nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=132nindex.php?page=treesubj&link=28978_31913وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=133فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين قلنا : إن القوم لم يتربوا بالحسنات ولا بالسيئات ، ولم يذعنوا لما أيد الله به تعالى
موسى من الآيات ، بل أصروا بعد إيمان كبار السحرة على عد آيتي
موسى من السحر
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=132وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين [ ص: 78 ] ( مهما ) اسم شرط يدل على العموم ، والمعنى : أنك إن تجئنا بكل نوع من أنواع الآيات التي تستدل بها على أحقية دعوتك ؛ لأجل أن تسحرنا بها ؛ أي : تصرفنا بها - بدقة ولطف في التأثير - عما نحن عليه من ديننا ، ومن تسخيرنا لقومك في خدمتنا ، وضرب اللبن لمبانينا - فما نحن لك بمصدقين ، ولا لرسالتك بمتبعين .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=133فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين أي : فأنزلنا عليهم هذه المصائب والنكبات ، حال كونها آيات بينات على صدق رسالة عبدنا
موسى بأن توعدهم بها قبل وقوع كل واحدة منها تفصيلا لا إجمالا ؛ لتكون دلالتها على صدقه واضحة لا تحتمل التأويل بأنها وقعت بأسباب لها لا دخل لرسالته فيها - فاستكبروا عن الإيمان به استكبارا ، مع اعتقاد صحة رسالته ، وصدق دعوته باطنا ، وكانوا قوما راسخين في الإجرام والذنوب مصرين عليها فلا يهون عليهم تركها .
جاء في سورة الإسراء - أو
بني إسرائيل - أن الله تعالى أعطى
موسى تسع آيات بينات ، وقد عد هنا منها خمسا ، وهي مذكورة في التوراة على غير هذا الترتيب ، وهو غير مراد ، وعطف بعضها على بعض بالواو لا يقتضيه .
فأما الطوفان فمعناه في اللغة : ما طاف بالشيء وغشيه ، وغلب في طوفان الماء ، سواء كان من السماء أو الأرض ، وكذا كل ما ينزل من السماء بكثرة تغشى الأرض . قال
ابن كثير : اختلفوا في معناه فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في روايات كثيرة : الأمطار المغرقة المتلفة للزرع والثمار ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواية أخرى : هو كثرة الموت ، وكذا قال
عطاء ، وقال
مجاهد : الطوفان : الماء والطاعون على كل حال ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : حدثنا
ابن هشام الرفاعي : حدثنا
يحيى بن هيمان : حدثنا
المنهال بن خليفة ، عن
الحجاج ، عن
الحكم بن مينا ، عن
عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "
الطوفان الموت " وكذا رواه
ابن مردويه من حديث
يحيى بن هيمان به ، وهو حديث غريب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية أخرى : هو أمر من الله طاف بهم ثم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=19فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ( 68 : 19 ) ا هـ .
أقول : أما حديث
عائشة المرفوع فهو ضعيف لا يثبت بمثله قول مخالف للمتبادر من اللغة -
فيحيى بن هيمان الذي انفرد به هو
الكوفي العجلي كان من العباد ضعفه الإمام
أحمد وقال : حدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري بعجائب ، وقال غيره : إنه كان صدوقا لا يتعمد الكذب ، ولكنه كثير الخطأ والنسيان ، وقد أصيب بالفالج فتغير حفظه ، وهذا هو الصواب ،
والمنهال بن خليفة العجلي الكوفي الذي روى عنه ؛ ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وغيرهما ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حديثه منكر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير فلا يجوز الاحتجاج به ، وهذا طعن مبين .
[ ص: 79 ] السبب فهو مقدم على توثيق
البزار له ، وكذلك
الحجاج وهو ابن أرطاة الكوفي القاضي مدلس ضعيف لا يحتج به ، وأولى الآثار بالقبول قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الأول الموافق المتبادر من اللغة ؛ أي : طوفان المطر ، وما عدا ذلك فمن الإسرائيليات ، وأولاها بالقبول ما لا يخالف القرآن من أسفار التوراة نفسها ، وهو ما ننقله عنها : جاء في الفصل التاسع من سفر الخروج : ( 13 ) ثم قال الرب
لموسى : بكر في الغداة ، وقف بين يدي
فرعون ، وقل له : " كذا قال الرب إله العبرانيين أطلق شعبي ليعبدوني ( 14 ) فإني في هذه المرة منزل جميع ضرباتي على قلبك ، وعلى عبيدك وشعبك ؛ لكي تعلم أنه ليس مثلي في جميع الأرض ، وأنا ( 15 ) الآن أمد يدي وأضربك أنت وشعبك بالوباء فتضمحل من الأرض ( 16 ) غير أني لهذا أبقيك ؛ لكي أريك قوتي ؛ ولكي يخبر باسمي في جميع الأرض ، ( 17 ) وأنت لم تزل مقاوما لشعبي ( 18 ) ها أنا ( ؟ ) ممطر في مثل هذا الوقت من غد بردا عظيما جدا لم يكن مثله في
مصر منذ يوم أسست إلى الآن " ثم ذكر وقوع البرد مع نار من السماء ، ووصف عظمته وشموله لجميع بلاد
مصر ، وأن
فرعون طلب
موسى وهارون ، واعترف لهما بخطئه ، وطلب منهما أن يشفعا إلى الرب ليكف هذه النكبة عن
مصر ، ووعدهما بإطلاق
بني إسرائيل . وقال في ختام ذلك : ( 33 ) فخرج
موسى من المدينة من لدن
فرعون ، وبسط يديه إلى الرب فكفت الرعود والبرد ، ولم يعد المطر يهطل على الأرض " ا هـ ، ولم يذكر المطر عند الوعيد ، بل ذكر هنا عند كف النكبة .
وأما الجراد فهو معروف ، وقد ذكر في التوراة بعد الطوفان ، ففيها بعد ما تقدم أن
فرعون قسا قلبه فلم يطلق
بني إسرائيل ، فأخبر الرب
موسى - كما في الفصل العاشر - " بأنه قسا قلبه وقلوب عبيده ليريهم آياته ، ولكي يقص
موسى على ابنه وابن ابنه ( كذا ) ما فعل بالمصريين ، وأمره بأن ينذره بإرسال الجراد عليهم فيأكل ما سلم من النبات والشجر فلم يحسه البرد ، ويملأ بيوته وبيوت عبيده ، وسائر بيوت المصريين ففعل - فرضي
فرعون أن يذهب الرجال من
بني إسرائيل ؛ ليعبدوا ربهم دون النساء والأولاد والمواشي ، فمد
موسى عصاه بأمر الرب
[ ص: 80 ] على أرض
مصر ( 15 ) فأرسل الرب ريحا شرقية ساقت الجراد على أرض
مصر فغطى جميع وجه الأرض حتى أظلمت الأرض ، وأكل جميع عشبها ، وجميع ما تركه البرد من ثمر الشجر حتى لم يبق شيء من الخضرة في الشجر ، ولا في عشب الصحراء في جميع أرض
مصر " وفيه أن
فرعون استدعى
موسى وهارون ، واعترف لهما بخطئه ، وطلب منهما الصفح والشفاعة إلى الرب إلههما أن يرفع عنه هذه التهلكة ففعلا ، فأرسل الله ريحا غريبة فحملت الجراد كله فألقته في بحر القلزم ، وأما القمل - بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة - فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو السوس الذي يخرج من الحنطة ، وعنه أنه الدبى ، وهو الجراد الصغار الذي لا أجنحة له ، وبه قال
مجاهد وعكرمة وقتادة ، وعن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير أنه دواب سود صغار ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير أنها دابة تشبه القمل تأكل الإبل ، ونقل عن بعض علماء اللغة البصريين أن القمل عند العرب الحمنان واحدتها حمنانة ، وهي صغار القردان - ذكر هذا كله
ابن كثير ، وجزم
الراغب بأن القمل صغار الذباب ، وهو موافق لما في التوراة ، ففيها أن البعوض والذبان كان من الضربات العشر التي ضرب الرب بها
فرعون وقومه ؛ ليرسلوا
بني إسرائيل مع
موسى ، ففي الفصل الثامن من سفر الخروج : أن
موسى أنذر
فرعون أن الذبان سيدخل بيوته وبيوت عبيده وسائر قومه فيفسدها ، ولا يدخل في بيوت
بني إسرائيل المقيمين في أرض
جاسان ، وأن ذلك وقع ، وفسدت الأرض من تأثير الذبان .
وأما الضفادع فهي المعروفة لا خلاف فيها ، وفي أول الفصل الثامن من سفر الخروج " ( 1 ) وقال الرب
لموسى ادخل على
فرعون وقل له : كذا قال الرب أطلق شعبي ؛ ليعبدوني ( 2 ) وإن أبيت أن تطلقهم فها أنا ( ذا ) ضارب جميع تخومك بالضفادع ( 3 ) فيفيض النهر ضفادع فتصعد وتنتشر في بيتك ، وفي مخدع فراشك ، وعلى سريرك ، وفي بيوت عبيدك وشعبك ، وفي تنانيرك ومعاجنك " إلخ . وكذلك كان ، ولكن فيها أن السحرة فعلوا مثل ذلك ، وأصعدوا الضفادع ، وأن
فرعون طلب من
موسى أن يشفع له عند ربه برفع الضفادع فأجابه إلى ذلك قال : ( 13 ) ففعل الرب كما قال
موسى ، وماتت الضفادع من البيوت ( ؟ ) والأقبية والحقول ( 14 ) فجمعوها أكواما ، وأنتنت الأرض منها " .
وأما الدم ، ففسره
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم بالرعاف ، وأكثر أهل التفسير المأثور أنه دم كان في مياه المصريين ، وهو موافق لما جاء في التوراة ، وهو فيها أول الضربات العشر التي أنزلها الله على
فرعون وقومه بعد انقلاب العصا ثعبانا . ففي الفصل السابع من سفر الخروج " أن الرب أمر
موسى أن ينذر
فرعون ذلك ففعل ( 19 ) ثم قال الرب
لموسى قل
لهارون : خذ عصاك ، ومد يدك على مياه المصريين وأنهارهم وخلجهم ومناقعهم وسائر مجامع مياههم ، فتصير دما ، ويكون دما في جميع أرض
مصر ، وفي الخشب وفي الحجارة " وفيه أن
موسى وهارون فعلا ذلك ، وأن سمك
[ ص: 81 ] النهر مات ، وأنتن النهر فلم يستطع المصريون أن يشربوا منه ، وفيه أن سحرة
مصر فعلوا مثل ذلك ( ؟ ؟ ) وأن الدم دام سبعة أيام .
هذه الخمس جملة ما ذكره القرآن من
nindex.php?page=treesubj&link=31942الآيات التسع التي أيد بها عبده ورسوله موسى عليه السلام ، وليس فيها شيء من المبالغات التي في التوراة فلا هو ينفيها ولا يؤيدها ، ومقتضى أصول الإسلام الوقف فيها إلا ما دل دليل من القرآن على نفيه كما تقدم ، وفيها أن من تلك الآيات أو الضربات ( البعوض ) وذلك أن هارون ضرب بأمر الرب تراب الأرض " فكان البعوض على الناس والبهائم ، وكل تراب الأرض ( ؟ ) صار بعوضا في جميع أرض
مصر " كذا في ( 8 : 17 خر ) وفيها أن السحرة فعلوا مثل ذلك ! ( ومنها الوباء ) وقع على دواب المصريين وأنعامهم فماتت كلها من دون مواشي الإسرائيليين ، فإنه لم يمت منها شيء ( ومنها البثور والقروح المنتفخة ) أصابت الناس والبهائم - ومن أين جاءت البهائم بعد أن ماتت بأسرها ؟ - ( ومنها الظلام ) غشى جميع المصريين ثلاثة أيام كان الإسرائيليون فيها يتمتعون بالنور وحدهم ، ( ومنها إماتة جميع أبكار الناس والبهائم ) وهي الضربة العاشرة ففيها " وقال
موسى : كذا قال الرب إني نحو نصف الليل أجتاز في وسط
مصر فيموت كل بكر في أرض
مصر من بكر
فرعون الجالس على عرشه إلى بكر الأمة التي وراء الرحى ، وجميع أبكار البهائم ( من أين جاءت بعد أن ماتت منذ أيام ؟ ) ويكون صراخ عظيم في جميع أرض
مصر لم يكن مثله ( 11 : 4 - 6 خر ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=132nindex.php?page=treesubj&link=28978_31913وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=133فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ قُلْنَا : إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَتَرَبُّوا بِالْحَسَنَاتِ وَلَا بِالسَّيِّئَاتِ ، وَلَمْ يُذْعِنُوا لِمَا أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ تَعَالَى
مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ ، بَلْ أَصَرُّوا بَعْدَ إِيمَانِ كِبَارِ السَّحَرَةِ عَلَى عَدِّ آيَتَيْ
مُوسَى مِنَ السِّحْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=132وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ [ ص: 78 ] ( مَهْمَا ) اسْمُ شَرْطٍ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّكَ إِنْ تَجِئْنَا بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْآيَاتِ الَّتِي تَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى أَحَقِّيَّةِ دَعْوَتِكَ ؛ لِأَجْلِ أَنْ تَسْحَرَنَا بِهَا ؛ أَيْ : تَصْرِفَنَا بِهَا - بِدِقَّةٍ وَلُطْفٍ فِي التَّأْثِيرِ - عَمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ دِينِنَا ، وَمِنْ تَسْخِيرِنَا لِقَوْمِكَ فِي خِدْمَتِنَا ، وَضَرْبِ اللَّبَنِ لِمَبَانِينَا - فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُصَدِّقِينَ ، وَلَا لِرِسَالَتِكَ بِمُتَّبِعِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=133فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ أَيْ : فَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمَصَائِبَ وَالنَّكَبَاتِ ، حَالَ كَوْنِهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ عَلَى صِدْقِ رِسَالَةِ عَبْدِنَا
مُوسَى بِأَنْ تَوَعَّدَهُمْ بِهَا قَبْلَ وُقُوعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَفْصِيلًا لَا إِجْمَالًا ؛ لِتَكُونَ دَلَالَتُهَا عَلَى صِدْقِهِ وَاضِحَةً لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ بِأَسْبَابٍ لَهَا لَا دَخْلَ لِرِسَالَتِهِ فِيهَا - فَاسْتَكْبَرُوا عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ اسْتِكْبَارًا ، مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّةِ رِسَالَتِهِ ، وَصِدْقِ دَعْوَتِهِ بَاطِنًا ، وَكَانُوا قَوْمًا رَاسِخِينَ فِي الْإِجْرَامِ وَالذُّنُوبِ مُصِرِّينَ عَلَيْهَا فَلَا يَهُونُ عَلَيْهِمْ تَرْكُهَا .
جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ - أَوْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى
مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ، وَقَدْ عَدَّ هُنَا مِنْهَا خَمْسًا ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى غَيْرِ هَذَا التَّرْتِيبِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ ، وَعَطْفُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ لَا يَقْتَضِيهِ .
فَأَمَّا الطُّوفَانُ فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ : مَا طَافَ بِالشَّيْءِ وَغَشِيَهُ ، وَغَلَبَ فِي طُوفَانِ الْمَاءِ ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِكَثْرَةٍ تَغْشَى الْأَرْضَ . قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ : الْأَمْطَارُ الْمُغْرِقَةُ الْمُتْلِفَةُ لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى : هُوَ كَثْرَةُ الْمَوْتِ ، وَكَذَا قَالَ
عَطَاءٌ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الطُّوفَانُ : الْمَاءُ وَالطَّاعُونُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
ابْنُ هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ هَيْمَانَ : حَدَّثَنَا
الْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنِ
الْحَجَّاجِ ، عَنِ
الْحَكَمِ بْنِ مِينَا ، عَنْ
عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : "
الطُّوفَانُ الْمَوْتُ " وَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ هَيْمَانَ بِهِ ، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : هُوَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ طَافَ بِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=19فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ( 68 : 19 ) ا هـ .
