وفيها توفي من الأعيان    : 
الشيخ عماد الدين محمد بن يونس الفقيه الشافعي الموصلي ،   صاحب التصانيف والفنون الكثيرة ، كان رئيس الشافعية بالموصل ،  وبعث رسولا إلى بغداد  بعد موت نور الدين أرسلان ،  وكان عنده وسوسة كثيرة في الطهارة ، وكان يعامل في الأموال بمسألة العينة - ولو عكس الأمر لكان خيرا له - فلقيه يوما قضيب البان الموله ،  فقال له : يا شيخ بلغني عنك أنك تغسل العضو من   [ ص: 29 ] أعضائك بأباريق من الماء ، فلم لا تستنظف اللقمة التي تأكلها ليستنظف قلبك وباطنك؟! ففهم الشيخ ما أشار إليه وترك المعاملة ، وكانت وفاته بالموصل  في رجب عن ثلاث وسبعين سنة . 
ابن حمدون تاج الدين أبو سعد الحسن بن محمد بن حمدون ، ولد صاحب التذكرة الحمدونية ،  كان فاضلا بارعا ، اعتنى بجمع الكتب المنسوبة وغيرها ، وولاه الخليفة المارستان العضدي ،  وكانت وفاته بالمدائن ،  وحمل إلى مقابر قريش    . 
وفيها توفي صاحب الروم  خسروشاه بن قليج أرسلان ،  وقام بالملك بعده ولده كيكاوس ،  فلما توفي في سنة خمس عشرة ملك أخوه كيقباذ    . 
صارم الدين بزغش العادلي ،  نائب القلعة بدمشق ،  مات في صفر ، ودفن بتربته غربي الجامع المظفري ، وهو الذي نفى الحافظ عبد الغني المقدسي  إلى مصر ،  وبين يديه كان عقد المجلس ، وكان في جملة من قام عليه ابن الزكي  والخطيب الدولعي ،  وقد توفوا أربعتهم وغيرهم ممن قام عليه ، واجتمعوا عند ربهم الحكم العدل سبحانه . 
 [ ص: 30 ] الأمير فخر الدين سركس ، ويقال له : جهاركس  أحد أمراء الدولة الصلاحية ، وإليه تنسب قباب سركس  بالسفح تجاه تربة خاتون ، وبها قبره . قال ابن خلكان    : وهو الذي بنى القيسارية الكبرى بالقاهرة  المنسوبة إليه ، وبنى في أعلاها مسجدا معلقا وربعا ، وقد ذكر جماعة من التجار أنهم لم يروا لها نظيرا في البلدان في حسنها وعظمها وإحكام بنائها . قال : وجهاركس بمعنى أربعة أنفس . 
قلت : وقد كان نائبا للعادل على بانياس  وتبنين  وهونين ،  فلما توفي ترك ولدا صغيرا ، فأقره العادل  على ما كان يليه أبوه ، وجعل له مدبرا وهو الأمير صارم الدين خطلبا التبنيني ،  ثم استقل بها بعد موت الصبي إلى سنة خمس عشرة . 
الشيخ الكبير المعمر الرحلة أبو القاسم أبو بكر أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري ،  سمع أباه وجد أبيه وغيرهما ، وعنه ابن الصلاح  وغيره ، وكانت وفاته بنيسابور  في شعبان هذه   [ ص: 31 ] السنة عن خمس وثمانين سنة . 
قاسم الدين التركماني العقيبي ،  والد والي البلد ، كانت وفاته في شوال من هذه السنة . والله أعلم . 
				
						
						
