الفرع السادس : لا يقتل بالقسامة عند من يوجب القود بها إلا واحد  ، وهذا قول أكثر القائلين بالقود بها ، منهم مالك  وأحمد   والزهري  ، وبعض أصحاب  الشافعي  وغيرهم . 
وهذا القول هو الصواب ، وتدل عليه الرواية الصحيحة التي قدمناها عند مسلم  وغيره : 
" يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته   . " الحديث . فقوله صلى الله عليه وسلم في معرض بيان حكم الواقعة : " يقسم خمسون منكم على رجل منهم   " يدل على أنهم ليس لهم أن يقسموا على غير واحد . وقيل : يستحق بالقسامة قتل الجماعة ; لأنها بينة موجبة للقود ، فاستوى فيها الواحد والجماعة كالبينة ، وممن قال بهذا  أبو ثور  ، قاله  ابن قدامة  في المغني . 
وهل تسمع الدعوى في القسامة على غير معين  أو لا ؟ وهل تسمع على أكثر من واحد أو لا ؟ فقال بعض أهل العلم : تسمع على غير معين ، وهو مذهب أبي حنيفة  رحمه الله مستدلا بقصة الأنصاري المقتول بخيبر    ; لأن أولياءه ادعوا على يهود خيبر    . وذهبت جماعة من أهل العلم إلى أن الدعوى فيها لا تسمع إلا على معين ، قالوا : ولا دليل في قصة اليهود  والأنصاري ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيها : " يقسم خمسون منكم على رجل منهم   " فبين أن المدعى عليه لا بد أن يعين . 
وقال بعض من اشترط كونها على معين : لا بد أن تكون على واحد ، وهو قول أحمد  ومالك    . 
وقال بعض من يشترط كونها على معين : يجوز الحلف على جماعة معينين ، وقد قدمنا اختلافهم : هل يجوز قتل الجماعة أو لا يقتل إلا واحد ، وهو ظاهر الحديث ، وهو الحق إن شاء الله . 
وقال أشهب  صاحب مالك    : لهم أن يحلفوا على جماعة ويختاروا واحدا للقتل ،   [ ص: 145 ] ويسجن الباقون عاما ، ويضربون مائة . 
قال ابن حجر  في الفتح : وهو قول لم يسبق إليه ، والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
