nindex.php?page=treesubj&link=28716فالإلحاد في أسمائه الحسنى أقسام .
( 1 )
nindex.php?page=treesubj&link=28718التغيير فيها بوضعها لغيره مما عبد من دونه ، كما ورد في " اللات والعزى ، وتقدم قريبا ، قيل : و " مناة " من اسمه تعالى المنان ، فإن صح كان دليلا على أن العرب كانت قبل الإسلام تطلق هذا الاسم على الله تعالى ، وهو ليس في القرآن ، ولا في رواية
الترمذي لأسمائه تعالى ، ولكن ورد في بعض الأحاديث . وأما لفظ " اللات " فالظاهر أنهم أنثوا به اسم الجلالة ، " والعزى " مؤنث الأعز ، كالفضلى مؤنث الأفضل ، والحسنى مؤنث الأحسن .
( 2 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه في كتابه أو ما صح من حديث رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، قال بعضهم : أو أجمع عليه المسلمون ، فإنه كما قيل لا بد له من مستند منهما ، ومنه " واجب الوجود والواجب " - لكن يحتاج هذا إلى قرينة; لأن استعماله في كل واجب عقلي ، وكل واجب شرعي هو الأكثر - ( قال ) : " والقديم والصانع ، وقيل هما مسموعان " وأقول : إن الواجب وواجب الوجود والصانع من اصطلاح المتكلمين لا يثبت كونها من أسماء الله تعالى بالإجماع الذي قالوا إنه لا بد له مستند من الكتاب أو السنة عند أهله ، وللصانع مأخذ من قوله تعالى في سورة النمل :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88صنع الله الذي أتقن كل شيء ( 27 : 88 ) عند من يقول بجواز مثله وهو ضعيف ، ويقتضي أن يكون من أسمائه المتقن أيضا ، والتحقيق أن باب الإخبار عنه تعالى بأفعاله أوسع من باب إطلاق الأسماء عليه ، فإن الاسم في الأصل : ما دل على الذات ، ولا يعتبر فيه اتصاف المسمى بمعنى الاسم إن كان له معنى غير العلمية كزيد وحارث وفضل ، وما أطلق لأجل معناه فقط يسمى وصفا ونعتا كالحارث يوصف به من يحرث الأرض ، والظالم لمن يجور في فعله أو حكمه ، وقد يقصد بالاسم العلم الوصف مع العملية من باب التفاؤل أو المدح ، فإن لمح عند الإطلاق أدخلوا عليه الألف واللام فقالوا الحارث والفضل وإلا فلا ، وهذا سماعي لا قياسي في اللغة العربية ، ومن أسماء الله المنقولة عن اسم فاعل كالخالق والرازق والمؤمن والمهيمن ، أو صفة مشبهة كالرحمن الرحيم ، أو مصدر كالسلام والعدل ، فكلها يراعى فيها المعنى الوصفي فتسمى صفات ، والدلالة على الذات المتصفة بمدلوله الوصفي فتسمى أسماء .
ويقتصر فيها كلها على التوقف ، وليس منه الواجب والصانع والموجود ، ولكن يجوز الإخبار بهذه الصفات عنه تعالى ، فيقال : إن الله موجود وواجب ، وهو صانع كل شيء ، والمتقن لكل ما خلقه ، ولا يقال في الدعاء والنداء : يا واجب أو يا صانع اغفر لي مثلا ، بهذا القدر يصح كلام المتكلمين ، ولا يجوز أن يشتق له تعالى أسماء من كل ما أخبر به عن نفسه ولو بصيغة اسم الفاعل ، فلم يقل أحد بإطلاق اسم الزارع عليه تعالى من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=64أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون [ ص: 371 ] ( 56 : 64 ) ولا الماكر من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ( 3 : 54 ) ولا المخادع أو الخادع من :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ( 4 : 142 ) ولكن عدوا منها بعض الصفات المضافة كما تقدم في الشديد والرفيع والقائم والفاطر ، والفرق بين الفريقين أن هذه ذكرت في سياق الثناء على الله تعالى ، وأما تلك فذكرت في سياق الاحتجاج أو من باب المشاكلة ، واسم الصفة لا بد أن يدل على الكمال بمجرد إطلاقه وليس هذا منه .
وقد اتفق أهل الحق على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29446أسماءه وصفاته تعالى توقيفية ، ونصوا على إثبات كل ما ورد في الكتاب والأحاديث الصحيحة دعاء ووصفا له ، وإخبارا عنه ، وعلى منع كل ما دل على منعه ، ومنه كل ما يسمى إلحادا في أسمائه ، وكل ما أوهم نقصا أو كان منافيا للكمال ولوصف الحسنى ، وقد منع جمهور أهل السنة كل ما لم يأذن به الشارع مطلقا ، وجوز
المعتزلة ما صح معناه ، ودل الدليل على اتصافه به ، ولم يوهم إطلاقه نقصا ، والفلاسفة أوسع حرية في هذا الإطلاق . . . ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا :
مدير الكل أنت القصد والغرض وأنت عن كل ما قد فاتنا عوض من كان في قلبه مثقال خردلة
سوي جلالك ، فاعلم أنه مرض
وقد عدوا عليه من إساءة الأدب قوله لخالقه : فاعلم ذكر ذلك السفاريني في شرح عقيدته الخلاف بين أهل السنة
والمعتزلة ثم قال : ومال إليه - أي قول
المعتزلة بالجواز - بعض
الأشاعرة nindex.php?page=showalam&ids=12604كالقاضي أبي بكر الباقلاني ، وتوقف
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين الجويني ، وفصل
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي فجوز إطلاق الصفة ، وهي ما دل على معنى زائد على الذات ، ومنع إطلاق الاسم ، وهو ما دل على نفس الذات ، واحتج للقول المعتمد " أنها توقيفية " بأنه لا يجوز أن يسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ليس من أسمائه فالباري أولى ، وتعلق
المعتزلة بأن أهل كل لغة يسمونه سبحانه باسم مختص بلغتهم كقولهم ( خداى ) وشاع من غير نكير ، ورد بأنه لو ثبت لكان كافيا في الأذان الشرعي ، ونقل
الآلوسي في تفسيره سياق السفاريني إلى احتجاج
المعتزلة بعدم إنكار أحد من المسلمين على إطلاق الفرس ( خدا ) وزاد عليه اسم ( تكرى ) وهو تركي وكافه نون في النطق ، وقال إنهم ادعوا أن هذا إجماع ، وأنه لو ثبت لكان كافيا في الأذان الشرعي .
