تطبيق أو طباق في أسباب افتراق المسلمين وما آل إليه .
nindex.php?page=treesubj&link=28828لافتراق هذه الأمة في دينها وما تبعه من ضعفها في دنياها أربعة أسباب كلية :
( 1 ) السياسة والتنازع على الملك .
( 2 ) عصبية الجنس والنسب .
( 3 ) عصبية المذاهب في الأصول والفروع .
( 4 ) القول في دين الله بالرأي .
وهناك سبب خامس قد دخل في كل منها ، وهو دسائس أعداء هذا الدين وكيدهم له .
[ ص: 192 ] nindex.php?page=treesubj&link=18875_22348_28964فالقول في الدين بالرأي أصل لما ذكر قبله وليس له حد يقف عنده ، وآراء الناس تختلف باختلاف الزمان والمكان وشئون المعيشة وأحوال الاجتماع . والدين في عقائده وعباداته وفضائله وحلاله وحرامه وضع إلهي موحى من الله تعالى . ومن فوائده المدنية جمع قلوب الأفراد والشعوب الكثيرة بأقوى الروابط وأوثق العرى الثابتة . والرأي يفرقها ; إذ قلما يتفق شخصان مستقلان فيه ، فأنى تتفق الألوف الكثيرة من الشعوب الكثيرة في الأزمنة المختلفة ؟ واجتماع الكثيرين بالتقليد يستلزم تفرقا شرا من التفرق في الرأي عن دليل ; لأنه تفرق جهل لا مطمع في تلافي ضرره إلا بزواله .
تكلم علماء الكلام في تفرق المذاهب وخصوه بالتفرق في الأصول دون الفروع ، وعللوه بأن هؤلاء قد كفر بعضهم بعضا دون المختلفين في الفروع ، وفيه نظر . والتحقيق العموم كما تقدم ; فإن هؤلاء يصدق عليهم أيضا أنهم فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ، وأنهم تعادوا في الدين تعاديا كان من أسباب ضعفه وضعف أهله وقوة أعدائهم عليهم ، وإن كان ضررهم دون ضرر المختلفين في الأصول ، على أن بعض متعصبيهم أدخلوا خلاف الأصول في الفروع فجعل بعض الحنفية التزوج بالشافعية محل نظر ; لأنها تشك في إيمانها . وعلل القول بالجواز بقياسها على الذمية ، ومرادهم بشك الشافعية أو جميع
الأشعرية وأهل الأثر في إيمانهم ; قولهم اتباعا للسلف : أنا مؤمن إن شاء الله ! ولو سلك الخلف في الدين مسلك السلف باتباع الكتاب والسنة ، والاستعانة على فهمهما بكل عالم ثقة من غير تعصب لعالم معين ، لما وقعوا في هذا الخلاف والتفرق والبغضاء والجهل بهما وهجرهما ، وما يختلف باختلاف الزمان من الأحكام القضائية والسياسية يزيله حكم الحاكم فلا يوجب تفرقا .
وقد بدأ أصحاب كتب المقالات الكلامية بحث التفرق والشيع بالحديث المرفوع الذي رواه
أحمد وأصحاب السنن وغيرهم من عدة طرق في ذلك وهو "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919837افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " هذا لفظ
أبي داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . ورواه من حديث
معاوية بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919838ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال : " إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة " وزاد في رواية "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919839وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه ( وفي رواية بصاحبه ) لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله " أي الكلب وهو بالتحريك الداء الذي يعرض للكلاب ولمن عضه المصاب به منها . ورواه
الترمذي من حديث
عبد الله بن [ ص: 193 ] عمرو وأوله "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919840ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل . . وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتي وسبعين ملة nindex.php?page=treesubj&link=28828وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة " قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على ما أنا عليه وأصحابي " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان بسند ضعيف ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك بسند رجاله ثقات ، وعبر في كل منهما عن الفرقة الناجية بالجماعة ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي بلفظ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919619تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرمون به ما أحل الله ويحلون ما حرم الله " وقفى عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13332الحافظ ابن عبد البر في كتاب العلم بما روي من علماء الصحابة كالخلفاء الأربعة والعبادلة وغيرهم في ذم الرأي ، وقد حققنا مسألة الرأي والقياس في تفسير النهي عن السؤال من أواخر سورة المائدة ، وقد جعل
