[ ص: 223 ] ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائة 
فيها اجتمعت الخوارج  بعد الخيبري  على شيبان بن عبد العزيز بن الحليس اليشكري الخارجي  فأشار عليهم سليمان بن هشام  أن يتحصنوا بالموصل   ويجعلوها منزلا لهم ، فتحولوا إليها ، وتبعهم مروان بن محمد  أمير المؤمنين ، فعسكروا بظاهرها ، وخندقوا عليهم مما يلي جيش مروان  وقد خندق مروان  على جيشه أيضا من ناحيتهم ، وأقام سنة يحاصرهم ويقتتلون في كل يوم بكرة وعشية ، وظفر مروان  بابن أخ لسليمان بن هشام  وهو أمية بن معاوية بن هشام  ، أسره بعض جيشه ، فأمر به فقطعت يداه ، ثم ضربت عنقه ، وعمه سليمان  والجيش ينظرون إليه . وكتب مروان  إلى نائبه بالعراق  يزيد بن عمر بن هبيرة  يأمره بقتال الخوارج  الذين في بلاده ، فجرت له معهم وقعات عديدة ، فظفر بهم ابن هبيرة  وأباد خضراءهم ، ولم يبق لهم بقية بالعراق  واستنقذ الكوفة  من أيديهم ، وكان عليها المثنى بن عمران العائذي    - عائذة قريش    - في رمضان من هذه السنة ، وكتب مروان  إلى ابن هبيرة  لما فرغ من الخوارج  أن يمده بعامر بن ضبارة    - وكان من الشجعان - فبعثه في ستة آلاف أو ثمانية آلاف ، فأرسلت الخوارج  إليه سرية في أربعة آلاف ، فاعترضوه في الطريق ، فهزمهم ابن ضبارة  وقتل أميرهم الجون بن كلاب الشيباني الخارجي  وأقبل نحو الموصل  ،   [ ص: 224 ] ورجع فل الخوارج  إليهم ، فأشار سليمان بن هشام  عليهم أن يرتحلوا عن الموصل  ، فإنه لم يكن يمكنهم الإقامة بها ومروان  من أمامهم وابن ضبارة  من ورائهم ، قد قطع عنهم الميرة حتى لم يجدوا شيئا يأكلونه ، فارتحلوا عنها ، وساروا على حلوان  إلى الأهواز  فأرسل مروان  ابن ضبارة  في آثارهم في ثلاثة آلاف ، فاتبعهم يقتل من تخلف منهم ، ويلحقهم في مواطن فيقاتلهم ، وما زال وراءهم حتى فرق شملهم شذر مذر ، وهلك أميرهم شيبان بن عبد العزيز اليشكري  بالأهواز  في السنة القابلة ، قتله خالد بن مسعود بن جعفر بن خليد الأزدي    . وركب سليمان بن هشام  في مواليه وأهل بيته السفن ، وساروا إلى السند  ، ورجع مروان  من الموصل  فأقام بمنزله بحران  وقد وجد سرورا بزوال الخوارج  ولكن لم يتم سروره ، بل أعقبه القدر من هو أقوى شوكة ، وأعظم أتباعا ، وأشد بأسا من الخوارج  ، وهو ظهور  أبي مسلم الخراساني   الداعية إلى دولة بني العباس    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					