nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28979_29313كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=8ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون [ ص: 497 ] تقدم في تفسير قصة البقرة من سورتها أن سنة القرآن في ذكر القصص والوقائع مخالفة للمعهود في أساليب الكلام من سردها مرتبة كما وقعت ، وأن سبب هذه المخالفة أنه لا يقص قصة ، ولا يسرد أخبار واقعة; لأجل أن تكون تاريخا محفوظا ، وإنما يذكر ما يذكر من ذلك; لأجل العبرة والموعظة ، وبيان الآيات والحكم الإلهية ، والأحكام العملية . بدئت قصة البقرة بأمر
موسى لقومه بذبح بقرة ، وذكر في آخرها سبب ذلك خلافا للترتيب المألوف من تقديم السبب على مسببه كتقديم العلة على معلولها ، والمقدمات على نتيجتها . ولكن أسلوب القرآن البديع أبلغ في بابه كما بسط هنالك .
وهاهنا بدئت قصة
nindex.php?page=treesubj&link=29313غزوة بدر الكبرى التي كانت أول مظهر لوعد الله تعالى بنصر رسوله والمؤمنين ، والإدالة لهم من أكابر مجرمي المشركين ، بذكر حكم الغنائم التي غنمها المسلمون منهم - ويالها من براعة مطلع - مقرونا ببيان صفات المؤمنين الكاملين الذين وعدهم النصر كما وعد النبيين ، وهم الذين يقبلون حكم الله وقسمة رسوله في الغنائم - ويالها من مقدمات للفوز في الحرب وغيرها - ثم قفى على ذلك بذكر أول القصة ، وهو خروج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته في
المدينة وكراهة فريق من المؤمنين لخروجه ، خلافا لما يقتضيه الإيمان من الإذعان لطاعته ، والرضاء بما يفعله بأمر ربه ، وما يحكم أو يأمر به ، كما علم من الشرط في الآية الأولى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1إن كنتم مؤمنين ولعل بيان هذا الشرط ، وما وليه من بيان صفات المؤمنين حق الإيمان هو أهم ما في هذه السورة على كثرة أحكامها وحكمها وفوائدها الروحية والاجتماعية والسياسية والحربية والمالية .
قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون أي: إن الأنفال لله يحكم فيها بالحق ، ولرسوله يقسمها بين من جعل الله لهم الحق فيها بالسوية ، وإن كره ذلك بعض المتنازعين فيها ، والذين كانوا يرون أنهم أحق بها وأهلها ، فهي كإخراج ربك إياك من بيتك بالحق للقاء إحدى الطائفتين من المشركين في الظاهر ، وكون تلك الطائفة هي المقاتلة في الواقع ، والحال إن كثيرا من المؤمنين لكارهون لذلك; لعدم استعدادهم للقتال ، أو له ، ولغيره من الأسباب التي تعلم مما يأتي .
هذا ما أراه المتبادر من هذا التشبيه ، وقد راجعت بعض كتب التفسير فرأيت للمفسرين فيها بضعة عشر وجها أكثرها متكلف ، وبعضها قريب ، ولكن هذا أقرب ، وقد بسطه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر بن جرير الطبري باعتبار غايته ، وما كان من المصلحة فيه ، وهو حق في نفسه ، ولكن اللفظ لا يدل عليه ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري مبنيا على قواعد الإعراب .