وأقول : إن لفظي " خدا وتكرى " هما الاسم العلم لرب العالمين وخالق الخلق ، وذلك من قبيل الترجمة لاسم الجلالة ( الله ) وليس من إطلاق اسم جديد عليه فيحتاج إلى نص أو دليل شرعي ، ومثله ترجمة ما يمكن ترجمته من الأسماء والصفات ، وهو المشترك في اللغات ، ولا سيما الراقية منها كالفارسية ، فهو جائز بخلاف ترجمة ما لا يوجد له مرادف في غير العربية ، كالرحمن والقيوم - كما نعتقد - ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في كتاب ( إلجام العوام ) ترجمة
[ ص: 372 ] صفات الله في الكلام على المتشابهات منها لما فيها من خطر مخالفة مراده تعالى ، وقال : إن بعضها لا مرادف له في غير العربية ، ولبعضها مرادف في الحقيقة دون المجاز كاليد ، فهي تطلق في العربية على الجارحة من أعضاء الإنسان ، ولها عدة معان مجازية كالنعمة والقدرة والتصرف مثلا ، وقد أضيفت إليه تعالى في مواضع قد تختلف معانيها كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10يد الله فوق أيديهم ( 48 : 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1بيده الملك ( 67 : 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26بيدك الخير ( 3 : 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لما خلقت بيدي ( 38 : 75 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بل يداه مبسوطتان ( 5 : 64 ) فلا يمكن وضع كلمة ترجمة يد بالفارسية لتفسير هذه الآيات كلها . انتهى بالمعنى ، وقد أوردت لفظة في تفسير الآيات المتشابهات من أول سورة آل عمران .
ثم إن
الآلوسي نقل موافقة
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي الباقلاني للمعتزلة ، وذكر أن إمام الحرمين اعترضه بأنه قول بالقياس ، وهو حجة في العمليات دون العلميات ، والأسماء والصفات منها ( قال ) : وروى بعضهم عنه التوقف ، ثم ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي المتقدم ، وذكر أنه احتج له بإباحة الصدق واستحبابه ، والصفة لتضمنها النسبة الخبرية راجعة إليه ، وهي لا تتوقف إلا على تحقيق معناها ، بخلاف الاسم فإنه لا يتضمن النسبة الخبرية ، وإنه ليس إلا للأبوين أو من يجري مجراهما . ( قال
الآلوسي ) وأجيب بأن ذلك حيث لا مانع من استعمال اللفظ الدال على تلك النسبة - والخطر قائم - وأين التراب من رب الأرباب ؟ اهـ .
وأقول : مثال ما ذكروه ، وصفه تعالى بالعقل بناء على أنه هو الكمال في غرائز البشر ، ولم يرد به الشرع ، ويدل على منعه من جهة النظر أيضا أن معنى العقل في اللغة العربية يدخل فيه ما دلت عليه مادته ، وهي عقل البعير ، أي ربط ذراعه ووظيفه وشدهما بالعقال ( وهو بالكسر الحبل الذي يعقل به البعير وغيره ) لمنعه من المشي ، وذلك أن عقل الإنسان من شأنه أن يعقله أي يمنعه مما لا ينبغي له ، وهذا المعنى لا يليق بالبارئ سبحانه وتعالى ، فقاعدة
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في الصفات تقتضي تحكيم رأي كل أحد في وصف خالقه بما يراه هو حسنا أو كمالا ، وقد يكون في رأي غيره ممن هم أعلم منه غير حسن ولا كمال ، وهذا ظاهر عقلا لا نقلا فالحق ألا يطلق عليه المؤمنون من الصفات إلا ما أذن به في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
( 3 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716ترك تسميته بما سمى به نفسه أو وصفه بما وصفها به ، ومثله إسناد ما أسنده تعالى إلى نفسه من الأفعال - بناء على أن ذلك لا يليق به تعالى ، أو أنه يوهم نقصا في حقه عز وجل كأن هؤلاء الملحدين أعلم منه تباركت أسماؤه وجلت صفاته ، وأعلم من رسوله صلواته عليه وسلامه بما يليق به ، وما لا يليق ، وبما يوهم نقص التشبيه أو غير التشبيه ، كامتناع بعض المبتدعة من ذكر بعض الآيات والأحاديث في صفات الله تعالى التي زعموا وجوب تأويلها في
[ ص: 373 ] عقائدهم ودروسهم ، وعدم ذكرها في مجالسهم إلا مقرونة بالتأويل وادعاء أن معناها غير مراد ، وقد غلا بعض
الأشعرية في القرون الوسطى في التأويل غلو
الجهمية والمعتزلة أو أشد ، حتى إن منهم من أغروا السلاطين بسجن شيخ الإسلام
ابن تيمية لذكر هذه الآيات والأحاديث في كتبه ودروسه كصفة علو الله تعالى على خلقه ، ومنها اسم العلي والمتعال ، ومنها آيات الاستواء على العرش ، وأحاديث النزول من السماء ، وانتهى بهم الأمر إلى أن يطلبوا منه التوبة من ذكر هذه الآيات والأحاديث للعامة ، وأن يتعهد بذلك كتابة ، وهذا من أعاجيب تعصب المذاهب ، والغرور في تحكيم العقل : أي الآراء النظرية في النصوص ، وإن ادعاء أن بعض كلام الله وحديث رسوله مما يجب كتمانه واستبدال نظريات بعض المتأخرين أمثالهم به لمطعن كبير في الدين ، وفي سلف الأمة الصالحة ، وهذا النوع من الإلحاد هو غير التأويل للأسماء والصفات وهو القسم الآتي من الإلحاد فيها .
( 4 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716تحريف أسمائه وصفاته تعالى عما وضعت له بضروب من التأويل تقتضي التشبيه أو التعطيل ،
فالمشبهة ذهبت إلى جعل الرب القدوس الذي ليس كمثله شيء كرجل من خلقه ، زاعمة أنه وصف نفسه بصفات يدل مجموعها على ذلك كالسمع والبصر والكلام والوجه واليد والرجل والضحك والرضا والغضب ،
والجهمية ذهبت إلى تأويل جميع صفات الله تعالى حتى جعلته كالعدم . وأهل السنة والجماعة الذين قال الله تعالى : فيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ( 2 : 143 ) هم الذين جمعوا بين العقل والنقل ، في تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه في ذاته وصفاته وأفعاله ، وبين وصفه بما وصف به نفسه ، وتسميته بما سمى به نفسه ، وإسناد ما أسنده إلى نفسه من الأفعال ، كالاستواء على العرش والعلو على الخلق وغير ذلك . أثبتوا له كل ذلك مع كمال التنزيه ، فقالوا : إن له رحمة ليست كرحمة المخلوق ، وغضبا لا يشبه غضب المخلوق ، واستواء على عرشه ليس كاستواء الملوك المخلوقين على عروشهم ، وإنه تعالى علمنا بما بين لنا من أسمائه وصفاته وأفعاله كل ما أوجب علينا أن نعلمه من عظمته وكماله وجلاله وجماله وأفعاله ، ولا يمكن بيان ذلك لنا إلا بالألفاظ التي نستعملها في شئون أنفسنا ، وعلمنا مع ذلك أنه ليس كمثله شيء ، فعصمنا بهذا التنزيه . أن يضلنا الاشتراك اللفظي فنقع في التشبيه .
( 5 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716إشراك غيره فيما هو خاص به من أسمائه باللفظ كاسم الجلالة ( الله ) والرحمن ، ورب العالمين - وما في معناه من الإضافات كرب السماء والأرض ، والسماوات والأرض أو رب
الكعبة ، أو رب البيت - إذا أريد به
الكعبة قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فليعبدوا رب هذا البيت ( 106 : 3 ) وأما إذا أضيف لفظ رب إلى بيت آخر من بيوت الناس في كلام بعينه فلا بأس ، كأن تقول وأنت في بيت أحد الناس ، وقد حضرت الصلاة الإمامة حق رب
[ ص: 374 ] البيت ، أو ليؤمنا رب البيت . أو تقول لمن أراد أن يجلس في كرسي صاحب البيت أو على الحشية الخاصة به : هذه تكرمة رب البيت ، وقد نهينا عن الجلوس عليها بدون إذنه . وقالوا : إن كلمة الرب معرفة خاصة به تعالى . ويترجح هذا القول حيث لا قرينة تصرف اللفظ إلى غيره .
وقد ذكر
الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=920068لله تسعة وتسعون اسما من الفتح بحث انعقاد اليمين بجميع هذه الأسماء عند الحنفية والمالكية
nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم مطلقا ثم قال : والمعروف عند الشافعية والحنابلة وغيرهم من العلماء أن
nindex.php?page=treesubj&link=28723الأسماء ثلاثة أقسام : ( أحدها ) ما يختص بالله تعالى ، كاسم الجلالة والرحمن ورب العالمين فهذا ينعقد اليمين به إذا أطلق ، ولو نوى به غيره ( ثانيها ) ما يطلق عليه وعلى غيره ، ولكن الغالب إطلاقه عليه ، وأن يقيد في حق غيره بضرب من التقييد كالجبار والحق والرب ونحوها ، فالحلف به يمين فإن نوى به غير الله فليس بيمين . ( ثالثها ) ما يطلق في حق الله وحق غيره على حد سواء . كالحي والمؤمن فإن نوى به غير الله أو أطلق فليس بيمين ، وإن نوى الله تعالى فوجهان ، صحح
النووي أنه يمين ، وكذا في المحرر . وخالف في الشرحين فصحح أنه ليس بيمين ، واختلف الحنابلة فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى : ليس بيمين ، وقال المجد
ابن تيمية في المحرر : أنها يمين اهـ .
( 6 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716إشراك غيره تعالى في معاني أسمائه الخاصة مع تغيير اللفظ ، كإطلاق لفظ ( الوسيلة ) على بعض الصالحين بمعنى أنه يدعى من دون الله أو مع الله سبحانه لقضاء الحاجات ، ورفع الكربات ، وكفاية المهمات ، من غير طريق الأسباب والعادات ، كطلب ذلك من الأموات ، فلفظ الوسيلة هنا بمعنى ( الإله ) إذ معناه المعبود ، والدعاء مخ العبادة وأعظم أركانها كما بينا مرارا ، أو ( الرب ) المدبر للأمر على الإطلاق - فهذا إلحاد في معاني أسماء الله تعالى لا في ألفاظها .
( 7 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716إشراك غيره في كمال أسمائه التام الذي وصفت لأجله بالحسنى ، كمن يزعم أو يعتقد أن لغيره تعالى رحمة كرحمته ورأفة أو غير ذلك من معاني أسمائه كالمجيب مثلا ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ( 2 : 186 ) وقال تعالى حكاية عن رسوله صالح عليه السلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61إن ربي قريب مجيب ( 11 : 61 ) وأن بعض الذين يدعون غير الله من الموتى يعتقدون أنهم أقرب وأسرع في إجابتهم من الله تعالى ، فيجمعون بذلك بين الشركين : شرك دعاء غير الله ، مع اعتقاد إجابته للدعاء - والله يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=62أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله ( 27 : 62 ) أي: لا يجيب المضطر إلا الله . فهو الإله المستحق للعبادة وحده ، والكفر به بتفضيل غيره عليه سبحانه في سرعة الإجابة ، وقد سمعت امرأة مصرية تدعو وتستغيث في
[ ص: 375 ] أمر أهمها : يا متبولي يا متبولي . . فقلت لها بعد أن هدأ روعها : لماذا تدعين المتبولي ولا تدعين الله تعالى ؟ قالت : المتبولي ما " يستناش " - أي لا يهمل ، ولا يتأخر في إجابة من دعاه واستغاث به - وذكرت حكاية متناقلة بين أمثالها وهي : أن رجلا كان قد سرق سمكة فسيخ وأكلها ، فحلفه صاحبها يمينا بالمتبولي ، فحلف به فقيأه الفسيخة ، ولمثل هذه الحكايات يتجرأ أمثال هؤلاء على الحلف بالله تعالى كذبا ، ولا يتجرءون على الحلف بمعتقديهم ، وهذا نوع آخر من تفضيلهم إياهم على رب العالمين ، وهو من إلحاد الشرك الصريح ، ويزعمون معه أنهم من المسلمين ، ويتأول لهم علماء الجمود المضلين ، وينبزون من أنكر عليهم بلقب وهابيين ويمقتون هذا اللقب وإن صار بمعنى الموحدين .
nindex.php?page=treesubj&link=28716فَالْإِلْحَادُ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى أَقْسَامٌ .
( 1 )
nindex.php?page=treesubj&link=28718التَّغْيِيرُ فِيهَا بِوَضْعِهَا لِغَيْرِهِ مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِهِ ، كَمَا وَرَدَ فِي " اللَّاتِ وَالْعُزَّى ، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا ، قِيلَ : وَ " مَنَاةُ " مِنَ اسْمِهِ تَعَالَى الْمَنَّانِ ، فَإِنْ صَحَّ كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تُطْلِقُ هَذَا الِاسْمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ، وَلَا فِي رِوَايَةِ
التِّرْمِذِيِّ لِأَسْمَائِهِ تَعَالَى ، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ . وَأَمَّا لَفْظُ " اللَّاتِ " فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَنَّثُوا بِهِ اسْمَ الْجَلَالَةِ ، " وَالْعُزَّى " مُؤَنَّثُ الْأَعَزِّ ، كَالْفُضْلَى مُؤَنَّثِ الْأَفْضَلِ ، وَالْحُسْنَى مُؤَنَّثِ الْأَحْسَنِ .
( 2 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716تَسْمِيَتُهُ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُسَمِّ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ مَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ بَعْضُهُمْ : أَوْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ ، فَإِنَّهُ كَمَا قِيلَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُسْتَنَدٍ مِنْهُمَا ، وَمِنْهُ " وَاجِبُ الْوُجُودِ وَالْوَاجِبِ " - لَكِنْ يَحْتَاجُ هَذَا إِلَى قَرِينَةٍ; لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي كُلِّ وَاجِبٍ عَقْلِيٍّ ، وَكُلِّ وَاجِبٍ شَرْعِيٍّ هُوَ الْأَكْثَرُ - ( قَالَ ) : " وَالْقَدِيمُ وَالصَّانِعُ ، وَقِيلَ هُمَا مَسْمُوعَانِ " وَأَقُولُ : إِنَّ الْوَاجِبَ وَوَاجِبَ الْوُجُودِ وَالصَّانِعَ مِنَ اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا يَثْبتُ كَوْنُهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي قَالُوا إِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مُسْتَنَدٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ عِنْدَ أَهْلِهِ ، وَلِلصَّانِعِ مَأْخَذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّمْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ( 27 : 88 ) عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ مِثْلِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْمُتْقِنُ أَيْضًا ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ بَابَ الْإِخْبَارِ عَنْهُ تَعَالَى بِأَفْعَالِهِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْأَسْمَاءِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ الِاسْمَ فِي الْأَصْلِ : مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اتِّصَافُ الْمُسَمَّى بِمَعْنَى الِاسْمِ إِنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى غَيْرُ الْعِلْمِيَّةِ كَزَيْدٍ وَحَارِثٍ وَفَضْلٍ ، وَمَا أُطْلِقَ لِأَجْلِ مَعْنَاهُ فَقَطْ يُسَمَّى وَصْفًا وَنَعْتًا كَالْحَارِثِ يُوصَفُ بِهِ مَنْ يَحْرُثُ الْأَرْضَ ، وَالظَّالِمِ لِمَنْ يَجُورُ فِي فِعْلِهِ أَوْ حُكْمِهِ ، وَقَدْ يُقْصَدُ بِالِاسْمِ الْعَلَمِ الْوَصْفُ مَعَ الْعَمَلِيَّةِ مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ أَوِ الْمَدْحِ ، فَإِنْ لُمِحَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَدْخَلُوا عَلَيْهِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فَقَالُوا الْحَارِثَ وَالْفَضْلَ وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذَا سَمَاعِيٌّ لَا قِيَاسِيٌّ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْمَنْقُولَةِ عَنِ اسْمِ فَاعِلٍ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْمُهَيْمِنِ ، أَوْ صِفَةٍ مُشَبَّهَةٍ كَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، أَوْ مَصْدَرٍ كَالسَّلَامِ وَالْعَدْلِ ، فَكُلُّهَا يُرَاعَى فِيهَا الْمَعْنَى الْوَصْفِيُّ فَتُسَمَّى صِفَاتٌ ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِمَدْلُولِهِ الْوَصْفِيِّ فَتُسَمَّى أَسْمَاءَ .
وَيُقْتَصَرُ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى التَّوَقُّفِ ، وَلَيْسَ مِنْهُ الْوَاجِبُ وَالصَّانِعُ وَالْمَوْجُودُ ، وَلَكِنْ يَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ عَنْهُ تَعَالَى ، فَيُقَالُ : إِنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ وَوَاجِبٌ ، وَهُوَ صَانِعٌ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْمُتْقِنُ لِكُلِّ مَا خَلَقَهُ ، وَلَا يُقَالُ فِي الدُّعَاءِ وَالنِّدَاءِ : يَا وَاجِبُ أَوْ يَا صَانِعُ اغْفِرْ لِي مَثَلًا ، بِهَذَا الْقَدْرِ يَصِحُّ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ تَعَالَى أَسْمَاءٌ مِنْ كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الزَّارِعِ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=64أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ [ ص: 371 ] ( 56 : 64 ) وَلَا الْمَاكِرِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ( 3 : 54 ) وَلَا الْمُخَادِعِ أَوِ الْخَادِعِ مِنْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ( 4 : 142 ) وَلَكِنْ عَدُّوا مِنْهَا بَعْضَ الصِّفَاتِ الْمُضَافَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّدِيدِ وَالرَّفِيعِ وَالْقَائِمِ وَالْفَاطِرِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّ هَذِهِ ذُكِرَتْ فِي سِيَاقِ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَمَّا تِلْكَ فَذُكِرَتْ فِي سِيَاقِ الِاحْتِجَاجِ أَوْ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ ، وَاسْمُ الصِّفَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْكَمَالِ بِمُجَرَّدِ إِطْلَاقِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ .
وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29446أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ ، وَنَصُّوا عَلَى إِثْبَاتِ كُلِّ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ دُعَاءً وَوَصْفًا لَهُ ، وَإِخْبَارًا عَنْهُ ، وَعَلَى مَنْعِ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مَنْعِهِ ، وَمِنْهُ كُلُّ مَا يُسَمَّى إِلْحَادًا فِي أَسْمَائِهِ ، وَكُلُّ مَا أَوْهَمَ نَقْصًا أَوْ كَانَ مُنَافِيًا لِلْكَمَالِ وَلِوَصْفِ الْحُسْنَى ، وَقَدْ مَنَعَ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ كُلَّ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الشَّارِعُ مُطْلَقًا ، وَجَوَّزَ
الْمُعْتَزِلَةُ مَا صَحَّ مَعْنَاهُ ، وَدَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِهِ ، وَلَمْ يُوهِمْ إِطْلَاقُهُ نَقْصًا ، وَالْفَلَاسِفَةُ أَوْسَعُ حُرِّيَّةً فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ . . . وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابْنِ سِينَا :
مُدِيرُ الْكُلِّ أَنْتَ الْقَصْدُ وَالْغَرَضُ وَأَنْتَ عَنْ كُلِّ مَا قَدْ فَاتَنَا عِوَضُ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ خَرْدَلَةٍ
سَوِيَ جَلَالِكَ ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَرَضُ
وَقَدْ عَدُّوا عَلَيْهِ مِنْ إِسَاءَةِ الْأَدَبِ قَوْلَهُ لِخَالِقِهِ : فَاعْلَمْ ذَكَرَ ذَلِكَ السَّفَارِينِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَتِهِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ
وَالْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ قَالَ : وَمَالَ إِلَيْهِ - أَيْ قَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ بِالْجَوَازِ - بَعْضُ
الْأَشَاعِرَةِ nindex.php?page=showalam&ids=12604كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ ، وَتَوَقَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ ، وَفَصَّلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ فَجَوَّزَ إِطْلَاقَ الصِّفَةِ ، وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ ، وَمَنَعَ إِطْلَاقَ الِاسْمِ ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى نَفْسِ الذَّاتِ ، وَاحْتَجَّ لِلْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ " أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ " بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ فَالْبَارِي أَوْلَى ، وَتَعَلَّقَ
الْمُعْتَزِلَةُ بِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ لُغَةٍ يُسَمُّونَهُ سُبْحَانَهُ بَاسِمٍ مُخْتَصٍّ بِلُغَتِهِمْ كَقَوْلِهِمْ ( خداى ) وَشَاعَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ ، وَرَدَ بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ كَافِيًا فِي الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ ، وَنَقَلَ
الَآلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ سِيَاقَ السَّفَارِينِيِّ إِلَى احْتِجَاجِ
الْمُعْتَزِلَةِ بِعَدَمِ إِنْكَارِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إِطْلَاقِ الْفُرْسِ ( خدا ) وَزَادَ عَلَيْهِ اسْمُ ( تكرى ) وَهُوَ تُرْكِيٌّ وَكَافُهُ نُونٌ فِي النُّطْقِ ، وَقَالَ إِنَّهُمُ ادَّعَوْا أَنَّ هَذَا إِجْمَاعٌ ، وَأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ كَافِيًا فِي الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ .
وَأَقُولُ : إِنَّ لَفْظَيْ " خدا وتكرى " هُمَا الِاسْمُ الْعَلَمُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَخَالِقِ الْخَلْقِ ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّرْجَمَةِ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ ( اللَّهِ ) وَلَيْسَ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمٍ جَدِيدٍ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى نَصٍّ أَوْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ ، وَمِثْلُهُ تَرْجَمَةُ مَا يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ فِي اللُّغَاتِ ، وَلَا سِيَّمَا الرَّاقِيَةَ مِنْهَا كَالْفَارِسِيَّةِ ، فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ تَرْجَمَةِ مَا لَا يُوجَدُ لَهُ مُرَادِفٌ فِي غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، كَالرَّحْمَنِ وَالْقَيُّومِ - كَمَا نَعْتَقِدُ - وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ ( إِلْجَامِ الْعَوَامِّ ) تَرْجَمَةَ
[ ص: 372 ] صِفَاتِ اللَّهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَشَابِهَاتِ مِنْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ خَطَرِ مُخَالَفَةِ مُرَادِهِ تَعَالَى ، وَقَالَ : إِنَّ بَعْضَهَا لَا مُرَادِفَ لَهُ فِي غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَلِبَعْضِهَا مُرَادِفٌ فِي الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ كَالْيَدِ ، فَهِيَ تُطْلَقُ فِي الْعَرَبِيَّةِ عَلَى الْجَارِحَةِ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ ، وَلَهَا عِدَّةُ مَعَانٍ مَجَازِيَّةٌ كَالنِّعْمَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالتَّصَرُّفِ مَثَلًا ، وَقَدْ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ قَدْ تَخْتَلِفُ مَعَانِيهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ( 48 : 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1بِيَدِهِ الْمُلْكُ ( 67 : 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26بِيَدِكَ الْخَيْرُ ( 3 : 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ( 38 : 75 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ( 5 : 64 ) فَلَا يُمْكِنُ وَضْعُ كَلِمَةِ تَرْجَمَةِ يَدٍ بِالْفَارِسِيَّةِ لِتَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا . انْتَهَى بِالْمَعْنَى ، وَقَدْ أَوْرَدْتُ لَفْظَةً فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
ثُمَّ إِنَّ
الْآلُوسِيُّ نَقَلَ مُوَافَقَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيِّ لِلْمُعْتَزِلَةِ ، وَذَكَرَ أَنَّ إِمَامَ الْحَرَمَيْنِ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ قَوْلٌ بِالْقِيَاسِ ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الْعَمَلِيَّاتِ دُونَ الْعِلْمِيَّاتِ ، وَالْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ مِنْهَا ( قَالَ ) : وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ التَّوَقُّفَ ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ احْتَجَّ لَهُ بِإِبَاحَةِ الصِّدْقِ وَاسْتِحْبَابِهِ ، وَالصِّفَةُ لِتَضَمُّنِهَا النِّسْبَةَ الْخَبَرِيَّةَ رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى تَحْقِيقِ مَعْنَاهَا ، بِخِلَافِ الِاسْمِ فَإِنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ النِّسْبَةَ الْخَبَرِيَّةَ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَّا لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ مَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمَا . ( قَالَ
الْآلُوسِيُّ ) وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنَ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ - وَالْخَطَرٌ قَائِمٌ - وَأَيْنَ التُّرَابُ مِنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ ؟ اهـ .
وَأَقُولُ : مِثَالُ مَا ذَكَرُوهُ ، وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْعَقْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْكَمَالُ فِي غَرَائِزِ الْبَشَرِ ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ ، وَيَدُلُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا أَنَّ مَعْنَى الْعَقْلِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَدْخُلُ فِيهِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مَادَّتُهُ ، وَهِيَ عَقْلُ الْبَعِيرِ ، أَيْ رَبْطُ ذِرَاعِهِ وَوَظِيفِهِ وَشَدِّهِمَا بِالْعِقَالِ ( وَهُوَ بِالْكَسْرِ الْحَبَلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَغَيْرُهُ ) لِمَنْعِهِ مِنَ الْمَشْيِ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَقْلَ الْإِنْسَانِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعْقِلَهُ أَيْ يَمْنَعَهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَلِيقُ بِالْبَارِئِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، فَقَاعِدَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ فِي الصِّفَاتِ تَقْتَضِي تَحْكِيمَ رَأْيِ كُلِّ أَحَدٍ فِي وَصْفِ خَالِقِهِ بِمَا يَرَاهُ هُوَ حُسْنًا أَوْ كَمَالًا ، وَقَدْ يَكُونُ فِي رَأْيِ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُمْ أَعْلَمُ مِنْهُ غَيْرَ حُسْنٍ وَلَا كَمَالٍ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَقْلًا لَا نَقْلًا فَالْحَقُّ أَلَّا يُطْلِقَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الصِّفَاتِ إِلَّا مَا أَذِنَ بِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
( 3 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716تَرْكُ تَسْمِيَتِهِ بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصْفِهِ بِمَا وَصَفَهَا بِهِ ، وَمِثْلُهُ إِسْنَادُ مَا أَسْنَدَهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى ، أَوْ أَنَّهُ يُوهِمُ نَقْصًا فِي حَقِّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ أَعْلَمُ مِنْهُ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَجَلَّتْ صِفَاتُهُ ، وَأَعْلَمُ مِنْ رَسُولِهِ صَلَوَاتُهُ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ، وَمَا لَا يَلِيقُ ، وَبِمَا يُوهِمُ نَقْصَ التَّشْبِيهِ أَوْ غَيْرَ التَّشْبِيهِ ، كَامْتِنَاعِ بَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ مِنْ ذِكْرَ بَعْضِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي زَعَمُوا وُجُوبَ تَأْوِيلِهَا فِي
[ ص: 373 ] عَقَائِدِهِمْ وَدُرُوسِهِمْ ، وَعَدَمَ ذِكْرِهَا فِي مَجَالِسِهِمْ إِلَّا مَقْرُونَةً بِالتَّأْوِيلِ وَادِّعَاءِ أَنَّ مَعْنَاهَا غَيْرُ مُرَادٍ ، وَقَدْ غَلَا بَعْضُ
الْأَشْعَرِيَّةِ فِي الْقُرُونِ الْوُسْطَى فِي التَّأْوِيلِ غُلُوَّ
الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَوْ أَشَدَّ ، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَوُا السَّلَاطِينَ بِسَجْنِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ
ابْنِ تَيْمِيَةَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فِي كُتُبِهِ وَدُرُوسِهِ كَصِفَةِ عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ، وَمِنْهَا اسْمُ الْعَلِيِّ وَالْمُتَعَالِ ، وَمِنْهَا آيَاتُ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ ، وَأَحَادِيثُ النُّزُولِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَانْتَهَى بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ التَّوْبَةَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ لِلْعَامَّةِ ، وَأَنْ يَتَعَهَّدَ بِذَلِكَ كِتَابَةً ، وَهَذَا مِنْ أَعَاجِيبِ تَعَصُّبِ الْمَذَاهِبِ ، وَالْغُرُورِ فِي تَحْكِيمِ الْعَقْلِ : أَيِ الْآرَاءِ النَّظَرِيَّةِ فِي النُّصُوصِ ، وَإِنَّ ادِّعَاءَ أَنَّ بَعْضَ كَلَامِ اللَّهِ وَحَدِيثِ رَسُولِهِ مِمَّا يَجِبُ كِتْمَانُهُ وَاسْتِبْدَالُ نَظَرِيَّاتِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمْثَالِهِمْ بِهِ لَمَطْعَنٌ كَبِيرٌ فِي الدِّينِ ، وَفِي سَلَفِ الْأُمَّةِ الصَّالِحَةِ ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْإِلْحَادِ هُوَ غَيْرُ التَّأْوِيلِ لِلْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَهُوَ الْقِسْمُ الْآتِي مِنَ الْإِلْحَادِ فِيهَا .
( 4 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716تَحْرِيفُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ تَعَالَى عَمَّا وُضِعَتْ لَهُ بِضُرُوبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ تَقْتَضِي التَّشْبِيهَ أَوِ التَّعْطِيلَ ،
فَالْمُشَبِّهَةُ ذَهَبَتْ إِلَى جَعْلِ الرَّبِّ الْقُدُّوسِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ كَرَجُلٍ مِنْ خَلْقِهِ ، زَاعِمَةً أَنَّهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَاتٍ يَدُلُّ مَجْمُوعُهَا عَلَى ذَلِكَ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالضَّحِكِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ ،
وَالْجَهْمِيَّةُ ذَهَبَتْ إِلَى تَأْوِيلِ جَمِيعِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى جَعَلَتْهُ كَالْعَدَمِ . وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فِيهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ( 2 : 143 ) هُمُ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ ، فِي تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ ، وَبَيْنَ وَصْفِهِ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَتَسْمِيَتِهِ بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ ، وَإِسْنَادِ مَا أَسْنَدَهُ إِلَى نَفْسِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ ، كَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالْعُلُوِّ عَلَى الْخَلْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . أَثْبَتُوا لَهُ كُلَّ ذَلِكَ مَعَ كَمَالِ التَّنْزِيهِ ، فَقَالُوا : إِنَّ لَهُ رَحْمَةً لَيْسَتْ كَرَحْمَةِ الْمَخْلُوقِ ، وَغَضَبًا لَا يُشْبِهُ غَضَبَ الْمَخْلُوقِ ، وَاسْتِوَاءً عَلَى عَرْشِهِ لَيْسَ كَاسْتِوَاءِ الْمُلُوكِ الْمَخْلُوقِينَ عَلَى عُرُوشِهِمْ ، وَإِنَّهُ تَعَالَى عَلَّمَنَا بِمَا بَيَّنَ لَنَا مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ كُلَّ مَا أَوْجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَهُ مِنْ عَظَمَتِهِ وَكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ وَأَفْعَالِهِ ، وَلَا يُمْكِنُ بَيَانُ ذَلِكَ لَنَا إِلَّا بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي نَسْتَعْمِلُهَا فِي شُئُونِ أَنْفُسِنَا ، وَعَلَّمَنَا مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فَعَصَمَنَا بِهَذَا التَّنْزِيهِ . أَنْ يُضِلَّنَا الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيُّ فَنَقَعُ فِي التَّشْبِيهِ .
( 5 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716إِشْرَاكُ غَيْرِهِ فِيمَا هُوَ خَاصٌّ بِهِ مِنْ أَسْمَائِهِ بِاللَّفْظِ كَاسْمِ الْجَلَالَةِ ( اللَّهِ ) وَالرَّحْمَنِ ، وَرَبِّ الْعَالَمِينَ - وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْإِضَافَاتِ كَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَوْ رَبِّ
الْكَعْبَةِ ، أَوْ رَبِّ الْبَيْتِ - إِذَا أُرِيدَ بِهِ
الْكَعْبَةُ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ( 106 : 3 ) وَأَمَّا إِذَا أُضِيفَ لَفْظُ رَبٍّ إِلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ بُيُوتِ النَّاسِ فِي كَلَامٍ بِعَيْنِهِ فَلَا بَأْسَ ، كَأَنْ تَقُول وَأَنْتَ فِي بَيْتِ أَحَدِ النَّاسِ ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ الْإِمَامَةُ حَقُّ رَبِّ
[ ص: 374 ] الْبَيْتِ ، أَوْ لِيَؤُمَّنَا رَبُّ الْبَيْتِ . أَوْ تَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ فِي كُرْسِيِّ صَاحِبِ الْبَيْتِ أَوْ عَلَى الْحَشْيَةِ الْخَاصَّةِ بِهِ : هَذِهِ تَكْرُمَةُ رَبِّ الْبَيْتِ ، وَقَدْ نُهِينَا عَنِ الْجُلُوسِ عَلَيْهَا بِدُونِ إِذْنِهِ . وَقَالُوا : إِنَّ كَلِمَةَ الرَّبِّ مَعْرِفَةٌ خَاصَّةٌ بِهِ تَعَالَى . وَيَتَرَجَّحُ هَذَا الْقَوْلُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَصْرِفُ اللَّفْظَ إِلَى غَيْرِهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=920068لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِنَ الْفَتْحِ بَحْثَ انْعِقَادِ الْيَمِين بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13064وَابْنِ حَزْمٍ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ : وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28723الْأَسْمَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : ( أَحَدُهَا ) مَا يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى ، كَاسْمِ الْجَلَالَةِ وَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ فَهَذَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ إِذَا أُطْلِقَ ، وَلَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهُ ( ثَانِيهَا ) مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يُقَيَّدَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِضَرْبٍ مِنَ التَّقْيِيدِ كَالْجَبَّارِ وَالْحَقِّ وَالرَّبِّ وَنَحْوِهَا ، فَالْحَلِفُ بِهِ يَمِينٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ . ( ثَالِثُهَا ) مَا يُطْلَقُ فِي حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ . كَالْحَيِّ وَالْمُؤْمِنِ فَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ ، وَإِنْ نَوَى اللَّهَ تَعَالَى فَوَجْهَانِ ، صَحَّحَ
النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَمِينٌ ، وَكَذَا فِي الْمُحَرَّرِ . وَخَالَفَ فِي الشَّرْحَيْنِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ ، وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى : لَيْسَ بِيَمِينٍ ، وَقَالَ الْمُجِدُّ
ابْنُ تَيْمِيَةِ فِي الْمُحَرَّرِ : أَنَّهَا يَمِينٌ اهـ .
( 6 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716إِشْرَاكُ غَيْرِهِ تَعَالَى فِي مَعَانِي أَسْمَائِهِ الْخَاصَّةِ مَعَ تَغْيِيرِ اللَّفْظِ ، كَإِطْلَاقِ لَفْظِ ( الْوَسِيلَةِ ) عَلَى بَعْضِ الصَّالِحِينَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَاتِ ، وَرَفْعِ الْكُرُبَاتِ ، وَكِفَايَةِ الْمُهِمَّاتِ ، مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْأَسْبَابِ وَالْعَادَاتِ ، كَطَلَبِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْوَاتِ ، فَلَفْظُ الْوَسِيلَةِ هُنَا بِمَعْنَى ( الْإِلَهِ ) إِذْ مَعْنَاهُ الْمَعْبُودُ ، وَالدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ وَأَعْظَمُ أَرْكَانِهَا كَمَا بَيَّنَّا مِرَارًا ، أَوِ ( الرَّبِّ ) الْمُدَبِّرِ لِلْأَمْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ - فَهَذَا إِلْحَادٌ فِي مَعَانِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَا فِي أَلْفَاظِهَا .
( 7 )
nindex.php?page=treesubj&link=28716إِشْرَاكُ غَيْرِهِ فِي كَمَالِ أَسْمَائِهِ التَّامِّ الَّذِي وُصِفَتْ لِأَجْلِهِ بِالْحُسْنَى ، كَمَنْ يَزْعُمُ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِغَيْرِهِ تَعَالَى رَحْمَةً كَرَحْمَتِهِ وَرَأْفَةً أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي أَسْمَائِهِ كَالْمُجِيبِ مَثَلًا ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ( 2 : 186 ) وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ رَسُولِهِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=61إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ( 11 : 61 ) وَأَنَّ بَعْضَ الَّذِينَ يَدْعُونَ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْمَوْتَى يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ أَقْرَبُ وَأَسْرَعُ فِي إِجَابَتِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَجْمَعُونَ بِذَلِكَ بَيْنَ الشِّرْكَيْنِ : شِرْكِ دُعَاءِ غَيْرِ اللَّهِ ، مَعَ اعْتِقَادِ إِجَابَتِهِ لِلدُّعَاءِ - وَاللَّهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=62أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ( 27 : 62 ) أَيْ: لَا يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِلَّا اللَّهُ . فَهُوَ الْإِلَهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ ، وَالْكُفْرُ بِهِ بِتَفْضِيلِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ ، وَقَدْ سَمِعْتُ امْرَأَةً مِصْرِيَّةً تَدْعُو وَتَسْتَغِيثُ فِي
[ ص: 375 ] أَمْرٍ أَهَمَّهَا : يَا مَتْبُولِيُّ يَا مَتْبُولِيُّ . . فَقُلْتُ لَهَا بَعْدَ أَنْ هَدَأَ رَوْعُهَا : لِمَاذَا تَدْعِينَ الْمَتْبُولِيَّ وَلَا تَدْعِينَ اللَّهَ تَعَالَى ؟ قَالَتْ : الْمَتْبُولِيُّ مَا " يستناش " - أَيْ لَا يُهْمِلُ ، وَلَا يَتَأَخَّرُ فِي إِجَابَةِ مَنْ دَعَاهُ وَاسْتَغَاثَ بِهِ - وَذَكَرَتْ حِكَايَةً مُتَنَاقَلَةً بَيْنَ أَمْثَالِهَا وَهِيَ : أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَدْ سَرَقَ سَمَكَةَ فَسِيخٍ وَأَكَلَهَا ، فَحَلَّفَهُ صَاحِبُهَا يَمِينًا بِالْمَتْبُولِيِّ ، فَحَلَفَ بِهِ فَقَيَّأَهُ الْفِسِيخَةَ ، وَلِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ يَتَجَرَّأُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ عَلَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى كَذِبًا ، وَلَا يَتَجَرَّءُونَ عَلَى الْحَلِفِ بِمُعْتَقِدِيهِمْ ، وَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ تَفْضِيلِهِمْ إِيَّاهُمْ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَهُوَ مِنْ إِلْحَادِ الشِّرْكِ الصَّرِيحِ ، وَيَزْعُمُونَ مَعَهُ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَتَأَوَّلُ لَهُمْ عُلَمَاءُ الْجُمُودُ الْمُضِلِّينَ ، وَيَنْبِزُونَ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِلَقَبِ وَهَّابِيِّينَ وَيَمْقُتُونَ هَذَا اللَّقَبَ وَإِنْ صَارَ بِمَعْنَى الْمُوَحِّدِينَ .