دخول نائب السلطنة الأمير سيف الدين أسندمر اليحياوي   
في صبيحة يوم الاثنين حادي عشر شعبان من هذه السنة كان دخول الأمير   [ ص: 598 ] سيف الدين أسندمر اليحياوي  نائبا على دمشق  من جهة الديار المصرية ، وتلقاه الناس ، واحتفلوا له احتفالا زائدا ، وشاهدته حين ترجل لتقبيل العتبة وبعضده الأمير سيف الدين بيدمر  الذي كان حاجب الحجاب ، وعين لنيابة حلب  المحروسة ، فاستقبل القبلة ، وسجد على العتبة ، وقد بسط له عندها مفارش وصمدة هائلة ، ثم إنه ركب فتعضده بيدمر أيضا ، وسار نحو الموكب ، فأوكب ثم عاد إلى دار السعادة على عادة من تقدمه من النواب ، وجاء تقليد الأمير سيف الدين بيدمر  من آخر النهار لنيابة حلب  المحروسة . 
وفي آخر نهار الثلاثاء بعد العصر ، ورد البريد البشيري ، وعلى يده مرسوم شريف بنفي القاضي بهاء الدين أبي البقاء ،  وأولاده ، وأهله إلى طرابلس  بلا وظيفة ، فشق ذلك عليه وعلى أهليه ومن يليه ، وتغمم له كثير من الناس ، وسافر ليلة الجمعة ، وقد أذن له في الاستنابة في جهاته ، فاستناب ، ولده الكبير ولي الدين    . 
واشتهر في شوال أن الأمير سيف الدين منجك  الذي كان نائب السلطنة بالشام  وهرب ، ولم يطلع له على خبر ، فلما كان في هذا الوقت - ذكر أنه مسك ببلد بحران  من معاملة ماردين في زي فقير ، وأنه احتفظ عليه ، وأرسل السلطان فداويه ، وعجب كثير من الناس من ذلك ، ثم لم يظهر لذلك حقيقة ، وكان الذين رأوه ظنوا أنه هو ، فإذا هو فقير من جملة الفقراء ، يشبهه من بعض الوجوه . 
 [ ص: 599 ] واشتهر في ذي القعدة أن الأمير عز الدين فياض بن مهنا  ملك العرب خرج عن طاعة السلطان ، وتوجه نحو العراق ،  فوردت المراسيم السلطانية لمن بأرض الرحبة  من العساكر الدمشقية ، وهم أربعة مقدمين في أربعة آلاف ، وكذلك جيش حلب  ، وغيره - بتطلبه ، وإحضاره إلى بين يدي السلطان ، فسعوا في ذلك بكل ما يقدرون عليه ، فعجزوا عن لحاقه ، والدخول وراءه إلى البراري ، وتفارط الحال ، وخلص إلى أرض العراق ،  فضاق النطاق ، وتعذر اللحاق . 
				
						
						
