nindex.php?page=treesubj&link=28977الأصول العلمية والعملية في السورة من دينية واجتماعية
أجمع ما ورد في السورة من الأصول الكلية الجامعة للعقائد والآداب والفضائل والنهي عن الرذائل الوصايا العشر في الآيات الثلاث 159 - 153 وتفصيل القول في تفسيرها والأمر بترك ظاهر الإثم وباطنه في الآية 120 وهاؤم انظروا أهم الأصول والقواعد المتفرقة في الآيات قبلها وبعدها .
( الأصل الأول ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=28640_28656_28822دين الله توحيد واتفاق ، فتفريقه بالمذاهب المختلفة والأهواء المتفرقة ، وجعل أهله شيعا متعادية ، مفارقة له ، والخروج عن هدي الرسول الذي جاء به ، يوجب براءته صلى الله عليه وسلم من فاعلي ذلك - راجع تفسير (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ) ( 159 ) وهذا الأصل هو قاعدة
nindex.php?page=treesubj&link=28642سياسة الدين وحياة أهله الاجتماعية ، والتشديد فيه يضاهي التشديد في أصل التوحيد الذي هو القاعدة الاعتقادية .
[ ص: 252 ] ( الأصل الثاني ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=30531سعادة الناس وشقاوتهم منوطتان بأعمالهم النفسية والبدنية ، وأن جزاءهم على أعمالهم يكون بحسب تأثيرها في أنفسهم ، وهذا المعنى يستفاد من آيات كثيرة بالنص أو الفحوى . ومن أصرح آيات هذه السورة فيه قوله تعالى في آية (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=139سيجزيهم وصفهم ) ( 139 ) فراجع تفسيره واستعن على مراجعة سائر الآيات بالأرقام التي بجانب كلمة " الجزاء " من فهرس الجزأين 7 و 8 ومن أهمها ما في ص 272 ج 7 ط الهيئة وتفسير (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) ( 164 ) في أواخر السورة من هذا الجزء .
( الأصل الثالث ) الجزاء على الأعمال في الآخرة يكون على السيئة بمثلها وعلى الحسنة بعشر أمثالها فضلا من الله ونعمة جل ثناؤه ، وعظمت نعماؤه . ويا خسارة من غلبت سيئاته حسناته المضاعفة . أولئك هم الخاسرون ( راجع الآية 160 ) .
( تنبيه ) مسألة
nindex.php?page=treesubj&link=29694_29693_29468الجزاء على الأعمال بجعل الحسنات مضاعفة دون السيئات التي جزاؤها بمثلها إن لم ينل صاحبها شيء من عفو الله ومغفرته ، ومسألة سعة الرحمة الإلهية لكل شيء وسبقها للغضب - كل ذلك قد عد مشكلا مع تفسير الجمهور لخلود الكفار في النار خلودا لا نهاية له . وقد بسطنا ما وقع من الخلاف في هذه المسألة في تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ) ( 128 ) فراجع ( في ص 58 وما بعدها ج 8 ط الهيئة ) وفيه كلام نفيس في رحمة الله تعالى وحكمته .
( الأصل الرابع ) جزاء سيئات كل عليه وحده وحسناته له وحده
nindex.php?page=treesubj&link=30530فلا يحمل أحد وزر غيره ولا ينجو بحسنات غيره ( راجع الآية 164 وتفسير هذا الأصل فيها والاستدراك عليه ويأتي بعد تفسير الآية رقم 165 ) .
( الأصل الخامس )
nindex.php?page=treesubj&link=29468الجزاء يكون على الأعمال البدنية والنفسية جميعا ؛ ولذلك أمر تعالى بترك ظاهر الإثم وباطنه . بل المراد من العمل الظاهر إصلاح الباطن .
