[ ص: 272 ] ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائتين 
فيها دخل بغا الكبير  ومعه منكجور ، قد أعطى الطاعة بالأمان . 
وفيها عزل المعتصم  جعفر بن دينار  عن نيابة اليمن ،   وغضب عليه ، وولى اليمن  إيتاخ    . 
وفيها وجه عبد الله بن طاهر  بالمازيار ،   فدخل بغداد  على بغل بإكاف لخمس خلون من ذي القعدة ، فضربه المعتصم  بين يديه أربعمائة وخمسين سوطا ثم سقي الماء حتى مات ، وأمر بصلبه إلى جنب بابك الخرمي  وأقر في ضربه أن الأفشين  كان يكاتبه ويحسن له خلع الطاعة ، فغضب المعتصم  على الأفشين  وأمر بسجنه ، فبني له مكان كالمنارة من دار الخلافة يسمى الكوة ، إنما يسعه فقط ، وذلك حين تحقق الخليفة أنه كان يريد مخالفته والخروج عليه ، وأنه يعزم على الذهاب إلى بلاد الخزر ليستجيش بهم على المسلمين ، فعاجله الخليفة بالقبض عليه قبل ذلك كله ، وعقد له المعتصم  مجلسا فيه قاضيه  أحمد بن أبي دواد المعتزلي ،  ووزيره محمد بن عبد الملك بن الزيات ،   [ ص: 273 ] ونائبه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب ،  فاتهم الأفشين  في هذا المجلس بأشياء تدل على أنه باق على دين أجداده من الفرس ؛ منها أنه غير مختتن ، فاعتذر أنه يخاف ألم ذلك ، فقال له الوزير وهو الذي كان يناظره من بين القوم : فأنت تطاعن بالرماح في الحروب ولا تخاف من طعنها ، وتخاف من قطع قلفة ببدنك ؟ ! ومنها أنه ضرب رجلين إماما ومؤذنا ، كل واحد ألف سوط ؛ لأنهما هدما بيت أصنام فاتخذاه مسجدا ، وأنه عنده كتاب " كليلة ودمنة " وفيه الكفر ، وهو محلى بالجواهر ، والذهب ، فاعتذر أنه ورثه من آبائه ، واتهم بأن الأعاجم يكاتبونه فتقول : إلى إله الآلهة من عبيده ، وأنه يقرهم على ذلك ، فجعل يعتذر بأنه أجراهم على ما كانوا يكاتبون به آباءه وأجداده وخاف أن يأمرهم بترك ذلك فيتضع عندهم . فقال له الوزير    : ويحك ، فماذا أبقيت لفرعون  حين قال : أنا ربكم الأعلى ؟ وأنه كان يكاتب المازيار  بأن يخرج عن الطاعة ، وأنه في ضيق حتى ينصر دين المجوس الذي كان قديما ، ويظهره على دين العرب والمغاربة والأتراك ، وأنه كان يستطيب المنخنقة على المذبوحة ، وأنه كان في كل يوم أربعاء يستدعي بشاة سوداء ، فيضربها بالسيف نصفين ، ويمشي بينهما ثم يأكلهما ، فعند ذلك أمر المعتصم  بغا الكبير  أن يسجنه مهانا ذليلا ، فجعل يقول : إني كنت أتوقع منكم ذلك . 
 [ ص: 274 ] وفي هذه السنة حمل عبد الله بن طاهر  الحسن بن الأفشين  وزوجته أترجة بنت أشناس  إلى سامرا    . وحج بالناس فيها محمد بن داود    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					