ولا يظهر المعنى تمام الظهور في الآيات إلا ببيان ما وقع من ذلك ، وأجمعه رواية
محمد بن إسحاق قال :
حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم الزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة ، وعبد الله بن أبي [ ص: 498 ] بكر ويزيد بن رومان عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، وغيرهم من علمائنا عن nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس - كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر " قالوا : لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها ، فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم ، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربا ، وكان أبو سفيان قد استنفر حين دنا من الحجاز من يتجسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان تخوفا على أموال الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولغيرك ، فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى أهل مكة ، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه ، فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى بلغ واديا يقال له ذفران ، فخرج منه حتى إذا كان ببعضه نزل ، وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم ، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم عن قريش ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال فأحسن ، ثم قام عمر رضي الله عنه فقال فأحسن ، ثم قام nindex.php?page=showalam&ids=53المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله امض لما أمرك الله به فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ( 5 : 24 ) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد - يعني مدينة الحبشة - لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا ، ودعا له بخير ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أشيروا علي أيها الناس ، وإنما يريد الأنصار ، وذلك أنهم كانوا عدد الناس ، وذلك أنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا : يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى دارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمامنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه ، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من غير بلادهم . فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال له nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله . قال : أجل . فقال : قد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أمرك الله به ، فوالذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما يتخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله . فسر رسول الله صلى الله عليه [ ص: 499 ] وسلم بقول سعد ، ونشطه ذلك ، ثم قال : سيروا على بركة الله ، وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم " .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28979_29313كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=8لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [ ص: 497 ] تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ قِصَّةِ الْبَقَرَةِ مِنْ سُورَتِهَا أَنَّ سُنَّةَ الْقُرْآنِ فِي ذِكْرِ الْقِصَصِ وَالْوَقَائِعِ مُخَالِفَةٌ لِلْمَعْهُودِ فِي أَسَالِيبِ الْكَلَامِ مِنْ سَرْدِهَا مُرَتَّبَةً كَمَا وَقَعَتْ ، وَأَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُ لَا يَقُصُّ قِصَّةً ، وَلَا يَسْرُدُ أَخْبَارَ وَاقِعَةٍ; لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ تَارِيخًا مَحْفُوظًا ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُ مَا يَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ; لِأَجْلِ الْعِبْرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ ، وَبَيَانِ الْآيَاتِ وَالْحِكَمِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَالْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ . بُدِئَتْ قِصَّةُ الْبَقَرَةِ بِأَمْرِ
مُوسَى لِقَوْمِهِ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهَا سَبَبَ ذَلِكَ خِلَافًا لِلتَّرْتِيبِ الْمَأْلُوفِ مِنْ تَقْدِيمِ السَّبَبِ عَلَى مُسَبَّبِهِ كَتَقْدِيمِ الْعِلَّةِ عَلَى مَعْلُولِهَا ، وَالْمُقَدِّمَاتِ عَلَى نَتِيجَتِهَا . وَلَكِنَّ أُسْلُوبَ الْقُرْآنِ الْبَدِيعَ أَبْلَغُ فِي بَابِهِ كَمَا بُسِطَ هُنَالِكَ .
وَهَاهُنَا بُدِئَتْ قِصَّةُ
nindex.php?page=treesubj&link=29313غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى الَّتِي كَانَتْ أَوَّلَ مَظْهَرٍ لِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى بِنَصْرِ رَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَالْإِدَالَةِ لَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ مُجْرِمِي الْمُشْرِكِينَ ، بِذِكْرِ حُكْمِ الْغَنَائِمِ الَّتِي غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ - وَيَالَهَا مِنْ بَرَاعَةِ مَطْلَعٍ - مَقْرُونًا بِبَيَانِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْكَامِلِينَ الَّذِينَ وَعَدَهُمُ النَّصْرَ كَمَا وَعَدَ النَّبِيِّينَ ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقْبَلُونَ حُكْمَ اللَّهِ وَقِسْمَةَ رَسُولِهِ فِي الْغَنَائِمِ - وَيَالَهَا مِنْ مُقَدِّمَاتٍ لِلْفَوْزِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا - ثُمَّ قَفَّى عَلَى ذَلِكَ بِذِكْرِ أَوَّلِ الْقِصَّةِ ، وَهُوَ خُرُوجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِهِ فِي
الْمَدِينَةِ وَكَرَاهَةُ فَرِيقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِخُرُوجِهِ ، خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ مِنَ الْإِذْعَانِ لِطَاعَتِهِ ، وَالرِّضَاءِ بِمَا يَفْعَلُهُ بِأَمْرِ رَبِّهِ ، وَمَا يَحْكُمُ أَوْ يَأْمُرُ بِهِ ، كَمَا عُلِمَ مِنَ الشَّرْطِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلَعَلَّ بَيَانَ هَذَا الشَّرْطِ ، وَمَا وَلِيَهُ مِنْ بَيَانِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ حَقَّ الْإِيمَانِ هُوَ أَهَمُّ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى كَثْرَةِ أَحْكَامِهَا وَحِكَمِهَا وَفَوَائِدِهَا الرُّوحِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالْحَرْبِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ .
قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ أَيْ: إِنَّ الْأَنْفَالَ لِلَّهِ يَحْكُمُ فِيهَا بِالْحَقِّ ، وَلِرَسُولِهِ يُقَسِّمُهَا بَيْنَ مَنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْحَقَّ فِيهَا بِالسَّوِيَّةِ ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَنَازِعِينَ فِيهَا ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِهَا وَأَهْلُهَا ، فَهِيَ كَإِخْرَاجِ رَبِّكَ إِيَّاكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ لِلِقَاءِ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي الظَّاهِرِ ، وَكَوْنِ تِلْكَ الطَّائِفَةِ هِيَ الْمُقَاتِلَةُ فِي الْوَاقِعِ ، وَالْحَالُ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ لِذَلِكَ; لِعَدَمِ اسْتِعْدَادِهِمْ لِلْقِتَالِ ، أَوْ لَهُ ، وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي .
هَذَا مَا أَرَاهُ الْمُتَبَادِرَ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ ، وَقَدْ رَاجَعْتُ بَعْضَ كُتُبِ التَّفْسِيرِ فَرَأَيْتُ لِلْمُفَسِّرِينَ فِيهَا بِضْعَةَ عَشَرَ وَجْهًا أَكْثَرُهَا مُتَكَلَّفٌ ، وَبَعْضُهَا قَرِيبٌ ، وَلَكِنَّ هَذَا أَقْرَبُ ، وَقَدْ بَسَطَهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ بِاعْتِبَارِ غَايَتِهِ ، وَمَا كَانَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ ، وَهُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ ، وَلَكِنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مَبْنِيًّا عَلَى قَوَاعِدِ الْإِعْرَابِ .
وَلَا يَظْهَرُ الْمَعْنَى تَمَامَ الظُّهُورِ فِي الْآيَاتِ إِلَّا بِبَيَانِ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَجْمَعُهُ رِوَايَةُ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ :
حَدَّثَنِي nindex.php?page=showalam&ids=12300مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=16276وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي [ ص: 498 ] بَكْرٍ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ فَاجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ فِيمَا سُقْتُ مِنْ حَدِيثِ بِدْرٍ " قَالُوا : لَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ : هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فِيهَا أَمْوَالُهُمْ فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُنَفِّلَكُمُوهَا ، فَانْتَدَبَ النَّاسَ فَخَفَّ بَعْضُهُمْ وَثَقُلَ بَعْضُهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْقَى حَرْبًا ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَدِ اسْتَنْفَرَ حِينَ دَنَا مِنَ الْحِجَازِ مَنْ يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ ، وَيَسْأَلُ مَنْ لَقِيَ مِنَ الرُّكْبَانِ تَخَوُّفًا عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ حَتَّى أَصَابَ خَبَرًا مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدِ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابَهُ لَكَ وَلِغَيْرِكَ ، فَحَذِرَ عِنْدَ ذَلِكَ فَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ قُرَيْشًا فَيَسْتَنْفِرَهُمْ إِلَى أَمْوَالِهِمْ ، وَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ عَرَضَ لَهَا فِي أَصْحَابِهِ ، فَخَرَجَ ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو سَرِيعًا إِلَى مَكَّةَ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ ذَفِرَانُ ، فَخَرَجَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِهِ نَزَلَ ، وَأَتَاهُ الْخَبَرُ عَنْ قُرَيْشٍ بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ ، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قُرَيْشٍ ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ ، ثُمَّ قَامَ nindex.php?page=showalam&ids=53الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ امْضِ لِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ فَنَحْنُ مَعَكَ ، وَاللَّهِ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ( 5 : 24 ) وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ - يَعْنِي مَدِينَةَ الْحَبَشَةِ - لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا ، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَدَدَ النَّاسِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بَرَاءٌ مِنْ ذِمَامِكَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى دَارِنَا فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَيْنَا فَأَنْتَ فِي ذِمَامِنَا نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّفُ أَلَّا تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نُصْرَتَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوِّهِ ، وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِلَى عَدُوٍّ مِنْ غَيْرِ بِلَادِهِمْ . فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : أَجَلْ . فَقَالَ : قَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ ، وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَعْطَيْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ مَا يَتَخَلَّفُ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا ، إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْدَ الْحَرْبِ صُدُقٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يُرِيكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ . فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ ص: 499 ] وَسَلَّمَ بِقَوْلِ سَعْدٍ ، وَنَشَّطَهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي الْآنَ أَنْظُرُ إِلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ " .