(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162nindex.php?page=treesubj&link=28977قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) هذا
nindex.php?page=treesubj&link=28662بيان إجمالي لتوحيد الإلهية بالعمل ، بعد بيان أصل التوحيد المجرد بالإيمان ، والمراد بالصلاة جنسها الشامل للمفروض والمستحب ، والنسك في الأصل العبادة أو غايتها والناسك العابد ، ويكثر استعماله في القرآن والحديث في عبادة الحج وعبادة الذبائح والقرابين فيه أو مطلقا . وفسر بالوجهين قوله تعالى في حكاية دعاء
إبراهيم وإسماعيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وأرنا مناسكنا ) ( 2 : 128 ) وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) ( 2 : 200 ) فلا خلاف في أن المراد به عبادات الحج كلها ، كما أنه لا خلاف في تخصيص النسك ببعض الذبائح في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ( 2 : 196 ) فالنسك في هذه الفدية ذبح شاة . وقوله تعالى في سورة الحج : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ( 22 : 34 ) قد عين التعليل والسياق كون المراد بالنسك هو مصدر ميمي ، أو اسم المكان الذي تذبح فيه القرابين أوتنحر تقربا إلى الله تعالى وبعد هذه الآية آيات أخرى في ذلك خاصة . وأما قوله بعد آيات أخرى منها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم ) ( 22 : 67 ) فالسياق يدل على أنه أعم ما ورد من هذا الحرف في القرآن ، وأنه بمعنى الدين أو الشريعة وهو ما قدمه بعضهم ، ولكن روي تفسيره في المأثور بالذبح وفسره بعضهم بالعيد . وحقق
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير أن الأصل فيه الموضع الذي يتردد إليه الناس لخير أو شر ، ومن هنا أطلق على مشاعر الحج ومعاهده وعلى المواضع التي كانوا يذبحون فيها للأصنام كالنصب .
وأما المأثور في تفسير : ( نسكي ) هنا فعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال : ذبيحتي ، وعن
قتادة : حجتي ومذبحي . وفي رواية أخرى : ضحيتي ، وعن
مجاهد : ذبيحتي في الحج والعمرة . وعن
مقاتل : يعني الحج . ولا ينافي تنافي تفسيره بالذبيحة الدينية مطلقا سواء كانت فدية أو أضحية في الحج أو غيره قوله صلى الله عليه وسلم عند التضحية : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919849إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين . إن صلاتي ونسكي - إلى قوله - أول المسلمين " الحديث ، رواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
جابر ومثله حديث
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين عند
الحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=919850قال رسول الله صلى الله [ ص: 214 ] عليه وسلم لفاطمة : " يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته وقولي : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) قلت : يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامة ؟ قال : " بل للمسلمين عامة " .
وعلى هذا التفسير للنسك يكون الجمع بين الصلاة وذبح النسك كالأمر بهما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فصل لربك وانحر ) ( 108 : 2 ) وإذا فسر النسك بالعبادة مطلقا يكون عطفه على الصلاة من عطف العام على الخاص لأنها منه ، وإلا كان سبب الاقتصار على ذكر هذين النوعين أو الثلاثة من العبادة هو كونها أعظم مظاهر العبادة التي فشا فيها الشرك ، فأما الصلاة فروحها الدعاء والتعظيم ، وتوجه القلب إلى المعبود ، والخوف منه والرجاء فيه ، وكل ذلك مما يقع فيه الشرك ممن يغالون في تعظيم الصالحين ، وما يذكر بهم كقبورهم أو صورهم وتماثيلهم ، وأما الحج والذبائح فالشرك فيهما أظهر ، وقلما يقع الشرك في الصيام لأنه أمر سلبي خفي ، ولكن بعض
النصارى ابتدعوا صياما أضافوه إلى بعض مقدسيهم كصوم السيدة ، ولا أعلم أن أحدا من المسلمين اتبعهم فيه ، ولا ينافي هذا صدق الحديث الصحيح الوارد في اتباعهم سننهم شبرا بشبر وذراعا بذراع فإنه في الكليات دون الجزئيات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28662بَيَانٌ إِجْمَالِيٌّ لِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ بِالْعَمَلِ ، بَعْدَ بَيَانِ أَصْلِ التَّوْحِيدِ الْمُجَرَّدِ بِالْإِيمَانِ ، وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ جِنْسُهَا الشَّامِلُ لِلْمَفْرُوضِ وَالْمُسْتَحَبِّ ، وَالنُّسُكُ فِي الْأَصْلِ الْعِبَادَةُ أَوْ غَايَتُهَا وَالنَّاسِكُ الْعَابِدُ ، وَيَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فِي عِبَادَةِ الْحَجِّ وَعِبَادَةِ الذَّبَائِحِ وَالْقَرَابِينِ فِيهِ أَوْ مُطْلَقًا . وَفُسِّرَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي حِكَايَةِ دُعَاءِ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ) ( 2 : 128 ) وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) ( 2 : 200 ) فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عِبَادَاتُ الْحَجِّ كُلُّهَا ، كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَخْصِيصِ النُّسُكِ بِبَعْضِ الذَّبَائِحِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) ( 