فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين   تقدمت هذه الجملة بنصها في بيان عذاب قوم صالح  عليه السلام من هذه السورة ( الآية : 78 ) فيراجع تفسيرها في مكانها من الجزء الثامن ، وفيه أنه عبر عن عذابهم في سورة هود بالصيحة بدل الرجفة ، وكذلك قوم شعيب  ، والرجفة : المرة من الرجف ، وهو الحركة والاضطراب ، ويصدق برجفان الأرض وهو الزلزلة ، ومنه : يوم ترجف الأرض والجبال    ( 73 : 14 ) وبرجفان القلوب من الهول والخوف ، ومنه قول عائشة  ـ رضي الله عنها ـ في حديث بدء الوحي :   " فرجع بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرجف فؤاده " والراجح هنا الأول ، والمعنى : فأخذتهم الزلزلة فأصبحوا في دارهم باركين على ركبهم أو منكبين على وجوههم ميتين ، فهذا عذاب أهل مدين   عبر عنه هنا بالرجفة وفي سورة هود  بالصيحة ، كعذاب ثمود  في السورتين ، وقد بينا وجه الجمع بينهما . 
وفي سورة الشعراء ، أن الله تعالى أرسل شعيبا  إلى أصحاب الأيكة  ، وهم غير مدين  ، فإنه وصفه في سورة الأعراف بأنه أخو مدين  أي في النسب كما تقدم ، ولم يصفه في سورة   [ ص: 12 ] الشعراء بذلك كما وصف من ذكر قبله : نوحا  ، وهودا  ، وصالحا  ، ولوطا  عليهم السلام ، وقد أخرج  إسحاق بن بشر  ،  وابن عساكر  ، عن  ابن عباس  ، في قوله تعالى من سورة الشعراء : كذب أصحاب الأيكة المرسلين    ( 26 : 176 ) قالوا : كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين  إلخ ، فأفاد هذا أن الله تعالى أرسله إلى قومه أهل مدين   ، وإلى من اتصل بهم إلى ساحل البحر الأحمر ، وأن حال الفريقين في الكفر والمعاصي كانت واحدة ، وكان ينذرهم متنقلا بينهم في زمن واحد ، فلا يبعد حينئذ أن يكون العذاب قد أخذ الفريقين في وقت واحد أو وقتين متقاربين ، فكان عذاب مدين  بالرجفة والصيحة  المصاحبة لها ، وعذاب أصحاب الأيكة بالسموم ، وشدة الحر  الذي انتهى بظلة من السحاب ، فزعوا إليها يبتردون بظلها ، فأطبقت عليهم ، فاختلفوا بها أجمعون ، وذهب بعض المفسرين إلى أن عقاب الفريقين واحد ، وسيأتي بيان ذلك في تفسير سورة الشعراء إن شاء الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					