[ ص: 115 ] إخباره صلى الله عليه وسلم عن غزاة البحر إلى قبرص  التي كانت في أيام أمير المؤمنين  معاوية بن أبي سفيان ،  رضي الله عنه  
قال مالك  عن  إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ،  عن أنس بن مالك ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه ، وكانت تحت عبادة بن الصامت ، فدخل عليها يوما فأطعمته ، ثم جلست تفلي رأسه ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استيقظ وهو يضحك . قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله؟ قال : " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا على الأسرة " - أو " مثل الملوك على الأسرة " . شك إسحاق - فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فدعا لها ، ثم وضع رأسه فنام ، ثم استيقظ وهو يضحك . قالت : قلت : ما يضحكك يا رسول الله؟ قال : " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله " . كما قال في الأولى قالت : قلت يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " أنت من الأولين " . قال : فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمان معاوية ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت رواه  البخاري  عن عبد الله بن يوسف ،  ومسلم  عن يحيى بن يحيى ،  كلاهما عن مالك  به . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث الليث   وحماد بن زيد ،  كلاهما عن يحيى بن   [ ص: 116 ] سعيد ،  وعن محمد بن يحيى بن حبان ،  عن أنس بن مالك ،  عن خالته  أم حرام بنت ملحان ،  فذكر الحديث ، إلى أن قال : فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازية أول ما ركبوا مع معاوية ، أو أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية بن أبي سفيان ، فلما انصرفوا من غزاتهم قافلين فنزلوا الشام ، فقربت إليها دابة; لتركبها ، فصرعتها فماتت ورواه  البخاري  من حديث  أبي إسحاق الفزاري ،  عن زائدة ،  عن  أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن ،  عن أنس  به . وأخرجه أبو داود  من حديث معمر ،  عن  زيد بن أسلم ،  عن  عطاء بن يسار ،  عن أخت أم سليم الرميصاء ، وهي أم حرام ،  فذكر نحو ما تقدم . 
وقال  البخاري    : باب ما قيل في قتال الروم    . حدثنا إسحاق بن يزيد الدمشقي ،  ثنا يحيى بن حمزة ،  حدثني  ثور بن يزيد  عن خالد بن معدان ،  أن عمير بن الأسود العنسي  حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت  وهو نازل في ساحة حمص ،  وهو في بناء له ومعه  أم حرام    . قال عمير    : فحدثتنا أم حرام أنها   [ ص: 217 ] سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا " . قالت أم حرام : فقلت : يا رسول الله ، أنا فيهم؟ قال : " أنت فيهم " . قالت : ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم " . قلت : أنا فيهم يا رسول الله؟ قال : " لا " تفرد به  البخاري  دون أصحاب الكتب الستة . وقد رواه  البيهقي  في " الدلائل " عن  الحاكم ،  عن أبي عمرو بن أبي جعفر ،  عن الحسن بن سفيان ،  عن هشام بن عمار الخطيب ،  عن  يحيى بن حمزة القاضي  به . وهو يشبه معنى الحديث الأول ، وفيه من دلائل النبوة ثلاث; إحداها الإخبار عن الغزوة الأولى في البحر ، وقد كانت في سنة سبع وعشرين مع  معاوية بن أبي سفيان ،  حين غزا قبرص  وهو نائب الشام  عن عثمان بن عفان ،  وكانت معهم  أم حرام بنت ملحان  هذه ، صحبة زوجها  عبادة بن الصامت ، أحد النقباء ليلة العقبة ،  فتوفيت مرجعهم من الغزو; قيل : بالشام    . كما تقدم في الرواية عند  البخاري    . وقال ابن زبر    : توفيت بقبرص  سنة سبع وعشرين . والغزوة الثانية غزوة قسطنطينية  مع أول جيش غزاها ، وكان أميرها  يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ،  وذلك سنة ثنتين وخمسين ، وكان معهم  أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري ،  فمات هنالك ، رضي الله عنه وأرضاه ، ولم تكن هذه المرأة معهم; لأنها كانت قد توفيت قبل ذلك في الغزوة الأولى . فهذا الحديث فيه ثلاث آيات من دلائل النبوة; الإخبار عن الغزوتين ، والإخبار عن المرأة بأنها من الأولين وليست من الآخرين ، وكذلك وقع كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					