2 : 196 ) فَالنُّسُكُ فِي هَذِهِ الْفِدْيَةِ ذَبْحُ شَاةٍ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَجِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) ( 22 : 34 ) قَدْ عَيَّنَ التَّعْلِيلَ وَالسِّيَاقَ كَوْنَ الْمُرَادِ بِالنُّسُكِ هُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ ، أَوِ اسْمُ الْمَكَانِ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ الْقَرَابِينُ أَوَتُنْحَرُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَبَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ آيَاتٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ خَاصَّةً . وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَ آيَاتٍ أُخْرَى مِنْهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ) ( 22 : 67 ) فَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعَمُّ مَا وَرَدَ مِنْ هَذَا الْحَرْفِ فِي الْقُرْآنِ ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الدِّينِ أَوِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ ، وَلَكِنْ رُوِيَ تَفْسِيرُهُ فِي الْمَأْثُورِ بِالذَّبْحِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْعِيدِ . وَحَقَّقَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ النَّاسُ لِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ، وَمِنْ هُنَا أُطْلِقَ عَلَى مَشَاعِرِ الْحَجِّ وَمَعَاهِدِهِ وَعَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانُوا يَذْبَحُونَ فِيهَا لِلْأَصْنَامِ كَالنُّصُبِ .
وَأَمَّا الْمَأْثُورُ فِي تَفْسِيرِ : ( نُسُكِي ) هُنَا فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : ذَبِيحَتِي ، وَعَنْ
قَتَادَةَ : حَجَّتِي وَمَذْبَحِي . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : ضَحِيَّتِي ، وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : ذَبِيحَتِي فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ . وَعَنْ
مُقَاتِلٍ : يَعْنِي الْحَجَّ . وَلَا يُنَافِي تَنَافِي تَفْسِيرِهِ بِالذَّبِيحَةِ الدِّينِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِدْيَةً أَوْ أُضْحِيَّةً فِي الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ التَّضْحِيَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919849إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّ صِلَاتِي وَنُسُكِي - إِلَى قَوْلِهِ - أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " الْحَدِيثُ ، رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ
الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=919850قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ [ ص: 214 ] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ : " يَا فَاطِمَةُ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَكِ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِهِ وَقَوْلِي : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكَ خَاصَّةً فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنْتُمْ أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ؟ قَالَ : " بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً " .
وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لِلنُّسُكِ يَكُونُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَذَبْحِ النُّسُكِ كَالْأَمْرِ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) ( 108 : 2 ) وَإِذَا فُسِّرَ النُّسُكُ بِالْعِبَادَةِ مُطْلَقًا يَكُونُ عَطْفُهُ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِأَنَّهَا مِنْهُ ، وَإِلَّا كَانَ سَبَبُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَكْرِ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْعِبَادَةِ هُوَ كَوْنَهَا أَعْظَمَ مَظَاهِرِ الْعِبَادَةِ الَّتِي فَشَا فِيهَا الشِّرْكُ ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَرُوحُهَا الدُّعَاءُ وَالتَّعْظِيمُ ، وَتُوَجُّهُ الْقَلْبِ إِلَى الْمَعْبُودِ ، وَالْخَوْفُ مِنْهُ وَالرَّجَاءُ فِيهِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ الشِّرْكُ مِمَّنْ يُغَالُونَ فِي تَعْظِيمِ الصَّالِحِينَ ، وَمَا يُذَكِّرُ بِهِمْ كَقُبُورِهِمْ أَوْ صُوَرِهِمْ وَتَمَاثِيلِهِمْ ، وَأَمَّا الْحَجُّ وَالذَّبَائِحُ فَالشِّرْكُ فِيهِمَا أَظْهَرُ ، وَقَلَّمَا يَقَعُ الشِّرْكُ فِي الصِّيَامِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ سَلْبِيٌّ خَفِيٌّ ، وَلَكِنَّ بَعْضَ
النَّصَارَى ابْتَدَعُوا صِيَامًا أَضَافُوهُ إِلَى بَعْضِ مُقَدَّسِيهِمْ كَصَوْمِ السَّيِّدَةِ ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ اتَّبَعَهُمْ فِيهِ ، وَلَا يُنَافِي هَذَا صَدَقَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْوَارِدِ فِي اتِّبَاعِهِمْ سُنَنَهُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَإِنَّهُ فِي الْكُلِّيَّاتِ دُونَ الْجُزْئِيَّاتِ .