[ ص: 268 ] ( تفصيل القول في ترجمة القرآن ) كتبنا في فاتحة المجلد ( 26 ) من المنار مقالا في مسألة
nindex.php?page=treesubj&link=28888_29568_20758_20759_28425ترجمة القرآن نذكر هنا منه ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=1الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ( سورة يوسف 12 1 ، 2 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=113وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ( سورة طه 20 : 113 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ( الأحقاف 46 : 12 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=27ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ( سورة الزمر 39 : 27 ، 28 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ( سورة فصلت 41 : 1 - 3 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ( الزخرف 43 : 1 - 4 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير ( سورة الشورى 42 : 7 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك لتكون من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وإنه لفي زبر الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ( سورة الشعراء 26 : 192 - 199 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ( سورة النحل 16 : 102 ، 103 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ( سورة فصلت 41 : 44 ) .
[ ص: 269 ] nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36وكذلك أنزلناه حكما عربيا ، ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ( سورة الرعد 13 : 37 ) .
أما بعد ، فهذه آيات محكمات هن أم الكتاب في هذا الباب ، تجاوزن جمع القلة إلى جمع الكثرة ، وعدون إشارات الإيجاز وحدود المساواة إلى باحة الإطناب ، ينطقن بنصوص صريحة لا تحتمل التأويل ، ولا تقبل التبديل ولا التحويل ، بأن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزل هذا الكتاب الذي جعله آخر كتبه ، على خاتم أنبيائه ورسله قرآنا عربيا ، وأنه هو الذي جعله قرآنا عربيا ، وأنه هو الذي أوحاه قرآنا عربيا ، وأنه هو الذي فصل آياته قرآنا عربيا ، وأن الروح الأمين نزل به على قلب خاتم النبيين بلسان عربي مبين ، وأنه ضرب فيه للناس من كل مثل ، والمراد بالناس أمة الدعوة من جميع الملل والنحل ، حال كونه قرآنا عربيا غير ذي عوج ، وأنه أمر خاتم رسله أن ينذر به ( أم القرى ) ومن حولها من جميع الورى ، وأنه على إنزاله إياه قرآنا عربيا للإنذار والذكرى ، والوعيد والبشرى ، لعلهم يعقلون ولعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ، أنزله حكما عربيا ، وأمر من أنزله عليه أن يحكم بين جميع الناس بما أراه الله فيه من الحق والعدل ، الذي جعله فيه حقا مشاعا لا هوادة فيه ولا محاباة لقرابة ولا فضل ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ليحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما اقرأ الآيات ( من سورة النساء 4 : 5 10 - 114 ) بطولها ، وراجع سبب نزولها فعلم من هذه الآيات المحكمة أن القرآن هداية دينية عربية ، وأنه حكومة دينية مدنية عربية ، عربية اللسان ، عامة لجميع شعوب نوع الإنسان .
وصلوات الله وتحياته المباركة الطيبة على
محمد النبي العربي الأمين ، الذي جعله سيد ولد
آدم وفضله على جميع النبيين والمرسلين ، بإكمال دينه بلسانه ، وعلى لسانه وإرساله لجميع العالمين ، وجعل هداية رسالته باقية إلى يوم الدين ، بقوله عمت رحمته :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( 21 : 107 ) وقوله تبارك اسمه :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ( 25 : 1 ) وقوله تعالى جده :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 34 : 28 ) وقوله جل جلاله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ( 33 : 40 ) وقوله عم نواله فيما أنزله عليه في حجة الوداع يوم الحج الأكبر :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( 5 : 3 ) .
وقد بلغ صلوات الله وسلامه عليه دعوة ربه كما أمر ، فبدأ
بأم القرى ثم بما حولها من
جزيرة العرب وشعوب العجم ، باللسان العربي الذي قضى الله أن يوحد به ألسنة جميع الأمم ، فيجعلهم أمة واحدة بالعقائد والعبادات والآداب والشرع واللغة ; ليكونوا بنعمته إخوانا
[ ص: 270 ] لا مثار بينهم للعداوات التي تفرق بين الناس بعصبيات الأنساب والأقوام والأوطان والألسنة فكتب ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتبه إلى
قيصر الروم وكسرى الفرس ومقوقس مصر بلغة الإسلام العربية ككتبه إلى ملوك العرب وأمرائهم ، وبلغ أصحابه ما أمر الله به أمته من تعميم الدعوة ، وبشرهم بأن نورها سينتشر ما بين المشرق والمغرب ، فصدع الصحابة والتابعون لهديهم ، وجميع دول الإسلام من بعدهم ، بما أمروا به من نشر هذا الدين بلغته ، في كلا قسمي شريعته عبادته وحكومته .
فكان الإسلام ينتشر في شعوب الأعاجم من قارات الأرض الثلاث (
آسية وأفريقية وأوربة ) بلغته العربية ، فيقبل الداخلون فيه على تعلم هذه اللغة بباعث العقيدة ، وضرورة إقامة الفريضة ، ولا سيما فريضة الصلاة التي هي عماد الدين ، وأعظم أركانه بعد التصريح بالشهادتين ، اللتين هما عنوان الدخول فيه ، على أنهما من أعمال الصلاة أيضا ، فكان تعلم العربية من ضروريات الإسلام ، عند جميع تلك الشعوب والأقوام ، بالإجماع العلمي العملي التعبدي والسياسي ، إلا ما كان من تقصير دولة
الترك العثمانيين ، بعدم جعل العربية لغة رسمية للدواوين ، كسلفهم من
السلجوقيين والبويهيين ، حتى بعد تنحلهم للخلافة الإسلامية ورفع ألويتهم على مهد الإسلام من البلاد الحجازية ، فآل ذلك إلى التعارض والتعادي بين العصبية التركية اللغوية ورابطة الإسلام ، فالتفرق والتقاتل بين الترك والعرب ، فإلغاء الخلافة العثمانية ، فإسقاط دولة
آل عثمان ، وتأليف جمهورية ، تركية العصبية والتربية والتعليم ، أوربية العادات والتقنين والتشريع ، وإبطال ما كان في الدولة من المصالح الإسلامية ، كمشيخة الإسلام والأوقاف والمدارس الدينية والمحاكم الشرعية ، وصرحوا بأن حكومتهم هذه مدنية غربية لا دينية وأنهم فصلوا بين الدين والدولة فصلا باتا كما فعلت الشعوب الإفرنجية ، على أنهم لما وضعوا قانون هذه الجمهورية قبل التجرؤ على كل ما ذكر ، وضعوا في مواده أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام مراعاة للشعب التركي المسلم ، كما وضعوا فيه موادا أخرى تنافي الإسلام من استقلال المجلس الوطني المنتخب بالتشريع بلا قيد ولا شرط ، ومن إباحة الردة واستحلال ما حرم الشرع . وظهر أثر ذلك بالقول والفعل ، كالطعن الصريح في الدين والاستهزاء به حتى في الصحف العامة وكإباحة الزنا والسكر للمسلمين والمسلمات ، وبروز النساء التركيات في معاهد الفسق ومحافل الرقص كاسيات عاريات ، مائلات مميلات إلى غير ذلك من منافيات الدين . . . .
ولكن هذا كله لم يرو غليل العصبية اللغوية التورانية ، ولم يذهب بحقدها على الرابطة الإسلامية ، وآدابها الدينية العربية ، بل كان من كيدها لها السعي لإزالة كل ما هو عربي من نفس الشعب التركي ولسانه ، وعقله ووجدانه ; ليسهل عليهم سله من الإسلام ، بمعونة التربية
[ ص: 271 ] الجديدة والتعليم العام ، بل عمدوا إلى هذه الشجرة الطيبة ، الثابت أصلها ، الراسخ في أرض الحق والعدل والفضل عرقها ، الممتد في أعالي السماء فرعها ، التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، عمدوا إليها لاجتثاث أصلها واقتلاع جذرها بعد ما كان من التحاء عودها ، وامتلاخ أملودها ، وخضد شوكتها وعضد خصلتها ، بعد أن نعموا بضعة قرون بثمرتها ، وإنما تلك الشجرة الطيبة هي القرآن الكريم الحكيم المجيد العربي المبين ، هي الزيتونة المباركة الموصوفة بأنها لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، فإذا مسته نار الإيمان بحرارتها اشتعل نورا على نور
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم ( 24 : 35 ) .
وإنما أعني بقطع هذه الشجرة المباركة من أرض الشعب التركي محاولة حرمانه منه ، ذلك بأنهم ترجموا القرآن بالتركية لا ليفهمه الترك ، فإن تفاسيره بلغتهم كثيرة ، وكان من مقاصد إبطال المدارس الدينية إبطال دراستها ( أي التفاسير حتى التركية ) وحظر مدارسة كتب السنة وكتب الفقه ونحوها ; لأنها مشحونة بآيات القرآن العربية ، وبالأحاديث النبوية العربية ، وبآثار السلف الصالح العربية ، وبالحكم والأمثال وشواهد اللغة العربية ، وهم يريدون محو كل ما هو عربي من اللغة التركية ، ومن أنفس الأمة التركية ، حتى إنهم ألفوا جمعية خاصة لما عبروا عنه بتطهير اللغة التركية " من اللغة العربية ، واقتراح بعضهم كتابة لغتهم بالحروف اللاتينية ، وإذا طال أمد نفوذ الملاحدة في هذا الشعب الإسلامي الكريم ، فإنهم سينفذون هذا الاقتراح قطعا كما نفذوا غيره حتى استبدال قرآن تركي بلغة بعض ملاحدة التورانيين ، بالقرآن الذي نزل به الروح الأمين ، على قلب خاتم النبيين ، بلسان عربي مبين ، المتعبد بألفاظه العربية بإجماع المسلمين ، والمعجز ببلاغته العربية لجميع العالمين ، وكونه حجة الله تعالى عليهم إلى يوم الدين .
أرأيت أيها القارئ هذا الخطب العظيم ؟ أرأيت هذا البلاء المبين ؟ أرأيت هذه الجرأة على رب العالمين ؟ أرأيت هذه الصدمة لدين الله القويم ؟ ثم أرأيت هذا الشنآن والاحتقار لإجماع المسلمين ؟ ورفض ما جروا عليه مدة ثلاثة عشر قرنا ونصف ؟ ثم أرأيت بعد هذا كله ما كان من تأثير ذلك في مصر أعرف بلاد الإسلام في الفنون العربية ، والعلوم الإسلامية ! .
لقد كان من تأثير ذلك ما هو أقوى البراهين ، على فوضى العلم والدين ، واختلال المنطق وفساد التعليم ، والجهل الفاضح بضروريات الإسلام وشئون المسلمين ، ولقد كان أثر ذلك الجدال والمراء ، وتعارض الآراء والأهواء وتسويد الصحائف المنشرة ، بمثل ما شوهوها به في مسألة الخلافة ، وقد كان يجب أن تكون مسألة القرآن أبعد عن أهواء الخلاف ، للنصوص
[ ص: 272 ] الكثيرة الصريحة فيها ، وإجماع السلف والخلف بالعلم والعمل عليها ، وعدم شذوذ أصحاب المذاهب والفرق حتى المبتدعة عنها ، فقد كثر الخلاف والتفرق في الدين ، وتعددت الأحزاب والشيع في المسلمين ، على ما ورد في النهي عن ذلك والوعيد عليه في الآيات الصريحة ، والأحاديث الصحيحة ، وارتد بعض الفرق عن الدين ، بضروب من فاسد التأويل ، وسخافات من أباطيل التحريف ، كما فعل زنادقة
الباطنية ، وغيرهم ، قبل أن يقووا ويصرحوا بكفرهم ، ولم تقم فرقة تنتمي إلى الإسلام بترجمة القرآن ولا ضلت طائفة بترجمة أذكار الصلاة والآذان ; لأجل الاستغناء بها في التعبد لله ، عن اللفظ المنزل من عند الله ، وإنما قصارى ما وقع من الخلاف فيما حول ذلك من فروع المسألة ، ومن تصوير الفقهاء للوقائع النادرة ، أنه إذا أسلم أعجمي مثلا ، وأردنا تعليمه الصلاة فلم يستطع لسانه أن ينطق بألفاظ الفاتحة فهل يصلي بمعانيها من لغته ، أم يستبدل بها بعض الأذكار العربية المأثورة مؤقتا ريثما يتعلم القرآن كما ورد في بعض الأحاديث ، أم يصلي بترجمة الفاتحة بلغته ؟ نقل القول الأخير عن
أبي حنيفة وحده مع مخالفة جميع أصحابه له ، ونقل عنه أنه رجع عنه إلى الإجماع ، وما ينقل عن أحد من المسلمين أنه عمل به ( على أنه لا حجة في عمل أحد ولا في قوله ، غير المعصوم ) فكان هذا الإجماع العام المطلق مما يؤيد حفظ الله تعالى للقرآن ، وأراد ملاحدة الترك أن يبطلوه في هذا الزمان
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ( سورة الصف 61 : 8 ، 9 )
[ ص: 268 ] ( تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ ) كَتْبَنَا فِي فَاتِحَةِ الْمُجَلَّدِ ( 26 ) مِنَ الْمَنَارِ مَقَالًا فِي مَسْأَلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28888_29568_20758_20759_28425تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ نَذْكُرُ هُنَا مِنْهُ مَا يَلِي :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=1الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( سُورَةُ يُوسُفَ 12 1 ، 2 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=113وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يَحْدُثُ لَهُمْ ذِكْرًا ( سُورَةُ طه 20 : 113 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذَرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ( الْأَحْقَافِ 46 : 12 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=27وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ( سُورَةُ الزُّمَرِ 39 : 27 ، 28 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ( سُورَةُ فُصِّلَتْ 41 : 1 - 3 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حُمَّ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ( الزُّخْرُفِ 43 : 1 - 4 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ( سُورَةُ الشُّورَى 42 : 7 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=196وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=197أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ( سُورَةُ الشُّعَرَاءِ 26 : 192 - 199 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ( سُورَةُ النَّحْلِ 16 : 102 ، 103 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينِ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمَى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ( سُورَةُ فُصِّلَتْ 41 : 44 ) .
[ ص: 269 ] nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ( سُورَةِ الرَّعْدِ 13 : 37 ) .
أَمَّا بَعْدُ ، فَهَذِهِ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ فِي هَذَا الْبَابِ ، تَجَاوَزْنَ جَمْعَ الْقِلَّةِ إِلَى جَمْعِ الْكَثْرَةِ ، وَعَدَوْنَ إِشَارَاتِ الْإِيجَازِ وَحُدُودَ الْمُسَاوَاةِ إِلَى بَاحَةِ الْإِطْنَابِ ، يَنْطِقْنَ بِنُصُوصٍ صَرِيحَةٍ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ، وَلَا تَقْبَلُ التَّبْدِيلَ وَلَا التَّحْوِيلَ ، بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي جَعَلَهُ آخِرَ كُتُبِهِ ، عَلَى خَاتَمِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْحَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَصَّلَ آيَاتِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَأَنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَزَلَ بِهِ عَلَى قَلْبِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ، وَأَنَّهُ ضَرَبَ فِيهِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ، وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ ، حَالَ كَوْنِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ، وَأَنَّهُ أَمَرَ خَاتَمَ رُسُلِهِ أَنْ يُنْذِرَ بِهِ ( أُمَّ الْقُرَى ) وَمَنْ حَوْلَهَا مِنْ جَمِيعِ الْوَرَى ، وَأَنَّهُ عَلَى إِنْزَالِهِ إِيَّاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِلْإِنْذَارِ وَالذِّكْرَى ، وَالْوَعِيدِ وَالْبُشْرَى ، لَعَلَّهُمْ يَعْقِلُونَ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يَحْدُثُ لَهُمْ ذِكْرًا ، أَنْزَلَهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ، وَأَمَرَ مَنْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ جَمِيعِ النَّاسِ بِمَا أَرَاهُ اللَّهَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ ، الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ حَقًّا مَشَاعًا لَا هَوَادَةَ فِيهِ وَلَا مُحَابَاةَ لِقَرَابَةٍ وَلَا فَضْلٍ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا اقْرَأِ الْآيَاتِ ( مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ 4 : 5 10 - 114 ) بِطُولِهَا ، وَرَاجِعْ سَبَبَ نُزُولِهَا فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ أَنَّ الْقُرْآنَ هِدَايَةٌ دِينِيَّةٌ عَرَبِيَّةٌ ، وَأَنَّهُ حُكُومَةٌ دِينِيَّةٌ مَدَنِيَّةٌ عَرَبِيَّةٌ ، عَرَبِيَّةُ اللِّسَانِ ، عَامَّةً لِجَمِيعِ شُعُوبِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ .
وَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَتَحِيَّاتُهُ الْمُبَارَكَةُ الطَّيِّبَةُ عَلَى
مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الْأَمِينِ ، الَّذِي جَعَلَهُ سَيِّدَ وَلَدِ
آدَمَ وَفَضَّلَهُ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، بِإِكْمَالِ دِينِهِ بِلِسَانِهِ ، وَعَلَى لِسَانِهِ وَإِرْسَالِهِ لِجَمِيعِ الْعَالَمِينَ ، وَجَعَلَ هِدَايَةَ رِسَالَتِهِ بَاقِيَةً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، بِقَوْلِهِ عَمَّتْ رَحْمَتُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ( 21 : 107 ) وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ( 25 : 1 ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى جَدُّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( 34 : 28 ) وَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ( 33 : 40 ) وَقَوْلِهِ عَمَّ نَوَالُهُ فِيمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمُ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ( 5 : 3 ) .
وَقَدْ بَلَّغَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَعْوَةَ رَبِّهِ كَمَا أُمِرَ ، فَبَدَأَ
بِأُمِّ الْقُرَى ثُمَّ بِمَا حَوْلَهَا مِنْ
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَشُعُوبِ الْعَجَمِ ، بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي قَضَى اللَّهُ أَنْ يُوَحِّدَ بِهِ أَلْسِنَةَ جَمِيعِ الْأُمَمِ ، فَيَجْعَلُهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً بِالْعَقَائِدِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْآدَابِ وَالشَّرْعِ وَاللُّغَةِ ; لِيَكُونُوا بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
[ ص: 270 ] لَا مَثَارَ بَيْنِهِمْ لِلْعَدَاوَاتِ الَّتِي تُفَرِّقُ بَيْنَ النَّاسِ بِعَصَبِيَّاتِ الْأَنْسَابِ وَالْأَقْوَامِ وَالْأَوْطَانِ وَالْأَلْسِنَةِ فَكَتَبَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كُتُبَهُ إِلَى
قَيْصَرِ الرُّومِ وَكِسْرَى الْفُرْسِ وَمُقَوْقِسِ مِصْرَ بِلُغَةِ الْإِسْلَامِ الْعَرَبِيَّةِ كَكُتُبِهِ إِلَى مُلُوكِ الْعَرَبِ وَأُمَرَائِهِمْ ، وَبَلَّغَ أَصْحَابُهُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أُمَّتَهُ مِنْ تَعْمِيمِ الدَّعْوَةِ ، وَبَشَّرَهُمْ بِأَنَّ نُورَهَا سَيَنْتَشِرُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، فَصَدَعَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لِهَدْيِهِمْ ، وَجَمِيعَ دُوَلِ الْإِسْلَامِ مِنْ بَعْدِهِمْ ، بِمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ نَشْرِ هَذَا الدِّينِ بِلُغَتِهِ ، فِي كِلَا قِسْمَيْ شَرِيعَتِهِ عِبَادَتِهِ وَحُكُومَتِهِ .
فَكَانَ الْإِسْلَامُ يَنْتَشِرُ فِي شُعُوبِ الْأَعَاجِمِ مِنْ قَارَّاتِ الْأَرْضِ الثَّلَاثِ (
آسِيَةَ وَأَفْرِيقِيَّةَ وَأُورُبَّةَ ) بِلُغَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ ، فَيُقْبِلَ الدَّاخِلُونَ فِيهِ عَلَى تَعَلُّمِ هَذِهِ اللُّغَةِ بِبَاعِثِ الْعَقِيدَةِ ، وَضَرُورَةِ إِقَامَةِ الْفَرِيضَةِ ، وَلَا سِيَّمَا فَرِيضَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ عِمَادُ الدِّينِ ، وَأَعْظَمُ أَرْكَانِهِ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، اللَّتَيْنِ هُمَا عُنْوَانُ الدُّخُولِ فِيهِ ، عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ أَيْضًا ، فَكَانَ تَعَلُّمُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْإِسْلَامِ ، عِنْدَ جَمِيعِ تِلْكَ الشُّعُوبِ وَالْأَقْوَامِ ، بِالْإِجْمَاعِ الْعِلْمِيِّ الْعَمَلِيِّ التَّعَبُّدِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ تَقْصِيرِ دَوْلَةِ
التُّرْكِ الْعُثْمَانِيِّينَ ، بِعَدَمِ جَعْلِ الْعَرَبِيَّةِ لُغَةً رَسْمِيَّةً لِلدَّوَاوِينِ ، كَسَلَفِهِمْ مِنَ
السَّلْجُوقِيِّينَ وَالْبُوَيْهِيِّينَ ، حَتَّى بَعْدَ تَنَحُّلِهِمْ لِلْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَرَفْعِ أَلْوِيَتِهِمْ عَلَى مَهْدِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْبِلَادِ الْحِجَازِيَّةِ ، فَآلَ ذَلِكَ إِلَى التَّعَارُضِ وَالتَّعَادِي بَيْنَ الْعَصَبِيَّةِ التُّرْكِيَّةِ اللُّغَوِيَّةِ وَرَابِطَةِ الْإِسْلَامِ ، فَالتَّفَرُّقِ وَالتَّقَاتُلِ بَيْنَ التُّرْكِ وَالْعَرَبِ ، فَإِلْغَاءِ الْخِلَافَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ ، فَإِسْقَاطِ دَوْلَةِ
آلِ عُثْمَانَ ، وَتَأْلِيفِ جُمْهُورِيَّةٍ ، تُرْكِيَّةِ الْعَصَبِيَّةِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ ، أُورُبِّيَّةِ الْعَادَاتِ وَالتَّقْنِينِ وَالتَّشْرِيعِ ، وَإِبْطَالِ مَا كَانَ فِي الدَّوْلَةِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، كَمَشْيَخَةِ الْإِسْلَامِ وَالْأَوْقَافِ وَالْمَدَارِسِ الدِّينِيَّةِ وَالْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ حُكُومَتَهُمْ هَذِهِ مَدَنِيَّةٌ غَرْبِيَّةٌ لَا دِينِيَّةٌ وَأَنَّهُمْ فَصَلُوا بَيْنَ الدِّينِ وَالدَّوْلَةِ فَصْلًا بَاتًّا كَمَا فَعَلَتِ الشُّعُوبُ الْإِفْرِنْجِيَّةُ ، عَلَى أَنَّهُمْ لَمَّا وَضَعُوا قَانُونَ هَذِهِ الْجُمْهُورِيَّةِ قَبْلَ التَّجَرُّؤِ عَلَى كُلِّ مَا ذُكِرَ ، وَضَعُوا فِي مَوَادِّهِ أَنَّ الدِّينَ الرَّسْمِيَّ لِلدَّوْلَةِ هُوَ الْإِسْلَامُ مُرَاعَاةً لِلشَّعْبِ التُّرْكِيِّ الْمُسْلِمِ ، كَمَا وَضَعُوا فِيهِ مَوَادًا أُخْرَى تُنَافِي الْإِسْلَامَ مِنَ اسْتِقْلَالِ الْمَجْلِسِ الْوَطَنِيِّ الْمُنْتَخَبِ بِالتَّشْرِيعِ بِلَا قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ ، وَمِنْ إِبَاحَةِ الرِّدَّةِ وَاسْتِحْلَالِ مَا حَرَّمَ الشَّرْعُ . وَظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ، كَالطَّعْنِ الصَّرِيحِ فِي الدِّينِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهِ حَتَّى فِي الصُّحُفِ الْعَامَّةِ وَكَإِبَاحَةِ الزِّنَا وَالسُّكْرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَبُرُوزِ النِّسَاءِ التُّرْكِيَّاتِ فِي مَعَاهِدِ الْفِسْقِ وَمَحَافِلِ الرَّقْصِ كَاسِيَاتٍ عَارِيَاتٍ ، مَائِلَاتٍ مُمِيلَاتٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُنَافِيَاتِ الدِّينِ . . . .
وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَمْ يَرْوِ غَلِيلَ الْعَصَبِيَّةِ اللُّغَوِيَّةِ التُّورَانِيَّةِ ، وَلَمْ يَذْهَبْ بِحِقْدِهَا عَلَى الرَّابِطَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، وَآدَابِهَا الدِّينِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ ، بَلْ كَانَ مِنْ كَيْدِهَا لَهَا السَّعْيُ لِإِزَالَةِ كُلِّ مَا هُوَ عَرَبِيٌّ مِنْ نَفْسِ الشَّعْبِ التُّرْكِيِّ وَلِسَانِهِ ، وَعَقْلِهِ وَوِجْدَانِهِ ; لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ سَلَّهُ مِنَ الْإِسْلَامِ ، بِمَعُونَةِ التَّرْبِيَةِ
[ ص: 271 ] الْجَدِيدَةِ وَالتَّعْلِيمِ الْعَامِّ ، بَلْ عَمَدُوا إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ ، الثَّابِتِ أَصْلُهَا ، الرَّاسِخِ فِي أَرْضِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْفَضْلِ عِرْقُهَا ، الْمُمْتَدِّ فِي أَعَالِي السَّمَاءِ فَرْعُهَا ، الَّتِي تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ، عَمَدُوا إِلَيْهَا لِاجْتِثَاثِ أَصْلِهَا وَاقْتِلَاعِ جِذْرِهَا بَعْدَ مَا كَانَ مِنَ الْتِحَاءِ عُودِهَا ، وَامْتِلَاخِ أُمْلُودِهَا ، وَخَضْدِ شَوْكَتِهَا وَعَضْدِ خَصْلَتِهَا ، بَعْدَ أَنْ نَعِمُوا بِضْعَةَ قُرُونٍ بِثَمَرَتِهَا ، وَإِنَّمَا تِلْكَ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ هِيَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ الْحَكِيمُ الْمَجِيدُ الْعَرَبِيُّ الْمُبِينُ ، هِيَ الزَّيْتُونَةُ الْمُبَارَكَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِأَنَّهَا لَا شَرْقِيَّةً وَلَا غَرْبِيَّةً يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ، فَإِذَا مَسَّتْهُ نَارُ الْإِيمَانِ بِحَرَارَتِهَا اشْتَعَلَ نُورًا عَلَى نُورٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 24 : 35 ) .
وَإِنَّمَا أَعْنِي بِقَطْعِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ أَرْضِ الشَّعْبِ التُّرْكِيِّ مُحَاوَلَةَ حِرْمَانِهِ مِنْهُ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ تَرْجَمُوا الْقُرْآنَ بِالتُّرْكِيَّةِ لَا لِيَفْهَمَهُ التُّرْكُ ، فَإِنَّ تَفَاسِيرَهُ بِلُغَتِهِمْ كَثِيرَةٌ ، وَكَانَ مِنْ مَقَاصِدِ إِبْطَالِ الْمَدَارِسِ الدِّينِيَّةِ إِبْطَالُ دِرَاسَتِهَا ( أَيِ التَّفَاسِيرِ حَتَّى التُّرْكِيَّةِ ) وَحَظْرِ مُدَارَسَةِ كُتُبِ السَّنَةِ وَكُتُبِ الْفِقْهِ وَنَحْوِهَا ; لِأَنَّهَا مَشْحُونَةٌ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَبِالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَبِآثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَبِالْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ وَشَوَاهِدِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَهُمْ يُرِيدُونَ مَحْوَ كُلِّ مَا هُوَ عَرَبِيٌّ مِنَ اللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ ، وَمِنْ أَنْفُسِ الْأُمَّةِ التُّرْكِيَّةِ ، حَتَّى إِنَّهُمْ أَلَّفُوا جَمْعِيَّةً خَاصَّةً لِمَا عَبَّرُوا عَنْهُ بِتَطْهِيرِ اللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ " مِنَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَاقْتِرَاحِ بَعْضِهِمْ كِتَابَةَ لُغَتِهِمْ بِالْحُرُوفِ اللَّاتِينِيَّةِ ، وَإِذَا طَالَ أَمَدُ نُفُوذِ الْمَلَاحِدَةِ فِي هَذَا الشَّعْبِ الْإِسْلَامِيِّ الْكَرِيمِ ، فَإِنَّهُمْ سَيُنَفِّذُونَ هَذَا الِاقْتِرَاحَ قَطْعًا كَمَا نَفَّذُوا غَيْرَهُ حَتَّى اسْتِبْدَالَ قُرْآنٍ تُرْكِيٍّ بِلُغَةِ بَعْضِ مَلَاحِدَةِ التُّورَانِيِّينَ ، بِالْقُرْآنِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ، الْمُتَعَبَّدِ بِأَلْفَاظِهِ الْعَرَبِيَّةِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْمُعْجِزِ بِبَلَاغَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ لِجَمِيعِ الْعَالَمِينَ ، وَكَوْنِهِ حُجَّةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَرَأَيْتَ أَيُّهَا الْقَارِئُ هَذَا الْخَطْبَ الْعَظِيمَ ؟ أَرَأَيْتَ هَذَا الْبَلَاءَ الْمُبِينَ ؟ أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْجَرْأَةَ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ؟ أَرَأَيْتَ هَذِهِ الصَّدْمَةَ لِدِينِ اللَّهِ الْقَوِيمِ ؟ ثُمَّ أَرَأَيْتَ هَذَا الشَّنَآنَ وَالِاحْتِقَارَ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ؟ وَرَفْضَ مَا جَرَوْا عَلَيْهِ مُدَّةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَرْنًا وَنِصْفٍ ؟ ثُمَّ أَرَأَيْتَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ مَا كَانَ مِنْ تَأْثِيرِ ذَلِكَ فِي مِصْرَ أَعْرَفِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فِي الْفُنُونِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَالْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ ! .
لَقَدْ كَانَ مِنْ تَأْثِيرٍ ذَلِكَ مَا هُوَ أَقْوَى الْبَرَاهِينِ ، عَلَى فَوْضَى الْعِلْمِ وَالدِّينِ ، وَاخْتِلَالِ الْمَنْطِقِ وَفَسَادِ التَّعْلِيمِ ، وَالْجَهْلِ الْفَاضِحِ بِضَرُورِيَّاتِ الْإِسْلَامِ وَشُئُونِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَقَدْ كَانَ أَثَرُ ذَلِكَ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ ، وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ وَالْأَهْوَاءِ وَتَسْوِيدِ الصَّحَائِفِ الْمُنَشَّرَةِ ، بِمِثْلِ مَا شَوَّهُوهَا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِلَافَةِ ، وَقَدْ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةُ الْقُرْآنِ أَبْعَدَ عَنْ أَهْوَاءِ الْخِلَافِ ، لِلنُّصُوصِ
[ ص: 272 ] الْكَثِيرَةِ الصَّرِيحَةِ فِيهَا ، وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ عَلَيْهَا ، وَعَدَمِ شُذُوذِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ وَالْفِرَقِ حَتَّى الْمُبْتَدَعَةِ عَنْهَا ، فَقَدْ كَثُرَ الْخِلَافُ وَالتَّفَرُّقُ فِي الدِّينِ ، وَتَعَدَّدَتِ الْأَحْزَابُ وَالشِّيَعُ فِي الْمُسْلِمِينَ ، عَلَى مَا وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَالْوَعِيدِ عَلَيْهِ فِي الْآيَاتِ الصَّرِيحَةِ ، وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، وَارْتَدَّ بَعْضُ الْفِرَقِ عَنِ الدِّينِ ، بِضُرُوبٍ مِنْ فَاسِدِ التَّأْوِيلِ ، وَسَخَافَاتٍ مِنْ أَبَاطِيلِ التَّحْرِيفِ ، كَمَا فَعَلَ زَنَادِقَةُ
الْبَاطِنِيَّةِ ، وَغَيْرُهُمْ ، قَبْلَ أَنْ يَقْوُوا وَيُصَرِّحُوا بِكُفْرِهِمْ ، وَلَمْ تَقُمْ فِرْقَةٌ تَنْتَمِي إِلَى الْإِسْلَامِ بِتَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ وَلَا ضَلَّتْ طَائِفَةٌ بِتَرْجَمَةِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَالْآذَانِ ; لِأَجْلِ الِاسْتِغْنَاءِ بِهَا فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ ، عَنِ اللَّفْظِ الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا قُصَارَى مَا وَقَعَ مِنَ الْخِلَافِ فِيمَا حَوْلَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ ، وَمِنْ تَصْوِيرِ الْفُقَهَاءِ لِلْوَقَائِعِ النَّادِرَةِ ، أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ أَعْجَمِيٌّ مَثَلًا ، وَأَرَدْنَا تَعْلِيمَهُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ لِسَانُهُ أَنْ يَنْطِقَ بِأَلْفَاظِ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ يُصَلِّي بِمَعَانِيهَا مِنْ لُغَتِهِ ، أَمْ يَسْتَبْدِلَ بِهَا بَعْضُ الْأَذْكَارِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَأْثُورَةِ مُؤَقَّتًا رَيْثَمَا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ، أَمْ يُصَلِّيَ بِتَرْجَمَةِ الْفَاتِحَةِ بِلُغَتِهِ ؟ نُقِلَ الْقَوْلُ الْأَخِيرِ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ مَعَ مُخَالَفَةِ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ لَهُ ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الْإِجْمَاعِ ، وَمَا يُنْقَلُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ عَمِلَ بِهِ ( عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي عَمَلِ أَحَدٍ وَلَا فِي قَوْلِهِ ، غَيْرَ الْمَعْصُومِ ) فَكَانَ هَذَا الْإِجْمَاعُ الْعَامُّ الْمُطْلَقُ مِمَّا يُؤَيِّدُ حَفِظَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْقُرْآنِ ، وَأَرَادَ مَلَاحِدَةُ التُّرْكِ أَنْ يُبْطِلُوهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( سُورَةُ الصَّفِّ 61 : 8 ، 9 )