[  الحمد والبسملة      ] وهو وإن قدم ما أسلفه وضعا فذاك .  
( من بعد ) ذكر ( حمد الله ) لفظا ; عملا بحديث :  كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع  و ( من ) بالكسر حرف خافض يأتي لابتداء الغاية كما هنا ، ولغيره ، و " بعد " بالجر نقيض ( قبل ) ، و ( الحمد ) هو الثناء على المحمود بأفعاله الجميلة ، وأوصافه الحسنة الجليلة .  
و ( الله ) علم على المعبود بحق ، وهو البارئ سبحانه ، المحمود حقيقة على كل حال ، وهو خاص به لا يشركه فيه غيره ، ولا يدعى به أحد سواه ، قبض الله الألسنة عن ذلك .  
على أنه قد يقال : إن سبق التعريف بالقائل غير مخل بالابتداء ، ولو لم يلفظ به ; ففي حديث قال الحاكم " إنه غريب حسن " ; أنه - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى   معاذ بن جبل     - رضي الله عنه - :  من  محمد   رسول الله إلى  معاذ  ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله     . . . " إلى آخره ، وكذا في غيره من الأحاديث .  
لكن مع الابتداء قبل اسمه بالبسملة كما      [ ص: 19 ] وقع للمؤلف ، وفعله أيضا   أبو بكر الصديق  ،   وزيد بن ثابت  ، رضي الله عنهما ، وعزاه   حماد بن سلمة  لمكاتبة المسلمين ، بل يقال أيضا : هذا الحديث روي أيضا بـ " بسم الله " بدل " بحمد الله " فكأنه أريد بالحمدلة والبسملة ما هو أعم منهما ; وهو ذكر الله والثناء عليه على الجملة بصيغة الحمد أو غيرها .  
ويؤيده رواية ثالثة لفظها : " بذكر الله " ; وحينئذ فالحمد والذكر والبسملة سواء ، فمن ابتدأ بواحد منها ، حصل المقصود من الثناء على الله .  
( ذي الآلاء ) أي : صاحب النعم والجود والكرم ، وفي واحد ( الآلاء ) سبع لغات : " إلى " بكسر الهمزة ، وبفتحها مع التنوين وعدمه ، ومثلث الهمزة مع سكون اللام والتنوين ( على امتنان ) من الله به من العطاء الكثير الذي منه التوغل في علوم الحديث النبوي ، على قائله أفضل الصلاة والسلام .  
واختصاص الناظم بكونه - ولله الحمد - فيه إماما مقتدى به ، والمنان : الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال ( جل ) أي : عظم عطاؤه .  
( عن إحصاء ) بعدد ; قال تعالى :  وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها      [ إبراهيم : 34 ] ( ثم صلاة وسلام ) بالجر عطفا على ( حمد ) ( دائم ) كل منهما ، أو تلفظي بهما ، أو لاقترانهما غالبا صارا كالواحد ، وفي عطفه بـ ( ثم ) المقتضية للترتيب مع المهلة إشعار بأنه أثنى على الله سبحانه زيادة على ما ذكر بينهما .  
				
						
						
