الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير الكبير بدر الدين محمد بن فخر الدين عيسى بن التركمان باني جامع المقياس بديار مصر في أيام وزارته بها ، ثم عزل عنها أميرا إلى الشام ، ثم رجع إلى مصر فتوفي بها في خامس ربيع الآخر ، ودفن بالحسينية ، وكان مشكورا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 403 ] الشيخ الإمام العالم شهاب الدين أحمد بن البرهان ، شيخ الحنفية بحلب ، شارح " الجامع الكبير " ، وكان رجلا صالحا منقطعا عن الناس ، وانتفع الناس به ، وكانت وفاته ليلة الجمعة الثامن والعشرين من رجب ، وكانت له معرفة بالقرآن ، والقراءات ، والعربية ، ومشاركات في علوم أخر ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قاضي القضاة شهاب الدين محمد بن المجد عبد الله بن الحسين بن علي الزرزاري الإربلي الأصل ، ثم الدمشقي الشافعي ، قاضي قضاة الشافعية بدمشق ، ولد سنة ثنتين وستين وستمائة ، واشتغل ، وبرع ، وحصل ، وأفتى سنة ثلاث وتسعين ، ودرس بالإقبالية ، ثم الرواحية ، وتربة أم الصالح ، وولي وكالة بيت المال ، ثم صار قاضي قضاة الشام إلى أن توفي في مستهل جمادى الأولى بالمدرسة العادلية ، ودفن بمقابر باب الصغير ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام العالم زين الدين محمد بن عبد الله بن الشيخ زين الدين عمر بن مكي بن عبد الصمد بن المرحل ، مدرس الشامية البرانية والعذراوية بدمشق ، وكان قبل ذلك بمشهد الحسين ، وكان فاضلا بارعا ، فقيها أصوليا [ ص: 404 ] مناظرا ، حسن الشكل ، طيب الأخلاق ، حسن التدريس ، دينا صينا ، وناب في وقت عن الأخنائي في الحكم ، فحمدت سيرته ، توفي ليلة الأربعاء تاسع عشر رجب ، ودفن من الغد عند مسجد الذبان في تربة لهم هناك ، وحضر جنازته خلق كثير ، والقاضي جلال الدين ، وكان قدم من مصر له يومان ، وقدم بعده ابن عبد الحق بخمسة أيام هو وأهله وأولاده ، وباشر بعده تدريس الشامية البرانية ابن جملة ، توفي بعده بشهور ، وذلك يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة; وهذه ترجمته في تاريخ الشيخ علم الدين البرزالي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      توفي الشيخ الإمام العالم قاضي القضاة جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن إبراهيم بن جملة بن مسلم بن تمام بن حسين بن يوسف الصالحي الشافعي المحجي والده - بالمدرسة المسرورية ، وصلي عليه عقيب الظهر يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة ، ودفن بسفح قاسيون ، ومولده في أوائل سنة ثنتين وثمانين وستمائة ، وسمع من ابن البخاري وغيره ، وحدث ، وكان رجلا فاضلا في فنون ، اشتغل ، وحصل ، وأفتى ، وأعاد ، ودرس ، وله فضائل جمة ومباحث [ ص: 405 ] وفوائد ، وهمة عالية ، وحرمة وافرة ، وفيه تودد وإحسان وقضاء للحقوق ، وولي القضاء بدمشق نيابة واستقلالا ، ودرس بمدارس كبار ، ومات وهو مدرس الشامية البرانية ، وحضر جنازته خلق كثير من الأعيان ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام شيخ الإسلام قاضي القضاة شرف الدين أبو القاسم هبة الله ابن قاضي القضاة نجم الدين عبد الرحيم ابن القاضي شمس الدين أبي الطاهر إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله الجهني الحموي ، المعروف بابن البارزي ، قاضي القضاة بحماة ، صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة في الفنون العديدة ، ولد في خامس رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة ، وسمع الكثير ، وحصل فنونا كثيرة ، وصنف كتبا كثيرة جمة ، وكان حسن الأخلاق ، كريم المحاضرة ، حسن الاعتقاد في الصالحين ، وكان معظما عند الناس ، وأذن لجماعة من الطلبة في الإفتاء ، وعمي في آخر عمره وهو يحكم مع ذلك مدة ، ثم نزل عن المنصب لحفيده نجم الدين عبد الرحيم بن إبراهيم ، وهو مع ذلك لا يقطع نظره عن المنصب ، توفي ليلة الأربعاء العشرين من ذي القعدة بعد أن صلى العشاء والوتر ، فلم تفته فريضة ولا نافلة ، وصلي عليه من الغد ، ودفن [ ص: 406 ] بعقبة بعرين ، وله من العمر ثلاث وتسعون سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      القاضي محيي الدين بن فضل الله كاتب السر ، هو أبو المعالي يحيى بن فضل الله بن المجلي بن دعجان بن خلف العدوي العمري ، ولد في حادي عشر شوال سنة خمس وأربعين وستمائة بالكرك ، وسمع الحديث وأسمعه ، وكان صدرا كبيرا معظما في الدولة في حياة أخيه شرف الدين وبعده ، وكتب السر بالشام وبمصر ، توفي ليلة الأربعاء تاسع رمضان بمصر ، ودفن من الغد بالقرافة ، وتولى المنصب بعده ولده القاضي علاء الدين ، وهو أصغر أولاده الثلاثة المعينين بهذا المنصب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام العلامة زين الدين بن الكتاني ، شيخ الشافعية بمصر ، وهو أبو حفص عمر بن أبي الحرم بن عبد الرحمن بن يونس الدمشقي الأصل ، ولد بالقاهرة في حدود سنة ثلاث وخمسين وستمائة ، واشتغل [ ص: 407 ] بدمشق ، ثم رحل إلى مصر واستوطنها ، وتولى بها بعض الأقضية بالحكر ، ثم ناب عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ، فحمدت سيرته ، ودرس بمدارس كبار ، وولي مشيخة دار حديث بالقبة المنصورية ، وكان بارعا فاضلا ، عنده فوائد جمة كثيرة جدا ، غير أنه كان سيئ الأخلاق ، منقبضا عن الناس ، لم يتزوج قط ، وكان حسن الشكل ، بهي المنظر ، يأكل الطيبات ، ويلبس اللين من الثياب ، وله فوائد وزوائد على " الروضة " وغيرها ، وكان فيه استهتار ببعض العلماء ، فالله يسامحه ، توفي يوم الثلاثاء نصف رمضان ، ودفن بالقرافة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الإمام العلامة ركن الدين بن القوبع ، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الجليل القرشي الهاشمي الجعفري التونسي المالكي ، المعروف بابن القوبع ، كان من أعيان الفضلاء وسادة الأذكياء ، وممن جمع الفنون الكثيرة ، والعلوم الغزيرة الدينية الشرعية والطبية ، وكان مدرسا بالمنكوتمرية و له وظيفة في المارستان [ ص: 408 ] المنصوري ، وبها توفي في بكرة السابع عشر من ذي الحجة عن أربع سنين ، وترك مالا وأثاثا كثيرا ورثه بيت المال .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : فهذا آخر ما أرخه شيخنا الحافظ علم الدين البرزالي في كتابه الذي ذيل به على " تاريخ الشيخ شهاب الدين أبي شامة " ، وقد كانت وفاة البرزالي في العام القابل وهو محرم بمنزلة خليص ، وقد ذيلت على " تاريخه " رحمه الله إلى زماننا هذا ، وكان فراغي من الانتقاء من تاريخه في يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة من سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ، أحسن الله خاتمتها ، آمين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية