الآية الثالثة والأربعون : 
قوله تعالى : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها  أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا    } . فيها سبع مسائل : المسألة الأولى : التحية تفعلة من حي ، وكان الأصل فيها ما روي في الصحيح : { أن الله تعالى خلق آدم  على صورته طوله ستون ذراعا ، ثم قال له : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة ، فاستمع ما يحيونك به ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك ; فقال : السلام عليكم . فقالت له : وعليك السلام ورحمة الله   } إلا أن الناس قالوا : إن كل من كان  [ ص: 589 ] يلقى أحدا في الجاهلية يقول له : اسلم ، عش ألف عام ، أبيت اللعن . فهذا دعاء في طول الحياة أو طيبها بالسلامة من الذام أو الذم ، فجعلت هذه اللفظة والعطية الشريفة بدلا من تلك ، وأعلمنا أن أصلها آدم    . 
المسألة الثانية : قوله تعالى : { وإذا حييتم    } : فيها ثلاثة أقوال : 
الأول : روى  ابن وهب  وابن القاسم  عن  مالك  أن قوله تعالى : { وإذا حييتم    } أنه في العطاس والرد على المشمت . 
الثاني : إذا دعي لأحدكم بطول البقاء فردوا عليه أو بأحسن منه . 
الثالث : إذا قيل : سلام عليكم ، وهو الأكثر . 
وقد روى  عبد الله بن عبد الحكم  عن أبي بكر بن عبد العزيز  ، عن  مالك بن أنس  أنه كتب إلى  هارون الرشيد  جواب كتاب ، فقال فيه : بسم الله الرحمن الرحيم والسلام لهذه الآية : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها    } . فاستشهد  مالك  في هذا بقول  ابن عباس  في رد الجواب إذا رجع الجواب على حق . كما روي رجع المسلم . 
المسألة الثالثة : قوله تعالى : { فحيوا بأحسن منها أو ردوها    } : فيها قولان : 
أحدهما : أحسن منها أي الصفة ، إذا دعا لك بالبقاء فقل : سلام عليكم ، فإنها أحسن منها فإنها سنة الآدمية ، وشريعة الحنيفية . 
الثاني : إذا قال لك سلام عليك فقل : وعليك السلام ورحمة الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					