قوله تعالى : يوم ندعو كل أناس بإمامهم     . 
قال بعض العلماء : المراد " بإمامهم " هنا كتاب أعمالهم . 
ويدل لهذا قوله تعالى : وكل شيء أحصيناه في إمام مبين    [ 36 \ 12 ] ، وقوله : وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون    [ 45 \ 28 ] ، وقوله : ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه  الآية [ 18 \ 49 ] ، وقوله : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا    [ 17 \ 13 ] ، واختار هذا القول ابن كثير ; لدلالة آية " يس " المذكورة عليه . وهذا القول رواية عن  ابن عباس  ذكرها  ابن جرير  وغيره ، وعزاه ابن كثير   لابن عباس  وأبي العالية  والضحاك  والحسن  ، وعن قتادة  ومجاهد    : أن المراد بـ بإمامهم  نبيهم   . 
 [ ص: 176 ] ويدل لهذا القول قوله تعالى : ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون    [ 10 \ 47 ] ، وقوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا  الآية [ 4 \ 41 ] ، وقوله : ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء  الآية [ 16 \ 89 ] ، وقوله : وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء  الآية [ 39 \ 69 ] . 
قال بعض السلف : وفي هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث ; لأن إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم . 
وقال بعض أهل العلم : بإمامهم    ; أي بكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع ; وممن قال به : ابن زيد  ، واختاره  ابن جرير    . 
وقال بعض أهل العلم : يوم ندعوا كل أناس بإمامهم    [ 17 \ 71 ] ، أي ندعو كل قوم بمن يأتمون به ، فأهل الإيمان أئمتهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، وأهل الكفر أئمتهم سادتهم وكبراؤهم من رؤساء الكفرة ; كما قال تعالى : وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار  الآية [ 28 \ 41 ] ، وهذا الأخير أظهر الأقوال عندي ، والعلم عند الله تعالى . 
فقد رأيت أقوال العلماء في هذه الآية وما يشهد لها من قرآن ، وقوله بعد هذا : فمن أوتي كتابه بيمينه    [ 17 \ 71 ] ، من القرائن الدالة على ترجيح ما اختاره ابن كثير  من أن الإمام في هذه الآية كتاب الأعمال . 
وذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الذين يؤتون كتابهم بأيمانهم يقرءونه ولا يظلمون فتيلا . 
وقد أوضح هذا في مواضع أخر ; كقوله : فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه    [ 69 \ 19 ] - إلى قوله - وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه    [ 69 \ 25 ] ، وقد قدمنا هذا مستوفى في أول هذه السورة الكريمة . 
وقول من قال : إن المراد بـ بإمامهم   كمحمد بن كعب    " أمهاتهم " أي يقال : يا فلان ابن فلانة - قول باطل بلا شك . وقد ثبت في الصحيح من حديث  ابن عمر  مرفوعا : " يرفع يوم القيامة لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان   " . 
				
						
						
