وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28979_29677فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم فهو وصل للنهي عن التولي بما هو حجة على جدارتهم بالانتهاء ، فإن كانت الآية التي قبله قد نزلت بعد انتهاء القتال في غزوة
بدر كسائر السورة كما عليه الجمهور فوجه الوصل بالفاء ظاهر جلي ، كأنه يقول : يا أيها المؤمنون لا تولوا الكفار ظهوركم في القتال أبدا ، فأنتم أولى منهم بالثبات والصبر ثم بنصر الله تعالى ، فها أنتم أولاء قد انتصرتم عليهم على قلة عددكم وعددكم وكثرتهم واستعدادهم ، وإنما ذلك
[ ص: 516 ] بتأييد الله تعالى لكم ، وربطه على قلوبكم وتثبيت أقدامكم ، فلم تقتلوهم ذلك القتل الذريع بمحض قوتكم واستعدادكم المادي ، ولكن الله قتلهم بأيديكم بما كان من تثبيت قلوبكم بمخالطة الملائكة وملابستها لأرواحكم ، وبإلقائه الرعب في قلوبهم ، فهو بمعنى قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ( 9 : 14 ) الآية ، والمؤمن أجدر بالصبر الذي هو الركن الأعظم للنصر من الكافر ; لأنه أقل حرصا على متاع الدنيا ، وأعظم رجاء بالله والدار الآخرة كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=104ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ( 4 : 104 ) وقال حكاية لرد المؤمنين بهذا الرجاء ، على الخائفين من كثرة الأعداء :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ( 2 : 249 ) .
ثم التفت عن خطاب المؤمنين المقاتلين بأيديهم ، والمجندلين لصناديد المشركين بسيوفهم إلى خطاب قائدهم وهو الرسول صلى الله عليه وسلم المؤيد منه تعالى بالآيات ، ومنها أنه رمى المشركين يومئذ بقبضة من التراب قائلا : " شاهت الوجوه " فأعقبت رميته هزيمتهم ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12158أبي معشر المدني عن
محمد بن قيس ، nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي بالمعنى . وروى
علي بن أبي طلحة nindex.php?page=hadith&LINKID=920131عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال في استغاثته يوم بدر : " يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا . قال له جبريل : خذ قبضة من التراب فارم بها في وجوههم - ففعل فما من أحد من المشركين إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين " وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أنه صلى الله عليه وسلم طلب من
علي أن يعطيه حصبا من الأرض ، فناوله حصبا عليه تراب فرماهم به إلخ . وعن
عروة ومجاهد وعكرمة وقتادة أيضا أن الآية في رميه صلى الله عليه وسلم في
بدر . فإذا لم تكن رواية من هذه الروايات وصلت إلى درجة الصحيح فمجموعها مع القرينة حجة على ذلك . وروي مثل هذه الرمية في غزوة
حنين ، فحمل الآية بعضهم على ذلك وهو شاذ ، وحملها بعضهم على رميه صلى الله عليه وسلم
لأمية بن خلف بالحربة يوم
أحد وهو مقنع بالحديد فقتله وهو شاذ أيضا ، فالآية بل السورة نزلت في غزوة
بدر . والمعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وما رميت إذ رميت إلخ . وما رميت أيها الرسول أحدا من أولئك المشركين في الوقت الذي رميت فيه تلك القبضة من التراب ، بإلقائها في الهواء فأصابت وجوههم ، فإن ما أوتيته كأمثالك من البشر من استطاعة على الرمي لا يبلغ هذا التأثير الذي هو فوق الأسباب الممنوحة لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17ولكن الله رمى وجوههم كلهم بما أوصل التراب الذي ألقيته في الهواء إليها مع قلته ، أو بعد تكثيره بمحض قدرته ، وحذف مفعول الرمي للدلالة على عمومه في كل من الإثبات والنفي ، كما قدرنا فيهما وفاقا لما تقرر في علم المعاني - وقد علم من هذا التفسير المتبادر من اللفظ بغير تكلف وجه الفرق بين قتل المؤمنين للكفار الذي هو فعل من أفعالهم المقدورة لهم بحسب سنن الله في الأسباب
[ ص: 517 ] الدنيوية ، وبين رمي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بالتراب الذي ليس بسبب لشكاية أعينهم وشوهة وجوههم لقتله ، وبعدهم عن راميه ، وكونهم غير مستقبلين كلهم له ، ولأجل هذا الفرق ذكر مفعول القتل مثبتا ومنفيا - وهو ضمير المشركين - فنفى القتل المحسوس مطلقا ، وأثبت المعقول مطلقا; لعدم تعارضهما ، فالمراد من كل منهما ظاهر بغير شبهة ، ولو أثبت لهم القتل مع نفيه عنهم بأن قال : إذ قتلتموهم - لكان تناقضا ظاهرا يخفى وجهه جعل المثبت منه غير المنفي . وقتلهم لهم مشاهد لا يحتاج إلى إثبات من حيث كان سببا ناقصا ، وإنما الحاجة إلى بيان نقصه وعدم استقلاله بالسببية ، ثم بيان ما لولاه لم يكن ، وهو إعانة الله ونصره .
