[ ص: 377 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28978_30440_30412ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=45الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=46وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=47وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) بعد أن ذكر سبحانه النار وأهلها ، والجنة وأهلها ، بين لنا في هذه الآيات وما بعدها بعض ما يكون بين الفريقين - فريق الجنة وفريق السعير - من الحوار بعد استقرار كل منهما في داره ، وتمكنه في قراره ، وهي تدل على أن الدارين في عالم واحد ، أو أرض واحدة ، يفصل بينهما حجاب هو سور واحد لا يمنع من إشراف أهل الجنة وهم في عليين ؛ على أهل النار وهم في سجين من هاوية الجحيم ، فيخاطب بعضهم بعضا بما يزيد أهل الجنة عرفانا بقيمة نعمة الله عليهم ، ويزيد أهل النار حسرة على تفريطهم وشقاء على شقائهم ، ولا يقتضي هذا النوع من الاتصال القرب المعهود عندنا في الدنيا بين المتخاطبين ، وهو كون المسافة بينهما تقاس بالذراع أو الباع ، بل يجوز أن تكون بحيث تحدد بما عندنا من الأشهر أو الأيام ؛ لأن شأن الآخرة أن تغلب فيه الروحانية على المادة الجسدية ، فيمكن للإنسان أن يسمع من هو على بعد شاسع منه ويراه ، وقد كان هذا المعنى غريبا بعيدا عن المألوف عند أجدادنا الأولين ، ولا يكاد يوجد الآن في العالم المدني من يستبعده بعد اختراع البشر للآلات التي يتخاطبون بها من أبعاد ألوف الأميال ، إما بالإشارات الكاتبة كالتلغراف السلكي واللاسلكي ، أو بالكلام اللساني كالتليفون السلكي واللاسلكي ، وقد نبأتنا أخبار الاختراعات في الشمال بصنع آلة تجمع بين الرؤية والخطاب ، إن كان لما يتم صنعها فقد كاد . قال عز وجل :
[ ص: 378 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ) التعبير بالماضي عن المستقبل معهود في الأساليب العربية البليغة ، وأشهر نكته جعل المستقبل في تحقق وقوعه كالذي وقع بالفعل ، والمعنى : أن أصحاب الجنة سوف ينادون أصحاب النار حتى إذا ما وجهوا أبصارهم إليهم سألوهم سؤال تبجح وافتخار بحسن حالهم ، وتهكم وتذكير بما كان من جناية أهل النار على أنفسهم بتكذيب الرسل ، وتقرير لهم بصدق ما بلغوهم من وعد ربهم لمن آمن وأصلح بنعيم الجنة قائلين . قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وها نحن أولاء فيه ، فهل وجدتم ما وعد ربكم من آمن به وبما جاءت به رسله حقا ؟ .
قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وعدنا ربنا ) ولم يقولوا لأهل النار : ( وعدكم ربكم ) بل حذفوا المفعول - لأنه قد عرف حينئذ أن أهل الجنة محل لذلك الوعد بالجنة ، وأن أهل النار ليسوا محلا له ، فسألوهم عن الوعد المطلق كما وجه إلى الناس كافة في الدنيا على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام معلقا على الإيمان والتقوى والعمل الصالح في مثل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار ) ( 13 : 35 ) إلخ . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ) ( 47 : 15 ) إلخ . وقوله تعالى في حكاية دعاء الملائكة للذين تابوا واتبعوا سبيله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) ( 40 : 8 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=61جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب ) ( 19 : 61 ) وهذا ظاهر على القول بأن الوعد خاص بما كان في الخير ، وكذا على القول بأنه يشمل الخير والشر وهو الصحيح . ولكن الوعيد خاص بالشر أو السوء ، والمعنى حينئذ : فهل وجدتم ما وعد ربكم من آمن به واتقاه ، وما وعد به من كفر به وعصاه حقا بدخولنا الجنة ودخولكم النار ؟ وهذا يوافق قاعدة حذف المعمول لإفادة العموم ، والجمهور على أنه لا يكاد يطلق الوعد في الشر غير متعلق بالموعود به صراحة ولا ضمنا ؛ لأنه إذا أطلق ينصرف إلى الخير ، وأما إذا قيد بتعلقه بالشر فيجوز أن تكون تسميته توعدا للتهكم أو للمشاكلة إذا كان في مقابلة وعد الخير أو للتغليب ، فالأول : كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير ) ( 22 : 72 ) والثاني : كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ) ( 2 : 268 ) على أن لوعد الشيطان هنا نكتة أخرى ، وهو أنه شر في صورة الخير على سبيل الخداع ، فإنه عبارة عن الوسوسة للمرء بترك الصدقة وعمل البر اتقاء للفقر بذهاب ماله ، وتظهر مقابلة المشاكلة في وعد الله للمنافقين والمؤمنين في سورة التوبة ( 9 : 68 و 72 ) والثالث : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هذا ما وعد الرحمن ) ( 36 : 52 ) أشار إلى البعث . ولكن في التنزيل ما لا يظهر فيه شيء من الثلاثة ، كقوله في وعيد قوم
