[ ص: 525 ] nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون يقال دعاه فأجابه واستجابه واستجاب له ، وكثر المتعدي في التنزيل ، ويقول
الراغب : إن أصل الاستجابة التهيؤ والاستعداد للإجابة فحل محلها ، أقول : والأقرب إلى الفهم قلب هذا وعكسه ، وهو أن الاستجابة هي الإجابة بعناية واستعداد ، فتكون زيادة السين والتاء للمبالغة ، وهو يقرب مما قالوه في معانيهما من التكلف والتحري أو هو بعينه ، إلا أنه لا يعبر به فيما يسند إلى الله تعالى كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فاستجاب لهم ربهم ( 3 : 195 ) فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28979_28750_28328يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم معناه إذا علمتم ما فرضنا عليكم من الطاعة ، وشأن سماع التفقه من الهداية ، وقد دعاكم الرسول بالتبليغ عن الله تعالى لما يحييكم ، فأجيبوا الدعوة بعناية وهمة ، وعزيمة وقوة ، فهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=63خذوا ما آتيناكم بقوة ( 2 : 63 ) والمراد بالحياة هنا حياة العلم بالله تعالى وسننه في خلقه ، وأحكام شرعه والحكمة والفضيلة والأعمال الصالحة التي تكمل بها الفطرة الإنسانية في الدنيا ، وتستعد للحياة الأبدية في الآخرة ، وقيل : المراد بالحياة هنا الجهاد في سبيل الله ; لأنه سبب القوة والعزة والسلطان - والصواب أن الجهاد يدخل فيما ذكرنا ، وليس هو الحياة المطلوبة ، بل هو وسيلة لتحققها وسياج لها بعد حصولها ، وقيل : هي الإيمان والإسلام ، وإنما يصح باعتبار ما كان يتجدد من الأحكام ، وثمرته في القلوب والأعمال ، وبما في الاستجابة من معنى المبالغة في الإجابة ، وإلا فالخطاب للمؤمنين . وقيل : هي القرآن ، ولاشك أنه ينبوعها الأعظم ، الهادي إلى سبيلها الأقوم ، مع بيانه من سنة الرسول وهديه الذي أمرنا بأن يكون لنا فيه أسوة حسنة ، ويدل عليه اقتران طاعته بطاعة الله تعالى ، بل قال بعض العلماء : إنه كان إذا دعا شخصا وهو يصلي يجب عليه أن يترك
[ ص: 526 ] الصلاة استجابة له ، وأن الصلاة لا تبطل بإجابته ، بل له أن يبني على ما كان صلى ويتم ، واستدلوا على ذلك بحديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أجبه - أو قال : فلم آته حتى صليت ثم أتيته - فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920132 " ألم يقل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ؟ الحديث . وروى
الترمذي والحاكم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " أنه صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=920133دعا nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وهو في الصلاة " وذكر نحوا مما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
أبي سعيد وصححه . وقال الحافظ في باب فضائل الفاتحة من الفتح عند ذكر فقه الحديث : وفيه أن الأمر يقتضي الفور; لأنه صلى الله عليه وسلم عاتب الصحابي على تأخير إجابته ، وفيه استعمال صيغة العموم في الأحوال كلها . قال
الخطابي : فيه أن حكم لفظ العموم أن يجري على جميع مقتضاه ، وأن الخاص والعام إذا تقابلا كان العام منزلا على الخاص ; لأن الشارع حرم
nindex.php?page=treesubj&link=1588الكلام في الصلاة على العموم ثم استثنى منها
nindex.php?page=treesubj&link=23664إجابة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ( وفيه ) أن إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا تفسد الصلاة - هكذا صرح به جماعة من الشافعية وغيرهم ، وفيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقا سواء كان المخاطب مصليا أو غير مصل ، أما كونه يخرج لإجابته من الصلاة أو لا يخرج فليس في الحديث ما يستلزمه ، فيحتمل أن تجب الإجابة ، ولو خرج المجيب من الصلاة وإلى ذلك جنح بعض الشافعية إلى آخر ما أورده ، ولا تعرض فيه لما يدعو المرء إليه ، وهل يشترط لما ذكر أن يكون من أمر الدين أم لا ؟ وقد كان صلى الله عليه وسلم دعا
سعيدا هذا ليعلمه فضل سورة الفاتحة ، وأنها السبع المثاني ، وفي متن الحديث شيء من الاضطراب على أنه لا يتعلق به بعده صلى الله عليه وسلم عمل .
