قصة زيد بن خارجة ، وكلامه بعد الموت  
وشهادته بالرسالة لمحمد  صلى الله عليه وسلم ، وبالخلافة لأبي بكر الصديق  ثم لعمر  ثم لعثمان  رضي الله عنهم . 
قال الحافظ  أبو بكر البيهقي :  أنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ،  أنا جدي يحيى بن منصور القاضي ،  ثنا أبو علي محمد بن عمرو كشمرد ،  أنا القعنبي ،  أنا  سليمان بن بلال ،  عن يحيى بن سعيد ،  عن  سعيد بن المسيب  أن زيد بن خارجة الأنصاري  ثم من بني الحارث بن الخزرج ،  توفي زمن عثمان بن عفان  فسجي بثوبه ، ثم إنهم سمعوا جلجلة في صدره ، ثم تكلم ، ثم قال : أحمد  أحمد  في الكتاب الأول ، صدق صدق أبو بكر الصديق ،  الضعيف في نفسه ، القوي في أمر الله ، في الكتاب الأول ، صدق صدق عمر بن الخطاب  القوي الأمين ، في الكتاب الأول ، صدق صدق عثمان بن عفان ،  على منهاجهم ، مضت أربع وبقيت ثنتان ، أتت الفتن ، وأكل الشديد الضعيف ، وقامت الساعة ، وسيأتيكم عن جيشكم خبر بئر أريس ،  وما بئر أريس؟  قال يحيى    : قال سعيد    : ثم هلك رجل من بني خطمة  فسجي بثوبه ، فسمع جلجلة في صدره ، ثم تكلم فقال : إن أخا بني الحارث بن الخزرج  صدق صدق ثم   [ ص: 56 ] رواه  البيهقي ،  عن  الحاكم ،  عن أبي بكر بن إسحاق ،  عن موسى بن الحسن ،  عن القعنبي ،  فذكره ، وقال : هذا إسناد صحيح وله شواهد . ثم ساقه من طريق أبي بكر عبد الله بن أبي الدنيا  في كتاب " من عاش بعد الموت " : حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ،  ثنا عبد الله بن إدريس ،  عن إسماعيل بن أبي خالد  قال : جاء يزيد بن النعمان بن بشير  إلى حلقة القاسم بن عبد الرحمن  بكتاب أبيه النعمان بن بشير    - يعني إلى أمه - : بسم الله الرحمن الرحيم ، من النعمان بن بشير  إلى أم عبد الله بنت أبي هاشم ،  سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، فإنك كتبت إلي لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة ،  وإنه كان من شأنه أنه أخذه وجع في حلقه - وهو يومئذ من أصح الناس أو أهل المدينة    - فتوفي بين صلاة الأولى وصلاة العصر فأضجعناه لظهره ، وغشيناه ببردين وكساء ، فأتاني آت في مقامي وأنا أسبح بعد المغرب ، فقال : إن زيدا  قد تكلم بعد وفاته ، فانصرفت إليه مسرعا ، وقد حضره قوم من الأنصار ،  وهو يقول أو يقال على لسانه : الأوسط أجلد الثلاثة ، الذي كان لا يبالي في الله لومة لائم ، كان لا يأمر الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم ، عبد الله  أمير المؤمنين ، صدق صدق ، كان ذلك في الكتاب الأول . ثم قال : عثمان  أمير المؤمنين ، وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة ، خلت اثنتان وبقي أربع ، ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا ، فلا نظام وأبيحت الأحماء ، ثم ارعوى المؤمنون وقالوا :   [ ص: 57 ] كتاب الله وقدره . أيها الناس ، أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا ، فمن تولى فلا يعهدن دما ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ، الله أكبر ، هذه الجنة وهذه النار ، ويقول النبيون والصديقون : سلام عليكم . يا عبد الله بن رواحة ،  هل أحسست لي خارجة    - لأبيه - وسعدا  اللذين قتلا يوم أحد؟ كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى    . ثم خفت صوته ، فسألت الرهط عما سبقني من كلامه ، فقالوا : سمعناه يقول : أنصتوا أنصتوا . فنظر بعضنا إلى بعض ، فإذا الصوت من تحت الثياب . قال : فكشفنا عن وجهه فقال : هذا أحمد  رسول الله ، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته . ثم قال : أبو بكر الصديق  الأمين ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان ضعيفا في جسمه ، قويا في أمر الله ، صدق صدق ، وكان في الكتاب الأول ثم رواه الحافظ  البيهقي ،  عن أبي نصر بن قتادة ،  عن أبي عمرو بن نجيد ،  عن علي بن الحسين بن الجنيد ،  عن المعافى بن سليمان ،  عن زهير بن معاوية ،  عن إسماعيل بن أبي خالد ،  فذكره وقال : هذا إسناد صحيح . قال  البيهقي :  وروي ذلك عن حبيب بن سالم ،  عن النعمان بن بشير ،  وذكر بئر أريس ،  كما ذكرنا في رواية ابن المسيب    . قال  البيهقي    : والأمر فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما فكان في يده ، ثم كان في يد أبي بكر  من بعده ، ثم كان في يد عمر ،  ثم كان في يد عثمان  حتى وقع منه في بئر أريس  بعد ما مضى من خلافته   [ ص: 58 ] ست سنين ، فعند ذلك تغيرت عماله ، وظهرت أسباب الفتن ، كما قيل على لسان زيد بن خارجة    . قلت : وهي المرادة من قوله : مضت اثنتان وبقي أربع . أو : مضت أربع وبقي اثنتان . على اختلاف الرواية والله أعلم 
وقد قال  البخاري  في " التاريخ " : زيد بن خارجة الخزرجي الأنصاري  شهد بدرا ،  توفي زمن عثمان ،  وهو الذي تكلم بعد الموت . قال  البيهقي    : وقد روى في التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة . والله أعلم . 
قال ابن أبي الدنيا    : ثنا  خلف بن هشام البزار ،  ثنا خالد الطحان ،  عن حصين ،  عن عبد الله بن عبيد الأنصاري  أن رجلا من قتلى مسيلمة  تكلم فقال : محمد  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو بكر الصديق ،  عثمان  اللين الرحيم . قال : ولا أدري أيش قال في عمر  كذا رواه ابن أبي الدنيا  في كتابه . 
وقد قال الحافظ  البيهقي    : أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ،  ثنا  أبو العباس محمد بن يعقوب ،  ثنا يحيى بن أبي طالب ،  أنا  علي بن عاصم ،  أنا حصين بن عبد الرحمن ،  عن عبد الله بن عبيد الأنصاري  قال : بينما هم يثورون القتلى يوم صفين  أو يوم الجمل ، إذ تكلم رجل من الأنصار  من القتلى ، فقال : محمد   [ ص: 59 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو بكر الصديق ،  عمر  الشهيد ، عثمان  الرحيم ثم سكت . 
وقال هشام بن عمار  في كتاب " المبعث " : 
				
						
						
