(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=13قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=14قال أنظرني إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=15قال إنك من المنظرين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=17ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=18قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين )
هذا شروع في بيان ما أشرنا إليه من خلق أصل النشأة الآدمية ، واستعداد الفطرة البشرية ، وعلاقتها بالأرواح الملكية والشيطانية ، وما يعرض لها من موانع الكمال بإغواء
[ ص: 292 ] عدو البشر الشيطان ، ويليه ما يترتب عليه من الهداية والإرشاد إلى ما يتقى به ذلك الإغواء والفساد ، قال تعالى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28978_29485_32688_31821ولقد خلقناكم ثم صورناكم ) الخطاب لبني
آدم ، والمعنى خلقنا جنسكم أي مادته من الصلصال والحمأ المسنون وهو الماء والطين اللازب المتغير الذي خلق منه الإنسان الأول ، ثم صورناكم بأن جعلنا من تلك المادة صورة بشر سوي قابل للحياة ، أو قدرنا إيجادكم تقديرا ، ثم صورنا مادتكم تصويرا ، ومعنى الخلق في أصل اللغة التقدير ثم أطلق على إيجاد الشيء المقدر على صفة مخصوصة . قال في حقيقة المادة من أساس البلاغة : خلق الخراز الأديم ( أي الجلد ) والخياط الثوب - قدره قبل القطع ، وأخلق لي هذا الثوب ( قال ) ومن المجاز خلق الله الخلق أوجده على تقدير أوجبته الحكمة اهـ . ولكن هذا المجاز اللغوي صار حقيقة شرعية . وهذا التفسير أظهر من حيث اللغة وهو يصدق بخلق
آدم وبخلق مجموع الناس ، فإن كل فرد من الأفراد يقدر الله خلقه ثم يصور المادة التي يخلقه منها في بطن أمه .
وقد اختلفت الروايات عن مفسري السلف في الجملتين ، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ثلاث روايات : ( إحداها ) ورواتها كثيرون وصححها بعضهم على شرط الشيخين قال فيهما : خلقوا في أصلاب الرجال وصوروا في أرحام النساء . ( والثانية ) خلقوا في ظهر
آدم ثم صوروا في الأرحام . أخرجها الفريابي . ( والثالثة ) قال : أما " خلقناكم "
فآدم ، وأما " ثم صورناكم " فذريته . أخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم . وروي عن
قتادة نحوها قال : خلق الله
آدم من طين ثم صوركم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسا العظام لحما . وعن
مجاهد : خلقناكم يعني
آدم ، ثم صورناكم يعني في ظهر
آدم . وعن
الكلبي قال : خلق الله الإنسان في الرحم ثم صوره فشق سمعه وبصره وأصابعه اهـ . ملخصا من الدر المنثور . والتقدير الذي ذكرناه أولا هو الموافق عليه الجمهور . والإنسان الأول عندنا وعند
أهل الكتاب والهندوس آدم عليه السلام ولذلك قال :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28978_31770ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) أي قلنا ذلك بعد أن سويناه ونفخنا فيه من روحنا ، ما جعلناه به خليفة في الأرض وعلمناه الأسماء كلها ، كما تقدم تفصيله في سورة البقرة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=31770_31771فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين ) أي لم يكن من جملتهم لأنه أبى واستكبر وفسق عن أمر ربه . وهو من الجن لا منهم . وإن كانت الجن نوعا من جنسهم ، أو الجنة ( بالكسر ) جنسا للملائكة وللشياطين الذين هم مردة الجن وأشقياؤهم . وهذا السجود تكريم من الله
لآدم لا سجود عبادة ، إذ نص القرآن القطعي قد تكرر بأنه لا يعبد إلا الله وحده ، أو هو بيان لاستعداد
آدم وذريته وما صرفهم الله تعالى به من قوى الأرض التي تدبرها الملائكة بأسلوب التمثيل القصصي ، والأمر فيه وفيما بعده تكويني قدري ، لا تكليفي شرعي ، فهو كقوله
[ ص: 293 ] في خلق السموات والأرض : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) ( 41 : 11 ) وسيأتي توضيحه في أثناء القصة وفي نهايتها إن شاء الله تعالى - وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن هذا السجود كرامة كرم الله بها
آدم . وقال : كانت السجدة
لآدم والطاعة لله . ومثله عن
قتادة ، وزاد أن إبليس حسد
آدم على هذا التكريم ، والدليل على أنه تكريم امتحن الله تعالى به طاعة ذلك العالم الغيبي له فظهرت عصمة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وفسق إبليس ، قوله تعالى حكاية عن إبليس في سورة الإسراء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) ( 17 : 62 ) حسده على هذا التكريم فحمله الحسد على الاستكبار والفسوق عن أمر الله كما صرحت به الآيات المختلفة في البقرة والكهف وغيرهما ويدل عليه جواب السؤال التالي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=13قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=14قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=15قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=17ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=18قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ )
هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِ أَصْلِ النَّشْأَةِ الْآدَمِيَّةِ ، وَاسْتِعْدَادِ الْفِطْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ ، وَعَلَاقَتِهَا بِالْأَرْوَاحِ الْمَلَكِيَّةِ وَالشَّيْطَانِيَّةِ ، وَمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ مَوَانِعِ الْكَمَالِ بِإِغْوَاءِ
[ ص: 292 ] عَدُوِّ الْبَشَرِ الشَّيْطَانِ ، وَيَلِيهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى مَا يُتَّقَى بِهِ ذَلِكَ الْإِغْوَاءُ وَالْفَسَادُ ، قَالَ تَعَالَى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28978_29485_32688_31821وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ) الْخِطَابُ لِبَنِي
آدَمَ ، وَالْمَعْنَى خَلَقْنَا جِنْسَكُمْ أَيْ مَادَّتَهُ مِنَ الصَّلْصَالِ وَالْحَمَأِ الْمَسْنُونِ وَهُوَ الْمَاءُ وَالطِّينُ اللَّازِبُ الْمُتَغَيِّرُ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ الْإِنْسَانُ الْأَوَّلُ ، ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ بِأَنْ جَعَلْنَا مِنْ تِلْكَ الْمَادَّةِ صُورَةَ بَشَرٍ سَوِيٍّ قَابِلٍ لِلْحَيَاةِ ، أَوْ قَدَّرْنَا إِيجَادَكُمْ تَقْدِيرًا ، ثُمَّ صَوَّرْنَا مَادَّتَكُمْ تَصْوِيرًا ، وَمَعْنَى الْخَلْقِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ التَّقْدِيرُ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى إِيجَادِ الشَّيْءِ الْمُقَدَّرِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ . قَالَ فِي حَقِيقَةِ الْمَادَّةِ مِنْ أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ : خَلَقَ الْخَرَّازُ الْأَدِيمَ ( أَيِ الْجِلْدَ ) وَالْخَيَّاطُ الثَّوْبَ - قَدَّرَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ ، وَأَخْلَقَ لِي هَذَا الثَّوْبَ ( قَالَ ) وَمِنَ الْمَجَازِ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ أَوْجَدَهُ عَلَى تَقْدِيرٍ أَوْجَبَتْهُ الْحِكْمَةُ اهـ . وَلَكِنَّ هَذَا الْمَجَازَ اللُّغَوِيَّ صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً . وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ وَهُوَ يُصَدِّقُ بِخَلْقِ
آدَمَ وَبِخَلْقِ مَجْمُوعِ النَّاسِ ، فَإِنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ يُقَدِّرُ اللَّهُ خَلْقَهُ ثُمَّ يُصَوِّرُ الْمَادَّةَ الَّتِي يَخْلُقُهُ مِنْهَا فِي بَطْنِ أُمِّهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ فِي الْجُمْلَتَيْنِ ، فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ : ( إِحْدَاهَا ) وَرُوَاتُهَا كَثِيرُونَ وَصَحَّحَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ فِيهِمَا : خُلِقُوا فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَصُوِّرُوا فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ . ( وَالثَّانِيَةُ ) خُلِقُوا فِي ظَهْرِ
آدَمَ ثُمَّ صُوِّرُوا فِي الْأَرْحَامِ . أَخْرَجَهَا الْفِرْيَابِيُّ . ( وَالثَّالِثَةُ ) قَالَ : أَمَّا " خَلَقْنَاكُمْ "
فَآدَمُ ، وَأَمَّا " ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ " فَذُرِّيَّتُهُ . أَخْرَجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ . وَرُوِيَ عَنْ