( الأصل السادس )
nindex.php?page=treesubj&link=28779الناس عاملون بالإرادة والاختيار ، ولكنهم خاضعون في أعمالهم للسنن والأقدار ، فلا إجبار ولا اضطرار . ولا تعارض بين عملهم باختيارهم وبين مشيئة الخالق سبحانه ، ولا يعدون به مشاركين له تعالى في إرادته وقدرته ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28721صفاته تعالى ذاتية واجبة الوجود كاملة ،
nindex.php?page=treesubj&link=29723وإرادة العباد وقدرتهم من عطاء الله ، وخلقه حسب مشيئته ، فهو الذي شاء أن يخلق نوعا من الخلق ويجعله ذا قدرة محدودة ومشيئة تتوقف عليها أعماله الاختيارية . ومعنى خلقه تعالى الأشياء بقدره وتقديره بكل شيء أنه خلقها بنظام جعل فيها المسببات على قدر الأسباب عن علم وحكمة ، ولم يخلق شيئا جزافا ولا أنفا كما يزعم منكرو القدر . والأنف - بضمتين - الأمر الذي يكون بادئ الرأي عن غير تقدير ولا نظام يجري عليه ، فليس في القدر شيء من معنى الإكراه والإجبار على العمل ألبتة . راجع في فهرسي الجزأين
[ ص: 253 ] 7 و 8 وكذا غيرهما كلمات : مشيئة ، والجبر والقدر ، وسنة الله أو سنن الله تعالى في الكائنات مثال ذلك ص 252 و 336 و 414 و 557 من الجزء السابع ط الهيئة وص3 و 8 من هذا الجزء وتفسير (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فمن يرد الله أن يهديه ) الآية 125 ص 36 منه وآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ) ( 129 ) منه وتفسير 148 و 149 (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ) إلى آخر الآيتين .
ويدخل في هذا الباب سنة الله تعالى وقدره في فقد الاستعداد للإيمان الذي يعبر عنه في القرآن بمشيئة الإضلال وبالأكنة والختم والرين على القلوب ، ويوصف أصحابه بالصم البكم العمي - ليس معنى هذه السنة أن الله بقدرته طبع هؤلاء على الكفر ابتداء وخلقا أنفا ، حتى صار تكليفهم الإيمان عبثا ، ومن تكليف ما لا يطاق . بل هي داخلة في نظام المقدار ، وارتباط الأسباب بالمسببات ، إذ هي عبارة عن تأثير أعمال الإنسان في نفسه وتأثير التربية والمعاشرة أيضا ، فهي إذا أثر كسبه كما يعلم من الشواهد التي أشرنا إليها آنفا ، وكثيرا ما نذكر به في التفسير لإيضاح هذه المسائل التي ضل فيها كثير من المتكلمين والصوفية فأوقعوا الناس في الحيرة ، بل أفسدوا أمر هذه الأمة في كسبها وملكها وأخلاقها - راجع تفسير آية 7 - 9 ص 258 وما بعدها ج 7 ط الهيئة وآية 20 ص 286 وآية 25 ص 289 و 35 ص 318 و 46 ص 349 كلها من الجزء السابع وتفسير 110 - 112 من آخر السابع ط الهيئة وأول الثامن و 122 و 123 ص 25 و 124 - 126 ص 32 و 144 من هذا الجزء .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28661سنن الله في افتتان بعض الناس - وكذا الجن - ببعض في الآية 53 ( ص 370 ) وفي لبسهم شيعا وإذاقة بعضهم بأس بعض في الآية 65 ص 408 وتولية بعض الظالمين بعضا في الآية 129 وفي تزين أعمالهم لهم في الآية 108 ( ص 553 ج 7 ط الهيئة ) وآية 122 ( ص25 ) وآية 137 وفي مكر أكابر المجرمين في المدائن في الآية 123 ( ص 28 منه ) كل هذه السنن العامة في الاجتماع البشري في معنى ما بيناه في الأصل الذي قبل هذا علمها الله رسوله والمؤمنين ليكونوا على بصيرة من أمر البشر ، وتأثير دعوة الإسلام في المستعدين دون غيرهم ، حتى لا يحزنوا ولا يطمعوا في غير مطمع ، ولا شيء منها يقتضي سلب الاختبار ، ولا وقوعها بالإكراه والإجبار .
( الأصل السابع ) ما ورد من بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28661السنن الاجتماعية في حياة الأمم وموتها ، وسعادتها وشقاوتها ، وإهلاكها بمعاندة الرسل وبالظلم والفساد في الأرض وتربيتها بالشدائد وكذا بالنعم والنقم ( راجع ص 255 وص 279 وما بعدها و 307 و 345 و 414 من الجزء السابع ط الهيئة ) . وما يجيء في الجزء الثامن بهذا الصدد .
( الأصل الثامن ) أن مسائل عقائد الدين علم صحيح يشترط فيه اليقين ، ومن ثم كان
[ ص: 254 ] 254 بصائر للناس ، وأيد بالآيات البينات كما تقدم في بحث العقائد الإلهية وبحث الرسالة . واليقين جزم تطمئن به النفس لا يزلزله شك ولا ريب .
( الأصل التاسع )
nindex.php?page=treesubj&link=22302التقليد في الدين باطل ، لأنه ينافي أصل العلم اليقين . فإن المقلد في الدين هو من يعتمد في دينه على قول من يثق به من أهله وقومه أو معلمه وليس على علم ولا بصيرة فيه ، فهو لا يدخل في أتباع الرسول الذين قال فيهم الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) ( 12 - 108 ) فكل ما ورد في هذه السورة وغيرها من القرآن أو السنة من كون هذا الدين علما مؤيدا بالحجة وبصائر للناس وآيات بينات فهو مبطل للتقليد ، وكل ما ورد فيها من النعي على الكفار وعيبهم بالجهل وعدم العلم ، ووصفهم بالصم البكم العمي ، وبكونهم لا يعقلون - فهو مبطل للتقليد . وكل ما فيه من مطالبتهم بالدليل على ما يدعون وبالعلم والعقل فكذلك . وقد نبهنا في تفسير بعض آيات السورة الواردة في هذه المسائل إلى بطلان التقليد كقوله تعالى في آخر آية 144 : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ) والعبرة فيه أنه جاء في خاتمة تقريعهم على ما حرموا من الحرث والأنعام تقليدا لآبائهم ، فبذلك كانت كل تلك الآيات هادمة للتقليد ، ويؤيدها آية محرمات الطعام بعدها . وقد نقلنا في تفسيرها كلاما حسنا في جهل المقلدين وإيثارهم كلام شيوخهم على كلام الله ورسوله نقله
الرازي عن شيخه الذي وصفه بخاتمة المحققين والمجتهدين ، وراجع تفسير خسران النفس في ص274 ج 7 ط الهيئة .
nindex.php?page=treesubj&link=28977الْأُصُولُ الْعِلْمِيَّةُ وَالْعَمَلِيَّةُ فِي السُّورَةِ مِنْ دِينِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ
أَجْمَعُ مَا وَرَدَ فِي السُّورَةِ مِنَ الْأُصُولِ الْكُلِّيَّةِ الْجَامِعَةِ لِلْعَقَائِدِ وَالْآدَابِ وَالْفَضَائِلِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّذَائِلِ الْوَصَايَا الْعَشْرُ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثِ 159 - 153 وَتَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي تَفْسِيرِهَا وَالْأَمْرُ بِتَرْكِ ظَاهِرِ الْإِثْمِ وَبَاطِنِهِ فِي الْآيَةِ 120 وَهَاؤُمُ انْظُرُوا أَهَمَّ الْأُصُولِ وَالْقَوَاعِدِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي الْآيَاتِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا .
( الْأَصْلُ الْأَوَّلُ ) أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28640_28656_28822دِينَ اللَّهِ تَوْحِيدٌ وَاتِّفَاقٌ ، فَتَفْرِيقُهُ بِالْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْأَهْوَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ ، وَجَعْلِ أَهْلِهِ شِيَعًا مُتَعَادِيَةً ، مُفَارِقَةٌ لَهُ ، وَالْخُرُوجُ عَنْ هَدْيِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ، يُوجِبُ بَرَاءَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاعِلِي ذَلِكَ - رَاجِعْ تَفْسِيرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) ( 159 ) وَهَذَا الْأَصْلُ هُوَ قَاعِدَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=28642سِيَاسَةِ الدِّينِ وَحَيَاةِ أَهْلِهِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ ، وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ يُضَاهِي التَّشْدِيدَ فِي أَصْلِ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ الْقَاعِدَةُ الِاعْتِقَادِيَّةُ .
[ ص: 252 ] ( الْأَصْلُ الثَّانِي ) أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30531سَعَادَةَ النَّاسِ وَشَقَاوَتَهُمْ مَنُوطَتَانِ بِأَعْمَالِهِمُ النَّفْسِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ ، وَأَنَّ جَزَاءَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ يَكُونُ بِحَسْبِ تَأْثِيرِهَا فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُسْتَفَادُ مِنْ آيَاتٍ كَثِيرَةٍ بِالنَّصِّ أَوِ الْفَحْوَى . وَمِنْ أَصْرَحِ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=139سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ) ( 139 ) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهُ وَاسْتَعِنْ عَلَى مُرَاجَعَةِ سَائِرِ الْآيَاتِ بِالْأَرْقَامِ الَّتِي بِجَانِبِ كَلِمَةِ " الْجَزَاءِ " مِنْ فِهْرِسِ الْجُزْأَيْنِ 7 و 8 وَمِنْ أَهَمِّهَا مَا فِي ص 272 ج 7 ط الْهَيْئَةِ وَتَفْسِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ) ( 164 ) فِي أَوَاخِرِ السُّورَةِ مِنْ هَذَا الْجُزْءِ .
( الْأَصْلُ الثَّالِثُ ) الْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ فِي الْآخِرَةِ يَكُونُ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا وَعَلَى الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، وَعَظُمَتْ نَعْمَاؤُهُ . وَيَا خَسَارَةَ مَنْ غَلَبَتْ سَيِّئَاتُهُ حَسَنَاتِهِ الْمُضَاعَفَةَ . أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( رَاجِعِ الْآيَةَ 160 ) .
( تَنْبِيهٌ ) مَسْأَلَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=29694_29693_29468الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ بِجَعْلِ الْحَسَنَاتِ مُضَاعَفَةً دُونَ السَّيِّئَاتِ الَّتِي جَزَاؤُهَا بِمِثْلِهَا إِنْ لَمْ يَنَلْ صَاحِبَهَا شَيْءٌ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ وَمَغْفِرَتِهِ ، وَمَسْأَلَةُ سَعَةِ الرَّحْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ لِكُلِّ شَيْءٍ وَسَبْقِهَا لِلْغَضَبِ - كُلُّ ذَلِكَ قَدْ عُدَّ مُشْكِلًا مَعَ تَفْسِيرِ الْجُمْهُورِ لِخُلُودِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ خُلُودًا لَا نِهَايَةَ لَهُ . وَقَدْ بَسَطْنَا مَا وَقَعَ مِنَ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ( 128 ) فَرَاجِعْ ( فِي صَ 58 وَمَا بَعْدَهَا جُ 8 طَ الْهَيْئَةِ ) وَفِيهِ كَلَامٌ نَفِيسٌ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ .
( الْأَصْلُ الرَّابِعُ ) جَزَاءُ سَيِّئَاتِ كُلٍّ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَحَسَنَاتُهُ لَهُ وَحْدَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30530فَلَا يَحْمِلُ أَحَدٌ وِزْرَ غَيْرِهِ وَلَا يَنْجُو بِحَسَنَاتِ غَيْرِهِ ( رَاجِعِ الْآيَةَ 164 وَتَفْسِيرَ هَذَا الْأَصْلِ فِيهَا وَالِاسْتِدْرَاكَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي بَعْدَ تَفْسِيرِ الْآيَةِ رَقَمْ 165 ) .