أَقُولُ : أَمَّا حَدِيثُ
عَائِشَةَ الْمَرْفُوعُ فَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ قَوْلُ مُخَالِفٍ لِلْمُتَبَادَرِ مِنَ اللُّغَةِ -
فَيَحْيَى بْنُ هَيْمَانَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ هُوَ
الْكُوفِيُّ الْعِجْلِيُّ كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ وَقَالَ : حَدَّثَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ بِعَجَائِبَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : إِنَّهُ كَانَ صَدُوقًا لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ ، وَلَكِنَّهُ كَثِيرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ ، وَقَدْ أُصِيبَ بِالْفَالِجِ فَتَغَيَّرَ حِفْظُهُ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ،
وَالْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ؛ ضَعَّفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ : كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، وَهَذَا طَعْنٌ مُبِينٌ .
[ ص: 79 ] السَّبَبُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْثِيقِ
الْبَزَّارِ لَهُ ، وَكَذَلِكَ
الْحَجَّاجُ وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي مُدَلِّسٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ، وَأَوْلَى الْآثَارِ بِالْقَبُولِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ الْمُتَبَادَرَ مِنَ اللُّغَةِ ؛ أَيْ : طُوفَانِ الْمَطَرِ ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، وَأَوْلَاهَا بِالْقَبُولِ مَا لَا يُخَالِفُ الْقُرْآنَ مِنْ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ نَفْسِهَا ، وَهُوَ مَا نَنْقُلُهُ عَنْهَا : جَاءَ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ : ( 13 ) ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ
لِمُوسَى : بَكِّرْ فِي الْغَدَاةِ ، وَقِفْ بَيْنَ يَدَيْ
فِرْعَوْنَ ، وَقُلْ لَهُ : " كَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ الْعِبْرَانِيِّينَ أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي ( 14 ) فَإِنِّي فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ مُنْزِلٌ جَمِيعَ ضَرَبَاتِي عَلَى قَلْبِكَ ، وَعَلَى عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ ؛ لِكَيْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلِي فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ ، وَأَنَا ( 15 ) الْآنَ أَمُدُّ يَدِيَ وَأَضْرِبُكَ أَنْتَ وَشَعْبَكَ بِالْوَبَاءِ فَتَضْمَحِلُّ مِنَ الْأَرْضِ ( 16 ) غَيْرَ أَنِّي لِهَذَا أُبْقِيكَ ؛ لِكَيْ أُرِيَكَ قُوَّتِي ؛ وَلِكَيْ يُخْبَرَ بِاسْمِي فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ ، ( 17 ) وَأَنْتَ لَمْ تَزَلْ مُقَاوِمًا لِشَعْبِي ( 18 ) هَا أَنَا ( ؟ ) مُمْطِرٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ مِنْ غَدٍ بَرْدًا عَظِيمًا جِدًّا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي
مِصْرَ مُنْذُ يَوْمِ أُسِّسَتْ إِلَى الْآنِ " ثُمَّ ذَكَرَ وُقُوعَ الْبَرْدِ مَعَ نَارٍ مِنَ السَّمَاءِ ، وَوَصَفَ عَظَمَتَهُ وَشُمُولَهُ لِجَمِيعِ بِلَادِ
مِصْرَ ، وَأَنَّ
فِرْعَوْنَ طَلَبَ
مُوسَى وَهَارُونَ ، وَاعْتَرَفَ لَهُمَا بِخَطَئِهِ ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يَشْفَعَا إِلَى الرَّبِّ لِيَكُفَّ هَذِهِ النَّكْبَةَ عَنْ
مِصْرَ ، وَوَعَدَهُمَا بِإِطْلَاقِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَقَالَ فِي خِتَامِ ذَلِكَ : ( 33 ) فَخَرَجَ
مُوسَى مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ لَدُنْ
فِرْعَوْنَ ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى الرَّبِّ فَكَفَّتِ الرُّعُودُ وَالْبَرْدُ ، وَلَمْ يَعُدِ الْمَطَرُ يَهْطِلُ عَلَى الْأَرْضِ " ا هـ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَطَرَ عِنْدَ الْوَعِيدِ ، بَلْ ذَكَرَ هُنَا عِنْدَ كَفِّ النَّكْبَةِ .
وَأَمَّا الْجَرَادُ فَهُوَ مَعْرُوفٌ ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْرَاةِ بَعْدَ الطُّوفَانِ ، فَفِيهَا بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ
فِرْعَوْنَ قَسَا قَلْبُهُ فَلَمْ يُطْلِقْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَأَخْبَرَ الرَّبُّ
مُوسَى - كَمَا فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ - " بِأَنَّهُ قَسَا قَلْبُهُ وَقُلُوبُ عَبِيدِهِ لِيُرِيَهُمْ آيَاتِهِ ، وَلِكَيْ يَقُصَّ
مُوسَى عَلَى ابْنِهِ وَابْنِ ابْنِهِ ( كَذَا ) مَا فَعَلَ بِالْمِصْرِيِّينَ ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُنْذِرَهُ بِإِرْسَالِ الْجَرَادِ عَلَيْهِمْ فَيَأْكُلَ مَا سَلَمَ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ فَلَمْ يُحْسِهِ الْبَرْدُ ، وَيَمْلَأَ بُيُوتَهُ وَبُيُوتَ عَبِيدِهِ ، وَسَائِرَ بُيُوتِ الْمِصْرِيِّينَ فَفَعَلَ - فَرَضِيَ
فِرْعَوْنُ أَنْ يَذْهَبَ الرِّجَالُ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ لِيَعْبُدُوا رَبَّهُمْ دُونَ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَالْمَوَاشِي ، فَمَدَّ
مُوسَى عَصَاهُ بِأَمْرِ الرَّبِّ
[ ص: 80 ] عَلَى أَرْضِ
مِصْرَ ( 15 ) فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَرْقِيَّةً سَاقَتِ الْجَرَادَ عَلَى أَرْضِ
مِصْرَ فَغَطَّى جَمِيعَ وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى أَظْلَمَتِ الْأَرْضُ ، وَأَكَلَ جَمِيعَ عُشْبِهَا ، وَجَمِيعَ مَا تَرَكَهُ الْبَرْدُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنَ الْخُضْرَةِ فِي الشَّجَرِ ، وَلَا فِي عُشْبِ الصَّحْرَاءِ فِي جَمِيعِ أَرْضِ
مِصْرَ " وَفِيهِ أَنَّ
فِرْعَوْنَ اسْتَدْعَى
مُوسَى وَهَارُونَ ، وَاعْتَرَفَ لَهُمَا بِخَطَئِهِ ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا الصَّفْحَ وَالشَّفَاعَةَ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِمَا أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ هَذِهِ التَّهْلُكَةَ فَفَعَلَا ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ رِيحًا غَرِيبَةً فَحَمَلَتِ الْجَرَادَ كُلَّهُ فَأَلْقَتْهُ فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ ، وَأَمَّا الْقُمَّلُ - بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ - فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : هُوَ السُّوسُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحِنْطَةِ ، وَعَنْهُ أَنَّهُ الدَّبَى ، وَهُوَ الْجَرَادُ الصِّغَارُ الَّذِي لَا أَجْنِحَةَ لَهُ ، وَبِهِ قَالَ
مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ ، وَعَنِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دَوَابٌّ سُودٌ صِغَارٌ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ أَنَّهَا دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْقَمْلَ تَأْكُلُ الْإِبِلَ ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ الْقُمَّلَ عِنْدَ الْعَرَبِ الْحَمْنَانُ وَاحِدَتُهَا حَمْنَانَةٌ ، وَهِيَ صِغَارُ الْقِرْدَانِ - ذَكَرَ هَذَا كُلَّهُ
ابْنُ كَثِيرٍ ، وَجَزَمَ
الرَّاغِبُ بِأَنَّ الْقُمَّلَ صِغَارُ الذُّبَابِ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التَّوْرَاةِ ، فَفِيهَا أَنَّ الْبَعُوضَ وَالذِّبَّانَ كَانَ مِنَ الضَّرَبَاتِ الْعَشْرِ الَّتِي ضَرَبَ الرَّبُّ بِهَا
فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ ؛ لِيُرْسِلُوا
بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ
مُوسَى ، فَفِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ : أَنَّ
مُوسَى أَنْذَرَ
فِرْعَوْنَ أَنِ الذِّبَّانَ سَيَدْخُلُ بُيُوتَهُ وَبُيُوتَ عَبِيدِهِ وَسَائِرِ قَوْمِهِ فَيُفْسِدُهَا ، وَلَا يَدْخُلُ فِي بُيُوتِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمُقِيمِينَ فِي أَرْضِ
جَاسَّانِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ ، وَفَسَدَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَأْثِيرِ الذِّبَّانِ .
وَأَمَّا الضَّفَادِعُ فَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ لَا خِلَافَ فِيهَا ، وَفِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ " ( 1 ) وَقَالَ الرَّبُّ
لِمُوسَى ادْخُلْ عَلَى
فِرْعَوْنَ وَقُلْ لَهُ : كَذَا قَالَ الرَّبُّ أَطْلِقْ شَعْبِي ؛ لِيَعْبُدُونِي ( 2 ) وَإِنْ أَبَيْتَ أَنْ تُطَلِقَهُمْ فَهَا أَنَا ( ذَا ) ضَارِبٌ جَمِيعَ تُخُومِكَ بِالضَّفَادِعِ ( 3 ) فَيَفِيضُ النَّهْرُ ضَفَادِعَ فَتَصْعَدُ وَتَنْتَشِرُ فِي بَيْتِكَ ، وَفِي مَخْدَعِ فِرَاشِكَ ، وَعَلَى سَرِيرِكَ ، وَفِي بُيُوتِ عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ ، وَفِي تَنَانِيرِكَ وَمَعَاجِنِكَ " إِلَخْ . وَكَذَلِكَ كَانَ ، وَلَكِنْ فِيهَا أَنَّ السَّحَرَةَ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ ، وَأَصْعَدُوا الضَّفَادِعَ ، وَأَنَّ
فِرْعَوْنَ طَلَبَ مِنْ
مُوسَى أَنْ يَشْفَعَ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ بِرَفْعِ الضَّفَادِعِ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ قَالَ : ( 13 ) فَفَعَلَ الرَّبُّ كَمَا قَالَ
مُوسَى ، وَمَاتَتِ الضَّفَادِعُ مِنَ الْبُيُوتِ ( ؟ ) وَالْأَقْبِيَةِ وَالْحُقُولِ ( 14 ) فَجَمَعُوهَا أَكْوَامًا ، وَأَنْتَنَتِ الْأَرْضُ مِنْهَا " .
وَأَمَّا الدَّمُ ، فَفَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِالرُّعَافِ ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ أَنَّهُ دَمٌ كَانَ فِي مِيَاهِ الْمِصْرِيِّينَ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا جَاءَ فِي التَّوْرَاةِ ، وَهُوَ فِيهَا أَوَّلُ الضَّرَبَاتِ الْعَشْرِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بَعْدَ انْقِلَابِ الْعَصَا ثُعْبَانًا . فَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ " أَنَّ الرَّبَّ أَمَرَ
مُوسَى أَنْ يُنْذِرَ
فِرْعَوْنَ ذَلِكَ فَفَعَلَ ( 19 ) ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ
لِمُوسَى قُلْ
لِهَارُونَ : خُذْ عَصَاكَ ، وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى مِيَاهِ الْمِصْرِيِّينَ وَأَنْهَارِهِمْ وَخُلُجِهِمْ وَمَنَاقِعِهِمْ وَسَائِرِ مَجَامِعِ مِيَاهِهِمْ ، فَتَصِيرَ دَمًا ، وَيَكُونُ دَمًا فِي جَمِيعِ أَرْضِ
مِصْرَ ، وَفِي الْخَشَبِ وَفِي الْحِجَارَةِ " وَفِيهِ أَنَّ
مُوسَى وَهَارُونَ فَعَلَا ذَلِكَ ، وَأَنَّ سَمَكَ
[ ص: 81 ] النَّهْرِ مَاتَ ، وَأَنْتَنَ النَّهْرُ فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْمِصْرِيُّونَ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ ، وَفِيهِ أَنَّ سَحَرَةَ
مِصْرَ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ ( ؟ ؟ ) وَأَنَّ الدَّمَ دَامَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ .
هَذِهِ الْخَمْسُ جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْآنُ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=31942الْآيَاتِ التِّسْعِ الَّتِي أَيَّدَ بِهَا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمُبَالَغَاتِ الَّتِي فِي التَّوْرَاةِ فَلَا هُوَ يَنْفِيهَا وَلَا يُؤَيِّدُهَا ، وَمُقْتَضَى أُصُولِ الْإِسْلَامِ الْوَقْفُ فِيهَا إِلَّا مَا دَلَّ دَلِيلٌ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى نَفْيِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَفِيهَا أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْآيَاتِ أَوِ الضَّرَبَاتِ ( الْبَعُوضَ ) وَذَلِكَ أَنَّ هَارُونَ ضَرَبَ بِأَمْرِ الرَّبِّ تُرَابَ الْأَرْضِ " فَكَانَ الْبَعُوضُ عَلَى النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ ، وَكُلُّ تُرَابِ الْأَرْضِ ( ؟ ) صَارَ بَعُوضًا فِي جَمِيعِ أَرْضِ
مِصْرَ " كَذَا فِي ( 8 : 17 خر ) وَفِيهَا أَنَّ السَّحَرَةَ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ ! ( وَمِنْهَا الْوَبَاءُ ) وَقَعَ عَلَى دَوَابِّ الْمِصْرِيِّينَ وَأَنْعَامِهِمْ فَمَاتَتْ كُلُّهَا مِنْ دُونِ مَوَاشِي الْإِسْرَائِيلِيِّينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا شَيْءٌ ( وَمِنْهَا الْبُثُورُ وَالْقُرُوحُ الْمُنْتَفِخَةُ ) أَصَابَتِ النَّاسَ وَالْبَهَائِمَ - وَمِنْ أَيْنَ جَاءَتِ الْبَهَائِمُ بَعْدَ أَنْ مَاتَتْ بِأَسْرِهَا ؟ - ( وَمِنْهَا الظَّلَامُ ) غَشَى جَمِيعَ الْمِصْرِيِّينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَانَ الْإِسْرَائِيلِيُّونَ فِيهَا يَتَمَتَّعُونَ بِالنُّورِ وَحْدَهُمْ ، ( وَمِنْهَا إِمَاتَةُ جَمِيعِ أَبْكَارِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ ) وَهِيَ الضَّرْبَةُ الْعَاشِرَةُ فَفِيهَا " وَقَالَ
مُوسَى : كَذَا قَالَ الرَّبُّ إِنِّي نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَجْتَازُ فِي وَسَطِ
مِصْرَ فَيَمُوتُ كُلُّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ
مِصْرَ مِنْ بِكْرِ
فِرْعَوْنَ الْجَالِسِ عَلَى عَرْشِهِ إِلَى بِكْرِ الْأَمَةِ الَّتِي وَرَاءَ الرَّحَى ، وَجَمِيعِ أَبْكَارِ الْبَهَائِمِ ( مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ بَعْدَ أَنْ مَاتَتْ مُنْذُ أَيَّامٍ ؟ ) وَيَكُونُ صُرَاخٌ عَظِيمٌ فِي جَمِيعِ أَرْضِ
مِصْرَ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ ( 11 : 4 - 6 خر ) .