[ ص: 333 ] ثم دخلت سنة إحدى وستين وثلاثمائة  
في عاشر المحرم منها عملت الروافض  ببغداد  البدعة التي تقررت من النوح على الحسين بن علي  رضي الله عنه وقبحهم . وفي المحرم منها أغارت الروم  على الجزيرة  وديار بكر  ، فقتلوا خلقا كثيرا من أهل الرها  وساروا في البلاد كذلك يقتلون ويأسرون ويغنمون ، إلى أن وصلوا نصيبين  وفعلوا كذلك ببلاد بكر  ، ولم يغن عن أهل تلك النواحي أبو تغلب بن حمدان  متوليها شيئا ، ولم يكن عنده دفاع ولا له قوة ، فعند ذلك ذهب أهل الجزيرة  إلى بغداد  يستنصرون ويستصرخون ، فرثى لهم أهل بغداد  وأرادوا إدخالهم على الخليفة المطيع لله  فلم يمكن ذلك ، وكان بختيار بن معز الدولة  مشغولا بالصيد ، فذهبت الرسل وراءه ، فبعث الحاجب  سبكتكين  يستنفر الناس ، فتجهز خلق كثير من العامة ، وكتب إلى أبي تغلب  أن يعد الميرة والإقامات ، فأظهر السرور بذلك والفرح والابتهاج ، ولما تجهزت العامة للغزاة ، وقعت بينهم فتنة شديدة ; بين الروافض  والسنة ، فأحرقت السنة دور الروافض  بالكرخ  ، وقالوا : الشر كله منكم . وصارت العيارون ببغداد  يأخذون أموال الناس ، وتناقض النقيب أبو أحمد   [ ص: 334 ] الموسوي  والوزير أبو الفضل الشيرازي  ، وأرسل بختيار بن معز الدولة  إلى الخليفة يطلب منه أموالا يستعين بها في هذه الغزوات ، فبعث إليه يقول : لو كان الخراج يجبى إلي لدفعت منه ما يحتاج المسلمون إليه ، ولكن أنت تصرف منه ما للمسلمين به ضرورة ، وأما أنا فليس عندي شيء أبعث به إليك ، فترددت البرد بينهما ، وأغلظ بختيار للخليفة في ذلك وتهدده ، فاحتاج الخليفة أن يحصل له شيئا ، فباع بعض ثياب بدنه وشيئا من أثاثه ، ونقض بعض سقوف داره ، وحصل أربعمائة ألف درهم ، فصرفها بختيار في مصالح نفسه ، وأبطل تلك الغزاة ، فتغمم الناس للخليفة ، وساءهم ما فعل ابن بويه  من أخذه مال الخليفة وتركه الجهاد في سبيل الله ، فلا جزاه الله خيرا عن المسلمين ، ولا عن إمامهم . 
وفيها تسلم أبو تغلب بن حمدان  قلعة ماردين  فنقل حواصلها وما فيها إلى الموصل    . 
وفيها اصطلح الأمير منصور بن نوح الساماني  صاحب خراسان  هو وركن الدولة بن بويه  وابنه عضد الدولة  ، على أن يحملا إليه في كل سنة مائة ألف دينار وخمسين ألف دينار ، وتزوج بابنة ركن الدولة  ، فحمل إليه من الهدايا والتحف ما لا يحد ولا يوصف . 
وفي شوال منها خرج المعز الفاطمي  بأهله وحاشيته وجنوده من مدينة   [ ص: 335 ] المنصورة  من بلاد المغرب  قاصدا البلاد المصرية ، بعدما مهد له مولاه جوهر القائد  أمرها ، وأطدها له وبنى له بها القصرين ، واستخلف المعز الفاطمي  على بلاد المغرب  ونواحيها وصقلية  وأعمالها نوابا من حزبه وأنصاره من أهل تلك البلاد ، واستصحب معه شاعره محمد بن هانئ الأندلسي  ، فتوفي في أثناء الطريق ، على ما سنذكره ، وكان قدوم المعز  إلى القاهرة  في رمضان من السنة الآتية ، على ما سيأتي . 
وفيها حج بالناس الشريف أبو أحمد الموسوي النقيب  على الطالبيين  كلهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					