قَتَادَةَ نَحْوُهَا قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ
آدَمَ مِنْ طِينٍ ثُمَّ صَوَّرَكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عِظَامًا ثُمَّ كَسَا الْعِظَامَ لَحْمًا . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : خَلَقْنَاكُمْ يَعْنِي
آدَمَ ، ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ يَعْنِي فِي ظَهْرِ
آدَمَ . وَعَنِ
الْكَلْبِيِّ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ فِي الرَّحِمِ ثُمَّ صَوَّرَهُ فَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَأَصَابِعَهُ اهـ . مُلَخَّصًا مِنَ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ . وَالتَّقْدِيرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْمُوَافِقُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ . وَالْإِنْسَانُ الْأَوَّلُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْهِنْدُوسِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِذَلِكَ قَالَ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28978_31770ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ) أَيْ قُلْنَا ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ سَوَّيْنَاهُ وَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ، مَا جَعَلْنَاهُ بِهِ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ وَعَلَّمْنَاهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=31770_31771فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) أَيْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ لِأَنَّهُ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ . وَهُوَ مِنَ الْجِنِّ لَا مِنْهُمْ . وَإِنْ كَانَتِ الْجِنُّ نَوْعًا مِنْ جِنْسِهِمْ ، أَوِ الْجِنَّةُ ( بِالْكَسْرِ ) جِنْسًا لِلْمَلَائِكَةِ وَلِلشَّيَاطِينِ الَّذِينَ هُمْ مَرَدَةُ الْجِنِّ وَأَشْقِيَاؤُهُمْ . وَهَذَا السُّجُودُ تَكْرِيمٌ مِنَ اللَّهِ
لِآدَمَ لَا سُجُودَ عِبَادَةً ، إِذْ نَصُّ الْقُرْآنِ الْقَطْعِيُّ قَدْ تَكَرَّرَ بِأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ ، أَوْ هُوَ بَيَانٌ لِاسْتِعْدَادِ
آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ وَمَا صَرَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قُوَى الْأَرْضِ الَّتِي تُدَبِّرُهَا الْمَلَائِكَةُ بِأُسْلُوبِ التَّمْثِيلِ الْقَصَصِيِّ ، وَالْأَمْرُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ تَكْوِينِيٌّ قَدَرِيٌّ ، لَا تَكْلِيفِيٌّ شَرْعِيٌّ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ
[ ص: 293 ] فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) ( 41 : 11 ) وَسَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي أَثْنَاءِ الْقِصَّةِ وَفِي نِهَايَتِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذَا السُّجُودَ كَرَامَةٌ كَرَّمَ اللَّهُ بِهَا
آدَمَ . وَقَالَ : كَانَتِ السَّجْدَةُ
لِآدَمَ وَالطَّاعَةُ لِلَّهِ . وَمِثْلُهُ عَنْ
قَتَادَةَ ، وَزَادَ أَنَّ إِبْلِيسَ حَسَدَ
آدَمَ عَلَى هَذَا التَّكْرِيمِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ تَكْرِيمٌ امْتَحَنَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ طَاعَةَ ذَلِكَ الْعَالَمِ الْغَيْبِيِّ لَهُ فَظَهَرَتْ عِصْمَةُ الَّذِينَ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَفَسَقَ إِبْلِيسُ ، قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْلِيسَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) ( 17 : 62 ) حَسَدَهُ عَلَى هَذَا التَّكْرِيمِ فَحَمَلَهُ الْحَسَدُ عَلَى الِاسْتِكْبَارِ وَالْفُسُوقِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْآيَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الْبَقَرَةِ وَالْكَهْفِ وَغَيْرِهِمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ جَوَابُ السُّؤَالِ التَّالِي .