الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قوله تعالى : ( لا إكراه ) : عموم في نفي إكراه الباطل ; فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين ; وهل يقتل الكافر إلا على الدين ; قال صلى الله عليه وسلم : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله } .

                                                                                                                                                                                                              وهو مأخوذ من قوله تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله }

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 311 ] وبهذا يستدل على ضعف قول من قال : إنها منسوخة ، فإن قيل : فكيف جاز الإكراه بالدين على الحق ، والظاهر من حال المكره أنه لا يعتقد ما أظهر ؟ .

                                                                                                                                                                                                              الجواب : أن الله سبحانه بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إليه ، ويوضح لهم السبيل ، ويبصرهم الدليل ، ويحتمل الإذاية والهوان في طريق الدعوة والتبيين ، حتى قامت حجة الله ، واصطفى الله أولياءه ، وشرح صدورهم لقبول الحق ; فالتفت كتيبة الإسلام ، وائتلفت قلوب أهل الإيمان ، ثم نقله من حال الإذاية إلى العصمة ، وعن الهوان إلى العزة ، وجعل له أنصارا بالقوة ، وأمره بالدعاء بالسيف ; إذ مضى من المدة ما تقوم به الحجة ، وكان من الإنذار ما حصل به الإعذار .

                                                                                                                                                                                                              جواب ثان : وذلك أنهم يؤخذون أولا كرها ، فإذا ظهر الدين وحصل في جملة المسلمين ، وعمت الدعوة في العالمين حصلت لهم بمثافنتهم وإقامة الطاعة معهم النية ; فقوي اعتقاده ، وصح في الدين وداده ، إن سبق لهم من الله تعالى توفيق ، وإلا أخذنا بظاهره وحسابه على الله .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية