ترجمة باب جيرون  المشهور بدمشق  
الذي كان هلاكه وذهابه وكسره في هذه السنة ، وهو باب شرقي جامع دمشق  ، لم ير باب أوسع ولا أعلى منه فيما يعرف من الأبنية في الدنيا ، وله غلقان من نحاس أصفر بمسامير من نحاس أصفر أيضا بارزة ، من عجائب الدنيا ومحاسن دمشق  ومعالمها ، وقد تم بناؤها ، وقد ذكرته العرب في أشعارها والناس ، وهو منسوب إلى ملك يقال له : جيرون بن سعد بن عاد بن عوص   [ ص: 540 ] بن إرم بن سام بن نوح ،  وهو الذي بناه ، وكان بناؤه له قبل الخليل عليه السلام ،  بل قبل ثمود  وهود  أيضا ، على ما ذكره الحافظ  ابن عساكر  في " تاريخه " وغيره ، وكان فوقه حصن عظيم ، وقصر منيف ، ويقال : بل هو منسوب إلى اسم المارد الذي بناه لسليمان عليه السلام ،  وكان اسم ذلك المارد جيرون    . والأول أظهر وأشهر ، فعلى الأول يكون لهذا الباب من المدد المتطاولة ما يقارب خمسة آلاف سنة ، ثم كان انجعاف هذا الباب لا من تلقاء نفسه ، بل بالأيدي العادية عليه; بسبب ما ناله من شوظ حريق اتصل إليه من حريق وقع إلى جانبه في صبيحة ليلة الاثنين السادس عشر من صفر ، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ، فتبادر ديوان الجامع ففرقوا شمله ، وقضموا ثمله ، وعروا جلده النحاس عن بدنه الذي هو من خشب الصنوبر الذي كأن الصانع قد فرغ منه يومئذ ، وقد شاهدت الفئوس تعمل فيه ولا تكاد تحيل فيه إلا بمشقة ، فسبحان الذي خلق الذين بنوه أولا ، ثم قدر أهل هذا الزمان على أن هدموه آخرا بعد هذه المدد المتطاولة ، والأمم المتداولة ، ولكن : لكل أجل كتاب    [ الرعد : 38 ]   [ ص: 541 ] ولا إله إلا رب العباد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					