الباب الرابع
أصول التشريع وفيه 9 أصول
( الأصل الأول ) بيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=28328شارع الدين هو الله تعالى كما في الآية الثانية من السورة ، وتقدم في الباب الأول من هذه الخلاصة ، وهناك قد ذكر من حيث إنه حق الرب سبحانه وتعالى ، ويذكر هنا من حيث إنه الأصل الأول من أصول الأحكام التشريعية . والمراد بشرع الدين والتشريع الديني: ما يجب اتباعه وجوبا دينيا على أنه قربة يثاب فاعله ، ويعاقب تاركه في الآخرة . وأما التشريع الدنيوي الذي يحتاج إليه الناس في مصالحهم الدنيوية فقد أذن الله تعالى به في الإسلام للرسول ، ولأولي الأمر من المسلمين ، كما بيناه بالتفصيل الواسع في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( 4 : 59 )
[ ص: 475 ] واشترط في هذا الإذن أن يرد ما تنازعوا فيه من شيء إلى الله ورسوله ، بالرجوع إلى الكتاب ، وإلى الرسول في عهده ، وإلى سنته من بعده ، كما هو صريح في بقية الآية مع بيان علته ( راجع تفسيرها في ص146 - 180 ج 5 ط الهيئة ) .
( الأصل الثاني ) تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=28328التقليد في الدين ، والأخذ فيه بآراء البشر ، وهو نص النهي في الآية الثالثة معطوفا على الأمر باتباع ما أنزل إلى الناس من ربهم وهو :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3ولا تتبعوا من دونه أولياء ( 7 : 3 ) وقد صرح بذلك المفسرون . ومن النصوص في بطلانه الإنكار على احتجاج المشركين به في الآية 28 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها الآية ( راجع تفسيرها في ص 332 وما بعدها ج 8 ط الهيئة ) وفي الآية 173 .
( الأصل الثالث )
nindex.php?page=treesubj&link=18467_19776تعظيم شأن النظر العقلي والتفكر ; لتحصيل العلم بما يجب الإيمان به ، ومعرفة آيات الله وسننه في خلقه وفضله على عباده ، فمن ذلك قوله تعالى في آية 33 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا السلطان: البرهان ، فتقييد تحريم الشرك بانتفائه تعظيم لشأنه . ومنه قوله في آخر الآية 169 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أفلا تعقلون وسيذكر في الأصل الرابع . ومنه قوله تعالى بعد ضرب المثل للمكذبين بآياته من آية 176 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ومنه قوله في الآية 184 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=184أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة وفي الآية 185 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء إلخ . - والآية الجامعة في هذا المعنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ( 179 ) وهي شاملة للنظر العقلي المحض ، ولكل ما كان مصدره الرؤية والسماع ، وهما أعم وأكثر مصادر العلم .
( الأصل الرابع )
nindex.php?page=treesubj&link=18467تعظيم شأن العلم الشامل للعلم النقلي وهو ما أنزل الله من الكتاب والحكمة ، وما بينه به رسول الله صلى الله عليه وسلم من سنة ، والعلم المستفاد من الحس والعقل ، والمراد من العلم هنا متعلق المصدر وهو المعلومات ، ففارق ما قبله . ومن الآيات في ذلك قوله في آخر الآية 28 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28أتقولون على الله ما لا تعلمون وقوله في آخر الآية 32 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون وهي من النوع الثاني ; لأن موضوع الآية مسألة الأمر بالأكل من الطيبات وبالزينة والإنكار على من حرمهما ، وهي من مسائل علم الاجتماع والمصالح البشرية كما فصلناه في تفسيرها ، راجع ص 338 وما بعدها ج 8 ط الهيئة ) وقوله تعالى في آخر آية 33 التي بين فيها أنواع المحرمات العامة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون السلطان البرهان - وقوله تعالى في آخر آية 131 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131ولكن أكثرهم لا يعلمون وهو في زعم
آل فرعون وخرافاتهم أن ما ينالهم من الحسنات
[ ص: 476 ] والخيرات فهو حق لهم ، وأن ما ينالهم من السيئات فهو بشؤم
موسى وقومه وتطيرهم بهم . والعلم المنفي عنهم هنا هو العلم بسنن الله في طباع البشر والأسباب والمسببات في العالم - وقوله تعالى في حكاية توبيخ
موسى عليه الصلاة والسلام لقومه على مطالبتهم إياه بأن يجعل لهم إلها كآلهة الذين رأوهم يعكفون على أصنام لهم من آخر الآية 138
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138إنكم قوم تجهلون وما علل به الحكم بجهلهم في الآيتين بعدها ، فهذه جامعة لبيان فضل العلم النقلي والعلم العقلي ، وذم الجهل بهما معا ، فإن
موسى عليه السلام علل تجهيلهم أولا بعلة عقلية ، وثانيا بعلة دينية عقلية . فراجع تفسيرهن في ( ص91 - 101 ج 9 ط الهيئة ) وقوله تعالى في الآية 169 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه وهو من العلم النقلي ، ولكنه أيد بالعقلي في ختم الآية بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أفلا تعقلون .
فهذه الشواهد على هذا الأصل ، وما قبله المؤيدة بأضعافها في السور الأخرى ، تثبت تعظيم القرآن لشأن التفكر والنظر والاستدلال; لتحصيل العلم بالله وشرائعه المنزلة ، وبسننه وآياته في خلقه ونعمه على عباده - وتعظيم شأن جميع العلوم النافعة من نقلية وعقلية وهي حجة على نقص أهل الجهل بها .
( الأصلان الخامس والسادس ) أمر الناس بأخذ زينتهم عند كل مسجد ، وبالأكل والشرب من الطيبات المستلذات ، والإنكار على من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات ومن الرزق ، وبيان أنها حق للذين آمنوا في الحياة الدنيا أولا ، وبالذات بقيد عدم الاعتداء والإسراف فيها ، وإن شاركهم غيرهم فيها بعموم فضل الله لا باستحقاقهم ، وأنها تكون خالصة لهم في الآخرة ، وذلك نص الآيتين 31 و 32 وهذان الأصلان هما الركنان اللذان يقوم عليهما بناء الحضارة بعلومها وفنونها وصناعاتها ، وإظهارها لما في هذا الكون من سنن الله تعالى وآياته ، وأسرار صنعه الدالة على توحيده وقدرته وحكمته وإحسانه على عباده - وهما المبطلان لأساس الديانة البرهمية من جعل مقصد الدين تعذيب النفس ، وحرمانها من الزينة واللذة ، وقلدهم في ذلك
النصارى ، وابتدعوا الرهبانية لأجله ، ولم يقفوا عند حد تقليدهم في الدنيا حتى زعموا أن دار النعيم في الآخرة خالية من اللذات الجسدية ، وليس فيها إلا النعيم الروحاني ، خلافا لبعض تصريحات الإنجيل من شرب الخمر في الملكوت ، وكون الصائمين والجياع والعطاش من أجل البر يشبعون هنالك .
ولما كان
nindex.php?page=treesubj&link=28641_28642الغلو في الدين كغيره من أمور البشر يقوى الاستعداد له في بعض الناس من كل أمة ، بدأ بعض الصحابة المبالغين في العبادة بترك أكل اللحوم ، وهم بعضهم بالاختصاء ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وعن المبالغة في العبادة ، ونزل في شأنهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=87لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ( 5 : 87 ) الآيات من سورة المائدة وهي بمعنى ما هنا .
[ ص: 477 ] ولم يمنع ذلك كله بعض مسلمي المتصوفة من الغلو في ترك الزينة والطيبات ، وصار الجاهلون بكنه الإسلام يعدون الغلو في ذلك هو الكمال في الدين ، وأهله من أولياء الله المقربين ، وإن كانوا جاهلين خرافيين . ويراجع ما في تفسيرنا للآيتين من الأحكام والحكم والفوائد ، ومنها ما لم يكن يخطر في بال أحد من مفسرينا المتقدمين رحمهم الله تعالى ( ص338 - 350 ج 8 ط الهيئة ) .
( الأصل السابع ) هداية الناس بالحق والعدل به ، وقد وصف الله تعالى بذلك خيار قوم
موسى عليه السلام في آية 159 ، وخيار أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الآية 181 ، فهذا من أصول دين الله العامة في جميع شرائعه . والحق هو الأمر الثابت المتحقق في الشرع إن كان شرعيا ، وفي الواقع ونفس الأمر إن كان أمرا وجوديا ، والعدل ما تحري به الحق من غير ميل إلى طرف من الطرفين أو الأطراف المتنازعة فيه أو المتعلقة به . ويدخل في هذا الأصل الدعوة إلى الحق والخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتضحية العامة والخاصة والإصلاح بين الناس .
ومنه الأمر بالعدل المطلق في الأحكام والأعمال بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29قل أمر ربي بالقسط ( 29 ) وهذا هو الأصل العام لجميع الأحكام بين الناس . كما قال تعالى في سورة النساء المدنية إذ صار للأمة حكم ودولة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( 4 : 58 ) وفي سورة النساء والمائدة آيات أخرى في وجوب عموم العدل والمساواة فيه بين المؤمن والكافر والبر والفاجر والغني والفقير والقريب والبعيد ، وقد تقدمت مع تفسيرها . فمن تحرى العدل بغير محاباة وعرف مكانه فحكم به ، كان حاكما بحكم الله تعالى من غير حاجة إلى نص خاص في الشريعة به ، فإن وجد النص كانت الثقة بالعدل أتم بل لا حاجة مع النص إلى الاجتهاد ، كما أن الاجتهاد المخالف للنص الخاص أو للعدل العام باطل .
( الأصل الثامن ) حصر أنواع المحرمات الدينية العامة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28978_32210قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( 33 ) يراجع بيان وجه الحصر في تفسيرها ( ص351 - 357 ج 8 ط الهيئة ) .
( الأصل التاسع ) بيان أصول الفضائل الأدبية والتشريعية الجامعة بأوجز عبارة معجزة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ( 199 ) فيراجع تفسيرها في موضعه من هذا الجزء .
الْبَابُ الرَّابِعُ
أُصُولُ التَّشْرِيعِ وَفِيهِ 9 أُصُولٍ
( الْأَصْلُ الْأَوَّلُ ) بَيَانُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28328شَارِعَ الدِّينِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ السُّورَةِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الْخُلَاصَةِ ، وَهُنَاكَ قَدْ ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ حَقُّ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَيُذْكَرُ هُنَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ الْأَصْلُ الْأَوَّلُ مِنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ التَّشْرِيعِيَّةِ . وَالْمُرَادُ بِشَرْعِ الدِّينِ وَالتَّشْرِيعِ الدِّينِيِّ: مَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وُجُوبًا دِينِيًّا عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ يُثَابُ فَاعِلُهُ ، وَيُعَاقَبُ تَارِكُهُ فِي الْآخِرَةِ . وَأَمَّا التَّشْرِيعُ الدُّنْيَوِيُّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ فِي مَصَالِحِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ فَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لِلرَّسُولِ ، وَلِأُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَا بَيَّنَّاهُ بِالتَّفْصِيلِ الْوَاسِعِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ( 4 : 59 )
[ ص: 475 ] وَاشْتَرَطَ فِي هَذَا الْإِذْنِ أَنْ يُرَدَّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، بِالرُّجُوعِ إِلَى الْكِتَابِ ، وَإِلَى الرَّسُولِ فِي عَهْدِهِ ، وَإِلَى سُنَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَقِيَّةِ الْآيَةِ مَعَ بَيَانِ عِلَّتِهِ ( رَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي ص146 - 180 ج 5 ط الْهَيْئَةِ ) .
( الْأَصْلُ الثَّانِي ) تَحْرِيمُ
nindex.php?page=treesubj&link=28328التَّقْلِيدِ فِي الدِّينِ ، وَالْأَخْذِ فِيهِ بِآرَاءِ الْبَشَرِ ، وَهُوَ نَصُّ النَّهْيِ فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ مَا أُنْزِلَ إِلَى النَّاسِ مِنْ رَبِّهِمْ وَهُوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ( 7 : 3 ) وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُفَسِّرُونَ . وَمِنَ النُّصُوصِ فِي بُطْلَانِهِ الْإِنْكَارُ عَلَى احْتِجَاجِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ فِي الْآيَةِ 28 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا الْآيَةَ ( رَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي ص 332 وَمَا بَعْدَهَا ج 8 ط الْهَيْئَةِ ) وَفِي الْآيَةِ 173 .
( الْأَصْلُ الثَّالِثُ )
nindex.php?page=treesubj&link=18467_19776تَعْظِيمُ شَأْنِ النَّظَرِ الْعَقْلِيِّ وَالتَّفَكُّرِ ; لِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ ، وَمَعْرِفَةُ آيَاتِ اللَّهِ وَسُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ وَفَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ 33 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا السُّلْطَانُ: الْبُرْهَانُ ، فَتَقْيِيدُ تَحْرِيمِ الشِّرْكِ بِانْتِفَائِهِ تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ 169 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَسَيُذْكَرُ فِي الْأَصْلِ الرَّابِعِ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ ضَرْبِ الْمَثَلِ لِلْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِهِ مِنْ آيَةِ 176 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=176فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ 184 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=184أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ وَفِي الْآيَةِ 185 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِلَخْ . - وَالْآيَةُ الْجَامِعَةُ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ( 179 ) وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلنَّظَرِ الْعَقْلِيِّ الْمَحْضِ ، وَلِكُلِّ مَا كَانَ مَصْدَرُهُ الرُّؤْيَةَ وَالسَّمَاعَ ، وَهُمَا أَعَمُّ وَأَكْثَرُ مَصَادِرِ الْعِلْمِ .
( الْأَصْلُ الرَّابِعُ )
nindex.php?page=treesubj&link=18467تَعْظِيمُ شَأْنِ الْعِلْمِ الشَّامِلِ لِلْعِلْمِ النَّقْلِيِّ وَهُوَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ، وَمَا بَيَّنَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُنَّةٍ ، وَالْعِلْمُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْعِلْمِ هُنَا مُتَعَلِّقُ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمَعْلُومَاتُ ، فَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ . وَمِنَ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ 28 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْآيَةِ 32 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهِيَ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْآيَةِ مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَبِالزِّينَةِ وَالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ حَرَّمَهُمَا ، وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ عِلْمِ الِاجْتِمَاعِ وَالْمَصَالِحِ الْبَشَرِيَّةِ كَمَا فَصَّلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِهَا ، رَاجِعْ ص 338 وَمَا بَعْدَهَا ج 8 ط الْهَيْئَةِ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ آيَةِ 33 الَّتِي بَيَّنَ فِيهَا أَنْوَاعَ الْمُحَرَّمَاتِ الْعَامَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ السُّلْطَانُ الْبُرْهَانُ - وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ آيَةِ 131 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَهُوَ فِي زَعْمِ
آلِ فِرْعَوْنَ وَخُرَافَاتِهِمْ أَنَّ مَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ
[ ص: 476 ] وَالْخَيْرَاتِ فَهُوَ حَقٌّ لَهُمْ ، وَأَنَّ مَا يَنَالُهُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ فَهُوَ بِشُؤْمِ
مُوسَى وَقَوْمِهِ وَتَطَيُّرِهِمْ بِهِمْ . وَالْعِلْمُ الْمَنْفِيُّ عَنْهُمْ هُنَا هُوَ الْعِلْمُ بِسُنَنِ اللَّهِ فِي طِبَاعِ الْبَشَرِ وَالْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ فِي الْعَالَمِ - وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي حِكَايَةِ تَوْبِيخِ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِقَوْمِهِ عَلَى مُطَالَبَتِهِمْ إِيَّاهُ بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ إِلَهًا كَآلِهَةِ الَّذِينَ رَأَوْهُمْ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ مِنْ آخِرِ الْآيَةِ 138
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْحُكْمَ بِجَهْلِهِمْ فِي الْآيَتَيْنِ بَعْدَهَا ، فَهَذِهِ جَامِعَةٌ لِبَيَانِ فَضْلِ الْعِلْمِ النَّقْلِيِّ وَالْعِلْمِ الْعَقْلِيِّ ، وَذَمِّ الْجَهْلِ بِهِمَا مَعًا ، فَإِنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّلَ تَجْهِيلَهُمْ أَوَّلًا بِعِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ ، وَثَانِيًا بِعِلَّةٍ دِينِيَّةٍ عَقْلِيَّةٍ . فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهُنَّ فِي ( ص91 - 101 ج 9 ط الْهَيْئَةِ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ 169 :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَهُوَ مِنَ الْعِلْمِ النَّقْلِيِّ ، وَلَكِنَّهُ أُيِّدَ بِالْعَقْلِيِّ فِي خَتْمِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أَفَلَا تَعْقِلُونَ .
فَهَذِهِ الشَّوَاهِدُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، وَمَا قَبْلَهُ الْمُؤَيَّدَةُ بِأَضْعَافِهَا فِي السُّوَرِ الْأُخْرَى ، تُثْبِتُ تَعْظِيمَ الْقُرْآنِ لِشَأْنِ التَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ; لِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَشَرَائِعِهِ الْمُنَزَّلَةِ ، وَبِسُنَنِهِ وَآيَاتِهِ فِي خَلْقِهِ وَنِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ - وَتَعْظِيمَ شَأْنِ جَمِيعِ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ مِنْ نَقْلِيَّةٍ وَعَقْلِيَّةٍ وَهِيَ حُجَّةٌ عَلَى نَقْصِ أَهْلِ الْجَهْلِ بِهَا .
( الْأَصْلَانِ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ ) أَمْرُ النَّاسِ بِأَخْذِ زِينَتِهِمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ، وَبِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ الْمُسْتَلَذَّاتِ ، وَالْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ وَمِنَ الرِّزْقِ ، وَبَيَانُ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَوَّلًا ، وَبِالذَّاتِ بِقَيْدِ عَدَمِ الِاعْتِدَاءِ وَالْإِسْرَافِ فِيهَا ، وَإِنْ شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ فِيهَا بِعُمُومِ فَضْلِ اللَّهِ لَا بِاسْتِحْقَاقِهِمْ ، وَأَنَّهَا تَكُونُ خَالِصَةً لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَذَلِكَ نَصُّ الْآيَتَيْنِ 31 و 32 وَهَذَانِ الْأَصْلَانِ هُمَا الرُّكْنَانِ اللَّذَانِ يَقُومُ عَلَيْهِمَا بِنَاءُ الْحَضَارَةِ بِعُلُومِهَا وَفُنُونِهَا وَصِنَاعَاتِهَا ، وَإِظْهَارِهَا لِمَا فِي هَذَا الْكَوْنِ مِنْ سُنَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ ، وَأَسْرَارِ صُنْعِهِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ عَلَى عِبَادِهِ - وَهُمَا الْمُبْطِلَانِ لِأَسَاسِ الدِّيَانَةِ الْبِرَهْمِيَّةِ مِنْ جَعْلِ مَقْصِدِ الدِّينِ تَعْذِيبَ النَّفْسِ ، وَحِرْمَانَهَا مِنَ الزِّينَةِ وَاللَّذَّةِ ، وَقَلَّدَهُمْ فِي ذَلِكَ
النَّصَارَى ، وَابْتَدَعُوا الرَّهْبَانِيَّةَ لِأَجْلِهِ ، وَلَمْ يَقِفُوا عِنْدَ حَدِّ تَقْلِيدِهِمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى زَعَمُوا أَنَّ دَارَ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ خَالِيَةٌ مِنَ اللَّذَّاتِ الْجَسَدِيَّةِ ، وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا النَّعِيمُ الرُّوحَانِيُّ ، خِلَافًا لِبَعْضِ تَصْرِيحَاتِ الْإِنْجِيلِ مَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ فِي الْمَلَكُوتِ ، وَكَوْنِ الصَّائِمِينَ وَالْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ يَشْبَعُونَ هُنَالِكَ .
وَلَمَّا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28641_28642الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ كَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِ الْبَشَرِ يَقْوَى الِاسْتِعْدَادُ لَهُ فِي بَعْضِ النَّاسِ مَنْ كُلِّ أُمَّةٍ ، بَدَأَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ الْمُبَالِغِينَ فِي الْعِبَادَةِ بِتَرْكِ أَكَلِ اللُّحُومِ ، وَهَمَّ بَعْضُهُمْ بِالِاخْتِصَاءِ ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ، وَعَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْعِبَادَةِ ، وَنَزَلَ فِي شَأْنِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=87لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ( 5 : 87 ) الْآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ بِمَعْنَى مَا هُنَا .
[ ص: 477 ] وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْضَ مُسْلِمِي الْمُتَصَوِّفَةِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي تَرْكِ الزِّينَةِ وَالطَّيِّبَاتِ ، وَصَارَ الْجَاهِلُونَ بِكُنْهِ الْإِسْلَامِ يَعُدُّونَ الْغُلُوَّ فِي ذَلِكَ هُوَ الْكَمَالَ فِي الدِّينِ ، وَأَهْلَهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ خُرَافِيِّينَ . وَيُرَاجَعُ مَا فِي تَفْسِيرِنَا لِلْآيَتَيْنِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ فِي بَالِ أَحَدٍ مِنْ مُفَسِّرِينَا الْمُتَقَدِّمِينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ( ص338 - 350 ج 8 ط الْهَيْئَةِ ) .
( الْأَصْلُ السَّابِعُ ) هِدَايَةُ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ بِهِ ، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ خِيَارَ قَوْمِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي آيَةِ 159 ، وَخِيَارَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ 181 ، فَهَذَا مِنْ أُصُولِ دِينِ اللَّهِ الْعَامَّةِ فِي جَمِيعِ شَرَائِعِهِ . وَالْحَقُّ هُوَ الْأَمْرُ الثَّابِتُ الْمُتَحَقِّقُ فِي الشَّرْعِ إِنْ كَانَ شَرْعِيًّا ، وَفِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ إِنْ كَانَ أَمْرًا وُجُودِيًّا ، وَالْعَدْلُ مَا تُحِرِّيَ بِهِ الْحَقُّ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إِلَى طَرَفٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوِ الْأَطْرَافِ الْمُتَنَازِعَةِ فِيهِ أَوِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ . وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْأَصْلِ الدَّعْوَةُ إِلَى الْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالتَّضْحِيَةُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ .
وَمِنْهُ الْأَمْرُ بِالْعَدْلِ الْمُطْلَقِ فِي الْأَحْكَامِ وَالْأَعْمَالِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ( 29 ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْعَامُّ لِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ بَيْنَ النَّاسِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْمَدَنِيَّةِ إِذْ صَارَ لِلْأُمَّةِ حُكْمٌ وَدَوْلَةٌ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ( 4 : 58 ) وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ آيَاتٌ أُخْرَى فِي وُجُوبِ عُمُومِ الْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ فِيهِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَعَ تَفْسِيرِهَا . فَمَنْ تَحَرَّى الْعَدْلَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَعَرَفَ مَكَانَهُ فَحَكَمَ بِهِ ، كَانَ حَاكِمًا بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى نَصٍّ خَاصٍّ فِي الشَّرِيعَةِ بِهِ ، فَإِنْ وَجَدَ النَّصَّ كَانَتِ الثِّقَةُ بِالْعَدْلِ أَتَمَّ بَلْ لَا حَاجَةَ مَعَ النَّصِّ إِلَى الِاجْتِهَادِ ، كَمَا أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُخَالِفَ لِلنَّصِّ الْخَاصِّ أَوْ لِلْعَدْلِ الْعَامِّ بَاطِلٌ .
( الْأَصْلُ الثَّامِنُ ) حَصْرُ أَنْوَاعِ الْمُحَرَّمَاتِ الدِّينِيَّةِ الْعَامَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28978_32210قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( 33 ) يُرَاجَعُ بَيَانُ وَجْهِ الْحَصْرِ فِي تَفْسِيرِهَا ( ص351 - 357 ج 8 ط الْهَيْئَةِ ) .
( الْأَصْلُ التَّاسِعُ ) بَيَانُ أُصُولِ الْفَضَائِلِ الْأَدَبِيَّةِ وَالتَّشْرِيعِيَّةِ الْجَامِعَةِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ مُعْجِزَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ( 199 ) فَيُرَاجَعُ تَفْسِيرُهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْجُزْءِ .