(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=28976لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لعنوا بكل لسان . لعنوا على عهد
موسى في التوراة ، وعلى عهد
داود في الزبور ، وعلى عهد
عيسى في الإنجيل ، وعلى عهد
محمد في القرآن . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أنه اقترن بلعنتهم على لسان
داود أن مسخوا خنازير ، وذلك أن
داود مر على نفر وهم في بيت فقال : من في البيت ؟ قالوا : خنازير ، على معنى الاحتجاب ، قال : اللهم خنازير ، فكانوا خنازير . ثم دعا
عيسى على من افترى عليه وعلى أمه ولعنهم . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لعن على لسان داود أصحاب السبت ، وعلى لسان
عيسى الذين كفروا بالمائدة . وقال أكثر المفسرين : إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت قال
داود : اللهم العنهم واجعلهم آية ; فمسخوا قردة . ولما كفر أصحاب
عيسى بعد المائدة قال
عيسى : اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين ، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت ; فأصبحوا خنازير ، وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبي . وقال
الأصم وغيره : بشر
داود و
عيسى بمحمد ، صلى الله عليه وسلم ، ولعنا من كذبه . وقيل : دعوا على من عصاهما ولعناه . وروي أن
داود قال : اللهم
[ ص: 540 ] ليلبسوا اللعنة مثل الرداء ومثل منطقة الحقوين ، اللهم اجعلهم آية ومثالا لخلقك ; والظاهر من الآية الإخبار عن أسلاف
اليهود والنصارى أنهم ملعونون . وبناء الفعل للمفعول يحتمل أن يكون الله تعالى هو اللاعن لهم على لسان
داود و
عيسى ، ويحتمل أن يكونا هما اللاعنان لهم . ولما كانوا يتبجحون بأسلافهم وأنهم أولاد الأنبياء ، أخبروا أن الكفار منهم ملعونون على لسان أنبيائهم . واللعنة هي الطرد من رحمة الله ، ولا تدل الآية على اقتران اللعنة بمسخ . والأفصح أنه إذا فرق منضما الجزئين اختير الإفراد على لفظ التثنية وعلى لفظ الجمع ، فكذلك جاء " على لسان " مفردا ولم يأت على لساني
داود و
عيسى ، ولا على ألسنة
داود و
عيسى . فلو كان المنضمان غير متفرقين اختير لفظ الجمع على لفظ التثنية وعلى الإفراد نحو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4فقد صغت قلوبكما ) والمراد باللسان هنا الجارحة لا اللغة ; أي : الناطق بلعنتهم هو
داود و
عيسى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78ذلك بما عصوا ) أي : ذلك اللعن كان بسبب عصيانهم ، وذكر هذا على سبيل التوكيد ، وإلا فقد فهم سبب اللعنة بإسنادها إلى من تعلق به الوصف الدال على العلية ، وهو الذين كفروا . كما تقول : رجم الزاني ، فيعلم أن سببه الزنا . كذلك اللعن سببه الكفر ، ولكن أكد بذكره ثانية في قوله : ذلك بما عصوا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78وكانوا يعتدون ) يحتمل أن يكون معطوفا على عصوا ، فيتقدر بالمصدر ; أي : وبكونهم يعتدون ، يتجاوزون الحد في العصيان والكفر ، وينتهون إلى أقصى غاياته . ويحتمل أن يكون استئناف إخبار من الله بأنه كان شأنهم وأمرهم الاعتداء ، ويقوي هذا ما جاء بعده كالشرح وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=79nindex.php?page=treesubj&link=28976كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ) ظاهره التفاعل بمعنى الاشتراك ; أي : لا ينهى بعضهم بعضا ، وذلك أنهم جمعوا بين فعل المنكر والتجاهر به ، وعدم النهي عنه . والمعصية إذا فعلت وقدرت على العبد ينبغي أن يستتر بها ، من ابتلي منكم بشيء من هذه القاذورات فليستتر ، فإذا فعلت جهارا وتواطئوا على عدم الإنكار كان ذلك تحريضا على فعلها وسببا مثيرا لإفشائها وكثرتها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف وقع ترك التناهي عن المنكر تفسيرا للمعصية ( قلت ) : من قبل أن الله تعالى أمر بالتناهي ، فكان الإخلال به معصية وهو اعتداء ، لأن في التناهي حسما للفساد . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374345إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا اتق الله ودع ما تصنع ، فإنه لا يحل لك . ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قرأ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل الآية إلى قوله فاسقون ثم قال : والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن به على يد الظالم ولتأطرنه عن الحق أطرا ، أو ليضرب الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعنكم كما لعنهم " أخرجه
الترمذي . ومعنى لتأطرنه لتردنه . وقيل : التفاعل هنا بمعنى الافتعال يقال : . انتهى عن الأمر وتناهى عنه إذا كف عنه ، كما تقول : تجاوزوا واجتوزوا ; والمعنى : كانوا لا يمتنعون عن منكر . وظاهر المنكر أنه غير معين ، فيصلح إطلاقه على أي منكر فعلوه . وقيل : صيد السمك يوم السبت . وقيل : أخذ الرشا في الحكم . وقيل : أكل الربا وأثمان الشحوم . ولا يصح التناهي عما فعل ، فإما أن يكون المعنى أرادوا فعله كما ترى آلات أمارات الفسق وآلاته تسوى وتهيأ فينكر ، وإما أن يكون على حذف مضاف ; أي : معاودة منكر أو مثل منكر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=79لبئس ما كانوا يفعلون ) ذم لما صدر عنهم من فعل المنكر وعدم تناهيهم عنه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : تعجيب من سوء فعلهم ، مؤكدا لذلك بالقسم ، فيا حسرتا على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المنكر وقلة عنايتهم به كأنه ليس من ملة الإسلام في شيء مع ما يتلون من كتاب الله ، وما فيه من المبالغات في هذا الباب . انتهى . وقال
[ ص: 541 ] حذاق أهل العلم : ليس من شروط الناهي أن يكون سليما من المعصية ، بل ينهى العصاة بعضهم بعضا . وقال بعض
الأصوليين : فرض على الذين يتعاطون الكئوس أن ينهى بعضهم بعضا ، واستدل بهذه الآية لأن قوله : لا يتناهون وفعلوه ، يقتضي اشتراكهم في الفعل ، وذمهم على ترك التناهي . وفي الحديث : "
لا يزال العذاب مكفوفا عن العباد ما استتروا بمعاصي الله ، فإذا أعلنوها فلم ينكروها استحقوا عقاب الله تعالى " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=28976لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لُعِنُوا بِكُلِّ لِسَانٍ . لُعِنُوا عَلَى عَهْدِ
مُوسَى فِي التَّوْرَاةِ ، وَعَلَى عَهْدِ
دَاوُدَ فِي الزَّبُورِ ، وَعَلَى عَهْدِ
عِيسَى فِي الْإِنْجِيلِ ، وَعَلَى عَهْدِ
مُحَمَّدٍ فِي الْقُرْآنِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : أَنَّهُ اقْتَرَنَ بِلَعْنَتِهِمْ عَلَى لِسَانِ
دَاوُدَ أَنْ مُسِخُوا خَنَازِيرَ ، وَذَلِكَ أَنَّ
دَاوُدَ مَرَّ عَلَى نَفَرٍ وَهُمْ فِي بَيْتٍ فَقَالَ : مَنْ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالُوا : خَنَازِيرُ ، عَلَى مَعْنَى الِاحْتِجَابِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ خَنَازِيرَ ، فَكَانُوا خَنَازِيرَ . ثُمَّ دَعَا
عِيسَى عَلَى مَنِ افْتَرَى عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ وَلَعَنَهُمْ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لُعِنَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ أَصْحَابُ السَّبْتِ ، وَعَلَى لِسَانِ
عِيسَى الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْمَائِدَةِ . وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ أَهْلَ أَيْلَةَ لَمَّا اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ قَالَ
دَاوُدُ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ وَاجْعَلْهُمْ آيَةً ; فَمُسِخُوا قِرَدَةً . وَلَمَّا كَفَرَ أَصْحَابُ
عِيسَى بَعْدَ الْمَائِدَةِ قَالَ
عِيسَى : اللَّهُمَّ عَذِّبْ مَنْ كَفَرَ بَعْدَمَا أَكَلَ مِنَ الْمَائِدَةِ عَذَابًا لَمْ تُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَالْعَنْهُمْ كَمَا لَعَنْتَ أَصْحَابَ السَّبْتِ ; فَأَصْبَحُوا خَنَازِيرَ ، وَكَانُوا خَمْسَةَ آلَافِ رَجُلٍ مَا فِيهِمُ امْرَأَةٌ وَلَا صَبِيٌّ . وَقَالَ
الْأَصَمُّ وَغَيْرُهُ : بَشَّرَ
دَاوُدُ وَ
عِيسَى بِمُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَعَنَا مَنْ كَذَّبَهُ . وَقِيلَ : دَعَوْا عَلَى مَنْ عَصَاهُمَا وَلَعَنَاهُ . وَرُوِيَ أَنَّ
دَاوُدَ قَالَ : اللَّهُمَّ
[ ص: 540 ] لِيَلْبِسُوا اللَّعْنَةَ مِثْلَ الرِّدَاءِ وَمِثْلَ مِنْطَقَةِ الْحِقْوَيْنِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ آيَةً وَمِثَالًا لِخَلْقِكَ ; وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ الْإِخْبَارُ عَنْ أَسْلَافِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ . وَبِنَاءُ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ اللَّاعِنُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ
دَاوُدَ وَ
عِيسَى ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا هُمَا اللَّاعِنَانِ لَهُمْ . وَلَمَّا كَانُوا يَتَبَجَّحُونَ بِأَسْلَافِهِمْ وَأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ ، أُخْبِرُوا أَنَّ الْكُفَّارَ مِنْهُمْ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ أَنْبِيَائِهِمْ . وَاللَّعْنَةُ هِيَ الطَّرْدُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى اقْتِرَانِ اللَّعْنَةِ بِمَسْخٍ . وَالْأَفْصَحُ أَنَّهُ إِذَا فُرِّقَ مُنْضَمَّا الْجُزْئَيْنِ اخْتِيرَ الْإِفْرَادُ عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَعَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ ، فَكَذَلِكَ جَاءَ " عَلَى لِسَانِ " مُفْرَدًا وَلَمْ يَأْتِ عَلَى لِسَانَيْ
دَاوُدَ وَ
عِيسَى ، وَلَا عَلَى أَلْسِنَةِ
دَاوُدَ وَ
عِيسَى . فَلَوْ كَانَ الْمُنْضَمَّانِ غَيْرَ مُتَفَرِّقَيْنِ اخْتِيرَ لَفْظُ الْجَمْعِ عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَعَلَى الْإِفْرَادِ نَحْوَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) وَالْمُرَادُ بِاللِّسَانِ هُنَا الْجَارِحَةُ لَا اللُّغَةُ ; أَيِ : النَّاطِقُ بِلَعْنَتِهِمْ هُوَ
دَاوُدُ وَ
عِيسَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ) أَيْ : ذَلِكَ اللَّعْنُ كَانَ بِسَبَبِ عِصْيَانِهِمْ ، وَذُكِرَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ ، وَإِلَّا فَقَدْ فُهِمَ سَبَبُ اللَّعْنَةِ بِإِسْنَادِهَا إِلَى مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ الْوَصْفُ الدَّالُّ عَلَى الْعِلِّيَّةِ ، وَهُوَ الَّذِينَ كَفَرُوا . كَمَا تَقُولُ : رُجِمَ الزَّانِي ، فَيُعْلَمُ أَنَّ سَبَبَهُ الزِّنَا . كَذَلِكَ اللَّعْنُ سَبَبُهُ الْكُفْرُ ، وَلَكِنْ أُكِدَّ بِذِكْرِهِ ثَانِيَةً فِي قَوْلِهِ : ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=78وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى عَصَوْا ، فَيَتَقَدَّرُ بِالْمَصْدَرِ ; أَيْ : وَبِكَوْنِهِمْ يَعْتَدُونَ ، يَتَجَاوَزُونَ الْحَدَّ فِي الْعِصْيَانِ وَالْكُفْرِ ، وَيَنْتَهُونَ إِلَى أَقْصَى غَايَاتِهِ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافَ إِخْبَارٍ مِنَ اللَّهِ بِأَنَّهُ كَانَ شَأْنَهُمْ وَأَمْرَهُمُ الِاعْتِدَاءُ ، وَيُقَوِّي هَذَا مَا جَاءَ بَعْدَهُ كَالشَّرْحِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=79nindex.php?page=treesubj&link=28976كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ) ظَاهِرُهُ التَّفَاعُلُ بِمَعْنَى الِاشْتِرَاكِ ; أَيْ : لَا يَنْهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ فِعْلِ الْمُنْكَرِ وَالتَّجَاهُرِ بِهِ ، وَعَدَمِ النَّهْيِ عَنْهُ . وَالْمَعْصِيَةُ إِذَا فُعِلَتْ وَقُدِّرَتْ عَلَى الْعَبْدِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَتِرَ بِهَا ، مَنِ ابْتُلِيَ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ ، فَإِذَا فُعِلَتْ جِهَارًا وَتَوَاطَئُوا عَلَى عَدَمِ الْإِنْكَارِ كَانَ ذَلِكَ تَحْرِيضًا عَلَى فِعْلِهَا وَسَبَبًا مُثِيرًا لِإِفْشَائِهَا وَكَثْرَتِهَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : كَيْفَ وَقَعَ تَرْكُ التَّنَاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ تَفْسِيرًا لِلْمَعْصِيَةِ ( قُلْتُ ) : مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّنَاهِي ، فَكَانَ الْإِخْلَالُ بِهِ مَعْصِيَةً وَهُوَ اعْتِدَاءٌ ، لِأَنَّ فِي التَّنَاهِي حَسْمًا لِلْفَسَادِ . وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374345إِنْ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ : يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ . ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ، ثُمَّ قَرَأَ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ فَاسِقُونَ ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ بِهِ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَنِ الْحَقِّ أَطْرًا ، أَوْ لَيَضْرِبُ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَيَلْعَنُكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ " أَخْرَجَهُ
التِّرْمِذِيُّ . وَمَعْنَى لَتَأْطُرُنَّهُ لَتَرُدُّنَّهُ . وَقِيلَ : التَّفَاعُلُ هُنَا بِمَعْنَى الِافْتِعَالِ يُقَالُ : . انْتَهَى عَنِ الْأَمْرِ وَتَنَاهَى عَنْهُ إِذَا كَفَّ عَنْهُ ، كَمَا تَقُولُ : تَجَاوَزُوا وَاجْتَوَزُوا ; وَالْمَعْنَى : كَانُوا لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ مُنْكَرٍ . وَظَاهِرُ الْمُنْكِرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ ، فَيَصْلُحُ إِطْلَاقُهُ عَلَى أَيِّ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ . وَقِيلَ : صَيْدُ السَّمَكِ يَوْمَ السَّبْتِ . وَقِيلَ : أَخْذُ الرَّشَا فِي الْحُكْمِ . وَقِيلَ : أَكْلُ الرِّبَا وَأَثْمَانِ الشُّحُومِ . وَلَا يَصِحُّ التَّنَاهِي عَمَّا فُعِلَ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَرَادُوا فِعْلَهُ كَمَا تَرَى آلَاتِ أَمَارَاتِ الْفِسْقِ وَآلَاتِهِ تُسَوَّى وَتُهَيَّأُ فَيُنْكَرُ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ; أَيْ : مُعَاوَدَةِ مُنْكَرٍ أَوْ مِثْلِ مُنْكَرٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=79لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) ذَمٌّ لِمَا صَدَرَ عَنْهُمْ مِنْ فِعْلِ الْمُنْكَرِ وَعَدَمِ تَنَاهِيهِمْ عَنْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : تَعْجِيبٌ مِنْ سُوءِ فِعْلِهِمْ ، مُؤَكِّدًا لِذَلِكَ بِالْقَسَمِ ، فَيَا حَسْرَتَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْ بَابِ التَّنَاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ وَقِلَّةِ عِنَايَتِهِمْ بِهِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ مَعَ مَا يَتْلُونِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ . انْتَهَى . وَقَالَ
[ ص: 541 ] حُذَّاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ : لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ النَّاهِي أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، بَلْ يَنْهَى الْعُصَاةُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا . وَقَالَ بَعْضُ
الْأُصُولِيِّينَ : فَرْضٌ عَلَى الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْكُئُوسَ أَنْ يَنْهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ : لَا يَتَنَاهَوْنَ وَفَعَلُوهُ ، يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُمْ فِي الْفِعْلِ ، وَذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ التَّنَاهِي . وَفِي الْحَدِيثِ : "
لَا يَزَالُ الْعَذَابُ مَكْفُوفًا عَنِ الْعِبَادِ مَا اسْتَتَرُوا بِمَعَاصِي اللَّهِ ، فَإِذَا أَعْلَنُوهَا فَلَمْ يُنْكِرُوهَا اسْتَحَقُّوا عِقَابَ اللَّهِ تَعَالَى " .