( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) الخطاب للمؤمنين ، والمعنى أنه إن ظهر عليكم الكفار يوم أحد فإن حسن العاقبة للمتقين ، وإن أديل الكفار فالعاقبة للمؤمنين . وكذلكم كفاركم هؤلاء عاقبتهم إلى الهلاك . وقال النقاش : الخطاب للكفار ؛ لقوله بعد ( ولا تهنوا ) . ولما ذكر تعالى الجمل المعترضة في قصة أحد عاد إلى كمالها ، فخاطبهم بأنه إن وقعت إدالة الكفار فالعاقبة للمؤمنين . والمعنى : قد تقدمت ومضت .
وقال : أهل سنن أي طرائق أو أمم ، على شرح الزجاج المفضل أن السنة الأمة . وقال الحسن : سنة أقضية في إهلاك الأمم السالفة عاد وثمود وغيرهم . وقال ابن زيد : أمثال . وقال : وقائع وطلب السير في الأرض ، وإن كانت أحوال من تقدم تدرك بالأخبار دون السير ؛ لأن الأخبار إنما تكون ممن سار وعاين ، وعنه ينقل ، فطلب منه الوجه الأكمل ؛ إذ للمشاهدة أثر أقوى من أثر السماع . وقيل : السير هنا مجاز عن التفكر ، وهو من تشبيه المعقول بالمحسوس . وقال الجمهور : النظر هنا من نظر العين . وقال قوم : هو بالفكر . والجملة الاستفهامية في موضع المفعول لـ " انظروا " ؛ لأنها معلقة ، و " كيف " في موضع نصب خبر كان . والمعنى : ما سنة الله في الأمم المكذبين من وقائعه ، كما قال تعالى : ( ابن عباس فكلا أخذنا بذنبه ) ( وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ) .
وفي هذه الآية دلالة على جواز السفر في فجاج الأرض ؛ للاعتبار ونظر ما حوت من عجائب مخلوقات الله تعالى ، وزيارة الصالحين ، وزيارة الأماكن المعظمة ، كما يفعله سياح هذه الملة ، وجواز النظر في كتب المؤرخين ؛ لأنها سبيل إلى معرفة سير العالم وما جرى عليهم من المثلاث .