صالح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=65ذلك وعد غير مكذوب ) ( 11 : 65 ) وله نظائر ، على أن المتكلمين
[ ص: 379 ] قد صرحوا بجواز تخلف الوعيد وعدم جواز تخلف الوعد بناء على أن العرب تتمدح بذلك ، والعقلاء يعدونه فضلا ، وكيف يقبل هذا مع قول الله تعالى في الوعيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ) ( 22 : 47 ) وما في معناه من الآيات . نعم قد يصح قولهم في الوعيد المقيد ولو في نصوص أخرى بجواز العفو عنه كبعض المعاصي ، دون المؤكد أو المطلق الذي لا يقيده شيء .
وذهب بعض المفسرين إلى أن الوعد هنا بمعنى الوعيد ولو للمشاكلة ، وأن المفعول حذف تخفيفا للإيجاز أو للعلم به مما قبله ، والمعنى : فهل وجدتم ما أوعدكم ربكم من الخزي والهوان والعذاب حقا ؟ وقيل : بل المعنى فهل وجدتم ما وعدنا ربنا حقا ؟ وهذا ضعيف جدا ، وما قبله قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس و ( أن ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44أن قد وجدنا ) هي المفسرة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44قالوا نعم ) أي قال أهل النار : نعم قد وجدنا ما وعد ربنا حقا . قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي نعم بكسر العين ، وهي لغة فصيحة نسبت إلى
كنانة وهذيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين )
nindex.php?page=treesubj&link=30440_30412التأذين رفع الصوت بالإعلام بالشيء ، واللعنة عبارة عن الطرد والإبعاد مع الخزي والإهانة . أي فكان عقب هذا السؤال والجواب الذي قامت به الحجة على الكافرين أن أذن مؤذن قائلا : لعنة الله على الظالمين لأنفسهم ، الجانين عليها بما أوجب حرمانها من النعيم المقيم ، وارتكاسها في عذاب الجحيم ، والظالمين للناس بما يصفهم به في الآية التالية ، ونكر المؤذن لأن معرفته غير مقصودة ، بل المقصود الإعلام بما يقوله هنالك للتخويف منه هنا ، ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء ، وهو من أمور الغيب التي لا تعلم علما صحيحا إلا بالتوقيف المستند إلى الوحي . ولكن المعهود في أمور عالم الغيب ولا سيما الآخرة أن يتولى مثل ذلك فيها ملائكة الله عز وجل .
قال
الآلوسي : هو على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه صاحب الصور عليه السلام ، وقيل :
مالك خازن النار ، وقيل : ملك من الملائكة غيرهما يأمره الله بذلك . ورواية
الإمامية عن
الرضا nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أنه
علي كرم الله وجهه مما لم يثبت من طريق أهل السنة ، وبعيد عن هذا الإمام أن يكون مؤذنا وهو إذ ذاك في حظائر القدس اهـ . وأقول : إن واضعي كتب الجرح والتعديل لرواة الآثار لم يضعوها على قواعد المذاهب وقد كان في أئمتهم من يعد من شيعة
علي وآله
كعبد الرزاق والحاكم ، وما منهم أحد إلا وقد عدل كثيرا من الشيعة في روايتهم ، فإذا ثبتت هذه الرواية بسند صحيح قبلناها ، ولا نرى كونه في حظائر القدس مانعا منها ، ولو كنا نعقل لإسناد هذا التأذين إليه كرم الله وجهه معنى يعد به فضيلة أو مثوبة عند الله تعالى لقبلنا الرواية بما دون السند الصحيح ، ما لم يكن موضوعا
[ ص: 380 ] أو معارضا برواية أقوى سندا أو أصح متنا . قرأ
ابن كثير وابن عامر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( أن لعنة الله ) بفتح الهمزة وتشديد النون ونصب لعنة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش بكسر الهمزة على تقدير القول ، والباقون بفتح الهمزة وتخفيف النون على أنها المفسرة ، أو المخففة من الثقيلة ورفع لعنة .
[ ص: 377 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28978_30440_30412وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=45الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=46وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=47وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ النَّارَ وَأَهْلَهَا ، وَالْجَنَّةَ وَأَهْلَهَا ، بَيَّنَ لَنَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا بَعْدَهَا بَعْضَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ - فَرِيقِ الْجَنَّةِ وَفَرِيقِ السَّعِيرِ - مِنَ الْحِوَارِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي دَارِهِ ، وَتَمَكُّنِهِ فِي قَرَارِهِ ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّارَيْنِ فِي عَالَمٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ هُوَ سُورٌ وَاحِدٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ إِشْرَافِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُمْ فِي عِلِّيِّينَ ؛ عَلَى أَهْلِ النَّارِ وَهُمْ فِي سِجِّينٍ مِنْ هَاوِيَةِ الْجَحِيمِ ، فَيُخَاطِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِمَا يَزِيدُ أَهْلَ الْجَنَّةِ عِرْفَانًا بِقِيمَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَيَزِيدُ أَهْلَ النَّارِ حَسْرَةً عَلَى تَفْرِيطِهِمْ وَشَقَاءً عَلَى شَقَائِهِمْ ، وَلَا يَقْتَضِي هَذَا النَّوْعُ مِنَ الِاتِّصَالِ الْقُرْبَ الْمَعْهُودَ عِنْدَنَا فِي الدُّنْيَا بَيْنَ الْمُتَخَاطِبِينَ ، وَهُوَ كَوْنُ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا تُقَاسُ بِالذِّرَاعِ أَوِ الْبَاعِ ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ تُحَدَّدُ بِمَا عِنْدَنَا مِنَ الْأَشْهُرِ أَوِ الْأَيَّامِ ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْآخِرَةِ أَنْ تَغْلِبَ فِيهِ الرُّوحَانِيَّةُ عَلَى الْمَادَّةِ الْجَسَدِيَّةِ ، فَيُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْمَعَ مَنْ هُوَ عَلَى بُعْدٍ شَاسِعٍ مِنْهُ وَيَرَاهُ ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى غَرِيبًا بَعِيدًا عَنِ الْمَأْلُوفِ عِنْدَ أَجْدَادِنَا الْأَوَّلِينَ ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ الْآنَ فِي الْعَالَمِ الْمَدَنِيِّ مَنْ يَسْتَبْعِدُهُ بَعْدَ اخْتِرَاعِ الْبَشَرِ لِلْآلَاتِ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا مِنْ أَبْعَادِ أُلُوفِ الْأَمْيَالِ ، إِمَّا بِالْإِشَارَاتِ الْكَاتِبَةِ كَالتِّلِغْرَافِ السِّلْكِيِّ وَاللَّاسِلْكِيِّ ، أَوْ بِالْكَلَامِ اللِّسَانِيِّ كَالتِّلِيفُونِ السِّلْكِيِّ وَاللَّاسِلْكِيِّ ، وَقَدْ نَبَّأَتْنَا أَخْبَارُ الِاخْتِرَاعَاتِ فِي الشَّمَالِ بِصُنْعِ آلَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْخِطَابِ ، إِنْ كَانَ لَمَّا يَتِمَّ صُنْعُهَا فَقَدْ كَادَ . قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
[ ص: 378 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ) التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ مَعْهُودٌ فِي الْأَسَالِيبِ الْعَرَبِيَّةِ الْبَلِيغَةِ ، وَأَشْهَرُ نُكَتِهِ جَعْلُ الْمُسْتَقْبَلِ فِي تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ كَالَّذِي وَقَعَ بِالْفِعْلِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ سَوْفَ يُنَادُونَ أَصْحَابَ النَّارِ حَتَّى إِذَا مَا وَجَّهُوا أَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِمْ سَأَلُوهُمْ سُؤَالَ تَبَجُّحٍ وَافْتِخَارٍ بِحُسْنِ حَالِهِمْ ، وَتَهَكُّمٍ وَتَذْكِيرٍ بِمَا كَانَ مِنْ جِنَايَةِ أَهْلِ النَّارِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ ، وَتَقْرِيرٍ لَهُمْ بِصِدْقِ مَا بَلَّغُوهُمْ مِنْ وَعْدِ رَبِّهِمْ لِمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ قَائِلِينَ . قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا وَهَا نَحْنُ أُولَاءِ فِيهِ ، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ حَقًّا ؟ .
قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وَعدَنَا رَبُّنَا ) وَلَمْ يَقُولُوا لِأَهْلِ النَّارِ : ( وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ ) بَلْ حَذَفُوا الْمَفْعُولَ - لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ حِينَئِذٍ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ مَحَلٌّ لِذَلِكَ الْوَعْدِ بِالْجَنَّةِ ، وَأَنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيْسُوا مَحَلًّا لَهُ ، فَسَأَلُوهُمْ عَنِ الْوَعْدِ الْمُطْلَقِ كَمَا وُجِّهَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً فِي الدُّنْيَا عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُعَلَّقًا عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) ( 13 : 35 ) إِلَخْ . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) ( 47 : 15 ) إِلَخْ . وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حِكَايَةِ دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ لِلَّذِينِ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَاتِهِمْ ) ( 40 : 8 ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=61جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ) ( 19 : 61 ) وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَعْدَ خَاصٌّ بِمَا كَانَ فِي الْخَيْرِ ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ . وَلَكِنَّ الْوَعِيدَ خَاصٌّ بِالشَّرِّ أَوِ السُّوءِ ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ : فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّقَاهُ ، وَمَا وَعَدَ بِهِ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَعَصَاهُ حَقًّا بِدُخُولِنَا الْجَنَّةَ وَدُخُولِكُمُ النَّارَ ؟ وَهَذَا يُوَافِقُ قَاعِدَةَ حَذْفِ الْمَعْمُولِ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكَادُ يُطْلَقُ الْوَعْدُ فِي الشَّرِّ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَوْعُودِ بِهِ صَرَاحَةً وَلَا ضِمْنًا ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ إِلَى الْخَيْرِ ، وَأَمَّا إِذَا قُيِّدَ بِتَعَلُّقِهِ بِالشَّرِّ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَسْمِيَتُهُ تَوَعُّدًا لِلتَّهَكُّمِ أَوْ لِلْمُشَاكَلَةِ إِذَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ وَعْدِ الْخَيْرِ أَوْ لِلتَّغْلِيبِ ، فَالْأَوَّلُ : كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) ( 22 : 72 ) وَالثَّانِي : كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ) ( 2 : 268 ) عَلَى أَنَّ لِوَعْدِ الشَّيْطَانِ هُنَا نُكْتَةً أُخْرَى ، وَهُوَ أَنَّهُ شَرٌّ فِي صُورَةِ الْخَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الْخِدَاعِ ، فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَسْوَسَةِ لِلْمَرْءِ بِتَرْكِ الصَّدَقَةِ وَعَمَلِ الْبِرِّ اتِّقَاءً لِلْفَقْرِ بِذَهَابِ مَالِهِ ، وَتَظْهَرُ مُقَابَلَةُ الْمُشَاكَلَةِ فِي وَعْدِ اللَّهِ لِلْمُنَافِقِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ ( 9 : 68 و 72 ) وَالثَّالِثُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ ) ( 36 : 52 ) أَشَارَ إِلَى الْبَعْثِ . وَلَكِنْ فِي التَّنْزِيلِ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ ، كَقَوْلِهِ فِي وَعِيدِ قَوْمِ
صَالِحٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=65ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) ( 11 : 65 ) وَلَهُ نَظَائِرُ ، عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ
[ ص: 379 ] قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ تَخَلُّفِ الْوَعِيدِ وَعَدَمِ جَوَازِ تَخَلُّفِ الْوَعْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تَتَمَدَّحُ بِذَلِكَ ، وَالْعُقَلَاءَ يَعُدُّونَهُ فَضْلًا ، وَكَيْفَ يُقْبَلُ هَذَا مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوَعِيدِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ) ( 22 : 47 ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْآيَاتِ . نَعَمْ قَدْ يَصِحُّ قَوْلُهُمْ فِي الْوَعِيدِ الْمُقَيَّدِ وَلَوْ فِي نُصُوصٍ أُخْرَى بِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْهُ كَبَعْضِ الْمَعَاصِي ، دُونَ الْمُؤَكَّدِ أَوِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَا يُقَيِّدُهُ شَيْءٌ .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْوَعْدَ هُنَا بِمَعْنَى الْوَعِيدِ وَلَوْ لِلْمُشَاكَلَةِ ، وَأَنَّ الْمَفْعُولَ حُذِفَ تَخْفِيفًا لِلْإِيجَازِ أَوْ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ ، وَالْمَعْنَى : فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا أَوْعَدَكُمْ رَبُّكُمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالْهَوَانِ وَالْعَذَابِ حَقًّا ؟ وَقِيلَ : بَلِ الْمَعْنَى فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا ؟ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَمَا قَبْلَهُ قَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ( أَنْ ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44أَنْ قَدْ وَجَدْنَا ) هِيَ الْمُفَسِّرَةُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44قَالُوا نَعَمْ ) أَيْ قَالَ أَهْلُ النَّارِ : نَعَمْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَ رَبُّنَا حَقًّا . قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ نَعِمْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ، وَهِيَ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ نُسِبَتْ إِلَى
كِنَانَةَ وَهُذَيْلٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )
nindex.php?page=treesubj&link=30440_30412التَّأْذِينُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِعْلَامِ بِالشَّيْءِ ، وَاللَّعْنَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ مَعَ الْخِزْيِ وَالْإِهَانَةِ . أَيْ فَكَانَ عَقِبَ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى الْكَافِرِينَ أَنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قَائِلًا : لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ ، الْجَانِينَ عَلَيْهَا بِمَا أَوْجَبَ حِرْمَانَهَا مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، وَارْتِكَاسَهَا فِي عَذَابِ الْجَحِيمِ ، وَالظَّالِمِينَ لِلنَّاسِ بِمَا يَصِفُهُمْ بِهِ فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ ، وَنُكِّرَ الْمُؤَذِّنُ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ ، بَلِ الْمَقْصُودُ الْإِعْلَامُ بِمَا يَقُولُهُ هُنَالِكَ لِلتَّخْوِيفِ مِنْهُ هُنَا ، وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ عِلْمًا صَحِيحًا إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الْوَحْيِ . وَلَكِنَّ الْمَعْهُودَ فِي أُمُورِ عَالَمِ الْغَيْبِ وَلَا سِيَّمَا الْآخِرَةُ أَنْ يَتَوَلَّى مِثْلَ ذَلِكَ فِيهَا مَلَائِكَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ
الْآلُوسِيُّ : هُوَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبُ الصُّورِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقِيلَ :
مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ ، وَقِيلَ : مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ غَيْرُهُمَا يَأْمُرُهُ اللَّهُ بِذَلِكَ . وَرِوَايَةُ
الْإِمَامِيَّةِ عَنِ
الرِّضَا nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ
عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَبَعِيدٌ عَنْ هَذَا الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ إِذْ ذَاكَ فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ اهـ . وَأَقُولُ : إِنَّ وَاضِعِي كُتُبِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِرُوَاةِ الْآثَارِ لَمْ يَضَعُوهَا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ كَانَ فِي أَئِمَّتِهِمْ مَنْ يُعَدُّ مِنْ شِيعَةِ
عَلَيٍّ وَآلِهِ
كَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالْحَاكِمِ ، وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ عَدَّلَ كَثِيرًا مِنَ الشِّيعَةِ فِي رِوَايَتِهِمْ ، فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَبِلْنَاهَا ، وَلَا نَرَى كَوْنَهُ فِي حَظَائِرِ الْقُدْسِ مَانِعًا مِنْهَا ، وَلَوْ كُنَّا نَعْقِلُ لِإِسْنَادِ هَذَا التَّأْذِينِ إِلَيْهِ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مَعْنًى يُعَدُّ بِهِ فَضِيلَةً أَوْ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَقَبِلْنَا الرِّوَايَةَ بِمَا دُونَ السَّنَدِ الصَّحِيحِ ، مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضُوعًا
[ ص: 380 ] أَوْ مُعَارَضًا بِرِوَايَةٍ أَقْوَى سَنَدًا أَوْ أَصَحَّ مَتْنًا . قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَنَصْبِ لَعْنَةٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا الْمُفَسِّرَةُ ، أَوِ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَرَفْعِ لَعْنَةٍ .