الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3073 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل وقوله الحق إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها فإن عملها فاكتبوها بمثلها فإن تركها وربما قال لم يعمل بها فاكتبوها له حسنة ثم قرأ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وقوله الحق ) جملة حالية ( إذا هم ) أي أراد كما في بعض روايات الشيخين .

                                                                                                          قال الحافظ : ورد ما يدل على أن مطلق الهم والإرادة لا يكفي ، فعند أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث خريم بن فاتك رفعه : " ومن هم بحسنة يعلم الله أنه قد أشعر بها قلبه [ ص: 358 ] وحرص عليها " . وقد تمسك به ابن حبان فقال بعد إيراد حديث الباب في صحيحه : المراد بالهم هنا العزم ثم قال ويحتمل أن الله يكتب الحسنة بمجرد الهم بها وإن لم يعزم عليها زيادة في الفضل ( فاكتبوها له ) أي للذي هم بالحسنة . وقيل دليل على أن الملك يطلع على ما في قلب الآدمي إما بإطلاع الله إياه أو بأن يخلق له علما يدرك به ذلك . ويؤيد الأول ما أخرجه ابن أبي الدنيا عن أبي عمران الجوني قال : ينادي الملك اكتب لفلان كذا وكذا فيقول يا رب إنه لم يعمله . فيقول إنه نواه ، وقيل بل يجد الملك للهم بالسيئة رائحة خبيثة وبالحسنة رائحة طيبة . وأخرج ذلك الطبري عن أبي معشر المدني وجاء مثله عن سفيان بن عيينة .

                                                                                                          قال الحافظ : ورأيت في شرح مغلطاي أنه ورد مرفوعا قال الطوفي : إنما كتبت الحسنة بمجرد الإرادة ; لأن إرادة الخير سبب إلى العمل ، وإرادة الخير خير لأن إرادة الخير من عمل القلب . واستشكل بأنه إذا كان كذلك فكيف لا تضاعف لعموم قوله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأجيب بحمل الآية على عمل الجوارح والحديث على الهم المجرد ( فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها ) وفي حديث ابن عباس عند البخاري من طريق عبد الرزاق عن جعد عن أبي رجاء العطاردي : فإن هو هم بها فعملها كتب الله له بها عنده عشر حسنات .

                                                                                                          قال الحافظ : يؤخذ منه رفع توهم أن حسنة الإرادة تضاف إلى عشرة التضعيف فتكون الجملة إحدى عشرة على ما هو ظاهر رواية جعفر بن سليمان عند مسلم ولفظه : فإن عملها كتبت له عشر أمثالها ، وكذا في حديث أبي هريرة وفي بعض طرقه احتمال . ورواية عبد الوارث في الباب ظاهرة فيما قلته وهو المعتمد . انتهى ( فإن تركها ) زاد البخاري في روايته في التوحيد من أجلي .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية