فروع تتعلق بهذه المسألة 
الفرع الأول : لا يحلف النساء ولا الصبيان في القسامة ، وإنما يحلف فيها الرجال    . وبهذا قال أبو حنيفة  ، وأحمد  ،  والثوري  ،  والأوزاعي  ، وربيعة  ، والليث  ، ووافقهم مالك  في قسامة العمد ، وأجاز حلف النساء الوارثات في قسامة الخطإ خاصة . وأما الصبي فلا خلاف بين العلماء في أنه لا يحلف أيمان القسامة . وقال  الشافعي    : يحلف في القسامة كل وارث بالغ ذكرا كان أو أنثى ، عمدا كان أو خطأ . 
واحتج القائلون بأنه لا يحلف إلا الرجال بأن في بعض روايات الحديث في القسامة يقسم خمسون رجلا منكم . قالوا : ويفهم منه أن غير الرجال لا يقسم . 
واحتج  الشافعي  ومن وافقه بقوله صلى الله عليه وسلم : " تحلفون خمسين يمينا فتستحقون دم صاحبكم   " ، فجعل الحالف هو المستحق للدية والقصاص ، ومعلوم أن غير الوارث لا يستحق شيئا ، فدل على أن المراد حلف من يستحق الدية . 
وأجاب الشافعية عن حجة الأولين بما قاله النووي  في شرح مسلم  ، فإنه قال في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم : " يقسم خمسون منكم على رجل منهم   " ما نصه : هذا مما يجب تأويله ; لأن اليمين إنما تكون على الوارث خاصة لا على غيره من القبيلة . وتأويله عند أصحابنا : أن معناه يؤخذ منكم خمسون يمينا ، والحالف هم الورثة ، فلا يحلف أحد من   [ ص: 141 ] الأقارب غير الورثة ، يحلف كل الورثة ذكورا كانوا أو إناثا ، سواء كان القتل عمدا أو خطأ ، هذا مذهب  الشافعي  ، وبه قال  أبو ثور  وابن المنذر    . ووافقنا مالك  فيما إذا كان القتل خطأ ، وأما في العمد فقال : يحلف الأقارب خمسين يمينا ، ولا تحلف النساء ولا الصبيان . ووافقه ربيعة  والليث  ،  والأوزاعي  وأحمد  وداود  وأهل الظاهر    . انتهى الغرض من كلام النووي  رحمه الله . 
ومعلوم أن هذا التأويل الذي أولوا به الحديث بعيد من ظاهر اللفظ ، ولا سيما على الرواية التي تصرح بتمييز الخمسين بالرجل عند أبي داود  وغيره . 
				
						
						
