المسألة الثانية : في صفة النجوى : ثبت عن  ابن عمر  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد    } . 
واختلف في ذلك على أربعة أقوال :  [ ص: 628 ] 
الأول : ما جاء في الحديث الصحيح : فإن ذلك يحزنه ، وهو ضرر ; والضرر لا يحل بإجماع ، وبالنص : { لا ضرر ولا ضرار   } . 
الثاني : أن ذلك كان في صدر الإسلام حين كان الناس بين مؤمن وكافر ومنافق ومخلص ، حتى فشا الإسلام فسقط اعتبار ذلك . 
الثالث : أن ذلك في السفر حيث يتوقع الرجل على نفسه من حيلة لا يمكنه دفعها . 
الرابع : أنه من حسن الأخلاق وجميل الأدب ; وهو راجع إلى الأول . 
والصحيح بقاء النهي وتمادي الأمر وعمومه في الحضر والسفر . والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث . { مخافة أن يحزنه   } . وأيضا فإن  ابن عمر  كان يمشي مع  عبد الله بن دينار  ، فأراد رجل أن يكلمه فدعا رابعا ، وأوقفه مع  عبد الله بن دينار  ريثما تكلم الرجل . 
المسألة الثالثة : قال ابن القاسم  عن  مالك    : لا يتناجى ثلاثة دون يعني أربع ، وهذا صحيح ; لأن العلة إذا علمت بالنظر اطردت حيثما وجدت ، وتعلق الحكم بها أينما كانت . وقد بينا أن علة النهي تحزين الواحد ، وهو موجود في كل موضع ، وكلما كثر العدد كان التحزين أكثر ، فيكون المنع آكد . 
المسألة الرابعة : إذا ثبت أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم معلل بتحزين الواحد فإذا استأذنه فأذن له جاز ولم يحرم . والله عز وجل أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					