي إسحاق  عن  زيد بن أرقم  قال {   : كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي  يقول : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ، ولئن رجعنا إلى المدينة  ليخرجن الأعز منها الأذل ، فذكرت ذلك لعمي ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني فجئته ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي  وأصحابه . فحلفوا ما قالوا ; فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه ، فأصابني هم لم يصبني مثله فجلست في البيت ، فقال عمي : ما أردت إلا إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك ، فأنزل الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون    } فبعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله قد صدقك   } . 
فتبين بهذا أن قوله تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة    } إشارة إلى أن ابن أبي  حلف أنه ما قال . وقد قال . وليس ذلك براجع إلى قوله تعالى : { نشهد إنك لرسول الله    } فاعلموه .  [ ص: 221 ] المسألة الثانية هذه اليمين كانت غموسا كاذبة من عديم الإيمان ; فهي موجبة للنار ، أما عدم إيمانه فبقوله تعالى : { ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون    } . 
وأما عدم الثواب فيهم ووجوب العقاب لهم فبآيات الوعيد الواردة في الكفار . وقد كثر ذلك في القرآن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					