وأما رمي النبي صلى الله عليه وسلم لوجوه القوم فلم يكن سببا عاديا لإصابتهم وهزيمتهم ، لا مشاهدا كضرب أصحابه لأعناق المشركين ، ولا غير مشاهد ، والجمع بين نفيه وإثباته لا يوهم التناقض للعلم بعدم السببية . ولم يذكر مفعول الرمي بأن يقال : " وما رميت وجوههم " إذ لا شبهة هنا في عدم استطاعة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا استقلالا بكسبه العادي ، وأما هنالك فالظاهر أن القتل من كسبهم الاستقلالي . والحقيقة أنه لولا تأييد الله تعالى ونصره بما تقدم بيانه لما وصل كسبهم المحض إلى هذا القتل ، وقد علمنا ما كان من خوفهم وكراهتهم للقتال ومجادلة النبي صلى الله عليه وسلم فيه :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ( 8 : 6 ) فلو ظلوا على هذه الحالة المعنوية مع قلتهم وضعفهم لكان مقتضى الأسباب أن يمحقهم المشركون محقا .
وأما الفرق بين فعله تعالى في القتل وفعله في الرمي . فالأول عبارة عن تسخيره تعالى لهم أسباب القتل التي تقدم بيانها ، كما هو الشأن في جميع كسب البشر وأعمالهم الاختيارية من كونها لا تستقل في حصول غاياتها إلا بفعل الله وتسخيره لهم وللأسباب التي لا يصل إليها كسبهم عادة ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=63أفرأيتم ما تحرثون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=64أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=65لو نشاء لجعلناه حطاما ( 56 : 63 - 65 ) إلخ . فالإنسان يحرث الأرض ، ويلقي فيها البذر ، ولكنه لا يملك إنزال المطر ، ولا إنبات الحب وتغذيته بالتراب المختلف العناصر ، ولا دفع الجوائح عنه ، ولا يستقل إيجاد الزرع وبلوغ ثمرته وصلاحها بكسبه وحده . وأما الثاني فهو من فعله تعالى وحده بدون كسب عادي للنبي صلى الله عليه وسلم في تأثيره ، فالرمي منه كان صوريا لتظهر الآية على يده صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، فمثله في ذلك كمثل أخيه
موسى عليه السلام في إلقائه العصا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=20فإذا هي حية تسعى ( 20 : 20 ) فخاف منها أولا كما ورد في سورتي طه والنمل .
هذا ما يدل عليه نظم الكلام بلا تكلف ، ولا حمل على المذاهب والآراء الحادثة من كلامية
[ ص: 518 ] وتصوفية وغيرها ، فالجبري يحتج بها على سلب الاختيار ، وكون الإنسان كالريشة في الهواء ، والاتحادي يحتج بها على وحدة الوجود ، وكون العبد هو الرب المعبود ، والأشعري يحتج بها على الجمع بين كسب العبد وخلق الرب بإسناد الرمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلى الخالق عز وجل . وهو يغني عن إسناد القتل إلى المؤمنين بالأولى ، والقرآن فوق المذاهب وقبلها ، غني بفصاحته وبلاغته عن هذه التأويلات كلها
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53كل حزب بما لديهم فرحون ( 30 : 32 ) وكلام الله فوق ما يظنون .
وأما موقع " الفاء " في أول الآية على القول بأن الآية السابقة عليها نزلت قبل القتال تحريضا عليه ، فقد قيل : إنها واقعة في جواب شرط مقدر ، واختلفوا في تقديره . وقال بعضهم : بل هي لمجرد ربط الجمل بعضها ببعض ، وقد يقال : إنه لا مانع من نزولها بعد المعركة ، ووصلها بما قبلها للدلالة على ما ذكرنا من التعليل والاحتجاج على مشروعية النهي عن الهزيمة ، وأولى منه أن يستدل بها على نزول ما قبلها في ضمن السورة بعد المعركة .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28979_29677وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا فهو معطوف على تعليل مستفاد مما قبله ، أي أنه فعل ما ذكر لإقامة حجته ، وتأييد رسوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا بالنصر والغنيمة وحسن السمعة . والبلاء : الاختبار بالحسن أو بالسيئ ، كما قال تعالى في
بني إسرائيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات ( 7 : 168 ) وتقدم بيانه بالتفصيل . وختم الآية بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17إن الله سميع عليم وهو تعليل مستأنف للبلاء الحسن ، والمراد أنه تعالى سميع لما كان من استغاثة المؤمنين مع الرسول ربهم ودعائهم إياه وحده ، عليم بصدقهم وإخلاصهم ، وبما يترتب على استجابته لهم من تأييد الحق الذي هم عليه ، وخذلان الشرك ، كما أنه سميع لكل نداء وكلام ، عليم بالنيات الباعثة عليه ، والعواقب التي تنشأ عنه ، وبكل شيء .
ولما كان من سنة القرآن المقابلة بين الإيمان والكفر ، وبين أهل كل منهما وجزائهما عليهما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28979_30531_30532ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين أي: الأمر في المؤمنين وفائدتهم مما تقدم هو ذلكم الذي سمعتم ، ويضاف إليه تعليل آخر ، وهو أن الله تعالى موهن كيد الكافرين ، أي مضعف كيدهم ومكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، ومحاولتهم القضاء على دعوة التوحيد والإصلاح قبل أن تقوى وتشتد ، قرأ
ابن كثير ونافع وأبو بكر ( موهن ) بتشديد الهاء والتنوين ونصب ( كيد ) والتشديد للمبالغة في الوهن . وقرأ
حفص عن
عاصم بالتخفيف والإضافة والباقون بالتخفيف والنصب .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28979_29677فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ فَهُوَ وَصْلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّوَلِّي بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى جَدَارَتِهِمْ بِالِانْتِهَاءِ ، فَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ الَّتِي قَبْلَهُ قَدْ نَزَلَتْ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْقِتَالِ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ كَسَائِرِ السُّورَةِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَوَجْهُ الْوَصْلِ بِالْفَاءِ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَا تُوَلُّوا الْكُفَّارَ ظُهُورَكُمْ فِي الْقِتَالِ أَبَدًا ، فَأَنْتُمْ أَوْلَى مِنْهُمْ بِالثَّبَاتِ وَالصَّبْرِ ثُمَّ بِنَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهَا أَنْتُمْ أُولَاءِ قَدِ انْتَصَرْتُمْ عَلَيْهِمْ عَلَى قِلَّةِ عَدَدِكُمْ وَعُدَدِكُمْ وَكَثْرَتِهِمْ وَاسْتِعْدَادِهِمْ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ
[ ص: 516 ] بِتَأْيِيدِ اللَّهِ تَعَالَى لَكُمْ ، وَرَبْطِهِ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَتَثْبِيتِ أَقْدَامِكُمْ ، فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ذَلِكَ الْقَتْلَ الذَّرِيعَ بِمَحْضِ قُوَّتِكُمْ وَاسْتِعْدَادِكُمُ الْمَادِّيِّ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ بِأَيْدِيكُمْ بِمَا كَانَ مِنْ تَثْبِيتِ قُلُوبِكُمْ بِمُخَالَطَةِ الْمَلَائِكَةِ وَمُلَابَسَتِهَا لِأَرْوَاحِكُمْ ، وَبِإِلْقَائِهِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ( 9 : 14 ) الْآيَةَ ، وَالْمُؤْمِنُ أَجْدَرُ بِالصَّبْرِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ لِلنَّصْرِ مِنَ الْكَافِرِ ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ حِرْصًا عَلَى مَتَاعِ الدُّنْيَا ، وَأَعْظَمُ رَجَاءً بِاللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=104وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ( 4 : 104 ) وَقَالَ حِكَايَةً لِرَدِّ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا الرَّجَاءِ ، عَلَى الْخَائِفِينَ مِنْ كَثْرَةِ الْأَعْدَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 2 : 249 ) .
ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُقَاتِلِينَ بِأَيْدِيهِمْ ، وَالْمُجَنْدِلِينَ لِصَنَادِيدِ الْمُشْرِكِينَ بِسُيُوفِهِمْ إِلَى خِطَابِ قَائِدِهِمْ وَهُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤَيَّدُ مِنْهُ تَعَالَى بِالْآيَاتِ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ رَمَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ بِقَبْضَةٍ مِنَ التُّرَابِ قَائِلًا : " شَاهَتِ الْوُجُوهُ " فَأَعْقَبَتْ رَمْيَتُهُ هَزِيمَتَهُمْ ، رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12158أَبِي مَعْشَرٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ بِالْمَعْنَى . وَرَوَى
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=920131عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ فِي اسْتِغَاثَتِهِ يَوْمَ بَدْرٍ : " يَا رَبِّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ فَلَنْ تُعْبَدَ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا . قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَارْمِ بِهَا فِي وُجُوهِهِمْ - فَفَعَلَ فَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا أَصَابَ عَيْنَيْهِ وَمَنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ تُرَابٌ مِنْ تِلْكَ الْقَبْضَةِ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ " وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ مِنْ
عَلِيٍّ أَنْ يُعْطِيَهُ حَصَبًا مِنَ الْأَرْضِ ، فَنَاوَلَهُ حَصَبًا عَلَيْهِ تُرَابٌ فَرَمَاهُمْ بِهِ إِلَخْ . وَعَنْ
عُرْوَةَ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ أَيْضًا أَنَّ الْآيَةَ فِي رَمْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
بَدْرٍ . فَإِذَا لَمْ تَكُنْ رِوَايَةٌ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَصَلَتْ إِلَى دَرَجَةِ الصَّحِيحِ فَمَجْمُوعُهَا مَعَ الْقَرِينَةِ حُجَّةٌ عَلَى ذَلِكَ . وَرُوِيَ مِثْلُ هَذِهِ الرَّمْيَةِ فِي غَزْوَةِ
حُنَيْنٍ ، فَحَمَلَ الْآيَةَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ شَاذٌّ ، وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى رَمْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ بِالْحَرْبَةِ يَوْمَ
أُحُدٍ وَهُوَ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَتَلَهُ وَهُوَ شَاذٌّ أَيْضًا ، فَالْآيَةُ بَلِ السُّورَةُ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ . وَالْمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ إِلَخْ . وَمَا رَمَيْتَ أَيُّهَا الرَّسُولُ أَحَدًا مِنْ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي رَمَيْتَ فِيهِ تِلْكَ الْقَبْضَةَ مِنَ التُّرَابِ ، بِإِلْقَائِهَا فِي الْهَوَاءِ فَأَصَابَتْ وُجُوهَهُمْ ، فَإِنَّ مَا أُوتِيتَهُ كَأَمْثَالِكَ مِنَ الْبَشَرِ مِنِ اسْتِطَاعَةٍ عَلَى الرَّمْيِ لَا يَبْلُغُ هَذَا التَّأْثِيرَ الَّذِي هُوَ فَوْقَ الْأَسْبَابِ الْمَمْنُوحَةِ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وُجُوهَهُمْ كُلَّهُمْ بِمَا أَوْصَلَ التُّرَابَ الَّذِي أَلْقَيْتَهُ فِي الْهَوَاءِ إِلَيْهَا مَعَ قِلَّتِهِ ، أَوْ بَعْدَ تَكْثِيرِهِ بِمَحْضِ قُدْرَتِهِ ، وَحُذِفَ مَفْعُولِ الرَّمْيِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلٍّ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ ، كَمَا قَدَّرْنَا فِيهِمَا وِفَاقًا لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي - وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمُتَبَادِرِ مِنَ اللَّفْظِ بِغَيْرِ تَكَلُّفِ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْمُؤْمِنِينَ لِلْكُفَّارِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِهِمُ الْمَقْدُورَةِ لَهُمْ بِحَسَبِ سُنَنِ اللَّهِ فِي الْأَسْبَابِ
[ ص: 517 ] الدُّنْيَوِيَّةِ ، وَبَيْنَ رَمْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِالتُّرَابِ الَّذِي لَيْسَ بِسَبَبٍ لِشِكَايَةِ أَعْيُنِهِمْ وَشَوْهَةِ وُجُوهِهِمْ لِقَتْلِهِ ، وَبُعْدِهِمْ عَنْ رَامِيهِ ، وَكَوْنِهِمْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِينَ كُلِّهِمْ لَهُ ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْفَرْقِ ذُكِرَ مَفْعُولُ الْقَتْلِ مُثْبَتًا وَمَنْفِيًّا - وَهُوَ ضَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ - فَنَفَى الْقَتْلَ الْمَحْسُوسَ مُطْلَقًا ، وَأَثْبَتَ الْمَعْقُولَ مُطْلَقًا; لِعَدَمِ تَعَارُضِهِمَا ، فَالْمُرَادُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ظَاهَرٌ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ ، وَلَوْ أَثْبَتَ لَهُمُ الْقَتْلَ مَعَ نَفْيِهِ عَنْهُمْ بِأَنْ قَالَ : إِذْ قَتَلْتُمُوهُمْ - لَكَانَ تَنَاقُضًا ظَاهِرًا يَخْفَى وَجْهُهُ جَعَلَ الْمُثْبَتَ مِنْهُ غَيْرَ الْمَنْفِيِّ . وَقَتْلُهُمْ لَهُمْ مُشَاهَدٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتٍ مِنْ حَيْثُ كَانَ سَبَبًا نَاقِصًا ، وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ إِلَى بَيَانِ نَقْصِهِ وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِالسَّبَبِيَّةِ ، ثُمَّ بَيَانِ مَا لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ ، وَهُوَ إِعَانَةُ اللَّهِ وَنَصْرُهُ .
