(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما ) قال
الراغب : الوسوسة الخطرة الرديئة وأصله من الوسواس وهو صوت الحلي ، والهمس الخفي قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فوسوس إليه الشيطان ) ( 20 : 120 ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=4من شر الوسواس ) ( 114 : 4 ) ويقال لهمس الصائد وسواس اهـ . فوسوسة الشيطان للبشر هي ما يجدونه في أنفسهم من الخواطر الرديئة التي تزين لهم ما يضرهم في أبدانهم أو أرواحهم ومعاملاتهم ، وقد فصلنا القول في ذلك مرارا . والظاهر هنا أن الشيطان تمثل
لآدم وزوجه وكلمهما وأقسم لهما ، ولا مانع منه على قول الجمهور .
ومن جعل القصة تمثيلا لبيان حال النوع البشري من الأطوار التي تنقل فيها يفسر الوسوسة بما تقدم آنفا ، فإن الإنسان عندما ينتقل من طور الطفولة التي لا يعرف فيه هما ولا نصبا إلى طور التمييز الناقص يكون كثير التعرض لوسوسة الشيطان واتباعها . وقد عللت هذه الوسوسة بأن غايتها أو غرضه منها أن يظهر لهما ما غطي وستر عنهما من سوآتهما يقال : وارى الشيء إذا غطاه وستره ، ووري الشيء غطي وستر ، والسوءة ما يسوء الإنسان من أمر شائن وعمل قبيح . والسوءة السوآء الخلة القبيحة والمرأة المخالفة . قال في حقيقة الأساس : وسوءة لك ، ووقعت في السوءة السوآء ، قال
أبو زبيد :
لم يهب حرمة النديم وحقت يا لقومي للسوءة السوآء
ثم قال : ومن باب الكناية بدت سوءته وبدت لهما سوآتهما اهـ . وإذا أضيفت السوءة إلى الإنسان أريد بها عورته الفاحشة ؛ لأنه يسوءه ظهورها بمقتضى الحياء الفطري ما لم يفسده بتعود إظهارها مع آخرين فيرتفع الحياء بينهم ، وجمعت هنا على القاعدة في إضافة المثنى إلى ضميره إذ يستثقلون الجمع بين تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة فيجمعون المضاف ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) ( 66 : 4 ) . وسنذكر معنى ما كان من هذا الإخفاء أو المواراة لسوآتهما عنهما في تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فبدت لهما سوآتهما ) ( 20 : 121 ) وما هو ببعيد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) أي وقال فيما وسوس به لهما : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة أن تأكلا منها إلا لأحد أمرين : اتقاء
[ ص: 310 ] أن تكونا بالأكل منها ملكين ، أي كالملكين فيما أوتي الملائكة من الخصائص كالقوة وطول البقاء وعدم التأثر بفواعل الكون المؤلمة والمتعبة وغير ذلك ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن كثير " ملكين " بكسر اللام واستشهد له الزجاج بما حكاه تعالى عن الشيطان في سورة طه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) ( 20 : 120 ) وهو ضعيف والقراءة شاذة - أو اتقاء أن تكونا من الخالدين في الجنة ، أو الذين لا يموتون ألبتة . وأوهمهما أن الأكل من هذه الشجرة يعطي الآكل صفة الملائكة وغرائزهم ويقتضي الخلود في الحياة ، واستدلوا به على
nindex.php?page=treesubj&link=28809تفضيل الملائكة على آدم ، وخصه بعضهم بملائكة السماء والكرسي والعرش من العالين والمقربين دون ملائكة الأرض المسخرين لتدبير أمورها الذين كان معنى سجودهم له أن الله سخر لنوعه جميع قوى الأرض وعوالمها - وذكر
الرازي في تفسير الآية أنها أحد الدلائل على كون
nindex.php?page=treesubj&link=31770الملائكة الذين سجدوا لآدم هم ملائكة الأرض فقط ، واستدل الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12816محيي الدين بن العربي على عدم سجود جميع الملائكة له بقوله تعالى لإبليس في سورة الحجر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75أستكبرت أم كنت من العالين ) ( 38 : 75 ) بناء على أن العالين خواص الملائكة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا ) قَالَ
الرَّاغِبُ : الْوَسْوَسَةُ الْخَطِرَةُ الرَّدِيئَةُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْوَسْوَاسِ وَهُوَ صَوْتُ الْحُلِيِّ ، وَالْهَمْسُ الْخَفِيُّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ) ( 20 : 120 ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=4مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ ) ( 114 : 4 ) وَيُقَالُ لِهَمْسِ الصَّائِدِ وَسْوَاسٌ اهـ . فَوَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ لِلْبَشَرِ هِيَ مَا يَجِدُونَهُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْخَوَاطِرِ الرَّدِيئَةِ الَّتِي تُزَيِّنُ لَهُمْ مَا يَضُرُّهُمْ فِي أَبْدَانِهِمْ أَوْ أَرْوَاحِهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ ، وَقَدْ فَصَّلْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ مِرَارًا . وَالظَّاهِرُ هُنَا أَنَّ الشَّيْطَانَ تَمَثَّلَ
لِآدَمَ وَزَوْجِهِ وَكَلَّمَهُمَا وَأَقْسَمَ لَهُمَا ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ .
وَمَنْ جَعَلَ الْقِصَّةَ تَمْثِيلًا لِبَيَانِ حَالِ النَّوْعِ الْبَشَرِيِّ مِنَ الْأَطْوَارِ الَّتِي تُنْقَلُ فِيهَا يُفَسِّرُ الْوَسْوَسَةَ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَمَا يَنْتَقِلُ مِنْ طَوْرِ الطُّفُولَةِ الَّتِي لَا يَعْرِفُ فِيهِ هَمًّا وَلَا نَصَبًا إِلَى طَوْرِ التَّمْيِيزِ النَّاقِصِ يَكُونُ كَثِيرَ التَّعَرُّضِ لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَاتِّبَاعِهَا . وَقَدْ عَلَّلْتُ هَذِهِ الْوَسْوَسَةَ بِأَنَّ غَايَتَهَا أَوْ غَرَضَهُ مِنْهَا أَنْ يُظْهِرَ لَهُمَا مَا غُطِّيَ وَسُتِرَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا يُقَالُ : وَارَى الشَّيْءَ إِذَا غَطَّاهُ وَسَتَرَهُ ، وُورِيَ الشَّيْءُ غُطِّيَ وَسُتِرَ ، وَالسَّوْءَةُ مَا يَسُوءُ الْإِنْسَانَ مِنْ أَمْرٍ شَائِنٍ وَعَمَلٍ قَبِيحٍ . وَالسَّوْءَةُ السَّوْآءُ الْخَلَّةُ الْقَبِيحَةُ وَالْمَرْأَةُ الْمُخَالِفَةُ . قَالَ فِي حَقِيقَةِ الْأَسَاسِ : وَسَوْءَةٌ لَكَ ، وَوَقَعَتْ فِي السَّوْءَةِ السَّوْآءِ ، قَالَ
أَبُو زُبَيْدٍ :
لَمْ يَهَبْ حُرْمَةَ النَّدِيمِ وَحُقَّتْ يَا لِقَوْمِي لِلسَّوْءَةِ السَّوْآءِ
ثُمَّ قَالَ : وَمِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ بَدَتْ سَوْءَتُهُ وَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا اهـ . وَإِذَا أُضِيفَتِ السَّوْءَةُ إِلَى الْإِنْسَانِ أُرِيدَ بِهَا عَوْرَتُهُ الْفَاحِشَةُ ؛ لِأَنَّهُ يَسُوءُهُ ظُهُورُهَا بِمُقْتَضَى الْحَيَاءِ الْفِطْرِيِّ مَا لَمْ يُفْسِدْهُ بِتَعَوُّدِ إِظْهَارِهَا مَعَ آخَرِينَ فَيَرْتَفِعُ الْحَيَاءُ بَيْنَهُمْ ، وَجُمِعَتْ هُنَا عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي إِضَافَةِ الْمُثَنَّى إِلَى ضَمِيرِهِ إِذْ يَسْتَثْقِلُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ تَثْنِيَتَيْنِ فِيمَا هُوَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فَيَجْمَعُونَ الْمُضَافَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) ( 66 : 4 ) . وَسَنَذْكُرُ مَعْنَى مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْإِخْفَاءِ أَوِ الْمُوَارَاةِ لِسَوْآتِهِمَا عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ) ( 20 : 121 ) وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) أَيْ وَقَالَ فِيمَا وَسْوَسَ بِهِ لَهُمَا : مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَنْ تَأْكُلَا مِنْهَا إِلَّا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ : اتِّقَاءِ
[ ص: 310 ] أَنْ تَكُونَا بِالْأَكْلِ مِنْهَا مَلَكَيْنِ ، أَيْ كَالْمَلَكَيْنِ فِيمَا أُوتِيَ الْمَلَائِكَةُ مِنَ الْخَصَائِصِ كَالْقُوَّةِ وَطُولِ الْبَقَاءِ وَعَدَمِ التَّأَثُّرِ بِفَوَاعِلِ الْكَوْنِ الْمُؤْلِمَةِ وَالْمُتْعِبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ كَثِيرٍ " مَلِكَيْنِ " بِكَسْرِ اللَّامِ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الزَّجَّاجُ بِمَا حَكَاهُ تَعَالَى عَنِ الشَّيْطَانِ فِي سُورَةِ طَهَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=120قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) ( 20 : 120 ) وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْقِرَاءَةُ شَاذَّةٌ - أَوِ اتِّقَاءِ أَنْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ فِي الْجَنَّةِ ، أَوِ الَّذِينَ لَا يَمُوتُونَ أَلْبَتَّةَ . وَأَوْهَمَهُمَا أَنَّ الْأَكْلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يُعْطِي الْآكِلَ صِفَةَ الْمَلَائِكَةِ وَغَرَائِزَهُمْ وَيَقْتَضِي الْخُلُودَ فِي الْحَيَاةِ ، وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28809تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى آدَمَ ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْعَرْشِ مِنَ الْعَالِينَ وَالْمُقَرَّبِينَ دُونَ مَلَائِكَةِ الْأَرْضِ الْمُسَخَّرِينَ لِتَدْبِيرِ أُمُورِهَا الَّذِينَ كَانَ مَعْنَى سُجُودِهِمْ لَهُ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لِنَوْعِهِ جَمِيعَ قُوَى الْأَرْضِ وَعَوَالِمِهَا - وَذَكَرَ
الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنَّهَا أَحَدُ الدَّلَائِلِ عَلَى كَوْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=31770الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ سَجَدُوا لِآدَمَ هُمْ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ فَقَطْ ، وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=12816مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى عَدَمِ سُجُودِ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ( 38 : 75 ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَالِينَ خَوَاصُّ الْمَلَائِكَةِ .