[ ص: 32 ] ثم دخلت سنة تسع وستمائة 
 فيها اجتمع العادل  وأولاده; الكامل  والمعظم  والفائز  بدمياط  من بلاد مصر  في مقاتلة الفرنج ،  فاغتنم غيبتهم سامة الجبلي أحد أكابر الأمراء ، وكانت بيده قلعة عجلون وكوكب ، فسار مسرعا إلى دمشق  ليستلم البلدين ، فأرسل العادل  في إثره ولده المعظم  صاحب الشام  فسبقه إلى القدس الشريف  وحمل إليه ، فرسم عليه في كنيسة صهيون ، وكان شيخا كبيرا قد أصابه النقرس ، فشرع يرده إلى الطاعة بالملاطفة ، فلم ينفع فيه ، فاستولى على حواصله وأملاكه وأمواله ، وأرسله فاعتقله بقلعة الكرك  ، وكان قيمة ما أخذه منه قريبا من ألف ألف دينار ، من ذلك داره وحمامه داخل باب السلامة ، وداره هي التي جعلها البادرائي  مدرسة للشافعية ، وخرب حصن كوكب ، ونقلت حواصله إلى حصن الطور الذي استجده العادل وولده المعظم . 
وفيها عزل الوزير صفي الدين بن شكر ،  واحتيط على أمواله ونفي إلى الشرق ، وهو الذي كان قد كتب إلى الديار المصرية بنفي الحافظ عبد الغني  منها إلى المغرب ،  فتوفي الحافظ  قبل أن يصل كتابه ، وكتب الله عز وجل بنفيه إلى الشرق . 
 [ ص: 33 ] وفيها استولى صاحب قبرس  لعنه الله ، على مدينة أنطاكية  ، فحصل بسببه شر عظيم ، وتمكن من الغارات على بلاد المسلمين ، لاسيما على التراكمين الذين حول بلدة أنطاكية    ; قتل منهم خلقا كثيرا ، وغنم من أغنامهم شيئا كثيرا ، فقدر الله عز وجل ، أن أمكنهم منه في بعض الأودية ، فقتلوه وطافوا برأسه في تلك البلاد كلها ، ثم أرسلوا رأسه إلى الملك العادل بالديار المصرية ، فطيف به هنالك ، وهو الذي أغار على بلاد مصر  من ثغر دمياط  مرتين ، فقتل وسبى . 
وفي ربيع الأول منها توفي الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن العادل  صاحب خلاط  ، يقال : إنه قد سفك الدماء ، وأساء السيرة إلى أهلها ، فقصف الله عمره ، ووليها بعده أخوه الملك الأشرف موسى بن العادل ،  وكان محمود السيرة ، جيد السريرة ، فأحسن إليهم ، فأحبوه كثيرا . 
				
						
						
