( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين    ( 20 ) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون   ( 21 ) وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون   ( 22 ) أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون   ( 23 ) إني إذا لفي ضلال مبين   ( 24 ) إني آمنت بربكم فاسمعون   ( 25 ) ) . 
قال ابن إسحاق   - فيما بلغه عن ابن عباس   وكعب الأحبار   ووهب بن منبه   - : إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى ، أي : لينصرهم من قومه - قالوا : وهوحبيب  ، وكان يعمل الجرير - وهو الحبال - وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام ، وكان كثير الصدقة ، يتصدق بنصف كسبه ، مستقيم النظرة . 
وقال ابن إسحاق  عن رجل سماه ، عن الحكم ،  عن مقسم   - أو : عن مجاهد   - عن ابن عباس  قال : [ كان ] اسم صاحب يس حبيبا ،  وكان الجذام قد أسرع فيه . 
وقال الثوري ،  عن عاصم الأحول  ، عن أبي مجلز   : كان اسمه حبيب بن مرى   . 
وقال شبيب بن بشر  ، عن عكرمة ،  عن ابن عباس   [ أيضا ] قال : اسم صاحب يس حبيب النجار  ، فقتله قومه . 
وقال  السدي   : كان قصارا . وقال عمر بن الحكم   : كان إسكافا   . وقال قتادة   : كان يتعبد في غار هناك . 
( قال ياقوم اتبعوا المرسلين   ) : يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم ، ( اتبعوا من لا يسألكم أجرا   ) أي : على إبلاغ الرسالة ، ( وهم مهتدون   ) فيما يدعونكم إليه ، من عبادة الله وحده لا شريك له . 
 [ ص: 571 ]  ( وما لي لا أعبد الذي فطرني   ) أي : وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له ، ( وإليه ترجعون   ) أي : يوم المعاد ، فيجازيكم على أعمالكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . 
( أأتخذ من دونه آلهة   ) ؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ، ( إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون   ) أي : هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه لا يملكون من الأمر شيئا . فإن الله لو أرادني بسوء ، ( فلا كاشف له إلا هو   ) [ يونس : 107 ] وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه ، ولا ينقذونني مما أنا فيه ، ( إني إذا لفي ضلال مبين   ) أي : إن اتخذتها آلهة من دون الله . 
وقوله : ( إني آمنت بربكم فاسمعون   ) : قال ابن إسحاق   - فيما بلغه عن ابن عباس  وكعب  ووهب   - يقول لقومه : ( إني آمنت بربكم   ) الذي كفرتم به ، ( فاسمعون   ) أي : فاسمعوا قولي . 
ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله : ( إني آمنت بربكم   ) أي : الذي أرسلكم ، ( فاسمعون   ) أي : فاشهدوا لي بذلك عنده . وقد حكاه ابن جرير  فقال : وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل ، وقال لهم : اسمعوا قولي ، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، إني [ قد ] آمنت بربكم واتبعتكم . 
وهذا [ القول ] الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى ، والله أعلم . 
قال ابن إسحاق   - فيما بلغه عن ابن عباس  وكعب  ووهب   - : فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، ولم يكن له أحد يمنع عنه . 
وقال قتادة   : جعلوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : " اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون " . فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك ، فقتلوه ، رحمه الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					