nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=102وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين وجه الخطاب في هاتين الآيتين إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأجل
nindex.php?page=treesubj&link=32016تسليته وتثبيت فؤاده بما في قصص أولئك الرسل مع أقوامهم من العبر والسنن التي بين فقهها ، وما فيها من الحكم في الآيات السبع التي قبلهما . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101تلك القرى نقص عليك من أنبائها كلام مستأنف قفى به على جملة قصص الرسل عليهم السلام التي تقدمت ، وما عطف عليها من بيان حكمها وفقهها فكانت كالفذلكة لها ، فالقرى هنا هي المعهودة في هذه القصص ، وحكمة تخصيصها بالذكر أنها كانت في بلاد العرب مما جاورها ، وكان من بعد
قوم نوح من العرب ، وكان
أهل مكة وغيرهم من العرب الذين هم أول من وجهت إليهم دعوة الإسلام يتناقلون بعض أخبارهم مبهمة مجملة ، وكانت على هذا كله قد طبعت على غرار واحد في تكذيب الرسل ، والتماري فيما جاءوا به من النذر ، إلى أن حل بهم النكال ، وأخذوا بعذاب الاستئصال ، فالعبرة فيها كلها واحدة ، وليس كذلك
قوم موسى فإنهم آمنوا ، وإنما كذب
فرعون وملؤه فعذبوا ، ولذلك أخر قصته .
والمعنى : تلك القرى التي بعد عهدها ، وطال الأمد على تاريخها ، وجهل قومك أيها الرسول حقيقة حالها ، نقص عليك الآن بعض أنبائها ، وهو ما فيه العبر منها ، وإنما قال : نقص لا قصصنا ؛ لأن هذه الآية نزلت مع تلك القصص لا بعدها .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل أي : ولقد جاء أهل تلك القرى رسلهم
[ ص: 30 ] بالبينات الدالة على صدق دعوتهم ، وبالآيات التي اقترحوها عليهم لإقامة حجتهم ، بأن جاء كل رسول قومه بما أعذر به إليهم ، فلم يكن من شأنهم أن يؤمنوا بعد مجيء البينات بما كانوا كذبوا به من قبل مجيئها عند بدء الدعوة إلى توحيد الله تعالى وعبادته وحده بما شرعه ، وترك الشرك والمعاصي ، وقيل : إن الباء للسببية ، والمعنى : فما كانوا ليؤمنوا بعد بعثته ؛ بسبب تعودهم تكذيب الحق قبلها ، وهو تأويل واه جدا فإن قوله : فما كانوا نفي للشأن ، وليس من شأن كل من كذب بشيء أن يصر عليه بعد ظهور البينات على خطئه فيه ، ولكن شأن بعض المكذبين عنادا أو تقليدا أن يصروا عليه بعد إقامة البينة ؛ لأنها لا قيمة لها عندهم ، فهم إما جاحد معاند ضل على علم ، وإما مقلد يأبى النظر والعلم ، على أن ما قالوه لا يفهم من الآية إلا بتكلف يخالفه المتبادر من اللفظ ، فالعجب ممن اقتصر عليه ؛ ولم يفهم غيره ، وسيأتي في سورة يونس بعد ذكرخلاصة قصة
نوح عليه السلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين ( 10 : 74 ) فالمراد بهؤلاء الرسل الذين بعثوا بعد
نوح من ذكروا في سورة الأعراف ؛ ولذلك قال هنا وهنالك :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=75ثم بعثنا من بعدهم موسى وحينئذ يحتمل أن يقال في آية الأعراف : إن أهل تلك القرى في جملتهم ومجموعهم لم يكن من شأنهم أن يؤمن المتأخر منهم بما كذب به المتقدم ، وهم
قوم نوح بالنسبة إلى الجميع ، ثم
قوم هود بالنسبة إلى
قوم صالح إلخ ، والراجح المختار هو الأول ويليه هذا ، والثاني باطل ألبتة .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين أي : مثل هذا الذي وصف من عناد هؤلاء وإصرارهم على ضلالهم ، وعدم تأثير الدلائل والبينات في عقولهم ، يكون الطبع على قلوب الذين صار الكفر صفة لازمة لهم ، بحسب سنة الله تعالى في أخلاق البشر وشئونهم ، وذلك بأن يأنسوا بالكفر وأعماله ؛ حتى تستحوذ أوهامه على أفكارهم ، ويملأ حب شهواته جوانب قلوبهم ، ويصير وجدانا تقليديا لهم ، لا يقبلون فيه بحثا ، ولا يسمعون فيه نقدا ، فيكون كالسكة التي طبعت في أثناء لين معدنها بصهره وإذابته ثم جمدت فلا تقبل نقشا ولا شكلا آخر .
ومن وجوه تسلية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالآية إعلامه أن من وصلوا بالإصرار على الجحود والعناد أو التقاليد إلى هذه الدرجة من فساد الفطرة ، وإهمال استعمال العقل لا يؤمنون بالبينات وإن وضحت ، ولا بالآيات وإن اقترحت ، فقد كان كفار
مكة يقترحون عليه الآيات ، وكان يتمنى أن يؤتيه الله وما اقترحوا منها حرصا على إيمانهم ، حتى بين الله تعالى له هذه الحقائق من طباع البشر وأخلاقهم ، وتقدم هذا البيان في آيات من أوائل سورة
[ ص: 31 ] الأنعام وأثنائها ، ومما يناسب ما هنا منها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ( 6 : 109 ، 110 ) فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110كما لم يؤمنوا به أول مرة بمعنى قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=102وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ وَجَّهَ الْخِطَابَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَجْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=32016تَسْلِيَتِهِ وَتَثْبِيتِ فُؤَادِهِ بِمَا فِي قَصَصِ أُولَئِكَ الرُّسُلِ مَعَ أَقْوَامِهِمْ مِنَ الْعِبَرِ وَالسُّنَنِ الَّتِي بَيَّنَ فِقْهَهَا ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ فِي الْآيَاتِ السَّبْعِ الَّتِي قَبْلَهُمَا . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ قَفَى بِهِ عَلَى جُمْلَةِ قَصَصِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ ، وَمَا عَطَفَ عَلَيْهَا مِنْ بَيَانِ حِكَمِهَا وَفِقْهِهَا فَكَانَتْ كَالْفَذْلَكَةِ لَهَا ، فَالْقُرَى هُنَا هِيَ الْمَعْهُودَةُ فِي هَذِهِ الْقَصَصِ ، وَحِكْمَةُ تَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ مِمَّا جَاوَرَهَا ، وَكَانَ مِنْ بَعْدِ
قَوْمِ نُوحٍ مِنَ الْعَرَبِ ، وَكَانَ
أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ هُمْ أَوَّلَ مَنْ وُجِّهَتْ إِلَيْهِمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ يَتَنَاقَلُونَ بَعْضَ أَخْبَارِهِمْ مُبْهَمَةً مُجْمَلَةً ، وَكَانَتْ عَلَى هَذَا كُلِّهِ قَدْ طُبِعَتْ عَلَى غِرَارٍ وَاحِدٍ فِي تَكْذِيبِ الرُّسُلِ ، وَالتَّمَارِي فِيمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ النُّذُرِ ، إِلَى أَنْ حَلَّ بِهِمُ النَّكَالُ ، وَأُخِذُوا بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ ، فَالْعِبْرَةُ فِيهَا كُلِّهَا وَاحِدَةٌ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ
قَوْمُ مُوسَى فَإِنَّهُمْ آمَنُوا ، وَإِنَّمَا كَذَّبَ
فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ فَعُذِّبُوا ، وَلِذَلِكَ أَخَّرَ قِصَّتَهُ .
وَالْمَعْنَى : تِلْكَ الْقُرَى الَّتِي بَعُدَ عَهْدُهَا ، وَطَالَ الْأَمَدُ عَلَى تَارِيخِهَا ، وَجَهَلَ قَوْمُكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ حَالِهَا ، نَقُصُّ عَلَيْكَ الْآنَ بَعْضَ أَنْبَائِهَا ، وَهُوَ مَا فِيهِ الْعِبَرُ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا قَالَ : نَقُصُّ لَا قَصَصْنَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ مَعَ تِلْكَ الْقَصَصِ لَا بَعْدَهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ أَيْ : وَلَقَدْ جَاءَ أَهْلَ تِلْكَ الْقُرَى رُسُلُهُمْ
[ ص: 30 ] بِالْبَيِّنَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ دَعْوَتِهِمْ ، وَبِالْآيَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا عَلَيْهِمْ لِإِقَامَةِ حُجَّتِهِمْ ، بِأَنْ جَاءَ كُلُّ رَسُولٍ قَوْمَهُ بِمَا أَعْذَرَ بِهِ إِلَيْهِمْ ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بَعْدَ مَجِيءِ الْبَيِّنَاتِ بِمَا كَانُوا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلِ مَجِيئِهَا عِنْدَ بَدْءِ الدَّعْوَةِ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ بِمَا شَرَعَهُ ، وَتَرْكِ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي ، وَقِيلَ : إِنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ ، وَالْمَعْنَى : فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بَعْدَ بَعْثَتِهِ ؛ بِسَبَبِ تَعَوُّدِهِمْ تَكْذِيبَ الْحَقِّ قَبْلَهَا ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ وَاهٍ جِدًّا فَإِنَّ قَوْلَهُ : فَمَا كَانُوا نَفْيٌ لِلشَّأْنِ ، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ كُلِّ مَنْ كَذَّبَ بِشَيْءٍ أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِ الْبَيِّنَاتِ عَلَى خَطَئِهِ فِيهِ ، وَلَكِنْ شَأْنُ بَعْضِ الْمُكَذِّبِينَ عِنَادًا أَوْ تَقْلِيدًا أَنْ يُصِرُّوا عَلَيْهِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَهُمْ ، فَهُمْ إِمَّا جَاحِدٌ مُعَانِدٌ ضَلَّ عَلَى عِلْمٍ ، وَإِمَّا مُقَلِّدٌ يَأْبَى النَّظَرَ وَالْعِلْمَ ، عَلَى أَنَّ مَا قَالُوهُ لَا يُفْهَمُ مِنَ الْآيَةِ إِلَّا بِتَكَلُّفٍ يُخَالِفُهُ الْمُتَبَادَرُ مِنَ اللَّفْظِ ، فَالْعَجَبُ مِمَّنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ؛ وَلَمْ يَفْهَمْ غَيْرَهُ ، وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ يُونُسَ بَعْدَ ذِكْرِخُلَاصَةِ قِصَّةِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ( 10 : 74 ) فَالْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الرُّسُلِ الَّذِينَ بُعِثُوا بَعْدَ
نُوحٍ مَنْ ذُكِرُوا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ هُنَا وَهُنَالِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=75ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي آيَةِ الْأَعْرَافِ : إِنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْقُرَى فِي جُمْلَتِهِمْ وَمَجْمُوعِهِمْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُؤْمِنَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمْ بِمَا كَذَّبَ بِهِ الْمُتَقَدِّمُ ، وَهُمْ
قَوْمُ نُوحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَمِيعِ ، ثُمَّ
قَوْمُ هُودٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى
قَوْمِ صَالِحٍ إِلَخْ ، وَالرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ وَيَلِيهِ هَذَا ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ أَلْبَتَّةَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ أَيْ : مِثْلَ هَذَا الَّذِي وُصِفَ مِنْ عِنَادِ هَؤُلَاءِ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ ، وَعَدَمِ تَأْثِيرِ الدَّلَائِلِ وَالْبَيِّنَاتِ فِي عُقُولِهِمْ ، يَكُونُ الطَّبْعُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ صَارَ الْكُفْرُ صِفَةً لَازِمَةً لَهُمْ ، بِحَسَبِ سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَخْلَاقِ الْبَشَرِ وُشُئُونِهِمْ ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْنَسُوا بِالْكُفْرِ وَأَعْمَالِهِ ؛ حَتَّى تَسْتَحْوِذَ أَوْهَامُهُ عَلَى أَفْكَارِهِمْ ، وَيَمْلَأَ حُبُّ شَهَوَاتِهِ جَوَانِبَ قُلُوبِهِمْ ، وَيَصِيرَ وِجْدَانًا تَقْلِيدِيًّا لَهُمْ ، لَا يَقْبَلُونَ فِيهِ بَحْثًا ، وَلَا يَسْمَعُونَ فِيهِ نَقْدًا ، فَيَكُونُ كَالسِّكَّةِ الَّتِي طُبِعَتْ فِي أَثْنَاءِ لِينِ مَعْدَنِهَا بِصَهْرِهِ وَإِذَابَتِهِ ثُمَّ جَمَدَتْ فَلَا تَقْبَلُ نَقْشًا وَلَا شَكْلًا آخَرَ .
وَمِنْ وُجُوهِ تَسْلِيَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِالْآيَةِ إِعْلَامُهُ أَنَّ مَنْ وَصَلُوا بِالْإِصْرَارِ عَلَى الْجُحُودِ وَالْعِنَادِ أَوِ التَّقَالِيدِ إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنْ فَسَادِ الْفِطْرَةِ ، وَإِهْمَالِ اسْتِعْمَالِ الْعَقْلِ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَإِنْ وَضَحَتْ ، وَلَا بِالْآيَاتِ وَإِنِ اقْتَرَحَتْ ، فَقَدْ كَانَ كَفَّارُ
مَكَّةَ يَقْتَرِحُونَ عَلَيْهِ الْآيَاتِ ، وَكَانَ يَتَمَنَّى أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ وَمَا اقْتَرَحُوا مِنْهَا حِرْصًا عَلَى إِيمَانِهِمْ ، حَتَّى بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ هَذِهِ الْحَقَائِقَ مِنْ طِبَاعِ الْبَشَرِ وَأَخْلَاقِهِمْ ، وَتَقَدَّمَ هَذَا الْبَيَانُ فِي آيَاتٍ مِنْ أَوَائِلِ سُورَةِ
[ ص: 31 ] الْأَنْعَامِ وَأَثْنَائِهَا ، وَمِمَّا يُنَاسِبُ مَا هُنَا مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ( 6 : 109 ، 110 ) فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِمَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=101فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ .