[ ص: 391 ] ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وسبعمائة  
استهلت بيوم الجمعة ،  والخليفة المستكفي بالله  قد اعتقله السلطان الملك الناصر ،  ومنعه من الاجتماع بالناس ، ونائب الشام  تنكز بن عبد الله الناصري ،  والقضاة والمباشرون هم المذكورون في التي قبلها ، سوى كاتب السر ، فإنه علم الدين بن القطب ،  ووالي البر الأمير بدر الدين بن قطلوبك بن ششنكير ،  ووالي المدينة  حسام الدين طرنطاي الجوكنداري    . 
وفي أول يوم منها يوم الجمعة وصلت الأخبار بأن علي باشا كسر جيشه ، وقيل : إنه قتل . 
ووصلت كتب الحجاج في الثاني والعشرين من المحرم تصف مشقة كثيرة حصلت للحجاج; من موت الجمال ، وإلقاء الأحمال ، ومشي كثير من النساء والرجال ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله على كل حال . 
وفي أواخر المحرم قدم إلى دمشق  القاضي حسام الدين حسن بن محمد الغوري  قاضي بغداد  ، والوزير نجم الدين محمود بن علي بن شروان الكردي ،  وشرف الدين عثمان بن حسن البلدي ،  فأقاموا ثلاثة أيام ، ثم توجهوا إلى مصر ،  فحصل لهم قبول تام من السلطان ، فاستقضى الأول على الحنفية كما سيأتي ،   [ ص: 392 ] واستوزر الثاني ، وأمر الثالث . 
وفي يوم عاشوراء أحضر شمس الدين محمد ابن الشيخ شهاب الدين أحمد بن اللبان الفقيه  الشافعي - إلى مجلس الحكم الجلالي ، وحضر معه شهاب الدين بن فضل الله ، ومجد الدين الأقصرائي  شيخ الشيوخ ، وشمس الدين الأصبهاني ،  فادعي عليه بأشياء منكرة من الحلول والاتحاد ، والغلو في القرمطة ، وغير ذلك ، فأقر ببعضها ، فحكم بحقن دمه ، ثم توسط في أمره ، وأبقيت عليه جهاته ، ومنع من الكلام على الناس ، وقام في صفه جماعة من الأمراء والأعيان . 
وفي صفر احترق بقصر حجاج حريق عظيم ،  أتلف دورا ودكاكين عديدة . 
وفي ربيع الأول ولد للسلطان ولد ، فدقت البشائر ، وزينت البلد أياما . وفي منتصف ربيع الآخر أمر الأمير صارم الدين إبراهيم الحاجب الساكن تجاه جامع كريم الدين طبلخاناه ،  وهو من كبار أصحاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية ،  رحمه الله ، وله مقاصد حسنة صالحة ، وهو في نفسه رجل جيد . وأفرج عن الخليفة المستكفي بالله ،  وأطلق من البرج في حادي عشرين ربيع الأول ، ولزم بيته . 
وفي يوم الجمعة عشرين جمادى الآخرة أقيمت الجمعة في جامعين بمصر ،  أحدهما أنشأه الأمير عز الدين أيدمر بن عبد الله الخطيري ،  مات بعد ذلك   [ ص: 393 ] باثني عشر يوما ، رحمه الله ، والآخر أنشأته امرأة يقال لها : الست حدق - دادة السلطان الناصر    - عند قنطرة السباع . 
وفي شعبان سافر القاضي شهاب الدين أحمد بن شرف بن منصور  النائب في الحكم بدمشق  إلى قضاء طرابلس  ، وناب بعده الشيخ شهاب الدين أحمد بن النقيب البعلبكي    . وفيه خلع على القاضي عز الدين بن جماعة  بوكالة بيت المال بمصر ،  وعلى ضياء الدين ابن خطيب  بيت الآبار بالحسبة بالقاهرة ،  مع ما بيده من نظر الأوقاف وغيره . وفيه أمر الأمير ناصر الدين ناظر القدس  بطبلخاناه ، ثم عاد إلى القدس    . 
وفي عاشر رمضان قدمت من مصر  مقدمتان ألفان إلى دمشق  ، سائرتان إلى بلاد سيس ،  وفيهم علاء الدين ،  فاجتمع به أهل العلم ، وهو من أفاضل الحنفية ، وله مصنفات في الحديث وغيره . 
وخرج الركب الشامي يوم الاثنين عاشر شوال ، وأميره بهادر قبجق ،  وقاضيه محيي الدين الطرابلسي  مدرس الحمصية ، وفي الركب تقي الدين شيخ الشيوخ ، وعماد الدين بن الشيرازي ،  ونجم الدين الطرسوسي ،  وجمال الدين المرداوي ،  وصاحبه شمس الدين بن مفلح ،  والصدر المالكي ،  والشرف بن القيسراني ،  والشيخ خالد  المقيم عند دار الطعم ، وجمال الدين بن الشهاب محمود    . 
 [ ص: 394 ] وفي ذي القعدة وصلت الأخبار بأن الجيش تسلموا من بلاد سيس  سبع قلاع ، وحصل لهم خير كثير ، ولله الحمد ، وفرح المسلمون بذلك . 
وفيه كانت وقعة هائلة بين التتار ،  انتصر فيها الشيخ حسن   وذووه . 
وفي التاسع عشر من ذي الحجة نفى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون  الخليفة وأهله وذويه - وكانوا قريبا من مائة نفس - إلى بلاد قوص  ، ورتب لهم هناك ما يقوم بمصالحهم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					