المسألة الخامسة : أما الطيب والزينة    : فقد روي عن الحسن  أنه جوز ذلك لها احتجاجا بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { قال  لأسماء بنت عميس  حين مات جعفر    : أمسكي ثلاثا ، ثم افعلي ما بدا لك   } وهذا حديث باطل . 
روى الأئمة بأجمعهم عن  زينب بنت أبي سلمة  عن  أم سلمة  عن النبي صلى الله عليه وسلم { أن امرأة جاءت إليه فقالت له : إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينيها أفتكحلهما ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، مرتين أو ثلاثا ثم قال : إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول   } . 
قالت زينب    : وكانت المرأة إذا توفي عنها زوجها لبست شر ثيابها ، ودخلت حفشا فلم تمس طيبا حتى تمر بها سنة ، ثم تؤتى بدابة ، حمار أو شاة أو طير فتفتض به ، فقل ما تفتض بشيء إلا مات ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب وغيره . 
 [ ص: 282 ] ولو صح حديث  أسماء  فقد قال علماؤنا : إن التسلب هو لباس الحزن ، وهو معنى غير الإحداد . 
وأما الخروج فعلى ثلاثة أوجه : 
الأول : خروج انتقال ، ولا سبيل إليه عند عامة العلماء إلا ما روي عن  ابن عباس   وعطاء   وسفيان الثوري    ; لاعتقادهم أن آية الإخراج لم تنسخ ، وقد تقدم بيان ذلك . 
الثاني : خروج العبادة ، كالحج والعمرة قال  ابن عباس   وعطاء    : يحججن لأداء الفرض عليهن ، وقد قال  عمر   وابن عمر    : لا يحججن ; وقد كان  عمر  رضي الله عنه يرد المعتدات من البيداء يمنعهن الحج ; فرأي  عمر  في الخلفاء ورأي  مالك  في العلماء وغيرهم أن عموم فرض التربص في زمن العدة  مقدم على عموم زمان فرض الحج ، لا سيما إن قلنا إنه على التراخي . وإن قلنا على الفور فحق التربص آكد من حق الحج ; لأن حق العدة لله تعالى ثم للآدمي في صيانة مائه وتحرير نسبه ; وحق الحج خاص لله سبحانه . 
الثالث : خروجها بالنهار للتصرف ورجوعها بالليل ; قاله  ابن عمر  وغيره ، ويكون خروجها في السحر ورجوعها عند النوم ، فراعوا المبيت الذي هو عمدة السكنى ومقصوده ، وإليه ترجع حقيقة المأوى . 
فإن قيل ، وهي : المسألة السادسة : لم ير أحد مبيت ليلة أو ثلاث سكنى للبائت حيث بات ، ولا خروجا عن السكنى ، فما بالهم في العدة قالوا : خروج ليلة خروج ؟ قلنا : المعنى فيه والله أعلم أن حق الخروج متعلق المبيت فاحتيط له ، والحي يحمي شوله معقولا ، فلم يعتبر ذلك فيه . 
 [ ص: 283 ] المسألة السابعة : الآية عامة في كل متزوجة ، مدخول بها أو غير مدخول بها ، صغيرة أو كبيرة ، أمة أو حرة ، حامل أو غير حامل كما تقدم . 
وهي خاصة في المدة ; فإن كانت أمة فتعتد نصف عدة الحرة إجماعا ، وإلا ما يحكى عن الأصم  فإنه سوى فيه بين الحرة والأمة ، وقد سبقه الإجماع ، لكن لصممه لم يسمع به ، وإذا انتصف فمن العلماء من قال : إنها شهران وخمس ليال ، وهو  مالك  ، ورأيت لغيره ما لم أرض أن أحكيه . 
				
						
						