وأحق من هذا بالبيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=28750_27862طاعته صلى الله عليه وسلم واجبة في حياته ، وبعد مماته فيعلم أنه دعا إليه دعوة عامة من أمر الدين الذي بعثه الله تعالى به ، كبيانه لصفة الصلوات وعددها والمناسك ولو بالفعل ، مع قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=918736صلوا كما رأيتموني أصلي وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=918734خذوا عني مناسككم ومقادير الزكاة وغير ذلك من السنن العملية الدينية المتواترة ، وكذا أقواله المتواترة التي أمر بتبليغها فيما تدل عليه دلالة قطعية - وأما غير القطعي رواية ودلالة من سننه فهو محل الاجتهاد ، فكل من ثبت عنده شيء منها ببحثه أو بحث العلماء الذين يثق بهم على أنه من أمر الدين ، فينبغي له الاهتداء به فيما دل عليه من الأحكام الخمسة بحسبها - الوجوب ، والندب ، والحرمة ، والكراهة ، والإباحة - ; لأن الأمور العملية الاجتهادية يكتفى فيها بالظن الراجح في الدليل وفي دلالته ، ولكن
nindex.php?page=treesubj&link=22241لا يملك أحد من المسلمين أن يجعل اجتهاده تشريعا عاما يلزمه غيره أو ينكر عليه مخالفته أو مخالفة من قلده هو فيه ، إلا الأئمة أولي الأمر ، فتجب طاعتهم في اجتهادهم في أحكام المعاملات القضائية والسياسية إذا حكموا بها لإقامة الشرع وصيانة
[ ص: 527 ] النظام العام - وعلى هذا كله جرى السلف الصالح ، وجميع أئمة الأمصار ، ومن كلامهم : إن المجتهد لا يقلد مجتهدا ، وإنه لا يجب على أحد أن يقلد أحدا معينا في دينه ، ولكن من عرض له أمر يستفتي فيه من يطمئن قلبه لعلمه بالكتاب والسنة ، ويأخذ بفتواه إذا اطمأن لها . وقد امتنع الإمام
مالك من إجابة
المنصور ثم
الرشيد إلى ما عرضاه عليه من إلزام الناس العمل بكتبه ، حتى الموطأ الذي هو سنن واطأه جل علماء
المدينة عليها .
أما من يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت تجب طاعته في عهده ، ولا يجب العمل بعده إلا بالقرآن وحده ، فهم زنادقة ضالون مضلون يريدون هدم الإسلام بدعوى الإسلام ، بل تجب طاعة الرسول كما أطلقها الله تعالى ، ويجب التأسي به في كل زمان إلى يوم القيامة ، بل نقول : إننا نهتدي بخلفائه الراشدين ، وأئمة أهل بيته الطاهرين ، وعلماء أصحابه العاملين ، وعلماء السلف من التابعين ، وأئمة الأمصار من أهل البيت والفقهاء المحدثين ، يهتدى بهم في آدابهم واجتهاداتهم القضائية والسياسية مع مراعاة القواعد الشرعية والمصالح العامة ، ولا نسمي شيئا منها دينا ندين لله به إلا ما ثبت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه المتقدم ، وأما السنن والإرشادات النبوية في أمور العادات كاللباس والطعام والشراب والنوم فلم يعدها أحد من السلف ، ولا علماء الخلف من أمور الدين ، فتسمية شيء منها دينا بدعة منكرة; لأنه تشريع لم يأذن به تعالى ، وقد فصلنا هذه المسألة من قبل في هذا التفسير وفي غيره من مقالات المنار .
[ ص: 525 ] nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=25وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يُقَالُ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ وَاسْتَجَابَهُ وَاسْتَجَابَ لَهُ ، وَكَثُرَ الْمُتَعَدِّي فِي التَّنْزِيلِ ، وَيَقُولُ
الرَّاغِبُ : إِنَّ أَصْلَ الِاسْتِجَابَةِ التَّهَيُّؤُ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْإِجَابَةِ فَحَلَّ مَحَلَّهَا ، أَقُولُ : وَالْأَقْرَبُ إِلَى الْفَهْمِ قَلْبُ هَذَا وَعَكْسُهُ ، وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ هِيَ الْإِجَابَةُ بِعِنَايَةٍ وَاسْتِعْدَادٍ ، فَتَكُونُ زِيَادَةُ السِّينِ وَالتَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ ، وَهُوَ يَقْرُبُ مِمَّا قَالُوهُ فِي مَعَانِيهِمَا مِنَ التَّكَلُّفِ وَالتَّحَرِّي أَوْ هُوَ بِعَيْنِهِ ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ بِهِ فِيمَا يُسْنَدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ( 3 : 195 ) فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28979_28750_28328يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتُمْ مَا فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَشَأْنُ سَمَاعِ التَّفَقُّهِ مِنَ الْهِدَايَةِ ، وَقَدْ دَعَاكُمُ الرَّسُولُ بِالتَّبْلِيغِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا يُحْيِيكُمْ ، فَأَجِيبُوا الدَّعْوَةَ بِعِنَايَةٍ وَهِمَّةٍ ، وَعَزِيمَةٍ وَقُوَّةٍ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=63خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ( 2 : 63 ) وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاةِ هُنَا حَيَاةُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَسُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ ، وَأَحْكَامِ شَرْعِهِ وَالْحِكْمَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تَكْمُلُ بِهَا الْفِطْرَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ فِي الدُّنْيَا ، وَتَسْتَعِدُّ لِلْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ فِي الْآخِرَةِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالْحَيَاةِ هُنَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ سَبَبُ الْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ وَالسُّلْطَانِ - وَالصَّوَابُ أَنَّ الْجِهَادَ يَدْخُلُ فِيمَا ذَكَرْنَا ، وَلَيْسَ هُوَ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ ، بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِتَحَقُّقِهَا وَسِيَاجٌ لَهَا بَعْدَ حُصُولِهَا ، وَقِيلَ : هِيَ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ يَتَجَدَّدُ مِنَ الْأَحْكَامِ ، وَثَمَرَتُهُ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ ، وَبِمَا فِي الِاسْتِجَابَةِ مِنْ مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِجَابَةِ ، وَإِلَّا فَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَقِيلَ : هِيَ الْقُرْآنُ ، وَلَاشَكَّ أَنَّهُ يَنْبُوعُهَا الْأَعْظَمُ ، الْهَادِي إِلَى سَبِيلِهَا الْأَقْوَمِ ، مَعَ بَيَانِهِ مِنْ سُنَّةِ الرَّسُولِ وَهَدْيِهِ الَّذِي أَمَرَنَا بِأَنْ يَكُونَ لَنَا فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِرَانُ طَاعَتِهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّهُ كَانَ إِذَا دَعَا شَخْصًا وَهُوَ يُصَلِّي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ
[ ص: 526 ] الصَّلَاةَ اسْتِجَابَةً لَهُ ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ ، بَلْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا كَانَ صَلَّى وَيُتِمَّ ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ أُجِبْهُ - أَوْ قَالَ : فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920132 " أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ؟ الْحَدِيثَ . وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=920133دَعَا nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ " وَذَكَرَ نَحْوًا مِمَّا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ وَصَحَّحَهُ . وَقَالَ الْحَافِظُ فِي بَابِ فَضَائِلِ الْفَاتِحَةِ مِنَ الْفَتْحِ عِنْدَ ذِكْرِ فِقْهِ الْحَدِيثِ : وَفِيهِ أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْفَوْرَ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاتَبَ الصَّحَابِيَّ عَلَى تَأْخِيرِ إِجَابَتِهِ ، وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ صِيغَةِ الْعُمُومِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا . قَالَ
الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ أَنَّ حُكْمَ لَفْظِ الْعُمُومِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى جَمِيعِ مُقْتَضَاهُ ، وَأَنَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ إِذَا تَقَابَلَا كَانَ الْعَامُّ مُنَزَّلًا عَلَى الْخَاصِّ ; لِأَنَّ الشَّارِعَ حَرَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=1588الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْعُمُومِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=23664إِجَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ ( وَفِيهِ ) أَنَّ إِجَابَةَ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ - هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ إِجَابَتُهُ وَاجِبَةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُخَاطَبُ مُصَلِّيًا أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ ، أَمَّا كَوْنُهُ يَخْرُجُ لِإِجَابَتِهِ مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا يَخْرُجُ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ الْإِجَابَةُ ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُجِيبُ مِنَ الصَّلَاةِ وَإِلَى ذَلِكَ جَنَحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى آخِرِ مَا أَوْرَدَهُ ، وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَا يَدْعُو الْمَرْءَ إِلَيْهِ ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِمَا ذُكِرَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ أَمْ لَا ؟ وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا
سَعِيدًا هَذَا لِيُعَلِّمَهُ فَضْلَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ ، وَأَنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَفِي مَتْنِ الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَلٌ .
وَأَحَقُّ مِنْ هَذَا بِالْبَيَانِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28750_27862طَاعَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبَةٌ فِي حَيَاتِهِ ، وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ دَعَا إِلَيْهِ دَعْوَةً عَامَّةً مِنْ أَمْرِ الدِّينِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، كَبَيَانِهِ لِصِفَةِ الصَّلَوَاتِ وَعَدَدِهَا وَالْمَنَاسِكِ وَلَوْ بِالْفِعْلِ ، مَعَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=918736صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=918734خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَمَقَادِيرِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ السُّنَنِ الْعَمَلِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ، وَكَذَا أَقْوَالُهُ الْمُتَوَاتِرَةُ الَّتِي أُمِرَ بِتَبْلِيغِهَا فِيمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً - وَأَمَّا غَيْرُ الْقَطْعِيِّ رِوَايَةً وَدَلَالَةً مِنْ سُنَنِهِ فَهُوَ مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ ، فَكُلُّ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهَا بِبَحْثِهِ أَوْ بَحْثِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَثِقُ بِهِمْ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَمْرِ الدِّينِ ، فَيَنْبَغِي لَهُ الِاهْتِدَاءُ بِهِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ بِحَسَبِهَا - الْوُجُوبُ ، وَالنَّدْبُ ، وَالْحُرْمَةُ ، وَالْكَرَاهَةُ ، وَالْإِبَاحَةُ - ; لِأَنَّ الْأُمُورَ الْعَمَلِيَّةَ الِاجْتِهَادِيَّةَ يُكْتَفَى فِيهَا بِالظَّنِّ الرَّاجِحِ فِي الدَّلِيلِ وَفِي دَلَالَتِهِ ، وَلَكِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22241لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْعَلَ اجْتِهَادَهُ تَشْرِيعًا عَامًّا يُلْزِمُهُ غَيْرَهُ أَوْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ مُخَالَفَتَهُ أَوْ مُخَالَفَةَ مَنْ قَلَّدَهُ هُوَ فِيهِ ، إِلَّا الْأَئِمَّةَ أُولِي الْأَمْرِ ، فَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِمْ فِي أَحْكَامِ الْمُعَامَلَاتِ الْقَضَائِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ إِذَا حَكَمُوا بِهَا لِإِقَامَةِ الشَّرْعِ وَصِيَانَةِ
[ ص: 527 ] النِّظَامِ الْعَامِّ - وَعَلَى هَذَا كُلِّهِ جَرَى السَّلَفُ الصَّالِحُ ، وَجَمِيعُ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ : إِنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا ، وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُقَلِّدَ أَحَدًا مُعَيَّنًا فِي دِينِهِ ، وَلَكِنْ مَنْ عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ يَسْتَفْتِي فِيهِ مَنْ يَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ لِعِلْمِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَيَأْخُذُ بِفَتْوَاهُ إِذَا اطْمَأَنَّ لَهَا . وَقَدِ امْتَنَعَ الْإِمَامُ
مَالِكٌ مِنْ إِجَابَةِ
الْمَنْصُورِ ثُمَّ
الرَّشِيدِ إِلَى مَا عَرَضَاهُ عَلَيْهِ مِنْ إِلْزَامِ النَّاسِ الْعَمَلَ بِكُتُبِهِ ، حَتَّى الْمُوَطَّأِ الَّذِي هُوَ سُنَنٌ وَاطَأَهُ جُلُّ عُلَمَاءِ
الْمَدِينَةِ عَلَيْهَا .
أَمَّا مَنْ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَتْ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي عَهْدِهِ ، وَلَا يُجِبُ الْعَمَلُ بَعْدَهُ إِلَّا بِالْقُرْآنِ وَحْدَهُ ، فَهُمْ زَنَادِقَةٌ ضَالُّونَ مُضِلُّونَ يُرِيدُونَ هَدْمَ الْإِسْلَامِ بِدَعْوَى الْإِسْلَامِ ، بَلْ تَجِبُ طَاعَةُ الرَّسُولِ كَمَا أَطْلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَيَجِبُ التَّأَسِّي بِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، بَلْ نَقُولُ : إِنَّنَا نَهْتَدِي بِخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ ، وَأَئِمَّةِ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَعُلَمَاءِ أَصْحَابِهِ الْعَامِلِينَ ، وَعُلَمَاءِ السَّلَفِ مِنَ التَّابِعِينَ ، وَأَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ ، يُهْتَدَى بِهِمْ فِي آدَابِهِمْ وَاجْتِهَادَاتِهِمُ الْقَضَائِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَلَا نُسَمِّي شَيْئًا مِنْهَا دِينًا نَدِينُ لِلَّهِ بِهِ إِلَّا مَا ثَبَتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَأَمَّا السُّنَنُ وَالْإِرْشَادَاتُ النَّبَوِيَّةُ فِي أُمُورِ الْعَادَاتِ كَاللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنَّوْمِ فَلَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ ، وَلَا عُلَمَاءِ الْخَلَفِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ ، فَتَسْمِيَةُ شَيْءٍ مِنْهَا دِينًا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ; لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ تَعَالَى ، وَقَدْ فَصَّلْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ مَقَالَاتِ الْمَنَارِ .