الشاطبي الوجه الخامس مما ورد في النقل من ذم البدع ما جاء في
nindex.php?page=treesubj&link=28332ذم الرأي غير المستند إلى كتاب ولا سنة ; إذ البدع كلها كذلك . كما وعد في الكلام على الآية التي نحن بصدد تفسيرها ونقلناه عنه آنفا ، فذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك وعدة آثار بمعناه ورجح شمول ذلك لما كان في الأصول والفروع جميعا كما نقله عن
القاضي إسماعيل في تفسير الآية ، ونقل بعض ما أورده
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر من آثار السلف في ذلك إلا إنحاء أهل الحديث على
أبي حنيفة رحمه الله تعالى . ومن أحسن كلام العلماء في ذلك قول الإمام
مالك : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تم هذا الأمر واستكمل ، فإنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نتبع الرأي ; فإنه متى اتبع الرأي جاء رجل آخر أقوى في الرأي منك فاتبعته ، فأنت كلما جاءك رجل غلبك اتبعته ، أرى هذا لا يتم اهـ . وإنما يعني بهذا
nindex.php?page=treesubj&link=22348الرأي في الأمور الدينية من العقائد والعبادات والحلال والحرام دون الدنيا ومصالحها المدنية والسياسية والقضاء ; فإن من أصول مذهبه مراعاة المصالح في هذا كما بينه
الشاطبي في هذا الكتاب ( الاعتصام ) أحسن بيان . وقد قال هاهنا : إن الآثار المتقدمة ليست عند
مالك مخصوصة بالرأي في الاعتقاد . ( أقول ) : وهذا مذهبنا الذي بيناه مرارا ، وقد حقق
الشاطبي في الباب التاسع من الاعتصام ( ج3 ) أن المجتهدين في المسائل الاجتهادية لا يدخلون تحت آية (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ) ( 11 : 118 ، 119 ) والمسائل الاجتهادية هي التي لا نص فيها ولا إجماع ، ولكن الذين يتعصبون لهم فيكونون شيعا وأحزابا يتفرقون ويتعادون في ذلك فهم من المختلفين ،
[ ص: 194 ] وليس لهم عذر كعذر المجتهدين الذين قالوا وعملوا بما ظهر لهم أنه الحق ولم يكونوا يجيزون لأحد أن يقلدهم في اجتهادهم إلا إذا ظهر له صحة دليلهم فصار على بينة من الحكم . فهل يجيزون لشيعة أو حزب أن يتعصب ويعادي ويخاصم ويفرق كلمة المسلمين انتصارا لظنونهم التي كانوا يرجعون عنها إذا ظهر لهم خطؤهم فيها ؟ ! .
وقد أورد
الشاطبي في الباب التاسع حديث افتراق الأمة المتقدم من رواية
الترمذي وأبي داود وغيرهما ، وزاد رواية رآها في جامع
ابن وهب جعل فيها الفرق 82 - إذا لم يكن النقل غلطا من النساخ - وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919841كلها في النار إلا واحدة . فسألوه صلى الله عليه وسلم عنها فقال : " الجماعة " . ثم تكلم عن حقيقة الافتراق وأسبابه واستشكال كفر هذه الفرق ما عدا واحدة منها . قال
nindex.php?page=treesubj&link=20345أهل السنة لا يكفرون كل مبتدع بل يقولون بإيمان أكثر الطوائف التي فسروا بها الفرق ، وذكر للعلماء أقوالا في الحديث وما يؤيده من الآيات والأحاديث ولا سيما آية الأنعام التي نحن بصدد تفسيرها ، وآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما ) ( 153 ) التي قبلها ، ثم رجح ما كنا نراه في المسألة بادي الرأي ، وهو أن الحكم بكون هذه الفرق في النار ما عدا الجماعة الملتزمة لما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه لا يقتضي أنها كلها خالدة خلود الكفار بل هي مطلقة ، فيجوز أن يكون منها من يعذب على الكفر والعمل لأنه كفر ببدعته ، ومنها من يعذب على البدعة والمعصية فقط ، ولا يخلد في العذاب خلود الكفار المشركين أو الجاحدين لبعض ما علم من الدين بالضرورة ثم عقد في هذا الباب مسائل في أبحاث مهمة كبحث عد هذه الفرق من الأمة وعدمه ، وما قيل في عددها وتعيينها ، وغير ذلك مما يحسن بطالب التحقيق في هذا الموضوع الاطلاع عليه .
تَطْبِيقٌ أَوْ طِبَاقٌ فِي أَسْبَابِ افْتِرَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا آلَ إِلَيْهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28828لِافْتِرَاقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي دِينِهَا وَمَا تَبِعَهُ مِنْ ضَعْفِهَا فِي دُنْيَاهَا أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ كُلِّيَّةٍ :
( 1 ) السِّيَاسَةُ وَالتَّنَازُعُ عَلَى الْمُلْكِ .
( 2 ) عَصَبِيَّةُ الْجِنْسِ وَالنَّسَبِ .
( 3 ) عَصَبِيَّةُ الْمَذَاهِبِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ .
( 4 ) الْقَوْلُ فِي دِينِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ .
وَهُنَاكَ سَبَبٌ خَامِسٌ قَدْ دَخَلَ فِي كُلٍّ مِنْهَا ، وَهُوَ دَسَائِسُ أَعْدَاءِ هَذَا الدِّينِ وَكَيْدُهُمْ لَهُ .
[ ص: 192 ] nindex.php?page=treesubj&link=18875_22348_28964فَالْقَوْلُ فِي الدِّينِ بِالرَّأْيِ أَصْلٌ لِمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَقِفُ عِنْدَهُ ، وَآرَاءُ النَّاسِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَشُئُونِ الْمَعِيشَةِ وَأَحْوَالِ الِاجْتِمَاعِ . وَالدِّينُ فِي عَقَائِدِهِ وَعِبَادَاتِهِ وَفَضَائِلِهِ وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ وَضْعٌ إِلَهِيٌّ مُوحًى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى . وَمِنْ فَوَائِدِهِ الْمَدَنِيَّةِ جَمْعُ قُلُوبِ الْأَفْرَادِ وَالشُّعُوبِ الْكَثِيرَةِ بِأَقْوَى الرَّوَابِطِ وَأَوْثَقِ الْعُرَى الثَّابِتَةِ . وَالرَّأْيُ يُفَرِّقُهَا ; إِذْ قَلَّمَا يَتَّفِقُ شَخْصَانِ مُسْتَقِلَّانِ فِيهِ ، فَأَنَّى تَتَّفِقُ الْأُلُوفُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الشُّعُوبِ الْكَثِيرَةِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُخْتَلِفَةِ ؟ وَاجْتِمَاعُ الْكَثِيرِينَ بِالتَّقْلِيدِ يَسْتَلْزِمُ تَفَرُّقًا شَرًّا مِنَ التَّفَرُّقِ فِي الرَّأْيِ عَنْ دَلِيلٍ ; لِأَنَّهُ تَفَرُّقُ جَهْلٍ لَا مَطْمَعَ فِي تَلَافِي ضَرَرِهِ إِلَّا بِزَوَالِهِ .
تَكَلَّمَ عُلَمَاءُ الْكَلَامِ فِي تَفَرُّقِ الْمَذَاهِبِ وَخَصُّوهُ بِالتَّفَرُّقِ فِي الْأُصُولِ دُونَ الْفُرُوعِ ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ كَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا دُونَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْفُرُوعِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ . وَالتَّحْقِيقُ الْعُمُومُ كَمَا تَقَدَّمَ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ، وَأَنَّهُمْ تَعَادَوْا فِي الدِّينِ تَعَادِيًا كَانَ مِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِهِ وَضَعْفِ أَهْلِهِ وَقُوَّةِ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانَ ضَرَرُهُمْ دُونَ ضَرَرِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْأُصُولِ ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ مُتَعَصِّبِيهِمْ أَدْخَلُوا خِلَافَ الْأُصُولِ فِي الْفُرُوعِ فَجَعَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ التَّزَوُّجَ بِالشَّافِعِيَّةِ مَحَلَّ نَظَرٍ ; لِأَنَّهَا تَشُكُّ فِي إِيمَانِهَا . وَعَلَّلَ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ بِقِيَاسِهَا عَلَى الذِّمِّيَّةِ ، وَمُرَادُهُمْ بِشَكِّ الشَّافِعِيَّةِ أَوْ جَمِيعِ
الْأَشْعَرِيَّةِ وَأَهْلِ الْأَثَرِ فِي إِيمَانِهِمْ ; قَوْلُهُمُ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ : أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ! وَلَوْ سَلَكَ الْخَلَفُ فِي الدِّينِ مَسْلَكَ السَّلَفِ بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى فَهْمِهِمَا بِكُلِّ عَالِمٍ ثِقَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعَصُّبٍ لِعَالِمٍ مُعَيَّنٍ ، لَمَا وَقَعُوا فِي هَذَا الْخِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْجَهْلِ بِهِمَا وَهَجْرِهِمَا ، وَمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْقَضَائِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ يُزِيلُهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فَلَا يُوجِبُ تَفَرُّقًا .
وَقَدْ بَدَأَ أَصْحَابُ كُتُبِ الْمَقَالَاتِ الْكَلَامِيَّةِ بِحْثَ التَّفَرُّقِ وَالشِّيَعِ بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الَّذِي رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919837افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً " هَذَا لَفْظُ
أَبِي دَاوُدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ . وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ بِلَفْظِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919838أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ : " إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ " وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919839وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ لِصَاحِبِهِ ( وَفِي رِوَايَةٍ بِصَاحِبِهِ ) لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مِفْصَلٌ إِلَّا دَخَلَهُ " أَيِ الْكَلَبُ وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ الدَّاءُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْكِلَابِ وَلِمَنْ عَضَّهُ الْمُصَابُ بِهِ مِنْهَا . وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ [ ص: 193 ] عَمْرٍو وَأَوَّلُهُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919840لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي كَمَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ . . وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْ وَسَبْعِينَ مِلَّةً nindex.php?page=treesubj&link=28828وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً " قَالُوا : مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي " وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَمِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَعَبَّرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَنِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ بِلَفْظِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919619تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَعْظَمُهَا فِتْنَةً قَوْمٌ يَقِيسُونَ الدِّينَ بِرَأْيِهِمْ يُحَرِّمُونَ بِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ " وَقَفَّى عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13332الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ بِمَا رُوِيَ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَالْعَبَادِلَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي ذَمِّ الرَّأْيِ ، وَقَدْ حَقَّقْنَا مَسْأَلَةَ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ فِي تَفْسِيرِ النَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ مِنْ أَوَاخِرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَقَدْ جَعَلَ
الشَّاطِبِيُّ الْوَجْهَ الْخَامِسَ مِمَّا وَرَدَ فِي النَّقْلِ مِنْ ذَمِّ الْبِدَعِ مَا جَاءَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28332ذَمِّ الرَّأْيِ غَيْرِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ; إِذِ الْبِدَعُ كُلُّهَا كَذَلِكَ . كَمَا وَعَدَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا وَنَقَلْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا ، فَذَكَرَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَعِدَّةَ آثَارٍ بِمَعْنَاهُ وَرَجَّحَ شُمُولَ ذَلِكَ لِمَا كَانَ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ جَمِيعًا كَمَا نَقَلَهُ عَنِ
الْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ، وَنَقَلَ بَعْضَ مَا أَوْرَدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ آثَارِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ إِلَّا إِنْحَاءَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى
أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . وَمِنْ أَحْسَنِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْإِمَامِ
مَالِكٍ : قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَمَّ هَذَا الْأَمْرُ وَاسْتُكْمِلَ ، فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ نَتَّبِعَ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَتَّبِعَ الرَّأْيَ ; فَإِنَّهُ مَتَى اتُّبِعَ الرَّأْيُ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ أَقْوَى فِي الرَّأْيِ مِنْكَ فَاتَّبَعْتَهُ ، فَأَنْتَ كُلَّمَا جَاءَكَ رَجُلٌ غَلَبَكَ اتَّبَعْتَهُ ، أَرَى هَذَا لَا يَتِمُّ اهـ . وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22348الرَّأْيَ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ دُونَ الدُّنْيَا وَمَصَالِحِهَا الْمَدَنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالْقَضَاءِ ; فَإِنَّ مِنْ أُصُولِ مَذْهَبِهِ مُرَاعَاةَ الْمَصَالِحِ فِي هَذَا كَمَا بَيَّنَهُ
الشَّاطِبِيُّ فِي هَذَا الْكِتَابِ ( الِاعْتِصَامِ ) أَحْسَنَ بَيَانٍ . وَقَدْ قَالَ هَاهُنَا : إِنَّ الْآثَارَ الْمُتَقَدِّمَةَ لَيْسَتْ عِنْدَ
مَالِكٍ مَخْصُوصَةً بِالرَّأْيِ فِي الِاعْتِقَادِ . ( أَقُولُ ) : وَهَذَا مَذْهَبُنَا الَّذِي بَيَّنَّاهُ مِرَارًا ، وَقَدْ حَقَّقَ
الشَّاطِبِيُّ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنَ الِاعْتِصَامِ ( ج3 ) أَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ آيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=118وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ( 11 : 118 ، 119 ) وَالْمَسَائِلُ الِاجْتِهَادِيَّةُ هِيَ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا وَلَا إِجْمَاعَ ، وَلَكِنَّ الَّذِينَ يَتَعَصَّبُونَ لَهُمْ فَيَكُونُونَ شِيَعًا وَأَحْزَابًا يَتَفَرَّقُونَ وَيَتَعَادَوْنَ فِي ذَلِكَ فَهُمْ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ ،
[ ص: 194 ] وَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ كَعُذْرِ الْمُجْتَهِدِينَ الَّذِينَ قَالُوا وَعَمِلُوا بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ وَلَمْ يَكُونُوا يُجِيزُونَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَلِّدَهُمْ فِي اجْتِهَادِهِمْ إِلَّا إِذَا ظَهَرَ لَهُ صِحَّةُ دَلِيلِهِمْ فَصَارَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنَ الْحُكْمِ . فَهَلْ يُجِيزُونَ لِشِيعَةٍ أَوْ حِزْبٍ أَنْ يَتَعَصَّبَ وَيُعَادِيَ وَيُخَاصِمَ وَيُفَرِّقَ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ انْتِصَارًا لِظُنُونِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَرْجِعُونَ عَنْهَا إِذَا ظَهَرَ لَهُمْ خَطَؤُهُمْ فِيهَا ؟ ! .
وَقَدْ أَوْرَدَ
الشَّاطِبِيُّ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ حَدِيثَ افْتِرَاقِ الْأُمَّةِ الْمُتَقَدِّمَ مِنْ رِوَايَةِ
التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا ، وَزَادَ رِوَايَةً رَآهَا فِي جَامِعِ
ابْنِ وَهْبٍ جَعَلَ فِيهَا الْفِرَقَ 82 - إِذَا لَمْ يَكُنِ النَّقْلُ غَلَطًا مِنَ النُّسَّاخِ - وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919841كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً . فَسَأَلُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ : " الْجَمَاعَةُ " . ثُمَّ تَكَلَّمَ عَنْ حَقِيقَةِ الِافْتِرَاقِ وَأَسْبَابِهِ وَاسْتِشْكَالِ كُفْرِ هَذِهِ الْفِرَقِ مَا عَدَا وَاحِدَةً مِنْهَا . قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=20345أَهْلُ السُّنَّةِ لَا يُكَفِّرُونَ كُلَّ مُبْتَدِعٍ بَلْ يَقُولُونَ بِإِيمَانِ أَكْثَرِ الطَّوَائِفِ الَّتِي فَسَّرُوا بِهَا الْفِرَقَ ، وَذَكَرَ لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالًا فِي الْحَدِيثِ وَمَا يُؤَيِّدُهُ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَلَا سِيَّمَا آيَةِ الْأَنْعَامِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا ، وَآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ) ( 153 ) الَّتِي قَبْلَهَا ، ثُمَّ رَجَّحَ مَا كُنَّا نَرَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَادِيَ الرَّأْيِ ، وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ بِكَوْنِ هَذِهِ الْفِرَقِ فِي النَّارِ مَا عَدَا الْجَمَاعَةَ الْمُلْتَزِمَةَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقْتَضِي أَنَّهَا كُلَّهَا خَالِدَةٌ خُلُودَ الْكُفَّارِ بَلْ هِيَ مُطْلَقَةٌ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا مَنْ يُعَذَّبُ عَلَى الْكُفْرِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّهُ كَفَرَ بِبِدْعَتِهِ ، وَمِنْهَا مَنْ يُعَذَّبُ عَلَى الْبِدْعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فَقَطْ ، وَلَا يَخْلُدُ فِي الْعَذَابِ خُلُودَ الْكُفَّارِ الْمُشْرِكِينَ أَوِ الْجَاحِدِينَ لِبَعْضِ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ثُمَّ عَقَدَ فِي هَذَا الْبَابِ مَسَائِلَ فِي أَبْحَاثٍ مُهِمَّةٍ كَبَحْثِ عَدِّ هَذِهِ الْفِرَقِ مِنَ الْأُمَّةِ وَعَدَمِهِ ، وَمَا قِيلَ فِي عَدَدِهَا وَتَعْيِينِهَا ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْسُنُ بِطَالِبِ التَّحْقِيقِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ .