[ ص: 488 ] بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28979_32272_18079_28750يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم . روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920116من قتل قتيلا فله كذا وكذا ، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا ، فأما المشيخة ( أي المشايخ ) فثبتوا تحت الرايات ، وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم ، فقالت المشيخة للشبان : " إنا كنا لكم ردءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا ، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول وذلك في غزوة بدر وروى
أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=920117عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنه قتل nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص وأخذ سيفه واستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم فمنعه إياه ، وأن الآية نزلت في ذلك فأعطاه إياه ; لأن الأمر وكل إليه صلى الله عليه وسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت هذه الآية ، وجملة القول : أنها نزلت في غنائم غزوة
بدر تنازع فيها حائزوها من الشبان وسائر المقاتلة ، وقيل :
المهاجرون والأنصار .
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال nindex.php?page=treesubj&link=8417الأنفال جمع نفل بالتحريك وهو في أصل اللغة من النفل - بفتح وسكون - أي الزيادة عن الواجب ومنه الصلاة النفل - قال
الراغب : النفل : هو الغنيمة بعينها ، لكن اختلفت العبارة عنه لاختلاف الاعتبار فإنه إذا اعتبر بكونه مظفورا به ، يقال : غنيمة ، وإذا اعتبر بكونه منحة من الله ابتداء من غير وجوب يقال له :
[ ص: 489 ] نفل ، ومنهم من فرق بينهما من حيث العموم والخصوص ، فقال : الغنيمة كل ما حصل مستغنما بتعب كان أو بغير تعب ، وباستحقاق أو بغير استحقاق ، وقبل الظفر كان أو بعده ، والنفل ما يحصل للإنسان قبل القسمة من جملة الغنيمة ، وقيل : هو ما يحصل للمسلمين بغير قتال وهو الفيء ، وقيل : ما يحصل من المتاع قبل أن تقسم الغنائم ، وعلى هذا حملوا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال الآية .
والمعنى : يسألونك أيها الرسول عن الأنفال لمن هي ؟ أللشبان أم للمشيخة ؟ أم
للمهاجرين أم
للأنصار nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1قل الأنفال لله والرسول أي: قل لهم : الأنفال لله يحكم فيها بحكمه ، وللرسول يقسمها بحسب حكم الله تعالى ، وقد قسمها صلى الله عليه وسلم بالسواء ، وهذا لا ينافي التفصيل الذي سيأتي في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ( 41 ) إلخ ، فيكون التفصيل ناسخا للإجمال كما قال
مجاهد وعكرمة والسدي ، فالصواب قول
ابن زيد : إن الآية محكمة ، وقد بين الله مصارفها في آية الخمس ، وللإمام أن ينفل من شاء من الجيش ما شاء قبل التخميس
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فاتقوا الله في المشاجرة والخلاف والتنازع ، وسيأتي في الصورة مضار ذلك ولا سيما في حال الحرب
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وأصلحوا ذات بينكم أي: أصلحوا نفس ما بينكم ، وهي الحال والصلة التي بينكم تربط بعضكم ببعض وهي رابطة الإسلام ، وإصلاحها يكون بالوفاق والتعاون والمواساة وترك الأثرة والتفرق ، والإيثار أيضا ، والبين في أصل اللغة يطلق على الاتصال والافتراق ، وكل ما بين طرفين كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94لقد تقطع بينكم ( 6 : 94 ) ويعبر عن هذه الرابطة بذات البين ، وأمرنا في الكتاب والسنة
nindex.php?page=treesubj&link=18079بإصلاح ذات البين ، فهو واجب شرعا تتوقف عليه قوة الأمة وعزتها ومنعتها وتحفظ به وحدتها
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وأطيعوا الله ورسوله في الغنائم وفي كل أمر ونهي وقضاء وحكم ، فالله تعالى يطاع لذاته; لأنه رب العالمين ، ومالك أمرهم ، والرسول يطاع في أمر الدين; لأنه مبلغ له عن الله تعالى ، ومبين لوحيه فيه بالقول والفعل والحكم ، وهذه الطاعة له تعبدية لا رأي لأحد فيها ، وتتوقف عليها النجاة في الآخرة والفوز بثوابها ، ويطاع في اجتهاده في أمر الدنيا المتعلق بالمصالح العامة ، ولا سيما الحرب من حيث إنه الإمام القائد العام ، فمخالفته إخلال بالنظام العام ، وإفضاء إلى الفوضى التي لا تقوم معها للأمة قائمة ، فهذه الطاعة واجبة شرعا كالأولى إلا أنها معقولة المعنى ، فقد أمره الله تعالى في تنفيذ أحكامه ، وإدارته بمشاورة الأمة كما تقدم في سورة آل عمران ، وأشرك معه في هذه الطاعة أولي الأمر كما تقدم في سورة النساء ، وسيأتي كيف راجعه بعضهم في هذه الغزوة المفصلة أحكامها في هذه السورة ، ورجع عن رأيه صلى الله عليه وسلم إلى الرأي الذي ظهر صوابه ، ولكن الأمر الأخير لا بد أن يكون لهم كما شاورهم في غزوة
أحد في الخروج من
المدينة أو البقاء فيها ، فلما انتهت المشاورة ، وعزم على تنفيذ رأي الجمهور راجعوه فلم يقبل
[ ص: 490 ] مراجعة ، وقد بينا هذا مع حكمته في تفسير
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ( 3 : 159 ) وترى في تلك السورة كيف كانت مخالفة الرماة له صلى الله عليه وسلم سببا في ظهور العدو على المسلمين ، فراجع تفسير
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=165أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ( 3 : 165 ) في 184 وما بعدها ج 4 ط الهيئة .
ولأئمة المسلمين منهم من حق الطاعة في تنفيذ المشروع ، وإدارة الأمور العامة ، وقيادة الجند ما كان له صلى الله عليه وسلم منه ، مقيدا بعدم معصية الله تعالى ، وبمشاورة أولي الأمر ، كما تقدم تفصيله في تفسير :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( 4 : 59 ) الآية .
ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1إن كنتم مؤمنين أي: فامتثلوا الأوامر الثلاثة فإن الإيمان يقتضي ذلك كله ; لأن الله تعالى أوجبه ، والمؤمن بالله غير المرتاب بوعده ووعيده يكون له سائق من نفسه إلى طاعته ، إلا أن يعرض له ما يغلبه عليها أحيانا من ثورة شهوة أو ثورة غضب ، ثم لا يلبث أن يفيء إلى أمر الله ، ويتوب إليه مما عرض له ، كما تقدم في تفسير :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ( 4 : 17 ) إلخ ، ثم وصف الله المؤمنين بما يدل على هذا ويثبته فقال :
[ ص: 488 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28979_32272_18079_28750يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . رَوَى
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920116مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ، فَأَمَّا الْمَشْيَخَةُ ( أَيِ الْمَشَايِخُ ) فَثَبَتُوا تَحْتَ الرَّايَاتِ ، وَأَمَّا الشُّبَّانُ فَسَارَعُوا إِلَى الْقَتْلِ وَالْغَنَائِمِ ، فَقَالَتِ الْمَشْيَخَةُ لِلشُّبَّانِ : " إِنَّا كُنَّا لَكُمْ رِدْءًا وَلَوْ كَانَ مِنْكُمْ شَيْءٌ لَلَجَأْتُمْ إِلَيْنَا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَرَوَى
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=920117عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَتَلَ nindex.php?page=showalam&ids=74سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَوْهَبَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ إِيَّاهُ ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ وُكِّلَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ : أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخُمُسِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي غَنَائِمِ غَزْوَةِ
بَدْرٍ تَنَازَعَ فِيهَا حَائِزُوهَا مِنَ الشُّبَّانِ وَسَائِرِ الْمُقَاتِلَةِ ، وَقِيلَ :
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ .
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ nindex.php?page=treesubj&link=8417الْأَنْفَالُ جَمْعُ نَفْلٍ بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مِنَ النَّفْلِ - بِفَتْحٍ وَسُكُونٍ - أَيِ الزِّيَادَةُ عَنِ الْوَاجِبِ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ النَّفْلُ - قَالَ
الرَّاغِبُ : النَّفْلُ : هُوَ الْغَنِيمَةُ بِعَيْنِهَا ، لَكِنِ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَةُ عَنْهُ لِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارِ فَإِنَّهُ إِذَا اعْتُبِرَ بِكَوْنِهِ مَظْفُورًا بِهِ ، يُقَالُ : غَنِيمَةٌ ، وَإِذَا اعْتُبِرَ بِكَوْنِهِ مِنْحَةً مِنَ اللَّهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ يُقَالُ لَهُ :
[ ص: 489 ] نَفْلٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ ، فَقَالَ : الْغَنِيمَةُ كُلُّ مَا حَصَلَ مُسْتَغْنَمًا بِتَعَبٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِ تَعَبٍ ، وَبِاسْتِحْقَاقٍ أَوْ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ ، وَقَبْلَ الظَّفَرِ كَانَ أَوْ بَعْدَهُ ، وَالنَّفْلُ مَا يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ ، وَقِيلَ : هُوَ مَا يَحْصُلُ لِلْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَهُوَ الْفَيْءُ ، وَقِيلَ : مَا يَحْصُلُ مِنَ الْمَتَاعِ قَبْلَ أَنْ تُقَسَّمَ الْغَنَائِمُ ، وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ الْآيَةَ .
وَالْمَعْنَى : يَسْأَلُونَكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ عَنِ الْأَنْفَالِ لِمَنْ هِيَ ؟ أَلِلشُّبَّانِ أَمْ لِلْمَشْيَخَةِ ؟ أَمْ
لِلْمُهَاجِرِينَ أَمْ
لِلْأَنْصَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أَيْ: قُلْ لَهُمْ : الْأَنْفَالُ لِلَّهِ يَحْكُمُ فِيهَا بِحُكْمِهِ ، وَلِلرَّسُولِ يُقَسِّمُهَا بِحَسَبِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ قَسَّمَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّوَاءِ ، وَهَذَا لَا يُنَافِي التَّفْصِيلَ الَّذِي سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ( 41 ) إِلَخْ ، فَيَكُونُ التَّفْصِيلُ نَاسِخًا لِلْإِجْمَالِ كَمَا قَالَ
مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ ، فَالصَّوَابُ قَوْلُ
ابْنِ زَيْدٍ : إِنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَصَارِفَهَا فِي آيَةِ الْخُمُسِ ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْجَيْشِ مَا شَاءَ قَبْلَ التَّخْمِيسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي الْمُشَاجَرَةِ وَالْخِلَافِ وَالتَّنَازُعِ ، وَسَيَأْتِي فِي الصُّورَةِ مَضَارُّ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا فِي حَالِ الْحَرْبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ أَيْ: أَصْلِحُوا نَفْسَ مَا بَيْنِكُمْ ، وَهِيَ الْحَالُ وَالصِّلَةُ الَّتِي بَيْنَكُمْ تَرْبِطُ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَهِيَ رَابِطَةُ الْإِسْلَامِ ، وَإِصْلَاحُهَا يَكُونُ بِالْوِفَاقِ وَالتَّعَاوُنِ وَالْمُوَاسَاةِ وَتَرْكِ الْأَثَرَةِ وَالتَّفَرُّقِ ، وَالْإِيثَارِ أَيْضًا ، وَالْبَيْنُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَالِافْتِرَاقِ ، وَكُلِّ مَا بَيْنَ طَرَفَيْنِ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ( 6 : 94 ) وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الرَّابِطَةِ بِذَاتِ الْبَيْنِ ، وَأُمِرْنَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=18079بِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَهُوَ وَاجِبٌ شَرْعًا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ قُوَّةُ الْأُمَّةِ وَعِزَّتُهَا وَمَنَعَتُهَا وَتُحْفَظُ بِهِ وَحْدَتُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي الْغَنَائِمِ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَقَضَاءٍ وَحُكْمٍ ، فَاللَّهُ تَعَالَى يُطَاعُ لِذَاتِهِ; لِأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَمَالِكُ أَمْرِهِمْ ، وَالرَّسُولُ يُطَاعُ فِي أَمْرِ الدِّينِ; لِأَنَّهُ مُبَلِّغٌ لَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمُبَيِّنٌ لِوَحْيِهِ فِيهِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْحُكْمِ ، وَهَذِهِ الطَّاعَةُ لَهُ تَعَبُّدِيَّةٌ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِيهَا ، وَتَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا النَّجَاةُ فِي الْآخِرَةِ وَالْفَوْزُ بِثَوَابِهَا ، وَيُطَاعُ فِي اجْتِهَادِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَلَا سِيَّمَا الْحَرْبَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ الْإِمَامُ الْقَائِدُ الْعَامُّ ، فَمُخَالَفَتُهُ إِخْلَالٌ بِالنِّظَامِ الْعَامِّ ، وَإِفْضَاءٌ إِلَى الْفَوْضَى الَّتِي لَا تَقُومُ مَعَهَا لِلْأُمَّةِ قَائِمَةٌ ، فَهَذِهِ الطَّاعَةُ وَاجِبَةٌ شَرْعًا كَالْأُولَى إِلَّا أَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى ، فَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَنْفِيذِ أَحْكَامِهِ ، وَإِدَارَتِهِ بِمُشَاوَرَةِ الْأُمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، وَأَشْرَكَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الطَّاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، وَسَيَأْتِي كَيْفَ رَاجَعَهُ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ الْمُفَصَّلَةِ أَحْكَامُهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَرَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّأْيِ الَّذِي ظَهَرَ صَوَابُهُ ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ الْأَخِيرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَمَا شَاوَرَهُمْ فِي غَزْوَةِ
أُحُدٍ فِي الْخُرُوجِ مِنَ
الْمَدِينَةِ أَوِ الْبَقَاءِ فِيهَا ، فَلَمَّا انْتَهَتِ الْمُشَاوَرَةُ ، وَعَزَمَ عَلَى تَنْفِيذِ رَأْيِ الْجُمْهُورِ رَاجَعُوهُ فَلَمْ يَقْبَلْ
[ ص: 490 ] مُرَاجَعَةً ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا مَعَ حِكْمَتِهِ فِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ( 3 : 159 ) وَتَرَى فِي تِلْكَ السُّورَةِ كَيْفَ كَانَتْ مُخَالَفَةُ الرُّمَاةِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبًا فِي ظُهُورِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَرَاجِعْ تَفْسِيرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=165أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ( 3 : 165 ) فِي 184 وَمَا بَعْدَهَا ج 4 ط الْهَيْئَةِ .
وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ مِنْ حَقِّ الطَّاعَةِ فِي تَنْفِيذِ الْمَشْرُوعِ ، وَإِدَارَةِ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ ، وَقِيَادَةِ الْجُنْدِ مَا كَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ ، مُقَيَّدًا بِعَدَمِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَبِمُشَاوَرَةِ أُولِي الْأَمْرِ ، كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي تَفْسِيرِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ( 4 : 59 ) الْآيَةَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أَيْ: فَامْتَثِلُوا الْأَوَامِرَ الثَّلَاثَةَ فَإِنَّ الْإِيمَانَ يَقْتَضِي ذَلِكَ كُلَّهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَهُ ، وَالْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ غَيْرُ الْمُرْتَابِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ يَكُونُ لَهُ سَائِقٌ مِنْ نَفْسِهِ إِلَى طَاعَتِهِ ، إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ لَهُ مَا يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا أَحْيَانًا مِنْ ثَوْرَةِ شَهْوَةٍ أَوْ ثَوْرَةِ غَضَبٍ ، ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَنْ يَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ، وَيَتُوبَ إِلَيْهِ مِمَّا عَرَضَ لَهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ( 4 : 17 ) إِلَخْ ، ثُمَّ وَصَفَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَيُثْبِتُهُ فَقَالَ :