( الْأَصْلُ الْخَامِسُ )
nindex.php?page=treesubj&link=29468الْجَزَاءُ يَكُونُ عَلَى الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ جَمِيعًا ؛ وَلِذَلِكَ أَمَرَ تَعَالَى بِتَرْكِ ظَاهِرِ الْإِثْمِ وَبَاطِنِهِ . بَلِ الْمُرَادُ مِنَ الْعَمَلِ الظَّاهِرِ إِصْلَاحُ الْبَاطِنِ .
( الْأَصْلُ السَّادِسُ )
nindex.php?page=treesubj&link=28779النَّاسُ عَامِلُونَ بِالْإِرَادَةِ وَالِاخْتِيَارِ ، وَلَكِنَّهُمْ خَاضِعُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ لِلسُّنَنِ وَالْأَقْدَارِ ، فَلَا إِجْبَارَ وَلَا اضْطِرَارَ . وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ عَمَلِهِمْ بِاخْتِيَارِهِمْ وَبَيْنَ مَشِيئَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ ، وَلَا يُعَدُّونَ بِهِ مُشَارِكِينَ لَهُ تَعَالَى فِي إِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28721صِفَاتِهِ تَعَالَى ذَاتِيَّةٌ وَاجِبَةُ الْوُجُودِ كَامِلَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29723وَإِرَادَةُ الْعِبَادِ وَقُدْرَتُهُمْ مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ ، وَخَلْقُهُ حَسَبُ مَشِيئَتِهِ ، فَهُوَ الَّذِي شَاءَ أَنْ يَخْلُقَ نَوْعًا مِنَ الْخَلْقِ وَيَجْعَلَهُ ذَا قُدْرَةٍ مَحْدُودَةٍ وَمَشِيئَةٍ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا أَعْمَالُهُ الِاخْتِيَارِيَّةُ . وَمَعْنَى خَلْقِهِ تَعَالَى الْأَشْيَاءَ بِقَدَرِهِ وَتَقْدِيرِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ أَنَّهُ خَلَقَهَا بِنِظَامٍ جَعَلَ فِيهَا الْمُسَبِّبَاتِ عَلَى قَدْرِ الْأَسْبَابِ عَنْ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ ، وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا جُزَافًا وَلَا أُنُفًا كَمَا يَزْعُمُ مُنْكِرُو الْقَدَرِ . وَالْأُنُفُ - بِضَمَّتَيْنِ - الْأَمْرُ الَّذِي يَكُونُ بَادِئَ الرَّأْيِ عَنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَلَا نِظَامٍ يَجْرِي عَلَيْهِ ، فَلَيْسَ فِي الْقَدَرِ شَيْءٌ مِنْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ وَالْإِجْبَارِ عَلَى الْعَمَلِ أَلْبَتَّةَ . رَاجِعْ فِي فِهْرِسَيِ الْجُزْأَيْنِ
[ ص: 253 ] 7 و 8 وَكَذَا غَيْرُهُمَا كَلِمَاتٌ : مَشِيئَةٌ ، وَالْجَبْرُ وَالْقَدَرُ ، وَسُنَّةُ اللَّهِ أَوْ سُنَنُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْكَائِنَاتِ مِثَالُ ذَلِكَ صَ 252 و 336 و 414 و 557 مِنَ الْجُزْءِ السَّابِعِ طَ الْهَيْئَةِ وص3 و 8 مِنْ هَذَا الْجُزْءِ وَتَفْسِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ ) الْآيَةَ 125 ص 36 مِنْهُ وَآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ) ( 129 ) مِنْهُ وَتَفْسِيرُ 148 و 149 (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ) إِلَى آخَرِ الْآيَتَيْنِ .
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ سُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرُهُ فِي فَقْدِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْإِيمَانِ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ بِمَشِيئَةِ الْإِضْلَالِ وَبِالْأَكِنَّةِ وَالْخَتْمِ وَالرَّيْنِ عَلَى الْقُلُوبِ ، وَيُوصَفُ أَصْحَابُهُ بِالصُّمِّ الْبُكْمِ الْعُمْيِ - لَيْسَ مَعْنَى هَذِهِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ بِقُدْرَتِهِ طَبَعَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْكُفْرِ ابْتِدَاءً وَخَلْقًا أُنُفًا ، حَتَّى صَارَ تَكْلِيفُهُمُ الْإِيمَانَ عَبَثًا ، وَمِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ . بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي نِظَامِ الْمِقْدَارِ ، وَارْتِبَاطِ الْأَسْبَابِ بِالْمُسَبِّبَاتِ ، إِذْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَأْثِيرِ أَعْمَالِ الْإِنْسَانِ فِي نَفْسِهِ وَتَأْثِيرِ التَّرْبِيَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ أَيْضًا ، فَهِيَ إِذَا أَثَّرَ كَسْبُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنَ الشَّوَاهِدِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا آنِفًا ، وَكَثِيرًا مَا نُذَكِّرُ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ لِإِيضَاحِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ضَلَّ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالصُّوفِيَّةِ فَأَوْقَعُوا النَّاسَ فِي الْحَيْرَةِ ، بَلْ أَفْسَدُوا أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي كَسْبِهَا وَمِلْكِهَا وَأَخْلَاقِهَا - رَاجِعْ تَفْسِيرَ آيَةِ 7 - 9 ص 258 وَمَا بَعْدَهَا ج 7 ط الْهَيْئَةِ وَآيَةِ 20 ص 286 وَآيَةِ 25 ص 289 و 35 ص 318 و 46 ص 349 كُلُّهَا مِنَ الْجُزْءِ السَّابِعِ وَتَفْسِيرَ 110 - 112 مِنْ آخِرِ السَّابِعِ ط الْهَيْئَةِ وَأَوَّلِ الثَّامِنِ و 122 و 123 ص 25 و 124 - 126 ص 32 و 144 مِنْ هَذَا الْجُزْءِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28661سُنَنُ اللَّهِ فِي افْتِتَانِ بَعْضِ النَّاسِ - وَكَذَا الْجِنُّ - بِبَعْضٍ فِي الْآيَةِ 53 ( ص 370 ) وَفِي لُبْسِهِمْ شِيَعًا وَإِذَاقَةِ بَعْضِهِمْ بَأْسَ بَعْضٍ فِي الْآيَةِ 65 ص 408 وَتَوْلِيَةِ بَعْضِ الظَّالِمِينَ بَعْضًا فِي الْآيَةِ 129 وَفِي تَزَيُّنِ أَعْمَالِهِمْ لَهُمْ فِي الْآيَةِ 108 ( ص 553 ج 7 ط الْهَيْئَةِ ) وَآيَةِ 122 ( ص25 ) وَآيَةِ 137 وَفِي مَكْرِ أَكَابِرِ الْمُجْرِمِينَ فِي الْمَدَائِنِ فِي الْآيَةِ 123 ( ص 28 مِنْهُ ) كُلُّ هَذِهِ السُّنَنِ الْعَامَّةِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ فِي مَعْنَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَلَّمَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ لِيَكُونُوا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِ الْبَشَرِ ، وَتَأْثِيرُ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُسْتَعِدِّينَ دُونَ غَيْرِهِمْ ، حَتَّى لَا يَحْزَنُوا وَلَا يَطْمَعُوا فِي غَيْرِ مَطْمَعٍ ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا يَقْتَضِي سَلْبَ الِاخْتِبَارِ ، وَلَا وُقُوعَهَا بِالْإِكْرَاهِ وَالْإِجْبَارِ .
( الْأَصْلُ السَّابِعُ ) مَا وَرَدَ مِنْ بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=28661السُّنَنِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْأُمَمِ وَمَوْتِهَا ، وَسَعَادَتِهَا وَشَقَاوَتِهَا ، وَإِهْلَاكِهَا بِمُعَانِدَةِ الرُّسُلِ وَبِالظُّلْمِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَتَرْبِيَتِهَا بِالشَّدَائِدِ وَكَذَا بِالنِّعَمِ وَالنِّقَمِ ( رَاجِعْ ص 255 وَص 279 وَمَا بَعْدَهَا و 307 و 345 و 414 مِنَ الْجُزْءِ السَّابِعِ طَ الْهَيْئَةِ ) . وَمَا يَجِيءُ فِي الْجُزْءِ الثَّامِنِ بِهَذَا الصَّدَدِ .
( الْأَصْلُ الثَّامِنُ ) أَنَّ مَسَائِلَ عَقَائِدِ الدِّينِ عِلْمٌ صَحِيحٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيَقِينُ ، وَمَنْ ثَمَّ كَانَ
[ ص: 254 ] 254 بَصَائِرَ لِلنَّاسِ ، وَأُيِّدَ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْعَقَائِدِ الْإِلَهِيَّةِ وَبَحْثِ الرِّسَالَةِ . وَالْيَقِينُ جَزْمٌ تَطْمَئِنُّ بِهِ النَّفْسُ لَا يُزَلْزِلُهُ شَكٌّ وَلَا رَيْبٌ .
( الْأَصْلُ التَّاسِعُ )
nindex.php?page=treesubj&link=22302التَّقْلِيدُ فِي الدِّينِ بَاطِلٌ ، لِأَنَّهُ يُنَافِي أَصْلَ الْعِلْمِ الْيَقِينِ . فَإِنَّ الْمُقَلِّدَ فِي الدِّينِ هُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ فِي دِينِهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ وَقَوْمِهِ أَوْ مُعَلِّمِهِ وَلَيْسَ عَلَى عِلْمٍ وَلَا بَصِيرَةٍ فِيهِ ، فَهُوَ لَا يَدْخُلُ فِي أَتْبَاعِ الرَّسُولِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ( 12 - 108 ) فَكُلُّ مَا وَرَدَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ مِنْ كَوْنِ هَذَا الدِّينِ عِلْمًا مُؤَيَّدًا بِالْحُجَّةِ وَبَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَآيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلتَّقْلِيدِ ، وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنَ النَّعْيِ عَلَى الْكُفَّارِ وَعَيْبِهِمْ بِالْجَهْلِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ ، وَوَصْفِهِمْ بِالصُّمِّ الْبُكْمِ الْعُمْيِ ، وَبِكَوْنِهِمْ لَا يَعْقِلُونَ - فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلتَّقْلِيدِ . وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ بِالدَّلِيلِ عَلَى مَا يَدْعُونَ وَبِالْعِلْمِ وَالْعَقْلِ فَكَذَلِكَ . وَقَدْ نَبَّهْنَا فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ آيَاتِ السُّورَةِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إِلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ آيَةِ 144 : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) وَالْعِبْرَةُ فِيهِ أَنَّهُ جَاءَ فِي خَاتِمَةِ تَقْرِيعِهِمْ عَلَى مَا حَرَّمُوا مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ تَقْلِيدًا لِآبَائِهِمْ ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ كُلُّ تِلْكَ الْآيَاتِ هَادِمَةً لِلتَّقْلِيدِ ، وَيُؤَيِّدُهَا آيَةُ مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ بَعْدَهَا . وَقَدْ نَقَلْنَا فِي تَفْسِيرِهَا كَلَامًا حَسَنًا فِي جَهْلِ الْمُقَلِّدِينَ وَإِيثَارِهِمْ كَلَامَ شُيُوخِهِمْ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ نَقَلَهُ
الرَّازِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الَّذِي وَصَفَهُ بِخَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ وَالْمُجْتَهِدِينَ ، وَرَاجِعْ تَفْسِيرَ خُسْرَانِ النَّفْسِ فِي ص274 ج 7 ط الْهَيْئَةِ .