وَأَمَّا رَمْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ سَبَبًا عَادِيًّا لِإِصَابَتِهِمْ وَهَزِيمَتِهِمْ ، لَا مُشَاهَدًا كَضَرْبِ أَصْحَابِهِ لِأَعْنَاقِ الْمُشْرِكِينَ ، وَلَا غَيْرَ مُشَاهَدٍ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ لَا يُوهِمُ التَّنَاقُضَ لِلْعِلْمِ بِعَدَمِ السَّبَبِيَّةِ . وَلَمْ يُذْكَرْ مَفْعُولُ الرَّمْيِ بِأَنْ يُقَالَ : " وَمَا رَمَيْتَ وُجُوهَهُمْ " إِذْ لَا شُبْهَةَ هُنَا فِي عَدَمِ اسْتِطَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا اسْتِقْلَالًا بِكَسْبِهِ الْعَادِيِّ ، وَأَمَّا هُنَالِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَتْلَ مِنْ كَسْبِهِمُ الِاسْتِقْلَالِيِّ . وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ لَوْلَا تَأْيِيدُ اللَّهِ تَعَالَى وَنَصْرُهُ بِمَا تَقَدَّمَ بَيَانَهُ لَمَا وَصَلَ كَسْبُهُمُ الْمَحْضُ إِلَى هَذَا الْقَتْلِ ، وَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَانَ مِنْ خَوْفِهِمْ وَكَرَاهَتِهِمْ لِلْقِتَالِ وَمُجَادَلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ( 8 : 6 ) فَلَوْ ظَلُّوا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ مَعَ قِلَّتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ لَكَانَ مُقْتَضَى الْأَسْبَابِ أَنْ يَمْحَقَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مَحْقًا .
وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ فِعْلِهِ تَعَالَى فِي الْقَتْلِ وَفِعْلِهِ فِي الرَّمْيِ . فَالْأَوَّلُ عِبَارَةٌ عَنْ تَسْخِيرِهِ تَعَالَى لَهُمْ أَسْبَابَ الْقَتْلِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا ، كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي جَمِيعِ كَسْبِ الْبَشَرِ وَأَعْمَالِهِمُ الِاخْتِيَارِيَّةِ مِنْ كَوْنِهَا لَا تَسْتَقِلُّ فِي حُصُولِ غَايَاتِهَا إِلَّا بِفِعْلِ اللَّهِ وَتَسْخِيرِهِ لَهُمْ وَلِلْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يَصِلُ إِلَيْهَا كَسْبُهُمْ عَادَةً ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=63أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=64أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=65لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا ( 56 : 63 - 65 ) إِلَخْ . فَالْإِنْسَانُ يَحْرُثُ الْأَرْضَ ، وَيُلْقِي فِيهَا الْبَذْرَ ، وَلَكِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِنْزَالَ الْمَطَرِ ، وَلَا إِنْبَاتَ الْحَبِّ وَتَغْذِيَتَهُ بِالتُّرَابِ الْمُخْتَلِفِ الْعَنَاصِرِ ، وَلَا دَفْعَ الْجَوَائِحِ عَنْهُ ، وَلَا يَسْتَقِلُّ إِيجَادُ الزَّرْعِ وَبُلُوغُ ثَمَرَتِهِ وَصَلَاحِهَا بِكَسْبِهِ وَحْدَهُ . وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ بِدُونِ كَسْبٍ عَادِيٍّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْثِيرِهِ ، فَالرَّمْيُ مِنْهُ كَانَ صُورِيًّا لِتَظْهَرَ الْآيَةُ عَلَى يَدِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ ، فَمَثَلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَثَلِ أَخِيهِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي إِلْقَائِهِ الْعَصَا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=20فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ( 20 : 20 ) فَخَافَ مِنْهَا أَوَّلًا كَمَا وَرَدَ فِي سُورَتَيْ طه وَالنَّمْلِ .
هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَظْمُ الْكَلَامِ بِلَا تَكَلُّفٍ ، وَلَا حَمْلٍ عَلَى الْمَذَاهِبِ وَالْآرَاءِ الْحَادِثَةِ مِنْ كَلَامِيَّةٍ
[ ص: 518 ] وَتَصَوُّفِيَّةٍ وَغَيْرِهَا ، فَالْجَبْرِيُّ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَى سَلْبِ الِاخْتِيَارِ ، وَكَوْنِ الْإِنْسَانِ كَالرِّيشَةِ فِي الْهَوَاءِ ، وَالِاتِّحَادِيُّ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَى وَحْدَةِ الْوُجُودِ ، وَكَوْنِ الْعَبْدِ هُوَ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ ، وَالْأَشْعَرِيُّ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ كَسْبِ الْعَبْدِ وَخَلْقِ الرَّبِّ بِإِسْنَادِ الرَّمْيِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِلَى الْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ . وَهُوَ يُغْنِي عَنْ إِسْنَادِ الْقَتْلِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَوْلَى ، وَالْقُرْآنُ فَوْقَ الْمَذَاهِبِ وَقَبْلَهَا ، غَنِيٌّ بِفَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ عَنْ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ كُلِّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ( 30 : 32 ) وَكَلَامُ اللَّهِ فَوْقَ مَا يَظُنُّونَ .
وَأَمَّا مَوْقِعُ " الْفَاءِ " فِي أَوَّلِ الْآيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْآيَةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهَا نَزَلَتْ قَبْلَ الْقِتَالِ تَحْرِيضًا عَلَيْهِ ، فَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ هِيَ لِمُجَرَّدِ رَبْطِ الْجُمَلِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ ، وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ نُزُولِهَا بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ ، وَوَصْلِهَا بِمَا قَبْلَهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّعْلِيلِ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ النَّهْيِ عَنِ الْهَزِيمَةِ ، وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى نُزُولِ مَا قَبْلَهَا فِي ضِمْنِ السُّورَةِ بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28979_29677وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَعْلِيلٍ مُسْتَفَادٍ مِمَّا قَبْلَهُ ، أَيْ أَنَّهُ فَعَلَ مَا ذَكَرَ لِإِقَامَةِ حُجَّتِهِ ، وَتَأْيِيدِ رَسُولِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا بِالنَّصْرِ وَالْغَنِيمَةِ وَحُسْنِ السُّمْعَةِ . وَالْبَلَاءُ : الِاخْتِبَارُ بِالْحَسَنِ أَوْ بِالسَّيِّئِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ( 7 : 168 ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِالتَّفْصِيلِ . وَخَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَهُوَ تَعْلِيلٌ مُسْتَأْنَفٌ لِلْبَلَاءِ الْحَسَنِ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى سَمِيعٌ لِمَا كَانَ مِنِ اسْتِغَاثَةِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الرَّسُولِ رَبَّهِمْ وَدُعَائِهِمْ إِيَّاهُ وَحْدَهُ ، عَلِيمٌ بِصِدْقِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ ، وَبِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِجَابَتِهِ لَهُمْ مِنْ تَأْيِيدِ الْحَقِّ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ ، وَخِذْلَانِ الشِّرْكِ ، كَمَا أَنَّهُ سَمِيعٌ لِكُلِّ نِدَاءٍ وَكَلَامٍ ، عَلِيمٌ بِالنِّيَّاتِ الْبَاعِثَةِ عَلَيْهِ ، وَالْعَوَاقِبِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْهُ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ .
وَلَمَّا كَانَ مِنْ سُنَّةِ الْقُرْآنِ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ ، وَبَيْنَ أَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَجَزَائِهِمَا عَلَيْهِمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28979_30531_30532ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ أَيْ: الْأَمْرُ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَفَائِدَتُهُمْ مِمَّا تَقَدَّمَ هُوَ ذَلِكُمُ الَّذِي سَمِعْتُمْ ، وَيُضَافُ إِلَيْهِ تَعْلِيلٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ، أَيْ مُضْعِفُ كَيْدِهِمْ وَمَكْرِهِمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ ، وَمُحَاوَلَتِهِمُ الْقَضَاءَ عَلَى دَعْوَةِ التَّوْحِيدِ وَالْإِصْلَاحِ قَبْلَ أَنْ تَقْوَى وَتَشْتَدَّ ، قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ ( مُوهِّنٌ ) بِتَشْدِيدِ الْهَاءِ وَالتَّنْوِينِ وَنَصْبِ ( كَيْدَ ) وَالتَّشْدِيدُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْوَهَنِ . وَقَرَأَ
حَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ بِالتَّخْفِيفِ وَالْإِضَافَةِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ وَالنَّصْبِ .