الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين ) مناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر أن الرجال قوامون على النساء بتفضيل الله إياهم عليهن ، وبإنفاق أموالهم ، ودل بمفهوم اللقب أنه لا يكون قواما على غيرهن ، أوضح أنه مع كونه قواما على النساء هو أيضا مأمور بالإحسان إلى الوالدين ، وإلى من عطفه على الوالدين . فجاءت حثا على الإحسان ، واستطرادا لمكارم الأخلاق . وأن المؤمن لا يكتفي من التكاليف الإحسانية بما يتعلق بزوجته فقط ، بل عليه غيرها من بر الوالدين وغيرهم . وافتتح التوصل إلى ذلك بالأمر بإفراد الله تعالى بالعبادة ، إذ هي مبدأ الخير الذي تترتب الأعمال الصالحة عليه . ونظير : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) وتقدم شرح قوله : ( وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين ) إلا أن هنا وبذي ، وهناك وذي ، وإعادة الباء تدل على التوكيد والمبالغة ، فبولغ في هذه الآية لأنها في حق هذه الأمة ، ولم يبالغ في حق تلك ، لأنها في حق بني إسرائيل . والاعتناء بهذه الأمة أكثر من الاعتناء بغيرها ، إذ هي خير أمة أخرجت للناس . وقرأ ابن أبي عبلة : وبالوالدين إحسان بالرفع ، وهو مبتدأ أو خبر فيه ما في المنصوب من معنى الأمر ، وإن كان جملة خبرية نحو قوله :


فصبر جميل فكلانا مبتلى

( والجار ذي القربى ) قال ابن عباس : و مجاهد ، و عكرمة ، والضحاك ، والسدي ، وابن زيد ، ومقاتل في آخرين : هو الجار القريب النسب ، والجار الجنب هو الجار الأجنبي ، الذي لا قرابة بينك وبينه . وقال بلعاء بن قيس :


لا يجتوينا مجاور أبدا     ذو رحم أو مجاور جنب



وقال نوف الشامي : هو الجار المسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية