المسألة الثالثة : قوله سبحانه وتعالى : { مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا    } كان أشياخنا قد اختلفوا عن  مالك  في قسمة المتروك على الفرائض إذا كان فيه تغيير عن حاله  كالحمام وبدء الزيتون والدار التي تبطل منافعها بإبراز أقل السهام منها ; فكان  ابن كنانة  يرى ذلك ; لقوله تعالى : { مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا    } وكان ابن القاسم  يروي عنه أن ذلك لا يجوز ; لما فيه من المضارة ; وقد نفى الله سبحانه وتعالى المضارة بقوله سبحانه : { غير مضار    } وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : { لا ضرر ولا ضرار   } . 
وهذا بعيد فإنه ليس في الآية تعرض للقسمة ; وإنما اقتضت الآية وجوب الحظ والنصيب في التركة قليلا كان أو كثيرا ; فقال سبحانه وتعالى : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون    } وهذا ظاهر جدا ; فأما إبراز ذلك النصيب فإنما يؤخذ من دليل آخر ; وذلك أن الوارث يقول : قد وجب لي نصيب بقول الله سبحانه فمكنوني منه . فيقول له شريكه : أما تمكينك على الاختصاص فلا يمكن ; لأنه يؤدي إلى ضرر بيني وبينك من إفساد المال وتغيير الهيئة وتنقيص القيمة ، فيقع الترجيح .  [ ص: 428 ] والأظهر سقوط القسمة فيما يبطل المنفعة وينقص القيمة . 
				
						
						
