. المسألة الثانية قوله تعالى : { وذكر اسم ربه فصلى    } . [ إذا قلنا : إنه ] الذكر الثاني باللسان المخبر عن ذكر القلب المعبر عنه بأنه مشروع في الصلاة مفتتح به في أولها باتفاق من الأئمة ; لكنهم اختلفوا في تعيينه ; فمنهم من قال : إنه كل ذكر حتى لو قال : " سبحان الله " بدل التكبير  أجزأه ، بل لو قال بدل ( الله أكبر ) : بزرك خداي  لأجزأه ، منهم  أبو حنيفة    . 
وقال  أبو يوسف    : يجزئه " الله الكبير " والله أكبر ، والله الأكبر . 
وقال  الشافعي    : يجزئه الله أكبر والله الأكبر . [ وقال  مالك    : لا يجزئه إلا قوله : ] الله أكبر . 
فأما تعلق  أبي حنيفة  في الذكر بالعجمية بقوله تعالى : { إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى    } فيأتي ذكر وجه التقصي عنه في الآية التي بعد هذه إن شاء الله تعالى . 
وأما قوله : إنه الذكر مطلقا بقوله العام : { وذكر اسم ربه فصلى    } فهذا العام قد عينه قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ; أما قوله فهو في الحديث المشهور : { تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم   } . وأما الفعل فإنه كان يقول في صلاته كلها : الله أكبر .  [ ص: 330 ] وأما التعلق  للشافعي  بقوله : إن زيادة الألف واللام فيه لا تغير بناءه ولا معناه . 
فالجواب أن التعبد إذا وقع بقول أو فعل لم يجز أن يعبر عما شرع فيه بما لا يغير ; لأنها شرعة في الشريعة ، واعتبار من غير اضطرار ; وذلك لا يجوز . 
وجواب ثان ; وذلك أن الألف واللام تدخل للجنس وللعهد ، وكلاهما ممنوع هاهنا ، أما الجنس فإن البارئ تعالى لا جنس له . وأما العهد فلأن التعبير بالكبرية عن الله تعالى وصف ، فلا معنى للزيادة فيه حيث لا تتصور الزيادة . وإذا بطل مذهب  الشافعي  فمذهب  أبي يوسف  أبطل . 
فإن قيل : قوله : { وذكر اسم ربه فصلى    } عموم في كل ذكر ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر في الصلاة تخصيص لبعض ذلك العموم ، فيحمل على الاستحباب ، وإنما كان يحمل على الوجوب لو كان بيانا لمجمل واحد . وهذا سؤال قوي لأصحاب  أبي حنيفة  ، وقد تقصينا عنه في مسائل الخلاف ، ونعول الآن هنا على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صلوا كما رأيتموني أصلي   } . وهو إنما كان يكبر ولا يتعرض لكل ذكر ، فتعين التكبير بأمره باتباعه في صلاته ، فهو المبين لذلك كله . 
				
						
						
