الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              إذا قال لزوجه : روحك طالق ; فاختلف علماؤنا فيه على قولين . وكذا لو قال لها : حياتك طالق ، فيها قولان . وكذلك مثله كلامك طالق . واختلف أصحاب الشافعي كاختلافنا ، واستمر أبو حنيفة على أن الطلاق لا يلزمه في شيء من ذلك ; فأما إذا قال لها : كلامك طالق ; فلا إشكال فيه . فإن الكلام حرام سماعه ، فهو من محللات النكاح فيلحقه الطلاق .

                                                                                                                                                                                                              وأما الروح والحياة فليس للنكاح فيهما متعلق ، فوجه وقوع الطلاق بتعليقه عليهما خفي ، وهو أن بدنها الذي فيه المتاع لا قوام له إلا بالروح والحياة . وهو باطن فيها ; فكأنه قال لها : باطنك طالق ، فيسري الطلاق إلى ظاهرها فإنه إذا تعلق الطلاق بشيء منها سرى إلى الباقي .

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة : لا يسري ، وهي مسألة خلاف كبيرة تكلمنا عليها في قوله : يدك طالق . وتحقيق القول فيه أنه إذا طلق منها شيئا وحرمه على نفسه ، فلا يخلو أن يقف حيث قال ، ولا يتعدى ، أو يسري كما قلنا أو يلغو . ومحال أن يلغو لأنه كلام صحيح أضافه إلى محل بحكم صحيح جائز فنفذ كما لو قال : وأمك طالق أو ظهرك ، ومحال أن يقف حيث قال ; لأنه يؤدي إلى تحريم بعضها وتحليل بعضها . وذلك محال شرعا ، وهذا بالغ ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية